واقع القيادات التربوية .. طموح وآمال


من الملاحظ أن معالي الدكتور وليد المعاني وزير التربية والتعليم .. ومنذ استلامه لحقيبة التربية والتعليم.. تبنى نهجا تربوياً إصلاحياً يقوم على التخطيط الاستراتيجي لتحديث التعليم وتطوير البناء الديمقراطي والتوسع في تطبيق اللامركزية.. وتغير بعضاً من القيادات التربوية التي بلغت سن التقاعد .. إذا ما اقتضت الضرورة .. وبما ينسجم مع متطلبات المرحلة القادمة .. فرياح التغيير وإن هبّت على جسم الكيان التربوي فمن المؤمل أن تمنحه التطور والرفعة .. لتشكل حالة صحية سليمة إذا ما أتت أكلها ولبت طموحات المجتمع التربوي الأردني في الارتقاء والنّماء .. فالإدارة الفعالة القادرة على قيادة التغيير .. تشكل حجر الزاوية لتنفيذ خطة إستراتيجية قادرة على التعاطي مع المقتضيات التربوية المهمة .. التي يفرضها الواقع التربوي لأنها تعمل على حشد الطاقات والإمكانات لإنجاز الأهداف الواضحة التي تتحقق من خلالها النهضة التعليمية المرجوة.

إن اللامركزية في اتخاذ القرار التربوي لحاجة ملحة تقتضيها خصوصية المناطق التعليمية بمديرياتها المختلفة المنتشرة في شتى أرجاء الوطن فمن خلالها تنقل الصلاحيات من مستويات اتخاذ القرار إلى مستويات تقديم الخدمة كوسيلة للارتقاء بجودة العملية التعليمية. وذلك يتطلب تنفيذ برنامج لتأهيل القيادات لإعداد كوادر إدارية تربوية مستقبليه تتفهم طبيعة مرحلة التطوير التي يحتاج أن يعيشها النظام التعليمي، على المستوى المركزي واللامركزى، حيث تستهدف هذا البرنامج من هم في مناصب تربوية قيادية والذين تمر من خلالهم آلية تطوير العمل التربوي وممن يتوقع قيادتهم للتغيير في منظومة التعليم الحديث، وحمل لوائها النهضوي المتقدم ..

ولعلنا ندرك تماما أهمية اختيار وتأهيل تلك القيادات بما ينسجم مع ما سبق الإشارة إليه .. إذ لا بد من اختيار تلك القيادات بطريقة متوازنة بعيدا عن المحسوبية .. لأن مصلحة مؤسستنا التربوية هو هدفنا الذي نسعى باستمرار لتحقيقه و أن أي إصلاح في هذه المؤسسة العتيدة لن يكون له المردود المنتظر دون قيادة تربوية واعية لدورها مقتنعة بأهمية النهوض بمؤسساتنا التربوية التعليمية إلى الأفضل .. وتتضح أمامها الأهداف العليا التي تسعى بالمشاركة في تحقيقها .. مؤمنة بأهمية دورها ومقتنعة بقدرتها على خلق واقع جديد وقادرة على العمل الجماعي وتنطلق من قاعدة العمل مرضاةً لله ورفعة للوطن .. وتنحى جانبا مصلحتها الشخصية بل وتبذل كل غالى من جهد ووقت وعلم وتطوير للذات للمشاركة في هدفنا الأسمى والأغلى هو إنقاذ العملية التعليمية وإنعاشها وتطويرها والنهوض بها

ولن يتحقق ذلك إلا إذا أدركنا دور التأهيل في قطاع التعليم إذ أننا نجد أن له دورًا بارزًا في تنمية القيادات التربوية التي تعتبر إحدى وسائل التنمية الإدارية في مجال التعليم، وذلك لأن هذه القيادات في مستويات التنظيم المختلفة هي القادرة على إحداث التجديدات التربوية وأخذ كل ما هو حديث ومتطور من المعارف والاتجاهات التربوية المختلفة، والاستفادة من التكنولوجيا المتطورة _ حاجة العصر _ في رفع كفاءة أدائها، ومواجهة ما قد يتعرض له النظام التربوي من مشكلات.
فالقيادات التربوية لها أثر كبير في تحسين مستوى العملية التعليمية وتطورها،. فمنوط بها توفير مناخ صحي يعمل كل فرد فيه بارتياح وتسود فيه علاقات طيبة ، وتعمل على توفير النظام والاستقرار في مؤسستنا التربوية وإلزام كل فرد فيها على مراعاة القواعد والأصول التربوية، كما أنها تعمل على رفع الروح المعنوية للعاملين وزيادة دافعتيهم وقدرتهم على البذل والعطاء .. وتهيئتها لتنفيذ خطة وطنية تربوية شاملة مستمدة من حضارتنا وتراثنا ومتفهمة لمضامين رسالة عمان المبنية على التسامح والفهم الواضح لمنطق الحياة التربوية المعاصرة.
إن التاريخ المهني للقيادي التربوي له دلالات واضحة على قدرته على التعاطي مع الضرورات التربوية بشكل تربوي ومهني فاعل وباعتقادي أن خبرة القيادي تأتي نتيجة خدمته في الميدان التربوي كمدرس وكمدير وتعرف عن قرب إلى هموم ومشاكل تلك االمسؤوليات .. وكان قد تعاطى مع الحصص الصفية والتحضير اليومي وتخطيط الجدول أو متابعة الغياب والحضور .. بل كل ما يتعلق بالهيئة التدريسية والطلاب ومشاكلهم وهمومهم والمقررات والامتحانات وغيرها، ومع تلك الخبرات التي اكتسبها في فترة سابقة من خدمته يجب كذلك إعادة تأهيله وتدريبيه أثناء الخدمة بشكل مستمر لمواكبة التطورات الحديثة والإطلاع على الاتجاهات العلمية في مجال الإدارة واكتساب المهارات والخبرات التي تسهم في رفع مستوى أدائه وزيادة قدرته على مسايرة أحداث الاتجاهات العالمية لأن ذلك أصبح حاجة ملحة لمواجهة تحديات العولمة، وتحقيق التجديد والتأهيل للمستجدات التربوية.
وللوقوف على أعتاب حقيقة هامة وهي أن القادة التربويون يتفاوتون في معلوماتهم وقدراتهم ومهاراتهم الإدارية، لذا لابد من الارتقاء بمستوياتهم وتحسين أدائهم لتمكينهم من أداء دورهم في قيادة مهامهم على الوجه الأفضل .. حيث نتمنى من وزارة التربية والتعليم أن تسعى إلى رفع كفاءة بعض القيادات التربوية وذلك من خلال العديد من الوسائل والأساليب التي تتناسب مع التطورات والتغيرات التي تحدث من حولنا.. لعل أهمها التدريب المستمر أثنا الخدمة، وذلك بعقد دورات تدريبية متواصلة وبمراحل مختلفة أثناء الخدمة.. بهدف تعزيز دورهم القيادي في شتى مجالات العمل التربوي وبما يتواءم مع روح العصرنه.
فالتدريب أثناء الخدمة لن يعطى ثماره إلا إذا قام على أسس علمية أهمها تحديد الاحتياجات التدريبية الفعلية، وأن يتم تصميم البرامج التدريبية والتخطيط لها بما يتناسب مع هذه الاحتياجات والإمكانات .. بالإضافة إلى استخدام الأساليب والوسائل الحديثة في تنفيذ تلك البرامج والدورات ا.
إن من مظاهر الرقي والسعادة في كل امة من الأمم انتظام الجهاز التربوي والتعليمي فيها اذ أن للادارة التربوية دورا كبيرا ، فالقيادة المؤهلة تأهيلا جيدا تفرض على القائمين عليها درجة عالية من الإعداد والتحصيل والتأصيل بل ان هناك واجبات ومهام كثيرة يطلع بها ،

فلابد أن يكون اختيار القيادات اختيارا دقيقا وواعيا وبعيدا عن المؤثرات السلبية ما أمكن... ولقد لخصت الآية الكريمة
(إن خير من استأجرت القوي الأمين) أهم صفات وسمات ومميزات القائد وخاصة في المجال التربوي، فالقوة شرط أساس لنجاح وصلاح العمل، حيث الضعيف وقليل الخبرة وقاصر التجربة وضعيف التأهيل يضعف العمل، والقوة شاملة لمعانٍ عدة فمن أهم صفات القيادة التربوية الأمانة والعلم الصحيح والعمق والبعد التربوي المناسب فكلام التربوي وحديثه وتوجهه وتوجيهه يجب أن يكون نابعا من معرفة أصيلة لا وبيلة ولا دخيلة ولا هزيلة منطلَقه من علم صحيح مأخوذ من أوثق وأعمق المصادر العلمية.. إذ أن التأهيل الجيد من أهم صفات التربوي الجيد، فالمسؤولية التربوية مسؤولية تشاركيه تفرز مسؤولين مدركين نابهين مهتمين ليظهر ذلك جليا في إداراتهم وحسن أدائهم ومعرفتهم بالجد والحيوية والنشاط فهم إداريون مدربون وتربويون مجربون مشهود لهم بالقدرة والتفوق ..
فهل هناك افتقار إلى العناصر البشرية المؤهلة والمدربة في بعض مديريات التربية وخاصة في مجال العاملين بالمديرات من رؤساء أقسام وحتى إدارات مدرسية. إذ لا يمكن القول أن الوزارة قصرت في عمليه تأهيل القيادات الإدارية والتربوية. فلماذا لا يكون نوع من التنسيق بين وزارة التربية والتعليم وبين بعض الجامعات الأردنية التي تمتلك برامج تدريبية ومتطلبات إعداد وتدريب وتأهيل القيادات على أساس يضمن إفراز جيل من القياديين القادرين على تحمل مسؤولياتهم تجاه مراكزهم القيادية . بل إن الوزارة لديها تزاحماً كبيرا في برامجها التدريبية والتأهيلية والتي تستنفذ الكثير من الطاقات والمخصصات ولكنها لم تأتي أكلها بعد وتبقي في إطارها النظري دون تطبيقها على ارض الواقع
إن نهج التجديد الذي أراده ويريده وسعى ويسعى إلى تطبيقه معالي الوزير وكما تمناه سيد البلاد .. يتطلب وجود قيادات تربوية بديلة للقيادات التي انتهت خدماتها .. تعرف دورها الجديد تربوياً وإداريا بشكل جيد .. وتتعامل مع المعطيات التربوية بشكل بشعر القاعدة التربوية العريضة والمجتمع التربوي الأردني أن هناك تجديد وتغيير وتطوير .. ولكن ما لمسناه في الفترة القريبة الماضية والتي رافقت تعيين قيادات تربوية جديدة أن من حالفه الحظ وتبوأ منصباً قياديا جديداً جاء إلى واقع جديد يتطلب منه الوقوف عليه فترة ليست سهلة ليتمكن من فهمه واستيعابه .. وذلك للضرورات التربوية الملحة .. فيكون إصداره للقرارات ليس سهلا أو متوازناً لأن ذلك يتطلب وقتا كافيا للتعرف على واقع وظيفته ومسؤولياتها .. وبذلك فهم لا يحسدون على مناصبهم الجديدة وأنا متيقن تماما أنهم يصلون الليل بالنهار في العمل في سبيل أن يكونوا على قدر المسؤولية المناطة بهم وهذا يتطلب هدر للوقت والجهد .. فلم لم يكن هناك فترة زمنية كافية للاستلام والتسليم تعطي المجال من خلالها القائد التربوي الجديد تفهم الكثير من مهام وواقع وخصوصية مناطقهم التعليمية من خلال زملائهم المسؤولين السابقين المقالين الذين انتهت فترة خدمتهم والذين ما بين ليلة وضحاها وبسبب إحالتهم على التقاعد المفاجئ ما لبثوا أن جردوا من كل صلاحياتاتهم ومسؤولياتهم وذهبوا أدراجهم حيث لا سائل ولا مسؤول .
مما سبق .. هل يحق لنا القول أن هناك قصور في أداء بعض القيادات التربوية ؟ برغم مشاركتهم في العديد من البرامج والدورات التدريبية التي تنفذها وزارة التربية والتعليم .. وذلك من خلال المشاهدة والملاحظة في أداء معظمهم ، وأنا اعتقد جازماً أن لا ذنب لهم فيه .. فالسياسات التربوية يجب أن تأخذ باعتبارها تمكين قياداتها من القيام بواجباتهم مهنياً على أكمل وجه وذلك باتخاذ القرارات المبنية على أساس تربوي واضح تراعى فيه مصلحة النظام التعليمي واحتياجاته وصقل قدراتهم بما ينسجم مع الضرورات التربوية ... وللحديث بقية
مع بالغ التقدير والاحترام

Fsltyh@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات