ويلز : على "داعش" أن تخشى الأردن


جراسا -

قالت السفيرة الأميركية لدى الأردن أليس ويلز مساء الثلاثاء إن تنظيم داعش يسعى لـ"تدمير" المملكة لكن عليه أن "يخشى الأردن"، داعية إلى دور قيادي أردني في التحالف الدولي ضد التنظيم.


وألقت السفيرة خطاباً مطولاً حول تنظيم داعش ومعركة الأردن والتحالف معه والتزام واشنطن بدعم عمّان في هذا الصدد، خلال محاضرة لها بجمعية الشؤون الدولية.


وقالت حسب نص الكلمة العربية التي نشرتها السفارة إن "هذه هي المرة الأولى منذ 40 عاماً التي يشن فيها جنود وطيارو الأردن، جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة الامريكية و61 شريكاً في التحالف، حربا من أجل الدفاع عن الأردن".


وأضافت ويلز، في خطابها الذي تضمن تفاصيل معمقة حول الوضع الأردني مع التنظيم والإرهاب، أن المنتمين لتنظيم داعش هم ذاتهم الذين قتلوا عشرات الأبرياء في تفجيرات عمان 2005.
وقالت إننا نعلم أن داعش "يسعى لمهاجمة وتدمير الأردن، فهو يهدّد منذ حزيران المنصرم بغزو الأردن و(ذبح) القيادة وجنود القوات المسلحة الأردنية البواسل".

وفيما يلي نص كلمة السفيرة : 

مساء الخير، اسمحوا لي قبل أن أبدأ الخطاب بأن أتقدم بالشكر لدولة الدكتور عبد السلام المجالي للأعوام التي قد كرّستها في دعم السياسة الخارجية الأردنية المنفتحة بالإضافة إلى دعم دولته للعلاقات الأردنية الأمريكية على مر العقود.

واسمحوا لي بالتقدم بالشكر أيضاً لعطوفة الأمين العام السيد فاضل علي السرحان لدعوته الكريمة للمشاركة في هذا الاجتماع المرموق. كما أود أن أشكر الميسّر الدكتور وليد الترك لقيامه بهذه المهمة غير اليسيرة.

هذا وأخص بالترحيب بضيوفنا هذا المساء من أعضاء مجلس الشؤون الدولية الكرام وأصحاب المعالي والعطوفة والصحفيين وأعضاء المنظمات غير الحكومية وقادة المجتمع المدني وبقية الحضور الأعزاء الذين نعتبرهم أصدقاء للولايات المتحدة في الأردن.

كما اسمحوا لي قبل أن أبدأ الحديث عن مكافحة الإرهاب والتعاون الأمني بالتوجه بالشكر لنشامى ونشميات القوات المسلحة الأردنية البواسل، فأداؤهم المتميز وتفانيهم واستعدادهم للتضحية في سبيل أمتهم هو مصدر إلهام للجميع.

وأشيد كذلك بقادة الأردن، وعلى رأسهم جلالة الملك عبدالله الثاني، لمدى القوة وحسن الرؤية التي أظهروها في قيادة جهود قوات التحالف لهزيمة داعش ودحره.

فهذه هي المرة الأولى منذ 40 عاماً التي يشن فيها جنود وطيارو الأردن، جنباً إلى جنب مع الولايات المتحدة الامريكية و61 شريكاً في التحالف، حربا من أجل الدفاع عن الأردن.

وما زال الشعب الأردني يُظهر صلابة وعزيمة تتمثل في منع المتطرفين من التشكيك بانفتاح الأردن واعتداله وحداثته... وعزيمة لاختيار مستقبله بنفسه بدلاً من السماح للمتطرفين باختياره بالنيابة عنه.

ما هو تنظيم داعش؟

فلنكن واضحين منذ البداية فيما يتعلق بالعدو الذي نواجه، إنه العدو المزعوم المسمى بالدولة الإسلامية أو "داعش". إنهم ليسوا فقط مجرمين بل مجرمون معروفون بالتطرف والعنف.

إن بعض إرهابيي داعش هم المتشددون من أعضاء القاعدة، وهم ذات الأشخاص الذين ينبثقون من أصل واحد ويدّعون الإرث نفسه. هم الإرهابيون الذين قتلوا 58 بريئاً، منهم من كان في حفل الزفاف في9 تشرين ثاني لعام 2005. وهم لن يتوانوا عن ارتكاب هذا الجرم، أو أسوأ منه، مرة أخرى إذا سنحت لهم الفرصة.

وأما الشريحة الأخرى من داعش فهي البعثيون وأعضاء النظام العراقي السابق، ممن يسعون للعنف والقصاص واكتساب النفوذ لمآربهم الشخصية وليس بالتأكيد من أجل خلافة إسلامية أو لصالح الشعبين العراقي والسوري.

وأما البقية فآلاف منهم مقاتلون أجانب انضموا لصفوف داعش ليس للدفاع عن السوريين أو العراقيين بل لاستغلالهم.

ويحاول تنظيم داعش اليوم التوسع لما هو أبعد من العراق وسوريا، كما أنه يدعي انضمام أتباع جدد من جنوب شرق آسيا وصولا للساحل. حيث تسعى هذه المجموعات البائسة إلى تقلد اسم داعش وحمل رايته لتعزيز حملاتهم الخاصة التي يرى الكثيرون أنها فشلت أو في طور الفشل. ويحتاج داعش بدوره لهؤلاء الأتباع الجدد كي يدّعي بأنه لا زال في صعود، حيث أنه يقف فعلياً موقف الدفاع عن نفسه في سوريا وخاصة في العراق.

هذا ويكفي للمشاهد الاطلاع على عضوية داعش التي تضم المجرمين والقتلة والإرهابيين ليعلم بأن مزاعمهم في تكوين خلافة جديدة هي مزاعم باطلة. فالإسلام دين سلام، وأما داعش فيتبجّح بوحشيته التي يرتكبها.

لقد أكد علماء مسلمون في رسالة مفتوحة وجهها 126 عالم مرموق من الأزهر ومن أنحاء العالم الإسلامي لأبي بكر البغدادي بأن الإسلام ُيحرّم إعلان خلافة إسلامية دون إجماع المسلمين جميعهم.

أن الإسلام يُحرّم قتل الأبرياء والتعذيب والإكراه على اعتناق الإسلام والاستعباد وحرمان النساء والأطفال من حقوقهم.

ولكن داعش سلب أرواح سُنيين في أحداث الفنادق في عمان، وأعدم سُنيين آخرين، بمن فيهم الاطفال، واحداً تلو الآخر في شوارع الموصل وهيت ودير الزور. كما أنه قتل المسلمين السُّنة أمثال طيار سلاح الجو الملكي النقيب الشهيد معاذ الكساسبة بطريقة بالغة الوضاعة.

معركة الأردن

وإذ يقوم داعش بقتل المسلمين، فإننا نعلم من خلال رسائله الخاصة بأنه يسعى لمهاجمة وتدمير الأردن، فهو يهدّد منذ حزيران المنصرم بغزو الأردن و"ذبح" القيادة وجنود القوات المسلحة الأردنية البواسل.

غير أن خطر داعش ليس مجرد خطر خطابي، بل إن له أثراً سلبياً ملموساً على الأردن بشكل يومي.

أولاً: دفع داعش بمزيد من اللاجئين السوريين والعراقيين إلى الأردن، ويجعل حكمه الوحشي والعنيف للمدنيين إمكانية عودة هؤلاء اللاجئين لديارهم أمراً بعيداً.

وفي حين أن الولايات المتحدة قد ساهمت بحوالي 600 مليون دولار منذ عام 2012 للاجئين السوريين وللمجتمعات الأردنية المضيفة، عدا عن المساعدات الثنائية التي نقدمها للأردن، إلا أننا ندرك أن العبء على المياه والبنى التحتية للصحة والتعليم مهول. وقد شهدت ذلك بنفسي في محافظات كإربد والزرقاء والمفرق والرمثا، وأنا أثني على حسن ضيافة الأردنيين وصبرهم، وندعو المجتمع الدولي لتقديم المزيد.

ثانياً: أبعد داعش الأردن عن أسواقه التقليدية. فقد انخفضت الصادرات إلى سوريا لأكثر من 72% بين الأعوام 2010 وحتى 2014، كما أن التبادل التجاري مع سوريا متوقف بالكامل تقريباً في الوقت الحالي. وكذلك الحال بالنسبة للتبادل التجاري مع العراق الذي تراجع بنسبة 52% منذ عام 2010.

وأما المزارعون فقد تجاوزت خسائرهم لهذا الموسم وحده 150 مليون دينار.. ويُقدّر أصحاب الشاحنات خسائرهم بحوالي 200 مليون دينار منذ بداية الاضطراب.

ثالثاً: لقد أضرّ تواجد داعش على الحدود الأردنية قطاع السياحة الحيوي ، حيث يتجنّب السياح التقليديون زيارة المنطقة بأكملها بسبب الأخبار التي ترد من سوريا والعراق.

كما تراجع عدد زوار الأردن من 8 مليون عام 2010 إلى حوالي 5 مليون عام 2013، وأُغلقت 7 فنادق في البتراء التي تعتبر جوهرة السياحة في الأردن. هذا وانخفض عدد زوار البتراء في عام 2015 وحدها بنسبة 42% خلال الثلاثة أشهر الأولى من العام مقارنة بالعام الماضي.

رابعاً: فرض داعش على الأردن حرباً حالت دون استخدام الجهود في إيجاد حلول جادة وعملية للتحديات الإقليمية. لقد عمل الأردن لعقود من الزمن على المحافظة على علاقات سلمية وإقامة علاقات متبادلة مع جيرانها تعود بالنفع على جميع الأطراف، كما أنه كان وما زال مساهماً رئيسياً في عمليات حفظ السلام.

هذا وقد لعب الأردن دوراً أساسياً في تعزيز سلام عادلٍ في الشرق الأوسط، وما زالت جهوده مستمرة بالطبع، ولكن الخطر الذي يشكله داعش وجّه الطاقات والموارد والاهتمام نحو محاربة المتطرفين في حين كان يمكن استغلالها في أوجه أخرى.

وكنتيجة لذلك، أقول بأن داعش لم يترك للأردن خياراً سوى مقاتلته، حيث يُقاتل الأردن من أجل سلامته واستقراره، ويُقاتل من أجل اقتصاده والفرص للأجيال القادمة، ويُقاتل دفاعاً عن مُثل الأردن المتمثّلة في الوسطية والتسامح والشمولية.

ومن الجليّ أن هؤلاء المتطرفين قد فشلوا في تخويف الأردن، كما يُدرك أغلبية الأردنيين الساحقة بأن داعش وغيره من المتطرفين يشكلون تهديداً لحياتهم المسالمة والمعتدلة.

فقد أظهر استطلاع أجراه مركز الدراسات الاستراتيجية مؤخراً أن 92% من الأردنيين يؤمنون بأن داعش يشكل خطراً على استقرار الأردن، وأن 87% يدعمون المشاركة في الحرب ضد داعش، والواقع أنه من الصعب أن تجد أمراً يوافق عليه 87% من الأمريكيين، وبالتالي يُعتبر هذا الاتفاق الكبير بين الأردنيين أمراً مميزاً.

القيادة الأردنية

يدرك الأردنيون أن مشاركتهم في التحالف أمر ضروري حتماً، غير أن المشاركة وحدها لا تكفي، فهذا التحالف يعتمد على القيادة الأردنية.

إن الأردن قادر على القيادة، ويجب عليه فعل ذلك حيث أنه يمثل وسيُمثّل كل نقيضٍ لداعش.

وإن الأردن دولة عربية تؤمن بالحداثة والانفتاح على الخارج

كما أن الأردن بلد متسامح وجامع، ذو أغلبية مسلمة، يقبل الأقليات غير المسلمة فيه كمواطنين متكافئين ومتساويين.

ويعتبر الأردن أيضاً ساعٍ للسلام بقيادة الهاشميين الأوصياء على الأماكن الإسلامية والمسيحية المقدسة في القدس. ولم يتخل الأردنيون أبداً عن التزامهم بسلامٍ عادلٍ ودائم بين الاسرائيليين والفلسطينيين ليتعايشوا معاً جنباً إلى جنب.

يخشى داعش أو ينبغي عليه أن يخشى الأردن وكل ما يمثّله الأردن .

ويُثبت الأردن من خلال اعتداله ونجاحه أن رؤية داعش مجرد أكذوبة. فالأردن قادر على أن يُبين أنه هناك مستقبلاً أفضل وبدائل أفضل للشباب العربي والمسلم ولكل شعوب المنطقة.

وكما ذكر جلالة الملك عبدالله الثاني في أوائل شهر آذار قائلاً "إنها ليست معركة غربية، بل هي معركة الإسلام، يشارك فيها الجميع جنبا إلى جنب ضد هؤلاء الخوارج." هذا وتحترم الولايات المتحدة الأمريكية حكومة وشعباً موقف الأردن لكونه في طليعة هذا القتال.

الالتزام الأمريكي

ومع أن الأردن يتولى القيادة إلا أنه لا يقف وحيداً، حيث تقف الولايات المتحدة مع الأردن جنباً إلى جنب، بالإضافة إلى 61 عضواً في التحالف.

وكما قال الرئيس الأمريكي أوباما خلال زيارة الملك عبدالله الثاني لواشنطن العام الماضي بوضوح: "قليلون جداً من أصدقائنا وشركائنا وحلفائنا حول العالم كانوا على هذه الدرجة من الثبات والموثوقية ]كما هو الأردن[". فالتزامنا تجاه الأردن هو التزام بالأفعال وليس بالأقوال.

إن الأردن واحد من أكبر متلقي المساعدات الأمريكية، بما في ذلك المساعدات الأمنية، لتمكينه من الدفاع عن نفسه.

في شهر شباط، وقّع الأردن والولايات المتحدة مذكرة تفاهم لثلاثة أعوام أكدت فيها الولايات المتحدة على نيتها تقديم مليار دولار كمساعدات لكل عام، حيث يتضمن ذلك 300 مليون دولار للتمويل العسكري الأجنبي، كما أننا نخطط لتقديم المزيد في عام 2015 بما يبلغ مجموعه 385 مليون دولار.

هذا ويُعتبر الأردن واحداً من الدول القليلة التي تقدم لها الولايات المتحدة ضمانات القروض، التي تُوفر مئات ملايين الدولارات على الدولة من الفوائد، وتُمكنّها من تحقيق أهدافها المتعلقة بتحقيق التنمية والإصلاح الاقتصادي الهامين. وإننا في الطور النهائي للتحضير لضمان قرض ثالث تاريخي إضافة إلى 2.25 مليار دولار قدمناها سابقاً على شكل ضمانات قروض.

وقد وقعنا يوم الأحد اتفاقية نمنح من خلالها الأردن المزيد من القمح بقيمة 25مليون دولار تقديراً منا للضغوطات التي يفرضها اللاجئون السوريون على الأردن، حيث سيُباع هذا القمح في الأردن وستُستخدم عوائده في تمويل مشروع بنية تحتية مهمة في قطاع المياه.

وبالإضافة إلى التمويل العسكري الأجنبي، فقد تلقى الأردن على مدار الأعوام الخمسة المنصرمة أكثر من 80 مليون دولار من معدات أمريكية إضافية للدفاع بما في ذلك مركبات مقاومة للألغام وصواريخ الدفاع الجوي وطائرتين من طراز سي 130.

كما قد قدمنا مساعدات تقارب 180 مليون دولار من خلال برنامج أمن الحدود الأردنية بما يضمن امتلاك شركائنا الأردنيين التكنولوجيا والمعدات والتدريبات اللازمة لتأمين حدوده.

ومن الأمثلة الأخرى على التزامنا تجاه أمن الأردن هي مناورات الأسد المتأهب، التي تُعتبر أكبر مناورات عسكرية سنوية في الشرق الأوسط.

وتتضمن مناورات الأسد المتأهب، المصممة لتحسين العمل المشترك بين قواتنا العسكرية، والتي تمتد على مدى 14 يوماً في عام 2015، والتي تجري حالياً، ما يقارب 10,000 جندي من الولايات المتحدة و الأردن و16 دولة شريكة من بينها السعودية والإمارات العربية المتحدة والكويت. وقبل بدء العمليات التي دارت في صيف العام الماضي في العراق وسوريا، كان التعاون والتخطيط بين القوات الأمريكية والأردنية يتم بشكل يومي.

وفي المجمل، لقد قدمنا ما يزيد على 2 بليون دولار من المساعدات العسكرية منذ عام 2009 بما يساعد الأردن على الحصول على المعدات والمواد والتدريب الذي تحتاجه القوات المسلحة الأردنية للمحافظة على جاهزيتها وتحديث قواتها ومواجهة داعش.

نقطة تحول

تحت راية القيادة الأردنية والقدرات العسكرية المتطورة فإنني متفائلة بأن عام 2015 سيكون نقطة تحول في قتالنا المستدام لهزيمة المتطرفين.

نحن نحرز فعلياً تقدماً حقيقاً، فقد استعادت القوات الأمنية العراقية بمساعدة قوات التحالف 30% من الأراضي المأهولة بالسكان والتي احتلتها داعش سابقاً.

في هذه الأثناء قد دفعت قوات البشمركة الكردية بداعش إلى أطراف الموصل وأمّنت سد الموصل ذو الأهمية الكبيرة. وفي سوريا صدّ المقاتلون المعتدلون داعش في كوباني بمساعدة التحالف، كما أنهم يعملون الآن على توسيع الأراضي المحررة.

وبهذا فقد أثبتنا بأن داعش ليس قوة لا تُقهر كما يدّعي التنظيم.

منذ نهاية شهر نيسان، شن التحالف أكثر من 3,100 ضربة جوية، منها 1,800 في العراق و1,300 في سوريا.

وكنتيجة لذلك، لم يعد داعش قادراً على السيطرة على الأراضي التي كان يسيطر عليها سابقاً، ولم يعد قادراً على تركيز قواته في أرض المعركة كما كان يفعل، ولم يعد قادراً على التواصل أو التحرك كما كان سابقاً أو أن يجمع الأموال كما كان يجمعها. . وببطئ ولكن بثبات، أصبحت قوة داعش الخانقة في طورالنهاية، فنحن نجبرهم على تغيير تكتيكاتهم.

ومرة أخرى تبقى قيادة الأردن أساسية في هذا السياق، حيث شاركت في 325 طلعة جوية ضد أهداف داعش، وطار خلالها الطيارون الأردنيون مرات عديدة تفوق عدد المرات التي قام بها شركاء التحالف مجتمعين.

لا يعتبر عدد القتلى بحد ذاته مقياساً جيداً للنجاح في الحرب، ولكن ربما كان لقادة داعش أقصر متوسط متوقع للأعمار على وجه الأرض. وينبغي على المقاتلين الأجانب فهم أمر واحد بوضوح ً ألا وهو: إذا ذهبت إلى سوريا أوالعراق فلا تعوّل على العودة أبداً.

هذا ونرى أعداداً متزايدة من المقاتلين يشعرون بخيبة الأمل من وعود داعش الكاذبة، حيث ينضم لصفوفه الشباب اعتقاداً منهم أنهم سيحاربون نظام الأسد أو الإيرانيين، ولكنهم يجدون أنفسهم يطبخون وينظفون أو ما هو أسوأ من ذلك وهو إجبارهم على قتل المدنيين الأبرياء الذين يحدث أنهم عرب سنّيون في الغالب.

سوف تزداد قدراتنا على هزيمة داعش وتدرميرها بشكل أكبر حيث أن الولايات المتحدة وقوات التحالف يُكثّفون من تدريب وتأهيل القوات المعتدلة المحلية التي تستطيع شن الحرب ضد داعش في الميدان وتحرير أوطانها.

ويعني هذا إعادة تدريب وإعادة تجهيز القوات الأمنية العراقية ومعاونة قوات البشمركة التابعة لحكومة إقليم كردستان.

وقد دربت الولايات المتحدة وقوات التحالف حتى الآن لواءين من الجيش العراقي، بواقع 4,000 جندي، وما زال هناك ثلاثة ألوية أخرى تتلقى تدريبات في خمسة مواقع تدريبية.

وفي 14 نيسان، تعهّد الرئيس أوباما، في بيان مشترك مع رئيس الوزراء العراقي العبادي، باستمرار الدعم الأمريكي للقوات الأمنية العراقية، ومبادرات إشراك العشائر.

وكما صرّح رئيس الوزراء العبادي فإنه من المهم أن يعمل العراقيون السُنة جنباً إلى جنب مع قوات الأمن العراقية، على تحرير المناطق ذات الغالبية السُنية من سيطرة داعش.

وقد رحب الرئيس بقرار الحكومة العراقية بتقديم آلاف البنادق وغيرها من المعدات لمقاتلي القبائل في محافظة الأنبار ،كما قد تمت تعبئة الآلاف من مقاتلي العشائر السُنية في أرجاء العراق.

وبعيداً عن ساحة المعركة، يُعرب السنيون في الأنبار ومناطق أخرى في العراق عن مظالم حقيقية وعميقة يجب معالجتها ليتمكنوا من المشاركة بالكامل في بناء مستقبل دولتهم.

وفي البيان المشترك ذاته، أشار رئيس الوزراء العبادي إلى رؤيته حول نموذج حوكمة لامركزية بشكل أكبر، كما يُطالب بها الدستور العراقي، الأمر الذي من شأنه تمكين أهل السنة المحليين وغيرهم من مجتمعات الأقليات. وقد وافق مجلس الوزراء على مسودة قانون الحرس الوطني، التي ينظر فيها البرلمان العراقي حالياً، والذي من شأنه تعظيم فاعلية تشكيل قوة أمنية فدرالية متعددة الطوائف والأعراق وذات هيكلة جديدة.

وأخيراً، وحيث أنه لا يوجد في سوريا هذا النوع من القوات البرية المنظمة للعمل معها، نعمل الآن على إعداد برنامج تدريب وتجهيز 5,000 عضو من المعارضة السورية كل عام ليكونوا جاهزين لقتال داعش على أراضيهم، وقد وافقت الأردن والسعودية وتركيا وقطر على استضافة مرافق التدريب.

المحاور الأخرى بالإضافة إلى المحور العسكري

لقد تحدثت مطوّلاً عن الضربات الجوية والتدريب، إلا أننا نعلم بأن المعركة ضد التطرف هي أكثر بكثير من صراع عسكري.

علينا أن نفهم من هو الداعم الفعلي والداعم المحتمل لداعش.

يأتي المقاتلون الأجانب الذين يسافرون إلى سوريا والعراق للقتال إلى جانب داعش من كافة مناحي الحياة، فمنهم أغنياء وفقراء وعلمانيون ومتدينون بمن فيهم كثيرون ممن لا يفهمون المعنى الحقيقي للإسلام، ويأتون كذلك من 100 دولة من ضمنها الولايات المتحدة.

ويشير بعض الخبراء إلى الفقر أو الإقصاء الاقتصادي والاجتماعي كتفسيرٍ لسبب انضمام الشباب إلى داعش. ويُعتبر هذا بالتأكيد سبباً لانضمامهم، ولكن لا يمكن أن يكون السبب الوحيد، فنحن نعلم بأن مثقفين وأغنياء قد التحقوا بصفوف داعش والقاعدة وجماعات متطرفة أخرى.

ويبدو الحافز الديني أيضاً تفسيراً غير كافٍ، فنحن نعلم بأن داعش لا تُمثّل حقيقة الإسلام، ولقد وجدنا أن الكثير من المجنّدين في صفوف داعش ليسوا متدينين تماما ، بل هم في الواقع أشخاص ممن يُرجح أنهم كانوا مجرمين فيما مضى.

وبالتالي، فإن أحد المهام التي لازالت أمامنا هي فهم أفضل لسبب وكيفية تصديق نسبة قليلة من الأردنيين والأمريكين والأوروبين وغيرهم للأكاذيب التي يروجها داعش وتحوّلهم إلى إرهابيين.

ولقد وضح جلالة الملك عبدالله الثاني المهمة عندما قال "على الإنسانية تسليح نفسها بالأفكار، والعدالة، والشمول الاقتصادي والاجتماعي".

من الضروري أن نتخذ كل خطوة متاحة لتحصين شباب اليوم من أكاذيب داعش.

وكما نعلم فقد تكون أكاذيب داعش جاذبة للبعض، حيث قد يعدهم بوعود واهية كإعطاء معنىً لحياة الفرد أو وعود أخرى بالتقدير أو وعود كاذبة ُ تتعلق بقيامهم بواجبهم تجاه شعوبهم أو معتقدهم. . يلعب الآباء والمعلمون والقادة الدينيون والمسؤولون جميعهم دوراً في ضمان قطع الطرق المؤدية إلى التطرف. ويعني ذلك إعطاء الشباب فرصاً أكثر وأفضل للعمل والتأثير بشكل إيجابي على المجتمع.

كما يعني ذلك تمكين الشباب من خلال تزويدهم بمهارات التفكير النقدي ليكونوا مهيئين لرفض أكاذيب المتطرفين، فمن الضروري أن تُعلّم المدارس الطلاب التفكير وليس فقط حفظ وتكرار ما سمعوه. فالقبول الأعمى والتكرار هو بالضبط ما تعوّل عليه داعش لنشر أيديولوجيتها المنحرفة.

ويعني ذلك أيضاً أن ننأى بشبابنا عن أفضل أدوات التوظيف التي يستخدمها مجندو المتطرفين وأن نحصنهم ضدها، سواء أكانت عبر الإنترنت أو في المساجد أو السجون.

ويعتبر الإنترنت على وجه التحديد صفحة بيضاء إذ يُمكن لنا أن نرسم عليها المُثل العليا والطموحات الأفضل للمجتمع، ولكنه يعتبر في الوقت ذاته منصة يستخدمها المتطرفون للترويج لوعودهم الكاذبة لتبدو أكثر منطقية أو حتى أكثر إغراءً. كما يعتبر الإنترنت حقيقة من حقائق الحياة، وتولي الولايات المتحدة أهمية كبيرة لحرية التعبير، غير أن علينا أن نراقب بحذر ونواجه الجهات التي تقوم بالتجنيد عبر الإنترنت.

ومن الضروري أن لا تُضعف معركتنا ضد التطرف من جهودنا في جعل مجتمعاتنا أكثر تسامحاً وحكوماتنا أكثر تمثيلاً واستجابة للشعوب ، إذ قد ا يوفّر هذا لداعش باباً خلفياً للنصر.

لقد تعلمت الولايات المتحدة هذا الدرس بعد هجمات الحادي عشر من أيلول في نيويورك وواشنطن. فبسبب التسرع في الاستجابة إلى مجموعة من التهديدات الحقيقية، قامت حكومتنا بممارسات تتنافى مع قيمنا.

علينا أن نحافظ على مُثلنا والزخم لتحسين مجتمعاتنا.

وفي الأردن، أشار جلالة الملك عبدالله الثاني إلى الإصلاح على أنه "خيار استراتيجي"، وصرح بأنه لن يسمح للاضطراب الإقليمي والحرب ضد داعش بإخراج الإصلاح عن مساره.

فعلى المدى البعيد، سيساعد الاصلاح على هزيمة داعش وغيرها من المتطرفين تماماً بقدر القنابل الملقاة على الأهداف الإرهابية.

وعلى سبيل المثال، يُعتبر الإعلام الحيوي و الحر أمراً أساسياً لفضح أكاذيب داعش، حيث يحتاج الصحفيون وناشطو الإنترنت لمساحة من الحرية لكتابة الحقيقة (حول داعش) ولكن أيضاً حول نجاحات وإخفاقات قادتهم. وينبغي أن يكون الإعلام التقليدي ووسائل التواصل الاجتماعي منابر لنقاشات حرة ومفتوحة، إذ لا يمكن لداعش الفوز في نقاش حر ومفتوح.

وبينما يستخدم المتطرفون الإنترنت لتسويق بضاعتهم، فإنه أيضاً مكان يكشف خدعهم، حيث تُظهر الصور والفيديوهات والتغريدات المتعلقة بالإعدامات والأعمال المسيئة الأخرى التي تنفّذها داعش ة للعالم ماهية هؤلاء المجرمين الحقيقية.

وأما القضاء العادل فهو الذي يضع الخط الفاصل الذي يميز بين دولة تحكمها سيادة القانون ودولة يحكمها العنف والقوة التعسفية، حيث يحتاج المواطنون لأن يعرفوا بأنهم سيعاملون بعدل. وفي حين ينبغي أن يحاكم الإرهابيون كإرهابيين، إلا أنه يجب عدم القيام بهذا ضد النقاد البسطاء والصحفيين.

وأخيراً، تضمن الحكومة التمثيلية المستجيبة، كما يراها جلالة الملك عبدالله الثاني، شعور الأردنيين بمسؤوليتهم تجاه سياسات بلدهم وانتمائهم لحكومتهم. وكما أكد الرئيس أوباما فإنه لا يكفي بناء القدرات الدفاعية ضد التهديدات الخارجية لكن التحدي يكمن في كيفية اقناع الشباب السُنة بأن لديهم خيارات أخرى ]غير داعش[.

لقد تحدثت باستفاضة ً عن داعش ومتطرفين آخرين، غير أن الجماعات الإرهابية لا توجد في فراغ، ولا تُعتبر التحدي الأمني الوحيد للأردن والولايات المتحدة والمنطقة.

يتغذى الإرهابيون على عدم الاستقرار، ويحاولون تبرير أعمالهم بالإشارة إلى تظلمات موجودة منذ زمن حتى وإن كانوا لا يقدّمون أية حلول للمشكلات الحقيقية في المنطقة.

ولنكن واضحين، لم تقدّم داعش أي شيء للقضية الفلسطينية، وفي مخيم اليرموك لم تُظهر أي إكتراث بحياة الفلسطينيين، تماماً كما تفعل مع غيرهم.

كما لا تقدم داعش حلاً للتحدي الذي تفرضه إيران أو نظام الأسد، باستثناء حرب طائفية دموية قد تبتلع المنطقة والعالم.

والواقع أن غياب الحلول لجميع التحديات الإقليمية الواسعة هذه تخدم داعش إذ ً أنها تؤدي إلى حالة من عدم الاستقرار واليأس اللذان يحتاجهما المتطرفون للبقاء.

إذن، وبينما نحارب فكر داعش على الصعيدين العسكري والأيديولوجي، فإنه لا يمكن لنا أن نتجاهل التحديات الأخرى أمامنا.

ومن الضروري مواصلة وزيادة الضغط للانتقال من حكم الأسد إلى حكومة شرعية في سوريا باللجوء إلى المفاوضات.

وبعد قتله 200,000 من مواطنيه، قد فقدَ الأسد شرعيته منذ زمن طويل. فمشاهد البراميل المتفجرة وهي تسقط على المدنيين العزّل و قصص الأطفال الذين حرموا من الطعام والدواء في مناطقهم المحاصرة و آلاف الصور للسجناء هزيلي الأجساد الذين أطلق عليهم الرصاص في الرؤوس، كلها أدلة كافية على القسوة وللاإنسانية.

ولكننا نعلم بأن الأسد لا يقف وحيداً، حيث تدعمه إيران وحزب الله وروسيا. وتواصل إيران لعب دورها الهدّام في المنطقة كما نراه كل يوم في لبنان وسوريا والعراق واليمن.

ولا يعني سعينا للوصول إلى إتفاقٍ للحد من قدرة إيران على الحصول على سلاح نووي- والذي يعتبر إتفاقاً سيعود بالنفع على جميع دول المنطقة - أننا سنغض الطرف عن محاولات إيران لزعزعة الاستقرار في المنطقة وإشعال نيران الصراع السني-الشيعي وتمكين وكلائها.

وأخيراً، فإنه من غير الممكن أن نتحدث عن الأمن الأردني والإقليمي دون التطرق لهدف الوصول إلى سلام عادل وشامل في الشرق الأوسط. وتبقى الولايات المتحدة ملتزمة بالعمل مع جميع الأطراف للوصول إلى حل عادل مبني على المفاوضات.

فمن شأن السلام تمكين المعتدلين وإثبات أن الحوار والتسويات تعود بنتائج أفضل من الغوغائية والإرهاب.

سنطالب جميع الأطراف بالالتزام بوعودها وكما صرّح كبير موظفي البيت الأبيض السيد دينس مكدانا مؤخراً: " نتطلع إلى الحكومة الإسرائيلية القادمة لتدعم أقوالها بأفعال وسياسات تُوضح التزاماً صادقاً بحل يضمن قيام دولتين"، إلا أننا نعلم بأن الوضع الراهن غير قابل للاستمرار وبأن المستوطنات غير شرعية.

وقد كافح جلالة الملك عبد الله الثاني بشكل متواصل لإنهاء الصراع بشكل عادل يحفظ كرامة طرفي النزاع. وإننا نتفق بأن حل الدولتين هو الطريق الوحيد للسلام.

ولا يمكن لنا السماح بعدم رضانا عن الوضع الحالي بأن يجعنلنا نتخلى عن جهودنا. ومع تشكيل الحكومة الإسرائيلية الجديدة، فأنا على ثقة بأن وزيرالخارجية كيري سيستمر في مساعيه لخلق بيئة تقود للمفاوضات، ولكن رغبتنا بذلك لا ينبغي أن تفوق رغبة الأطراف المعنية بذلك.

وفي الختام، تواجه الولايات المتحدة والأردن تهديدات ديناميكية وجدية ، في مقدمتها يأتي تنظيم داعش عند الحديث عن الجماعات الإرهابية، ولكن هنالك أيضاً وحشية الأسد والإرهاب الذي تدعمه دولة إيران واليأس الذي ولّده الإحتلال الذي قارب على الـخمسين عاماً.

إلا أننا نواجه هذه التهديدات معاً، وكما أكّد الرئيس أوباما مؤخراً: " لا تتمثّل مصالح الولايات المتحدة الرئيسية في المنطقة في النفط ولا هي مصالح متعلقة بالأرض ... بل أن يعيش الجميع في سلام متسق، وألا يتعرض حلفاؤنا للهجوم، وألا تُلقى البراميل المتفجرة على أطفالنا، وألا تحدث حركات نزوح كبير. فمصالحنا بهذا المعنى هي مجرد التأكد من سير الأمور بشكل جيد في المنطقة."

ستنجح المنطقة عندما تزدهر دولة كالأردن وتصبح أكثر حداثة، وبالرغم من أن الطريق أمامنا لهزيمة داعش وتحقيق أهدافنا الأمنية الإقليمية الحيوية الأخرى لن يكون سهلاً أو قصيراً، إلا أنني متفائلة بأننا سوف ننتصر، والسبب الرئيس لذلك هو قدرة الشعب الأردني وقيادته على مواجهة هذا التحدي.

شكراً جزيلاً

 



تعليقات القراء

المغاريز
باركم الله وكل ما قلتموه صحيح 100% ولكن لم تتطرقون لو بحرف واحد الى جوهره المشاكل في العالم العربي الا وهي اسرائيل.
12-05-2015 09:12 PM
مسكين
جوهرة المشاكل كما نرى الاسلام والمسلمين
12-05-2015 10:56 PM
الصراحة
خطاب يدل على فهم الوضع في المنطقة و يتطرق للامور مباشرة و بموضوعية و دون محاولات لاستغباء الطرف الاخر
12-05-2015 11:36 PM
ابو ثائر
سعادة السفيره كأنها تريد توريط الاردن اكثر مع الارهابيين كلامها كله الغام ضد الدروع
13-05-2015 12:19 AM
تزودو بمهارات التفكير النقدي لتكونوا مهيئين لرفض أكاذيب
حكي ببلاش
السؤال هو من اوجد البيئة لداعش اليس الغزو الامريكي للعراق؟
ولماذا اطلقتم يد المالكي 10 سنوات وعندما اوشكت داعش على الدخول لبغداد اطحتم بة في يوم واحد؟
من صنع الطائفية؟
سخقا لكم ولداعش
13-05-2015 01:34 AM
عمر الشرادقه
هذا صحيح سعادة السفيره ... وليس مجرد كلام بتوادحنا وتضامننا فليخشونا وهذه رسالة يجب على كل من يفكر في سوء لوطننا قراءتهالانهاستكون عبرة لمن اعتبر .
13-05-2015 10:18 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات