هزُلت


قد تمضي العديد من الأعوام وأنت موهوم في علاقتك بمن هم حولك، فمن تعتقده صديقك المقرب، خانك في أقرب فرصة سانحة، ومن كنت تعتبره عدوك اللدود، كان الى جانبك في محناتك المتتالية. فهي الأيام والحوادث والنوازل الكفيلة بتقشير البشر وكشف معادنهم.

هذا ما حصل معنا تماماً في حادثة إختفاء الفتاتين جمانة وشيماء قبل أسبوع من الآن، فالأشخاص الصامتون خلال السنوات الأربع الماضية خرجوا عن صمتهم، وبدأت أصواتهم تزعق هنا أو هناك.

خلال سنوات ما يسمى ب"الربيع العربي"، إستضاف الأردن حوالي اربعة ملايين عربي من جنسيات مختلفة، وأصول متعددة، وثقافات متباينة، ومستويات تعليمية وإقتصادية وإجتماعية متفاوتة، ليصبح المجتمع الأردني خليط من شعوب مختلفة.

وعلى الرغم من شدة التنوع الكبير، والتحديات الأمنية التي فرضها الواقع الجديد من مسؤولية الأردن في الوقوف الى جانب أشقاءه العرب، تماماً كما وقف الى جانب إخوانه الفلسطينين خلال حربي 1948 و 1967، نجحت الأجهزة الأمنية في فرض الأمن وبسطه، وملاحقة الخارجين عن القانون في كل مكان.

وتميزت الحملات الأمنية التي قامت بها الأجهزة المختلفة بالدقة والمسؤولية والأمانة، فالهدف واضح ودقيق، وهو أن تنام عين المواطن آمنة مطمئنة، وتقيد تلك الأيادي العابثة بأمن الوطن والمواطن بالسلاسل وتلقى في السجون.

ونهضت الأجهزة الأمنية في مجالات التكنولوجيا وكاميرات المراقبة، كما تطورت قدرات أجهزة البحث الجنائي والأمن الوقائي وأجهزة المخابرات، وتمثل ذلك بكشف العديد من جرائم القتل والسرقة والنصب والإحتيال والتعدي والعبث بأوقات قياسية، كما تم تفكيك العديد من الخلايا التخريبية النائمة بفضل الجهود الأمنية المضنية، وكذلك تم القبض على العديد من المجرمين الخطرين بفضل حنكة ودقة الخطط الأمنية.

أضف الى هذا كله؛ تلك الجهود الإنسانية التي يطالعنا بها أبطالنا في كل يوم، فأصبح الجند الأردني عنوان الحديث في العديد من البرامج والفضائيات، وأصبحت شجاعته درساً يوعظ به الجبناء.

هي جهود جبارة تقوم بها الأجهزة الأمنية، تجعلك وأنت تمر بجانب رجل أمن يقوم بواجبه في تنظيم السير أو المراقبة الأمنية أو الحراسة أو غيرها، ترغب في آداء التحية له إحتراماً، وتحضنه حباً وتقديراً.

وبعد حادثة إختفاء الفتاتين لمدة أيام، بذلت الأجهزة الأمنية الجهود الجبارة في إيجاد الخيوط التي يمكن أن تقود اليهما، كما بدأت أجهزة البحث الجنائي والأمن الوقائي بإجراءتهم الأمنية، وأسفرت الجهود الأمنية عن إيجاد الفتاتين في الظروف التي سمع عنها الجميع.

وخرج الناعقون في كل مكان، تلك الأفواه التي لا تنعق إلا بشر، وتحسدنا على ما نحن فيه، تصيح تلك الأفواه: "أين الأمن والأمان"، و"أين الأجهزة الأمنية"، و"أين هيبة الدولة؟"، و"لماذا إذا هي الحملات الأمنية"، وغيرها من الدعوات الهابطة والكلمات التي تعبر عن مدى سخافة عقول ذاكريها.

ليس ذنب رجال الأمن العام إختفاء فتاة في ظروف غامضة لا يعرف عنها ذووها أي شيء، وليس ذنبهم تدهور مركبة، أو إشتعال حريق، أو إندلاع مشاجرة، أو جريمة قتل أو سرقة أو سطو مسلح.

الأمن موجود في الأردن الحبيب، والأمان بالله ثم بهؤلاء الجنواد المرابطون على الحدود، والمنتشرون في كل مكان من أرجاء الوطن، واذا كان هنالك تحديات جديدة، سيتم إتخاذ تدابير أمنية لتلافيها وتحديها في المستقبل، أما أن نكفر بالنعمة عند كل حادث بسيط، فهي من شيم المنافقين والغدارين.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات