بدت عمّان في البرنامج الوثائقي الذي بثته قناة الجزيرة مساء اول امس وكأنها مدينة كافرة بالنعمة وهي تنقسم الى عمانين واحدة شرقية واخرى غربية. وقد استطاع مُعد البرنامج وهو يوزع المشاهد بين احياء عمان الشرقية والاحياء الغربية أن يضع المشاهد في مربع الحقد الطبقي على كل من يقطن في عمّان الغربية. والغريب ان جميع من شاركوا في البرنامج قد وقعوا في الفخ الذي اراده المُعد وعلى رأسهم أمين عمان الذي أكد انه يسكن في عمان الغربية وتحديداً في منطقة دابوق مبرراً للمذيع انه يحب المناطق التي تكتظ بالخضرة والاشجار.

وكان يمكن لمن أعد البرنامج لو تخلى قليلاً عن خبثه الاعلامي أن يتحدث بالصورة الوثائقية عن عمان المدينة النواة التي تكونت على مشارف سيلها وبدت بالتوسع حتى كبرت الاحياء وامتدت وتعدت جبالها السبعة الى احياء بعيدة صار اسمها بالضرورة عمان الغربية وصارت بحكم التطور المالي تمتلك كل هذه الامكانيات في الرفاهية التي من الطبيعي ان تفتقر اليها المناطق القديمة والعتيقة في عمان الشرقية.

في كل دول العالم هناك المدينة النواة "العاصمة" المكتظة بحواريها العتيقة وربما ازقتها الضيقة وكل ما يمكن ان يطلق عليه قاع المدينة وهناك الامتداد الطبيعي للعمران المتطور عن كل ماهو قديم. هذه ظاهرة طبيعية. لكن البرنامج الوثائقي الذي بثته قناة الجزيرة الوثائقية لا يخلو من الخبث والدهاء الاعلاميين ، الذي يريد ان يوضح للمشاهد ان عمان الغربية في ازدهارها وتطورها على حساب دم عمان الشرقية. كان هذا واضحاً في تناوب اللقاء مع المواطن الذي يوزع اللوحات التشكيلية في ردهات بيته وبين العامل الذي يعيش على قوت يومه.

وقد فات المُعد ان احياء كاملة في بعض العواصم العربية على سبيل المثال تحولت الى مكاره صحية بسبب غياب البنية التحتية لهذه الاحياء وان بعض الاحياء كانت في الاصل مقابر تحولت الى مكان للاقامة والسكن ، وان بعض الاحياء تحولت الى وكر للجريمة وتوزيع وتهريب المخدرات.

ولا نعتقد ان عمان الشرقية تتحلى بمثل هذه المكاره الى الدرجة التي تجعل البرنامج يظهرها بهذا الشكل المقيت. ولهذا علينا ونحن نواجه مايكرفون هذه البرامج ان نعي الفخ المعد لنا كي نسيء الى عاصمتنا بهذه الطريقة البلهاء. والتي بالطبع لا تخلو من البراءة.
(الدستور)