لا بد وأنه قد دُهش السواد الأعظم من المواطنين الذين قرأوا ما كتبه ونشره رئيس مجلس إدارة إحدى الشركات المساهمة العامة في المواقع الألكترونية المختلفة تحت عنوان "برقية الى رئيس هيئة مكافحة الفساد" كون الهيئة قامت بالنشر على موقعها الرسمي وعلى وكالة الأنباء الأردنية (بترا) ومن ثم تناقلته بعض الصحف الورقية والمواقع الصحفية الألكترونية على تحويل رئيس وأعضاء المجلس إلى مدعي عام هيئة مكافحة الفساد لارتكابهم تجاوزات مالية وإدارية وقانونية، مما إعتبره رئيس مجلس الإدارة تشهيراً بشخصه وبمجلسه وبالشركة التي يتولى رئاسة مجلسها، فكانت ردة فعله كبيرة جداً وغير مبررة لدرجة أنه اتهم رئيس مجلس الهيئة بعدم مكافحة الفساد في الأردن وإنما عمل طوال مدة توليه هذه المسؤولية على مكافأة الفساد والمفدسين مما أدى إلى مضاعفة أرقام وأشكال الفساد في الأردن.

هذا الأمر استفزني لإعادة قراءة التقارير السنوية الصادرة عن الهيئة ابتداء من عام 2010 ولغاية عام 2013، والنتيجة المؤكدة كانت كما يلي:

أولاً: لقد تعاملت الهيئة مع 2273 شكوى وإخبار خلال هذه السنوات الأربعة، والملفت للإنتباه بأن عدد الشكاوي التي تعاملت معها الهيئة بلغت 1026 شكوى لعام 2010، لتنخفض إلى 714 شكوى لعام 2011، ولتنخفض إلى 303 شكوى لعام 2012، وانخفضت أيضاً إلى 230 شكوى لعام 2013، وهذا يؤكد أن جهود رئيس وأعضاء مجلس الهيئة وكافة الكادر كانت كبيرة جداً في مكافحة الفساد والمفدسين حتى وصل الأمر إلى تجفيف الكثير من منابع الفساد والنتيجة انخفاض عدد الشكاوي والإخبارات التي تعاملت معها الهيئة خلال السنوات الأربعة الأخيرة والمنتهية في عام 2013.

ثانياً: تشير التقارير السنوية إلى تصنيف الشكاوي والإخبارات التي تعاملت معها الهيئة طيلة السنوات الأربعة الماضية، فتبين بأن الشكاوي والإخبارات المتعلقة بالقطاع العام قد بلغت 844 شكوى لعام 2010 ولتنخفض إلى 141 شكوى لعام 2013، وكذلك بالنسبة للقطاع الخاص فقد بلغت عدد الشكاوي 182 شكوى لعام 2010 ولتنخفض إلى 72 شكوى لعام 2013، وكذلك بالنسبة للأفراد حيث انخفضت عدد الشكاوي الخاصة بالأفراد من 46 شكوى إلى 17 شكوى لعام 2013، هذا يؤكد مرة أخرى الجهود العظيمة المبذولة من قبل الهيئة في مكافحة الفساد والمفدسين خلال السنوات الأربعة الماضية والمنتهية في عام 2013.

ثالثاً: تشير التقارير السنوية إلى تصنيف الشكاوي والإخبارات بحسب نوع التهمة، حيث تراوحت أنواع التهم ما بين 10-12 نوع فقط خلال السنوات الأربعة الماضية، ومن أبرز هذه التهم كانت اساءة استعمال السلطة حيث انخفضت عدد القضايا من 443 قضية لعام 2010 لتصل إلى 31 قضية عام 2013، ومن ثم هدر المال العام حيث انخفضت عدد القضايا من 126 قضية إلى 89 قضية لعام 2012، وكذلك ينطبق على باقي أنواع التهم ومنها الإخلال بواجبات الوظيفة والواسطة والمحسوبية (شبه انتهت) واستثمار الوظيفة والتزوير والمساس في المال العام.

رابعاً: تشير التقارير السنوية بأن الهيئة قامت خلال السنوات الأربعة على إحالة 313 ملف تحقيقي إلى المدعي العام المنتدب لديها، وحفظ 1169 شكوى وإخبار لعدم ثبوت وجود فساد أو لشمولها في العفو العام، وتحويل 54 شكوى إلى الجهات المختصة ذات العلاقة لغايات تصويب الأوضاع وتم تصويبها بناء على طلب الهيئة، وإحالة 7 ملفات تحقيقية إلى محكمة أمن الدولة وثلاثة ملفات إلى مجلس النواب، وباقي الملفات لا زالت قيد التحقيق، بالإضافة إلى ما تم استرداده والمذكور تفاصيله في التقارير السنوية. هذه الأرقام تؤكد الجهد الكبير المبذول من قبل كامل كادر الهيئة وعلى رأسهم معالي رئيس الهيئة في مكافحة الفساد والمفسدين.

خامساً: ما يؤكد الجهود العظيمة المبذولة من قبل الهيئة في مكافحة الفساد والمفسدين هو تقرير منظمة الشفافية الدولية لعام 2014، حيث اعتمدت المنظمة في تقريرها الدولي الأردن في المركز الثالث عربياً متقدماً من المركز السادس لعام 2013، و 55 عالمياُ في مكافحة الفساد للعام 2014 متقدماً من المركز 66 لعام 2013.

من الواضح حجم التقدم الإيجابي والملموس للأردن في مكافحة الفساد العام على المستويين العربي والعالمي، وهذا يؤشر كما قال معالي الباشا سميح بينو على جدية مؤسسات المملكة في قطاعيها العام والخاص ومنها هيئة مكافحة الفساد والجهات الرقابية في محاربة هذه الظاهرة، إضافة للدور الإعلامي الأردني في التعامل مع قضايا الفساد بوعي وايجابية.

يقول رسول الله عليه الصلاة والسلام: (من لم يشكرِ القليلَ لم يشكرِ الكثيرَ، ومن لم يشكرِ الناسَ، لم يشكرِ اللهَ)

فشكراً لمعالي الباشا سميح بينو رئيس هيئة مكافحة الفساد، وشكراً لأعضاء مجلس الهيئة، وشكراً لكل فرد من كادر الهيئة، وشكراً للإعلام الأردني على دوره الإيجابي في مكافحة الفساد والمفسدين وشكراً لكل مواطن أردني يقدم ما يستطيع تقديمه من أجل الأردن.

رائد الجوهري