الحقيقة .. ما هي (الجزء الأول)؟


وضعت فنجان الشاي على الطاولة بجانبي و الدموع تكاد أن تنهمر من عيناي، فتحرك قلمي ليكتب هذه الخواطر التي تعودت أن اخطها على أسطر الورق لتكون ذكرى طيبة لي...لتسجل ما كان يدور في ذهني و نحن نعيش أخر ايام الأمة العربية و نرى اثار بلادنا في سوريا و العراق تتحطم على يدي نخبة من الكارهين لنا و لأصولنا العربية...و نحن نضع كمسيحين الفِيَزْ الأجنبية على جوازات سفرنا لنسافر و نهاجر بلادنا إذا أجبرنا قدرنا على ذلك...و نحن نبكي شهدأنا الابرار الذين يسقطون في كل يوم في البلاد العربية من قلة المحبة و التسامح بوطننا العربي...ليكتب قلمي كل ما يدور في ذهني من خوف و رعب و خواطر عن بقايا اي فرح و سعادة تبقى لنا في حياتنا التي تتحطم بكل سهولة أمامنا و نحن لا حول لنا و لا قوة...قصة محزنة والله،

فقلبي يعتصر ألما على منطقتنا العربية و أوضاعها الخانقة التي نعاني منها منذ أربعة سنين تقريبا...و لم تنوجد حلول لها إطلاقا، فلا ارى سوى حوار البنادق و الرشاشات و القتلى تملئ الشوارع...و كأن المنطقة أبيحت بها لغة الشياطين لتلهو بها بلا رحمة و لا رأفة على المدنيين و على البشر التي تعيش بها...مما تسبب بفراغات قوة مهلكة بالعديد من البلدان العربية...فملأتها الجماعات الجهادية لتسبب الرعب في قلوب الناس و الخراب الذي لن يتم تعوضه أو إصلاحه إطلاقا...فهل من مرهم يداوي هذا الجرح الكبير؟

ليس لدى الغرب سوى مرهم الدويلات الطائفية و التقسيمات التي من شأنها تقزيم المنطقة و إستضعافها بالكامل...لتتألف من دويلات صغيرة ضيقة الأوفق تتكون من نسمات طائفية...فللشيعة دُوَل و للسنة دُوَل و للمسيحيين دول...و مع كل أسف فهذا منافي لمنطق بناء الدول التي توصي به الأمم المتحدة...فالدول تقوم على أسس حضارية عديدة منها أن تكون نسمتها تتألف من عِرْق إنساني مُعَيًنْ كما هو السائد عند الدول المتحضرة...يتكلمون لغة مشتركة و يتمتعون بثقافة مشتركة...لِتُبْنَي بالتالي دول منطقية المنشئ تقوم على أُسُسْ إنسانية لا على عنصرية الطائِفِيَة...فالدولة التي تَبْني أسسها على العرق الإنساني سَوِيَة و طبيعية لإن الإنسانية إنطلاقها البُنْيَوِيَ...فما الذي يُفْهَمْ من دول تنطلق من أغلبية شيعية او سنية او مسيحية...بأن أسسها طائفية او ديني؟ كيف ستتفاعل هذه الدول بصورة منطقية مع محيط إنساني يقوم على اساس إحترام الإحتياجات الإنسانية للبشر؟

كفى لهو بمصير منطقة الشرق الأوسط...فقالت مصر كلماتها بعد ثورة 30 من يونيو...و نحن ننتظر من الشعب العراقي الوعي...و بأن يقول جيشه و الدولة العراقية كلمتها...و نحن ننتظر الدولة السورية ان تقوم بترسيخ قواعد و مؤسسات الدولة لتقول الدولة كلمتها...و بعد أن تستعيد سوريا سيادتها على اراضيها بالكامل تستطيع أطراف الصراع الخوض بنقاش متحضر حول مصالحة وطنية شاملة كبرى مع كل القوى السياسية الموجودة بالدولة السورية لكي ترتاح سوريا بعد هذا العناء المرير مع الحرب المدمرة، فلا أظن حتى أن هنالك عملية سلام منطقية ستبدا من دون تلبية هذه المتطلبات الاساسية إطلاقا...اليس هذا الحل به إنسانية أكبر من الحرب التي يُذْبَحْ البشر بها في كل يوم؟ المسيح (له المجد) في الإنجيل الذي أؤمن به يقول "طوبى لصانعي السلام لأنهم أولاد الله يدعون" فالإنجيل يُطَوِبْ و يُكَرِمْ صانعي السلام و منذ الفي سنة مضت الى يومنا هذا و هكذا سيبقى الحال الى يوم الدين، أليس هنالك رحمة للنفوس التي تعيش بسوريا؟ ذُبِحَ آلآف البشر بهذه الاراضي الشامية فما يحيرني هو كيف تسمح الأمم المتحدة بهذه الحروب المميتة أن تحدث بسوريا من دون أن تنهيها كما فعلت حينما دخل الرئيس العراقي الراحل صدام حسين الى الكويت، فبخلال سنة كانت الكويت مُحَرًرَة من هذا المأزق العسكري و السياسي الكبير الذي حدث بين الدولتين الشقيقتين مع كل اسف بالماضي، ألم يحن الوقت لتتحرك إنسانيتنا من الداخل لننهي هذا الصراع في سوريا ؟

أنتظر من الدولة الليبية أن تقول كلمتها و أن ينصرها الله على من يعادي مفاهيم الدولة المدنية بها، فهذه الدولة تشهد حرب ضروس منذ ان تدخلت القوة الاجنبية و عزلت نظام الرئيس الراحل القذافي، فالأخبار التي تأتي من هذه الدول تقشعر لها الابدان...ارجوكم كفى استهزاء بحياة البشر فالإنسانية تحترم في جميع بقاع الارض فلماذا تذبح في منطقة الشرق الاوسط؟ (يتبع)



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات