دور المشاركة الشعبية في التنمية


تتطلب التنمية أولاً بناء الانسان ، و حين ننجح في بناء الانسان ، فإننا ننجح في بناء المجتمع و تنميته ، والتنمية عملية متعددة الجوانب ، و يجب أن تبدأ منذ الصِغر . و تتطلب كفاءات على مستوى عالٍ .

حققت التنمية في الاردن بعض النجاحات في بعض القطاعات ، ولكن يؤخذ عليها تركزها على محور المدن الكبرى ،وتحديد محور العاصمة و المناطق المحيطة بها . ولا بد من التنويه إلى القصور الذي حدث في أحدى مراحل التنمية ، الأمر الذي أدى لعدم نجاح العديد من المشاريع التي تحدد لها أن تدفع بعمليات التنمية . فالتنمية بمفهومها العام تعني أشياء كثيرة أهمها : تحسين دخل الفرد و الأُسر ، و تحسين نوعية الحياة ، و تحسين قدرات المواطنين للتعامل مع العِلم و المعرفة و متطلبات العصر .

لقد ترسخ لدى بعض القائمين على الإدارة الاقتصادية للنشاط الحكومي ، تفكير تنموي بقي متحجراً على نهج واحد منذ سنوات طويلة نتيجة لعدم الأخذ بفكرة تجديد المعرفة لديهم . و إبقاء كل شيء على حاله بانتظار التعليمات من الأعلى . كما تم استبعاد المشاركة الشعبية ، و الاستعانة بأصحاب الخبرة . وبدلاً من أن تصبح المشاريع أداة تحسين لظروف المجتمع ، تصبح عبئاً على خزينة الدولة .

لقد أدى عدم تطوير الطرق وأساليب إدارة النشاط الاقتصادي لجملة من السلبيات منها تكريس الاتكالية بين المواطنين ، و تزايد اعتمادهم على المساعدات التي تحددها الدولة لهم . و أصبح الدعم المالي الحكومي يشغل جانبا مهماً من معيشة المواطنين . وأصبح التعامل مع أجهزة الدولة و مؤسساتها من قبل بعض الافراد مدخلاً لانتفاعهم ، و تحقيق ثرواتهم باستخدام أساليب متعددة بما في ذلك تلقي الرشوة . كما تمكن بعض موظفي الادارة الحكومية من استغلال مواقعهم و من تكوين ثروتهم .

لم يتمكن الاردن من بلوغ معدلات النمو التي كان يتمناها ، كما لم يتمكن من تنويع القاعدة الاقتصادية بشكل كافٍ يخرجه من مجموعة الدول التي تُصنّف على قائمة بلدان الانتاج وحيد الجانب ، أو مجموعة السلع محددة العدد بإنتاجها الرئيسي ، و خاصة صادراتها . و يؤكد الواقع أنه لا يمكن تحقيق نتائج اقتصادية ، إذا ظلت الامكانيات البشرية غير مستثمرة استثماراً جيداً إذ إن خريجيّ الجامعات و كليات المجتمع تتضاعف اعدادهم ، و ما زال أغلبهم بعيداً عن الوصول إلى مراكز توظيف في القطاع الحكومي .

إن التقدم الاقتصادي يقوم في حقيقة الأمر على الاستفادة من خبرات و قدرات البشر ، فنحن ننتقل إلى نظام اقتصادي يعتمد على تقدم العلم و ثورة المعلومات . وهذا يعني أننا بحاجة إلى عمالة على مستوى عالٍ من التعليم و التدريب ، و قادرة على التحول من مهنة إلى أخرى . و قادرة على الحوار و البناء و اتخاذ القرار على خط الانتاج مباشرة ، و من هنا كان الارتباط الوثيق بين التعليم و البحث العلمي و التنمية الشاملة القائمة على الحوار و المشاركة .

تستلزم مشاركة المجتمع بتنمية الحوار . و يعتبر الحوار بين المجتمع وأطراف الدولة الأداة التي تمهد للمشاركة ، لتنعكس بنتائجها على طرق و أساليب عمل المؤسسات ، بحيث يصبح قاعدة للعمل بين جميع الأطراف . و هذا يقتضي العمل لنشر فكرة الحوار ، و زيادة توعية الناس بأهمية المشاركة في صنع نهج التنمية ، و تعويد المواطنين على مهارات و أساليب الحوار و المشاركة بها .

و تظل أوقات الازمات دائماً فرصة لفكرة المشاركة و لفكرة الحوار ، و تزداد الرغبة بالمشاركة كلما ضعفت قدرة الجانب الحكومي على استيعاب الأزمة أو تأخر الجانب الحكومي على استيعابها ، وعلى اتخاذ المعالجة الملائمة في الوقت المناسب و يبرز الدعم المؤازر للحكومات ، و خاصة عندما يعبر الأداءُ الحكومي عن الارادة الشعبية ، أو عند الشعور بالمخاطر التي تتهدد الوطن ، وفي الأحداث الوطنية العظمى و في القضايا التي تهم الوطن . ففي أعقاب استشهاد الطيار معاذ الكساسبة من قبل مجموعة داعش الارهابية ، أقدم المواطنون الاردنيون تلقائياً و بشكل عفوي على مبادرات تضامنية كبيرة تجاه أهالي الشهيد ، و اتجاه مؤسسات الدولة ، وهذا أعطى أساساً ملائماً للمشاركة بالمسؤولية ، عندما شعر الناس أن مشاركتهم مهمة و ضرورية في هذا الحدث الجلل ، وأثبت أن المشاركة الشعبية مهمة في اتخاذ القرارات المصيرية ، و أن الحاجة تستدعي تقديمهم مثل هذه المشاركة ، ولهذا فإن محاورتهم ستمنحهم شعوراً بأهميتهم و احترامهم لذاتهم ، الأمر الذي يزيد من اندفاعهم في العمل و تحمل المسؤولية .





تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات