حفلات الأعراس بين الامس واليوم


ما كان يميز إحتفالات اعراس الامس، تداعي الرجال والنساء والصبايا والشباب والاطفال اليها بحماس منقطع النظير، علاوة على المشاركة الفاعلة في تفاصيلها التلقائية بلا تكلف ولا تكليف، حيث اللمة والحضور والدبكات الرجالية والنسائية والهجيني والسامر والدحية، لثلاث ليال ملاح. أما في الليلة الكبيرة وهي الثالثة من مساء الخميس، ليلة الجمعة فيزدان الحضور والحبور، بمشاركة الكبار، وعلية القوم من البلدة ذاتها والبلدات المجاورة، حيث تكثر الهدايا والمساهمات. فما بين خروف يماعي يخرج من طنبون سيارة اجرة الى شوال رز تحملة سيارة خاصة، وكيس جميد تحملة مستورة تلبس ثوب الحبر، الى صبية تحمل كيس من الحناء، تجبله بماء الزهر توطئة لحناء العروس، الى صينية لامعة فيها طبق من الحناء في صحن المنيوم تحمله ام العريس على رأسها لحناء العريس، بينما الشباب يرددون "عريسنا عنتر عبس... عنتر عبس عريسنا" على انغام شبابة عذبة او مجوز من القصب ! وعندها يشتد وطيس الدبكات تعمقا واتساعا وتنوعا، بينما أزيز الرصاص من مسدس المختار والبارود العصملي من الذوات وبعض الجند والضباط العاملين والمتقاعدين يدوي، وزغاريد الأمهات والمستورات يملئ المكان، وشاي منتصف الليل المتعتق في الطناجر، يوزع بالتناوب مبتدأ" بأطراف حلقة الجالسين بحب وترحاب وتهلية على الغانمين والدبيكة الشباب والنساء وكل الحاضرين، والقهوة العربية تسكب بعد الشاي إلى فناجين صينية مزكشة على علية القوم. اما يوم الجمعة، يوم الزفة، فتبداء الحفلة على إستحياء قبيل الصلاة، من صبية يتجمعون وشباب صغار ومحاولات للدبكة، اقل من حضورا من دبكة الليلة الفائته، حتى ينادي الموءذن للصلا من يوم الجمعة. وبعد الصلاة يتوافد اهل القرية والقرى المجاورة الى الحضور، لتناول طعام الغداء، وما يعرف الإقرى، وهو عادة من المناسف التي يتم نشرها في ساحة الدبكة الفسيحة او المناسف التي ترسل للبيوت، تكريما للضيوف القادمين والذوات المقدرين من خارج البلدة. وبيعد الغداء، يصار الى زفة العريس من منزل والده الى ساحة عامة رحبة، يتكامل فيها مشهد الفرح البهي بالدبكة والزغاريد واغاني المباركة الشجية من الفلوكلور الاردني الممتد من فلوكلور حوران وبلاد الشام حتي تصل العروس الى منزل العريس، يغادر قبلها الضيوف بعد إداء الواجب والنقوط وما يقال له "دين الرجال على الرجال" ويعلن الشباب بفرح وخفة دم، قرارهم المعلن المعروف ضمنا، وهو "شطبنا عاسم العريس من دفتر العزوبية"، انها اعراس بهية، بهمة الجميع ومشاركة الخلق، يطعم فيها القانع والجائع والمعتر، بمشاركة وجدانية وتكاليف معتدلة يساهم فيها اهل الهمة، كل حسب طاقته، وخلف الله على من اطعم ونقط وبذل، وشكر وابتهل، محبة للنبي العدنان والرسل.
اما اعراس هذه الايام فهي في فنادق وفي صالات، وضيافتها لحوم ليست بلدية ولا اردنية، ولكنها قطعا من لحوم الكرة الارضية، ومشروباتها غازية وغير غازية، وكنافتها ليست نابلسية، وقطع من الكيك ليست من روان كيك ومعظمة يبقى في صحونه حيث يتعفف الناس عن تناوله لعدم قبول ملامحه الاسفنجية، وخوفا من السمنة المفرطة والسكريات الاحادية والثنائية ! وعن الزحمة والضوضاء واصوات الدي جي، وتعذر مواقف السيارات في الشوارع اللصيقة، وإزدحام الاسانسيرات حدث ولا حرج.
في الاعراس الماضية حلت البركة والهناء، وابتعد الناس عن المشاحنة والشقاق، وفي اعراس اليوم كثرت المشاحنات، من جراء الانفاق غير المبرر، والديون واللغط، وكثر الفراق والطلاق ! "حسب السجلات الرسمية" وتستمر الحياة، وكل جيل له اسبابه ومبرراته، ولكن ما علينا الا ان نردد ونقول، بحسن الادارة وسلامة السريرة وحسن التخطيط، وبالشكر تدوم النعم. وقد ينعم النشء او ينقم بما اقترفت يداه وما اتفق مع عروسه عليه، او ما خططه له امه وابيه او امه وابيه القانونيين "إذا صحت الترجمة الحرفية". مع الإعتذار للصالات والفنادق التي تلتزم بتعليمات الفرقاء وتخفض اسعارها تخفيفا على العرسان.



تعليقات القراء

أبو ثامر.
بارك الله فيك يا أبا عمرو ضروري هذه المقالات في هذه الأيام لعل جزء من عادات الماضي يعود .








ن
21-12-2014 08:09 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات