طارق البكري والفن الثامن،


جراسا -

قدمت السيدة فردوس الشبار، رئيسة اتحاد المرأة في اربد، الشاب الفلسطيني الفنان المصور، طارق البكري بكلمات تشبه ذات الكلمات التي قدم بها عبدالرحمن الابنودي محمود درويش في دمشق في العام 1969، عندما القى الشاعر الرمز محمود درويش رائعته "سجل انا عربي" ... التي ابهرت وقتها الشعراء العرب، الذين احتجوا في البداية على مشاركة محمود درويش بسبب حمله للجنسية الاسرائيلية !
ابدع طارق البكري وهو يقدم لنا فكرته "كنا ولا زلنا" وهو يعرض لنا بيوت النضال وبيوت الشمس مثل بيت الشرق ومنزل الحاج امين الحسيني، ومنزل طنوس ونسيبة وعبد القادر الحسيني وخليل السكاكيني... وابدع وهو يعود في الحاضر لتلك البيوت ليصور الاحفاد في مداخلها وعلى ابوابها. نعم ابدع طارق وهو يقدم لنا صورا قديمة من ثلاثينيات واربعينيات القرن الماضي وهو يصور لنا شرفات ومداخل فندق الملك داوود ومشربيات البلكونات في المنازل العتيقة والمساجد العثمانية والكنائس المبنية بشكل بديع وبهندسة اسلامية وعربية غاية في الذوق والجمال. كما ابدع طارق وهو يروي لنا بالصورة والتوثيق معالم فلسطين ومبانيها ومدنها وقراها واشخاصها وعائلاتها، ولم ينسى طارق تفاصيل التفاصيل وهو يجعل الصورة تتحدث عن سينما القدس ومسارحها ومدارسها واجوائها التي اقام فيها الموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب وسيدة الغناء العربي كوكب الشرق "ام كلثوم" ونهلة القدسي وعبد المنعم الرفاعي.
شكرا لطارق الذي صور لنا اضرحة شهداء الجيش العربي الاردني الذي تعرف عليهم من الرقم المعدني، وما كتب على نصائبهم وشكرا جزيلا للفتى العربي وهو ما زال يزورهم وينظف قبورهم مما لحق بها من عوامل الحت والتعرية، وشكرا له وهو يذكرنا بالشهداء الحنيطي والسرحان والروسان... وشكرا له وهو يغسل عيوننا بدموع ما برحت مئآقيها والشكر كل الشكر للنشمي الفلسطيني الذي يعطي الاردن حقه في مواقف وشهادات دامغة لم يذكرها الاعلام الاردني بذات الالق والكبرياء كما صوره لنا طارق البكري، واصطاد من الحضور البهي والحشد الثقافي المتميز التصفيق تلو التصفيق. وشكرا على الفلم الذي جعلنا ويجعلنا نقول بكل اصرار كنا وما زلنا هناك، وسنبقى نردد فلسطين ستعود لنا ولأهلها ومحبيها وناسها مهما طال الزمان، فمحرريها في برزخ الهي قادمون وهم مقيمون في سلاسل جينية في الارحام وسوف يتواصل ال DNA في النطف والارحام بالسريان والبصمة الجينية تتلو البصمة ذاتها عند النشء، وخلقا بعد خلق حتى تعود لنا ويتركها الاغراب، وعندها سيكون العود حميدا بعد ان يدرك العرب والاعراب ان فلسطين ليست ككل ارض... وسمائها ليست ككل سماء.
شكرا لطارق على الفن الثامن وهو ينسجم مع دعوة لجنة حقّ العودة ومقاومة التطبيع بفعالية في مقرّ إتحاد المرأة فرع إربد التي إستظافت خلالها المصوّر المُبدع طارق البكري، الذي قام بعرض العديد من الصور لمدينة القدس وفلسطين توضّح واقع الحال. حيث تحدّث عن الأماكن المُهجّرة منذ عام 1948م بالوثائق والصور والأفلام التي وضحت كيف أصبحت قبل وبعد الإحتلال. نعم يا طارق ستكون كما محمود درويش وسميح القاسم ومرسيل خليفة، مثلما ستكون رمزا كآيات الاخرس "عروس الغوالي" شهيدة حنين، كما وصفها الدكتور غازي القصيبي او كعبدالرحمن الابنودي وهشام الجخ وتميم البرغوثي وكعرار وبدوي الجبل وكل المتنورين على الارض العربية في حاضرها وماضيها...
طارق سجل لنا هويته في كنا وما زلنا واضحة بصورة المعالم والبيوتات والمقابر واضرحة الشهداء، كما دونها محمود درويش في الجليل، وسجلها للجيل ولنا وللتاريخ على منابر الشعر والادب في بيروت ودمشق وعمان وصنعاء وحيفا والقدس وقاهرة المعز... وسجلها لجيلنا كما هي بحروفه الشابة حين قال وما زال يقول:
"درويش فلسطين" في قراءته لتفاصيل بـطـاقـة هـويتـة
سجِّل
أنا عربي
ورقمُ بطاقتي خمسونَ ألفْ
وأطفالي ثمانيةٌ
وتاسعهُم.. سيأتي بعدَ صيفْ!
فهلْ تغضبْ؟
سجل
أنا عربي
جذوري
قبلَ ميلادِ الزمانِ رستْ
وقبلَ تفتّحِ الحقبِ
وقبلَ السّروِ والزيتونِ
.. وقبلَ ترعرعِ العشبِ
أبي.. من أسرةِ المحراثِ
لا من سادةٍ نجبِ
وجدّي كانَ فلاحاً
بلا حسبٍ.. ولا نسبِ!
يعلّمني شموخَ الشمسِ قبلَ قراءةِ الكتبِ
وبيتي كوخُ ناطورٍ
منَ الأعوادِ والقصبِ
فهل ترضيكَ منزلتي؟
أنا إسمٌ بلا لقبِ
سجلْ
أنا عربي
وعنواني:
أنا من قريةٍ عزلاءَ منسيّهْ
شوارعُها بلا أسماء
وكلُّ رجالها في الحقلِ والمحجرْ
فهل تغضبْ؟
سجِّل!
أنا عربي
سلبتَ كرومَ أجدادي
وأرضاً كنتُ أفلحُها
أنا وجميعُ أولادي
ولم تتركْ لنا.. ولكلِّ أحفادي
سوى هذي الصخورِ
فهل ستأخذُها
حكومتكمْ.. كما قيلا؟
إذنْ
سجِّل.. برأسِ الصفحةِ الأولى
أنا لا أكرهُ الناسَ
ولا أسطو على أحدٍ
ولكنّي.. إذا ما جعتُ
آكلُ لحمَ مغتصبي
حذارِ.. حذارِ.. من جوعي
ومن غضبي!!
*لله درك يا طارق فقد قدمت لنا ادب الصورة في صورة من الادب.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات