السَّيْل والفأر


الإيمان يمان والحكمة يمانية، وأهل اليمن أرقّ الناس قلوباً وألينهم أفئدة .. سيدي وتاج راسي سعد بن معاذ منهم وشهيد على أسوار القسطنطينية أبو أيوب الأنصاري منهم والشهيد على ثرى "ليون" جنوب فرنسا السمح بن مالك الخولاني منهم .

الإنسان اليمني عربي قح أصيل، لون عينيه أسود أو عسلي فلا تجد يمنيا بعيون زرقاء لأن العربي بعيون زرقاء جاء من تزاوج العرب الأقحاح مع المسلمين الأعاجم .

الإنسان اليمني حرٌ بطبعه يتحلى بالصفات العربية الحميدة كالكرم والشهامة والشجاعة، لا يقبل الإهانة ولا يصبر على ضيم، أنا إن عشتُ لست أعدم قوتا .. وإذا متُّ لست أعدم قبرا، همتي همة الملوك ونفسي .. نفس حرِ ترى المذلة كفرا.

الإنسان اليمني ثائرٌ كل يوم وكل ساعة، الثورة زاده وشعاره، جسورٌ لا يبالي بالخسارة مهما عظمت في سبيل عزة نفسه وكرامته، يدخل معترك الحرية لا يسأل إلى أين؟ ولا ينظر إلى كم ؟، يعيش عزيزاً أو يموت كريماً ، لا تسقني كأس الحياة بذلة .. بل فاسقني بالعز كأس الحنظلِ.

يقول اليمنيون أن النظام في أية دولة في العالم يشبه سدّنا
"سد مأرب" الذي سميت بسببه اليمن بالبلاد السعيدة فلما كفرت سبأ بأنعم الله وعبدت الشمس من دون الله سلّط الله على السد فأراً يخربه ثم أرسل عليه السيل العرم فهدمه، فتفرق أهل اليمن إلى الجهات الأربع، وقد قيل تفرقت أيدي سبأ .

يقول اليمنيون أن النظام يشبه السّد فإذا فقد النظام العدل قام الفأر الذي هو الحاكم بتخريب النظام فيأتي السيل الذي هو الشعب ليهدم النظام .

قد تجد البعض بحجة ودعوى الأمن والاستقرار يقبل ويرضى بالذل والهوان في ظل حكم الطغاة الجبابرة واستبعاد حكم الله الواحد الديّان، مع أن هذا الأمن والأستقرار المزعوم ليس حقيقياً لأن من سنة الله في الكون أن لا يصمد أمن واستقرار في ظل الظلم والطغيان لأن من طبيعته إحداث الإختلالات في المجتمع بسبب غياب العدل وقهر الناس بالقوة فتظهر الجريمة ويزدهر الفساد فتأتي المعالجات الخاطئة والترقيعات الفاسدة ثم الفوضى والفوضى الإنتقامية ثم الخراب والدمار .. إنها فقط كذبة الأمن والإستقرار، والشعب اليمني ليس من هذا البعض .

يقول اليمنيون أن من أراد السعي لتحقيق الأمن والإستقرار الحقيقي فعليه أن يسعى وإن طال السعي أو كان شائكاً أو شاقا من أجل أن تكون كلمة الله هي العليا وأنِ الحكم إلا لله وإقامة العدل والمساواة بين جميع المسلمين، إذن لا فضل لعربي على عجمي إلا بالتقوى ، ولا فضل ليمني على يمني إلا بالتقوى، أو لعل لا فضل لحوثي على سني إلا بإيران .

أما رجل الإعمال اليمني حميد الأحمر ابن الشيخ عبد الله بن حسين الأحمر رحمة الله عليه فقد التزم سبيل الأساليب السلمية طوال الحقبة الماضية ربما برغبة من أخيه الأكبر الشيخ صادق أو التزاماً منه بسياسة حزب الإصلاح مع أنه يعرف طبيعة الرئيس المخلوع فقد حدث عندما ذكّره الشيخ حميد بضرورة احترام القانون في إحدى القضايا قال له باللهجة اليمنية:" مابش قانون يا حميد .. أنا القانون" .

إن إلتزام أهل السنة بالسلمية في سوريا أغرى بهم بشار الشيعي فأزهق أرواحهم وسلخ جلودهم، والتزام أهل السنة بالسلمية في العراق أغرى بهم المالكي الشيعي فبغى عليهم وقصفهم بالطائرات، والتزام أهل السنة بالسلمية في لبنان أغرى بهم حزب الله الشيعي يحصدهم في طرابلس في الشمال ويحصدهم في عرسال في الشرق.

يقول المثل "المضطر يركب الصعب" وهذا ما جعل أهل السنة في سوريا والعراق ولبنان بقبائلهم وعشائرهم وأبنائهم العسكر يتحالفون مع التنظيمات الجهادية العاملة فيها لرفع الظلم عنهم ولعلهم يستطيعون العودة إلى منازلهم والعيش في ديارهم أمنين .

وحديثاً في اليمن أندفعت الميلشيات الشيعية الحوثية المدعومة بالمال والسلاح من الدولة الشيعية إيران تقصد القبائل السنية وقياداتها الدينية والسياسية وحتى العسكرية قتلاً ثم حرقاً للمدارس ومراكز تحفيظ القرآن الكريم وتفجير المنازل بعد نهبها .

مثلما هرب سنة سوريا والعراق إلى الأردن وتركيا هرب الشيخ حميد الأحمر واللواء علي محسن إلى السعودية بحسب الأخبار المعلنة وقدّم وزير الداخلية "عبده حسين الترب " استقالته احتجاجا على تصرف وزير الدفاع محمد ناصر الحسني الذي حيّد الجيش وسمح للحوثيين بالدخول إلى صنعاء فقتلوا الدكتور محمد المتوكل رحمة الله عليه وعاثوا في صنعاء فسادا وخرابا .

رُب ضارة نافعة يا صنعاء .. لأن اندفاعة الشيعة الحوثيين مع وصول سفن حربية إيرانية إلى خليج عدن لمساعدتهم وتزويدهم بالسلاح جعل القبائل السنية تنتفض وتحمل السلاح وتطلب من أبنائها الجنود في الجيش اليمني الإنشقاق عن وزير الدفاع والإلتحاق بهم، كما أن قطاعات كاملة من الجيش رفضت أوامر وزير الدفاع المتآمر مع الحوثيين مثل اللواء محمود الصبيحي قائد المنطقة الرابعة الذي انحاز للقبائل لصد الحوثيين عن تعز وعدن، وقد وزّع السلاح على القبائل وشكل لجانا شعبية سنية مسلحة.

كما أن القبائل الآن في لواء البيضاء وخاصة مدينة رداع قد تحالفوا مع التنظيمات الجهادية العاملة في اليمن لصد العدوان الشيعي الحوثي .

إن هذا التحالف الجديد بين قطبي الرحى السنيين في اليمن السعيد القبائل اليمنية وأبنائهم العسكر والتنظيمات الجهادية كما حصل في سوريا والعراق ولبنان قد يكون هو السبيل الوحيد لدفع هذا البلاء والخطر الشيعي الحوثي .

لقد أدرك اليمنيون السنة اليوم وهم الأغلبية أنه لا بد لهم من دولة إسلامية قوية سنية خالصة نقية بعيدا عن التشاركات مع أعداء الإسلام والمنافقين التي ثبت فشلها ألف مرة في كل الأقطار الإسلامية .. وهذا ما أدركه متأخراً البطل المجاهد أبو الأحرار محمد محمود الزبيري واستشهد لأجله .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات