الاحتباس البرلماني الاردني


حرارة حل مجلس النواب الاردني ثقبت الاوزون السياسي ذو الرئة الديمقراطية المعتله ، و كشفت الكراهية التى يبطنها بعض صحافيوا السلطة للممارسات البرلمانية و التى امطرت القرار الملكي بالاستحسان ، و افردت صفحات هجومية ، في هرولة غير مسبوقة ، بعد انتهاء الشوط السياسي الاول و الذي امتد عامين تقريبا  من عمر المجلس النيابي ،عوضا عن تحملها مسؤوليتها حسب تعريفها  بالسلطة الرابعة في المحاسبة و المكاشفة و المتابعه في وقت انعقاد المجلس لا وقت قرار رحيله.

 وجزء مما تسبب في العطل الرئوي في راي بعض من الساسة هو اعلام "الغفلة و التغافل " بمعنى الاعلام الغائب او المغيب الذي يتغافل عن الحدث و يغفل الحديث. وهو ما دفع بالملك عبد الله الثاني ان يطالب بشفافية و نزاهة و انتخابات حره نزيهه في اطار من المكاشفة و المصارحة .

ونظرة سريعه فاحصة على ما كتب خلال ثمان و اربعين ساعة من لحظة الحل للبرلمان يجد انها طبقت  برصاص اقلامها مقولة :" ما ان وقع الثور حتى كثرت السكاكين ". و لم يحترم بعضا من النواب اخلاقيات الممارسات الديمقراطية فمارسوا الانتقاد "السيء وسهام الاتهام " لزملائهم واصفين المجلس بأنه الاسواء في الحياة السياسية و انهم فاسدون ، علما بأن بعضا منهم كان في مواقع الاسترضاء للاصوات قبل ساعات من قرار الحل لمرشحين رئاسيين .

و امتدت الاتهامات لنقرأ عنوانا مثيرا في احد الصحف الاردنية " حل مجلس نواب الذهبي " في اشارة الى تزوير في الانتخابات الماضية و عمليات دفع لمقريبن تم ترشحيهم من مدير المخابرات السابق الفريق محمد الذهبي. و اذا ما كانت تلك المقولة صحيحة و نشرت في الجرائد فما الذي يمنع ان يكون المجلس القادم استنساخا مع تغيير الاسماء و المسميات ،و ما هي الضمانات بعدم تكرارها؟.

و في كل الاحوال ، تاريخيا ، كان هناك مرشحون بدعم امني في اكثر من انتخابات و في اكثر من مناسبة في بعض الدول العربية و الاردن ليست الاستثناء ، و هذا امر طبيعي في غياب الموسسات الاعلامية الحرة التى تناقش و تحاسب و تنشر و تكتب بحرية ، و لكن تلك الحريه و الشفافية غير متوافره في الانظمة الشمولية التى تحرم التنفس و تعطل احد الرئتين.

و اقصد ان التنفس الطبيعي لاكسجين العمل السياسي يحتاج الى رئة اولى , هي المجلس التشريعي ، و الرئة الثانية هي السلطة التنفيذية.

لم يستغرب المحللون تغير المناخ السياسي بين لهيب تلعثم مناخ البرلمان الاردني و تقلبه وفيضانات انتخابات الرئاسة ، و لم يكن لغزا غامضا ما هي أسباب "الحل السريع "؟. فأوراق اللعب السياسي بين " يد كاملة"  تمتد بين الشركاء و يد "بصور مزدوجة"  بين الفرقاء تخرج خاسرة ، هي النتيجة الحتميه للعبة الورق على الطاولة الحمراء في زمن انتهى فيه اللون الاخضر المتعارف عليه في طاولات "البوكر السياسي"

لكن  نعود و نذكر ان البرلمان و المجالس التشريعية هي  ضرورية للحياه السياسية و لكن ليس بالضرورة بشكلها الحالي و اعدادها و تعديداتها .البرلمان كناية عن رأي الشعب ، و ميكانيكية المشاركة في توصيات و قرارات تمس الواقع المعاش الاقتصادي و السياسي و الاهم دور رقابي على ممارسات و افعال السلطة التنفيذية .

انه الرغبة الكامنه في تحقيق رأي الاغلبية ، مع احترام الاقلية ، و لكن اي اغلبية تلك التى تحققت في المجلس الخامس عشر النيابي ؟ ، ما هي مفردات ونتاج الصوت الواحد في قانون ملجم للافراد و الكفاءات  ؟ و هل استفاد الوطن الاردني من تلك الممارسات الانتخابية على تلك الاسس الانتخابية ؟ام يجب التعديل و التغيير ؟ الى اخره.  و الاهم مسؤوليات و مهام المجلس .

 الاردن بممارسته السياسية هو من الدول المتقدمة في العمل السياسي ، مع كل ما يدعى به و عليه من قصور و من غياب حريات ، و من انتقاص سلطة الى اخر تلك المقولات و مفرداتها . و بالتالي يجب دراسة ظاهرة هذا البرلمان ،انهياره و الاسباب الموجبه للحل قبل انتهاء المده ، نتائج من اتت بهم قوانيين الصوت الواحد ، نتائج النوعيات التى دفع بهم ،انخفاض الفاعلية السياسية ،انقراض العمل الوطني ، ازدياد المنفعة الشخصية ، الروتين و تعطيل قرارات انقاذ الاقتصاد و الاستمثار , وغيرها  ليصل من خلال فحص و تمحيص و دراسة علمية واقعيه و مقارنه عالمية الى نموذج تشريعي و سياسي متفاعل يخدم الاردن وطنا و شعبا .

 ان  التمادى في تأييد القرار الملكي لحل المجلس هو كمن يٌسكن المرض و عوارضه عوضا عن التداوي و القاضي على الفيروس السياسي . و اقصد ان القرار الملكي حق كفله الدستور و لكن لا يمنع بتاتا دراسة متأنيه دون اتهام عن لماذا تم ؟  وكيف وما هي الاسباب ؟ ،و تلك هي الحرية و الشفافية المطلوبة ملكيا و شعبيا .

 دراسة تنظر في كتاب الملك لحل المجلس النيابي ، و في الوضع العام ، وفي الاحوال ، و في الغازات السامة التى اطلقت لاجل ترويض "الحل "  و الترويج له فيما بعد .

 و ليس من المبالغة ان يقال ان المجلس بطريقه عمله و اداءه دفع بتدمير الحياة الديمقراطية و عجل بأسباب "الحل " ، و أن صاحب القرار دفع بأقل الضرر دون ضرار. كان الوضع يقوم على اساس ان بقاء المجلس النيابي بصورته الحالية اسواء من رحيله ، و بالتالي جاء الحل جراحيا لاسئصال ورم  تحت مسمى "سياسي بالتشبيه لا بالفعل " .

يعتقد البعض انه من غير المقبول السماح بدخول اشعة الحرية الى اروقة المجلس النيابي و عدم السماح لها بالخروج منه ، و كأن التجربة الديمقراطية تتم في داخل اناء من الزجاج المعرض لقيظ " الحل " في اي لحظة  ، ينكوي كل من هو بداخلها من نواب و اعيان.

كما و أن الوقت الذي تتراكم فيه اصدارات قوانين مؤقته ، في غياب سلطة تشريعية حقيقية ، هو وقت ضائع تدفع الامة ثمنه دون ان تستفيد منه.  و هو اسراف مبطن في التمادي و التعدي على تشريعية دستورية من قبل الحكومة.

هناك اتفاق على سخونة "الارض السياسية الاردنية "  و احتمالية تعرضها لا خطار محدقة شرقية و غربية  ، و هناق اتفاق على ان البرودة التى تأتي بين حين و اخر هي مؤقته الى حين ، و لكن حل المجلس النيابي بدينامكية سياسية  هو تفاؤل من البعض و تشاؤم عند الاخرين ، و من حق الاعلام ان يبحث و يحلل و ان يتفاعل مع وجهات النظر للوصول الى شاطيء الامان السياسي و الاقتصادي عوضا عن النخر في خشب "الفلوكه البرلمانية ".

و يبقى الثابت ان الاحتباس السياسي للبرلمان القاضي عىل الحريات، و هو الثاني في عشر سنوات , اي غيابه عن الساحه  حتى انتخابات قادمة دون وجود وسيلة اخرى للمراقبة و التشريع  ، و في غياب دور للصحافة الحقيقية الحرة و الاقلام الجريئة الصادقة  ، خطرا يؤدي الى تلوث الديمقراطية بقوانين التجزئة و يدفع باتجاه الزيادة في تقليص الانبعاثات الايجابية للحريات  و يجلب امراض الشلل التشريعي و الزهايمر السياسي و هشاشة العظام الحكومية .

اذا كان الانسان و روحه من عند الخالق فالامراض من صناعة البشر ، وخصوصا الامراض الاقتصادية و السياسية .
و الاستطباب هو في مجلس نيابي"ديمقراطي قوي " يمثل طموحات الشعب و صاحب قراره بحرية و شفافية و متانه بنيانه .
مجلس لا ينتظر نائبا فيه "مكالمة للتصويت " و لا عقد استخدام لاحد افراد عشيرته.
aftoukan@hotmail.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات