سوسنيّات تنقرض


أصبحت جزئيات متناثرة في عالم الصفقات السياسيّة , لم يعد هناك رادع من اي نوع يقف بوجه التآكل الانساني قبل الوطني في مجتمع طوته سنين الأزمات المؤرَّخة بدماء أبرياء وفرسان الشّهادة , في فهرس التاريخ المريب تقلّبنا صفحاتٌ دخيلة أُلصِقت بداعي الثورة تارة وبدواعي الاستقرار والأمن تاراتٍ كثيرةٍ ومكشوفة ...

كم يمكن لدولة بهذه الهشاشة انْ تصمد أمام الطوفان العالميّ الغاضب , و الى متى يمكن ان تجمعنا المصالح المشتركة مع فارضو الضّريبة الاقتصاديّة والثقافيّة العالمية ومُصنّعو المليشيات العسكرية ومنتجو العصابات الدينيّة , ومتى تنتهي صلاحيّة العناوين السياسية التي لا ترى إلا ما تود ان تراه وتغمض العيون امام مستقبلٍ اسوء مما الان تؤجله فتوة دينيّة أو خطبة سياسيّة او ديكورٍ اصلاحيٍّ باهت الالوان خالي من ايّ دَسَمٍ اقتصاديّ أو خدميّ بعيد أو قريب المدى.

 
في هذه الايام العصيبة المُحيرة لا غرابة كيف يفسر هؤلاء معاني الانتماء الجريء الى خيانة وطنيّة , وفي مظلتهم الديمقراطية المثقوبة كيف ينظرون الى المُعارَضة البنّاءة على انها منافسهم النكرة الكاره العميل, ليس هذا فحسب فلقد أوصلوا هذا الشعب الطامح الى حالة مرضية مزمنة وكأنه ينتظر سكرات الموت , لم نقرأ في سير الاولين والحاضرين عن حربٍ نفسيّة بين الرعيّة والبقية دامت لهذه الفترة من الزمن ويخرج الجميع بعدها خسران وفي حالة من ذهول وصدمة لا يعرف اين هو ومن اي جاء وما دينه ومن مولاه حين اختلط الراعون والمتبرعون.... في اخر استطلاع شخصي تجاوزت نسبة من أصيبوا بعقدة ستوكهولم ( من يتعاطف مع عدو الذي أذاه وأرعبه) الى النصف فبات المواطن الأردني المظلوم المقهور هو من ينتحل الاعذار للسياسات العشوائية الفاشلة التي تستمر في انتهاجها ثلة من اصحاب الدولة والمعالي والسعادة و الحلال...

كنت قد قرأت عن ما يدعى الحوار الوطني ولجان مؤلفة ورؤساء منتخبون ,,, ولم اًصل برغم قراءتي العميقة الى حلقة يلتقي فيها طموح شعب وسياسة حكومة أو حتى تكتمل حولها أهداف اصلاحية ...ولم اجد بداية مفهومة حتى أرى مخرجات قد ينتجها حوار فردي القطاع بداعي البحث عن وظيفة او ظهور سياسي يخدم الانانية العفنة في شخصيات رسمية أكل الدهر عليها وشرب... اذا كان الطابع الشكلي التقليدي المُمِل هذا ما زال يخيم على أفق الخيارات الرسمية كيف يمكن انْ ننتظر او حتى نلمح وميضاً من اصلاح...
تعليم يكاد يلفظ انفاسهُ الاخيرة منذ وضعت الحكومات المتعاقبة أصابعها في اذانها حذر الخسران المنصبي...وما زال يسير الى طريق مسدود حين نرى انّ سنة من التوجيهي قد سُيّست لتَخدم اجتهاداتٍ رسمية قصيرة النظر تأمَلُ في ملاذٍ اقتصاديّ لن يُنْتِجَ بعد فوات الاوان إلا حالة شعبية هستيرية بين الانتهازية المادية الرسمية والطمع الاجتماعي وتذييلٌ بلا منافس في ركب الامم...
ثم يأتي من هناك ملحقٌ سياسي رخيص برعاية تخلو من الروح الوطنيّة بعد الرياضيّة لينعش بتنفس اصطناعي جداراً من الكره والإقليمية كان قد هُدِم بمرور السنين وتقادمت عليه رموز بأوسمة وطنية و بلون مُحير تبدو علينا الان من اهل الاعراف , هُم يظنّون أنّهم يقلبّون المواجع ....لقد تعثّروا مرة اخرى...
لا شكّ أنّ الحقيقة القادمة التي يعرفها من هُمْ على منصّة القرار السياسي ويعلمون أبعادها المّرة المؤلمة يُدركون انّ الخيار الشعبيّ منفذٌ مؤقّت وأنّ التيارات الاقليميّة العكسيّة التي تسيرُ تباعاً وتَعْبثُ بقاربهم سينهار امامها الصمود الوهميّ , الوقت يمضي ولم يعد يخفى على أحدٍ طبيعة الاختيار القادم لكنه لا محالة لن يكون بصالح من يخطط الان ...
تذكرني حالة حكومتنا بحالة تاريخية , فتقول الرواية عندما كان المسلمون يحاصرون مدينة اوروبية وقد همّوا على دخولها و فتحها , كان أعوان وبطانة الحاكم يتناقشون في موضوع غريب مضحك وهو هل البيضة من الدجاجة ام الدجاجة من البيضة... في الاردن اسباب عديدة لا تعالج سياساتها المسببات بل تحرق ببلاهتها كل ورقة سوسنيّة تطالب بكل بساطة من جمع السياسيين والمثقفين المتنفّذين بالتسلسل الاول من قاعدة هرم ماسلو للحاجات , ولكن هناك جذعٌ كبير آمَنَ انْ لا أحد يموت جوعاً ,السّوسنة الاخيرة ...
shnaikatt@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات