المسلسل الرمضاني استاذ ورئيس قسم !


عادت بي الذاكرة عشرات السنوات الى الوراء لسبعنيات القرن الماضي، بعد مشاهدة الحلقات السبع الاولى من المسلسل الرمضاني "استاذ ورئيس قسم" الذي يعرض حاليا على شاشات اكثر من قناة تلفزيونية عربية. والمسلسل من بطولة الفنان عادل امام، وهو ما جعلني اتذكر ايام الدراسة الجامعية الاولى في جامعة القاهرة وجماليات مداخلها والطرق المؤدية اليها. فما ان تعبر كوبري الجامعة فوق نهر النيل عبر شارع السراي، قادما من حي المنيل ومارا من جنوب من مستشفى القصر العيني في محافظة القاهرة باتجاه محافظة الجيزة لتكون حديقة الحيوان وحديقة الأورمان على يدك اليسرى حتى تتوقف اما تمثال نهضة مصر فمدخل حرم جامعة القاهرة، الحرم الرئيسي، لتدخلها حيث كلية الحقوق على يسارك ورئاسة الجامعة امامك وكلية الآداب من على يمينك، ومن ثم تتوقف امام مبنى عمادة كلية العلوم وأقسامها، فمن جنوبها قسمي الكيمياء والفيزياء، ومن على شمالها قسمي الجيولوجيا والاحياء. وتعبر الى غرب كلية العلوم واقسامها كلية التجارة ومن ثم كلية الزراعة. اما ساعة جامعة القاهرة وقاعة الاحتفالات الكبرى، قاعة جمال عبد الناصر فتتوسط الحرم الجامعي لتجد الى الشمال منها كليتي العلوم السياسية والاعلام.
لم اكن انتوي مشاهدة المسلسل الرمضاني "استاذ ورئيس قسم" ولكن بناءا على رسالة وصلتني من اخت فاضلة وتربوية عريقة "مضمونها ان حلقات المسلسل الرمضانية الست الاولى قد حطت من قيمة التدريس الجامعي ومهنة الاستاذ الجامعي، واطاحت بها في مهاوى الردى وبان المسلسل يسئ لمرفق التعليم العالي برمته لمن يتابع حلقاته ! وبعد قراءتي لرسالة الاخت العزيزة قمت بمشاهدة الحلقات السبع الاولى على اليوتيوب.
وكرد على رسالة وتوصية السيدة الفاضلة توصلت الى الاستنتاجات التالية:-
1. المسلسل يحاكم النظام المصري برمته وسلوكة وفساده وتجاوزاته، وهي تقريبا نفس التجاوزات، وينادي بالحقوق المطلبية المحقة للمواطنين في البلاد العربية, ويدعو اصلاح الانظمة المزمنة ومن ثم لسقوطها !
2. قصة المسلسل تنسجم مع تطلعات بطل المسلسل "عادل امام" وتنظيف صورته، الذي يحب فيها ان يبقى لصالح الجمهور، وهو في هذا المسلسل يقوم بدور مكشوف، اشبه بمن يكفر في حلقات مسلسله عن ذنبه، بعد ان انفض السامر بوسمه ووصفه من ازلام النظام وفي مقدمة من وقف الى جانب نظام الرئيس المخلوع الذي زاد عن ثلاثين سنة.
3. المسلسل غير منطقي في القصة والمليودراما وذلك بجعله من الاستاذ الجامعي وراء المظاهرات والمطالبات بالحقوق والكرامة ووراء جميع الانتفاضات داخل مصر.
4. قصة الاب الروحي للتغيير وهو ما جعل من الاستاذ الجامعي رامبو الثوري ورامبو المنفلت من ثوب العفة صوب السقوط الاخلاقي وتواجده في المقاهي والبارات !
5. ركوب موجة كثرة حاملي السكاكين عند سقوط الجمل !
6. المساهمة في الثورة من خلال الطلبة في كلية الزراعة والطبقة المصرية العاملة المنكودة، والانحياز المفتعل للفقراء. وهنا لعلي اذكر القارئ بان عادل إمام هو احد خريجي كلية الزراعة في اوائل الستينيات من القرن الماضي.
7. تحوز جامعة القاهرة على الرقم 401 بين الجامعات العالمية، وهي مصنفة عالميا بالجامعة رقم 1 بين شقيقاتها العربية، في التدريس والبحث العلمي وعدد المختبرات والمراكز التابعة لها ومشاركتها في خدمة المجتمع.
اما على الساحة المصرية،
فقد قدم الاستاذ المحامي محمد معروف دعوي قضائية الي محكمة الامور المستعجلة بعابدين ضد فريق عمل مسلسل أستاذ ورئيس قسم للفنان الكبير عادل امام والذي يعرض في شهر رمضان 2015 ويعد المسلسل من أقوي المسلسلات التي تعرض في رمضان وينتظر حلقاته الكثيرون في مصر والعالم العربي، حيث تدور الاحداث حول الثورات العربية.
وحيث ذكر المحامي أن موكلة الاستاذ زكي ابراهيم السيد تفاجئ باعلانات المسلسل أستاذ ورئيس قسم علي شاشات الفضائيات فأخذ يبحث ويستعلم حتي تأكد أن قصة هذا المسلسل هي نفس القصة التي ألفها بنفسة وتم تسجيلها ووضعها داخل دار الكتاب والوثائق القومية طبقا للقانون الإيداع وبغرض الحفاظ على حقه الأدبى والفكرى وقال أن كاتب المسلسل الاستاذ يوسف معاطي سرق القصة وأستولي عليها بدون حق، ووضع أسمة عليها وهذا تعدي علي حقوق الملكية الادبية ومخالف لقانون الحماية الفكرية.
وذكر المحامي أن الدعوي تخص كل من رئيس قطاع التلفزيون ورئيس الانتاج ورئيس القطاع الاقتصادي وكاتب المسلسل الاستاذ يوسف معاطي والممثل القانونى لشركة سينرجى للإنتاج الفنى ورئيس مجلس ادارة الشركة المصرية للأقمار الصناعية ورئيس مجلس إدارة مدينة الإنتاج الإعلامى بصفتهم بوقف عرض المسلسل.
وعليه، فالمسلسل سيحدث لغطا لشهور وربما سنوات بسبب اسخدامه كمعول لهدم سمعة الاستاذ الجامعي المصري والعربي في ظلال ازمة انعدام الثقة وحالة الثبور المجتمعي وعدم وجود رموز فكرية وقادة رأي ثقات تحترم الانجازات ودور الجامعات في بناء جيل تقني معرفي قادر على مواكبة الجديد من المستجدات المعرفية المعاصرة.
وفي النهاية لعلي ادون شهادة موثقة بان الجامعات المصرية وشقيقاتها العربية قد علمت اجيال متميزين على المستوى العالمي ومنهم من حصل على جوائز عالمية مرموقة وفي مقدمتهم العالم المصري الشهير الدكتور احمد زويويل، الذي حاز منفردا على جائزة نوبل في الكيمياء في العام 2001، وهو الذي تحصل على درجتي البكالوريوس والماجستير في الكيمياء من جامعة الاسكندرية، ولا ننسى في هذا المقام الدكتور فاروق الباز الذي عمل في بوسطن وفي وكالة ناسا لعلوم الفضاء الامريكية، وهو خريج قسم الجيولوجيا في جامعة القاهرة وكذلك الدكتور مجدي يعقوب طبيب القلب العالمي، خريج كلية طب القصر العيني في جامعة القاهرة والدكتور مصطفى السيد، الكيميائي العالمي خريج جامعة القاهرة والاستاذ العريق في كلية دار العلوم والاستاذ في قسم الكيمياء في جامعة الازهر ... ورحم الله الدكتور ناصرالدين الأسد الرئيس المؤسس للجامعة الاردنية وتلميذ العلامة الدكتور طه حسين في كلية الاداب بجامعة القاهرة وأطال الله في عمر الكثير من علماء الأردن وفقهاءه ومعهم علماء الأمة العربية والإسلامية خريجو الجامعات المصرية والعربية ومنهم أساتذة افذاذ على مساحة العمل الجاد وهم من البناة الاوائل في وطننا الحبيب.
اما ملاحظتي الخاتمة فهي، قد يستطيع المسلسل ان يصور الحياة الجامعية والتدريس الجامعي بقوالب فكاهية كوميدية ولكن عليه ان لا يسيء لدور الاستاذ الجامعي الذي عليه القيام بالاعمال الاكاديمية الموكلة اليه، وعليه كذلك احترام النموذج الذي يمثله الاستاذ الجامعي في ضمير النشء القادر على انتاج الاستاذ الجامعي الحصيف الذي هو محور ومركز العملية التعليمية بينما الطالب يطوف في فضاءات بعد جديد، وهو بعد الزمن، فالطالب يعيش عصر استاذه وعصره، ويأخد من علم استاذه ويطوره لعصر جديد ... وهكذا تدور الحياة العلمية كطاحونة الرحى، فقرص الرحى الاولى هي في اتخاذ مثل اعلى في المعلومة والتحصيل الجامعي وقرص الرحى الاخرى هي في الثبات والمصداقية والصدق في فلسفة المعلومة وابتكارها وشرحها وتدوينها ونشرها ليكون العطاء مستمرا ومتواصلا في الدرس والبحث وخدمة المجتمع ...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات