أسرار من غزة وحصار
جاء الاتصال الأول من ضابط إسرائيلي، قال: إنه منسق الشئون المدنية في الجيش الإسرائيلي، لقد سألني باللغة العربية عن وجه المسيرة التي تضم عشرات سيارات البلدية.
قلت له باللغة العبرية، ذاهبون بما تبقى لدينا من وقود للاعتصام أمام معبر كرم أبو سالم، لقد أجبرنا الحصار على وقف خدمات البلديات، وقد طفحت الشوارع بالنفايات، وغرقت الأحياء بالصرف الصحي.
لقد حذرني الضابط الإسرائيلي من الاقتراب من الحدود، ومن خطورة استفزاز الجيش، وأنني سأتحمل المسئولية عن كل تطور.
قلت له: أبلغ قيادة الجيش الإسرائيلي بأننا ذاهبون في مسيرة سلمية، ولا نحمل سلاحاً، ونهدف من مسيرتنا إلى إيصال رسالة بمطالبنا الإنسانية إلى كل العالم، وإلى المسئولين الإسرائيليين الذين يحاصرون قطاع غزة.
لقد تم تنظيم المسيرة في ذلك الوقت بمشاركة كل من رئيس بلدية رفح المهندس عيسى النشار، والنائب في المجلس التشريعي المهندس جمال الخضري، رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، وكان الهدف منها إيصال رسالة البلديات إلى المجتمع الدولي، والضغط على الإسرائيليين لفك الحصار، وإدخال الوقود اللازم لخدمات البلديات.
لقد جاءني الاتصال الثاني من مدير عام في وزارة الحكم المحلي برام الله، لقد طالبني المسئول الفلسطيني بالتوقف عن مواصلة المسيرة، وحذرني من خطورة المطالبة بفك الحصار، ومن سلبيات الزج بموظفي البلدية ومعداتها في الخلافات السياسية، ومن شر هذا الفعل الذي قد يؤثر على القرار الإسرائيلي، ويخفف الحصار عن حركة حماس الانقلابية.
أكدت للمسئول في الحكم المحلي بأن البلدية تقف على الحياد من كل التنظيمات، وأن عمل البلدية لا علاقة له بالسياسة، ولا يحق لرئيس البلدية أن يعبر عن رأيه السياسي سلباً أو إيجاباً؛ طالما كان على رأس عمله، وأننا في بلديات غزة نشكو من قلة الوقود، وتراكم النفايات في الشوارع، ومن الوضع الإنساني الذي لا يطاق.
ولكن مدير عام الوزارة لم يبد تفهماً، وحاول أن يصدر لي أمراً بالتراجع، فما كان مني إلا أن أقسو عليه بالرد، وأرفع صوتي، وأنهي معه المكالمة بكل تحدٍ وعنف.
وجاءني الاتصال الثالث من وزير الحكم المحلي زياد البندك، الذي طالبني بالتوقف فوراً، وعدم مواصلة المسيرة، وأن هذا السلوك لا يخدم توجهات حكومة رام الله، ويتعارض مع السياسة العامة التي تهدف إلى تضييق الحصار على حكومة حماس في قطاع غزة، حتى تنفجر الثورة الشعبية في وجه الانقلابيين.
أكدت للوزير أن البلديات خارج إطار المناكفات، وأن البلديات تقدم للمواطنين الخدمات، ولا تميز البلدية في الجباية بين المنتمي لفتح أو المنتمي لحماس، البلدية تقف على الحياد.
ذلك الرد لم يعجب وزير الحكم المحلي، الذي هدد وتوعد، وأغلظ في التحذير، ولكن قبل أن يغلق الهاتف، قلت له: إنني لا أتبع وزير الحكم المحلي في الضفة زياد البندك، ولا أتبع وزير الحكم المحلي في غزة زياد الظاظا، أنا أقوم بما يمليه علي واجبي الوطني.
واصلنا المسيرة حتى أقرب نقطة من الحدود، وأوصلننا رسالتنا الاحتجاجية للإسرائيليين، وعاد جميعنا، وتفرقنا، ولكنني غرقت في بحر من الذهول، وراح موج السؤال يعصف من حولي: لماذا يحدث ذلك؟ لماذا يحاصرون غزة؟ ما السر في هذا التوافق بين وزير الحكم المحلي زياد البندك ومنسق الشئون المدنية في الجيش الإسرائيلي؟.
أربع سنوات وأنا في حيرة، وأفتش عن السر، حتى جاء يوم 29/7/ 2012 فانكشف المستور، ففي ذلك اليوم قام وزير الحكم المحلي زياد البندك بزيارة المعسكر النازي في (أوشفيتز) جنوب بولندا، إنها المرة الأولى التي يزور فيها مسئول فلسطيني موقع يرمز إلى المحرقة اليهودية، لقد وضع الوزير زياد البندك مستشار الرئيس محمود عباس لشئون الأديان باقة ورد على جدار الموت المخصص لليهود، وذرف دمعة حزن، وعاد إلى فلسطين ليدلي بتصريحات نارية عن التمسك بالثوابت الوطنية، وأن العهد هو العهد، والقسم هو القسم.
فما أوثق العلاقة بين حصار غزة وبين الدموع المنهمرة في نهر الأحزان اليهودي!.
جاء الاتصال الأول من ضابط إسرائيلي، قال: إنه منسق الشئون المدنية في الجيش الإسرائيلي، لقد سألني باللغة العربية عن وجه المسيرة التي تضم عشرات سيارات البلدية.
قلت له باللغة العبرية، ذاهبون بما تبقى لدينا من وقود للاعتصام أمام معبر كرم أبو سالم، لقد أجبرنا الحصار على وقف خدمات البلديات، وقد طفحت الشوارع بالنفايات، وغرقت الأحياء بالصرف الصحي.
لقد حذرني الضابط الإسرائيلي من الاقتراب من الحدود، ومن خطورة استفزاز الجيش، وأنني سأتحمل المسئولية عن كل تطور.
قلت له: أبلغ قيادة الجيش الإسرائيلي بأننا ذاهبون في مسيرة سلمية، ولا نحمل سلاحاً، ونهدف من مسيرتنا إلى إيصال رسالة بمطالبنا الإنسانية إلى كل العالم، وإلى المسئولين الإسرائيليين الذين يحاصرون قطاع غزة.
لقد تم تنظيم المسيرة في ذلك الوقت بمشاركة كل من رئيس بلدية رفح المهندس عيسى النشار، والنائب في المجلس التشريعي المهندس جمال الخضري، رئيس اللجنة الشعبية لمواجهة الحصار، وكان الهدف منها إيصال رسالة البلديات إلى المجتمع الدولي، والضغط على الإسرائيليين لفك الحصار، وإدخال الوقود اللازم لخدمات البلديات.
لقد جاءني الاتصال الثاني من مدير عام في وزارة الحكم المحلي برام الله، لقد طالبني المسئول الفلسطيني بالتوقف عن مواصلة المسيرة، وحذرني من خطورة المطالبة بفك الحصار، ومن سلبيات الزج بموظفي البلدية ومعداتها في الخلافات السياسية، ومن شر هذا الفعل الذي قد يؤثر على القرار الإسرائيلي، ويخفف الحصار عن حركة حماس الانقلابية.
أكدت للمسئول في الحكم المحلي بأن البلدية تقف على الحياد من كل التنظيمات، وأن عمل البلدية لا علاقة له بالسياسة، ولا يحق لرئيس البلدية أن يعبر عن رأيه السياسي سلباً أو إيجاباً؛ طالما كان على رأس عمله، وأننا في بلديات غزة نشكو من قلة الوقود، وتراكم النفايات في الشوارع، ومن الوضع الإنساني الذي لا يطاق.
ولكن مدير عام الوزارة لم يبد تفهماً، وحاول أن يصدر لي أمراً بالتراجع، فما كان مني إلا أن أقسو عليه بالرد، وأرفع صوتي، وأنهي معه المكالمة بكل تحدٍ وعنف.
وجاءني الاتصال الثالث من وزير الحكم المحلي زياد البندك، الذي طالبني بالتوقف فوراً، وعدم مواصلة المسيرة، وأن هذا السلوك لا يخدم توجهات حكومة رام الله، ويتعارض مع السياسة العامة التي تهدف إلى تضييق الحصار على حكومة حماس في قطاع غزة، حتى تنفجر الثورة الشعبية في وجه الانقلابيين.
أكدت للوزير أن البلديات خارج إطار المناكفات، وأن البلديات تقدم للمواطنين الخدمات، ولا تميز البلدية في الجباية بين المنتمي لفتح أو المنتمي لحماس، البلدية تقف على الحياد.
ذلك الرد لم يعجب وزير الحكم المحلي، الذي هدد وتوعد، وأغلظ في التحذير، ولكن قبل أن يغلق الهاتف، قلت له: إنني لا أتبع وزير الحكم المحلي في الضفة زياد البندك، ولا أتبع وزير الحكم المحلي في غزة زياد الظاظا، أنا أقوم بما يمليه علي واجبي الوطني.
واصلنا المسيرة حتى أقرب نقطة من الحدود، وأوصلننا رسالتنا الاحتجاجية للإسرائيليين، وعاد جميعنا، وتفرقنا، ولكنني غرقت في بحر من الذهول، وراح موج السؤال يعصف من حولي: لماذا يحدث ذلك؟ لماذا يحاصرون غزة؟ ما السر في هذا التوافق بين وزير الحكم المحلي زياد البندك ومنسق الشئون المدنية في الجيش الإسرائيلي؟.
أربع سنوات وأنا في حيرة، وأفتش عن السر، حتى جاء يوم 29/7/ 2012 فانكشف المستور، ففي ذلك اليوم قام وزير الحكم المحلي زياد البندك بزيارة المعسكر النازي في (أوشفيتز) جنوب بولندا، إنها المرة الأولى التي يزور فيها مسئول فلسطيني موقع يرمز إلى المحرقة اليهودية، لقد وضع الوزير زياد البندك مستشار الرئيس محمود عباس لشئون الأديان باقة ورد على جدار الموت المخصص لليهود، وذرف دمعة حزن، وعاد إلى فلسطين ليدلي بتصريحات نارية عن التمسك بالثوابت الوطنية، وأن العهد هو العهد، والقسم هو القسم.
فما أوثق العلاقة بين حصار غزة وبين الدموع المنهمرة في نهر الأحزان اليهودي!.
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |