هل قضايا الشرق الأوسط قد آلت إلى موسكو وبكين ؟!
أتساءل كمؤسس لهيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي ، هل قضايا الشرق الأوسط قد آلت إلى موسكو وبكين ؟! في حين أن هذا السؤال نطرحه ليس من قبيل التحليل ألاستباقي كما يتصور البعض، لأننا ندرك أن الذهنية العامة على الأقل عند أولئك الذين يدورون حول الفلك الأمريكي ما زالت تحت تأثير ما يسمى بالعرف الإبستمولوجي (عقبة المعرفة الشائعة وممانعة التغيير ) ، على الرغم من أننا ً نعيش فعليا مرحلة التهيئة للتعدد القطبي ، التي تمتاز ـ بمرحلة الفوضى العالمية ـ إلى درجة أستطيع القول فيها أن ما يحدث في الشرق الأوسط يصل إلى حد الإنذار بفوضى عالمية عارمة إن لم تسرع وتسلم أمريكا بحقيقة التعدد القطبي وتجلس كدولة عظمى بعيداً عن ذهنية الأحادية القطبية القديمة ، خاصة وأن الفوضى الشرق أوسطية والعالمية تهدد أمريكا مثلما تهدد روسيا والصين وعلى الأمريكان أن يحسبوا مليار حساب ويخشون من هذه الفوضى المنفلتة من عقالها الدولي ، والتي لا تخدم أمريكا وإن فقدت الأحادية القطبية وإن كانت تخدم دول مثل فرنسا وبضعة دول إقليمية باتت تخشى فقدان المكانة الإقليمية بسبب التعدد القطبي القادم لا محالة ، لهذا تجدها ضمن دائرة الدول التي تراهن على الفوضى لتحسين مكانتها العالمية من خلال ما يسمى إرباك الأقوياء والذي قد يجعلهم يفكرون بالانسحاب من المشهد الدولي بأقل الخسائر، لتجني بعض الدول على شاكلة فرنسا شيئاً حسب اعتقادها .
إلا أن اللافت في الإجابة على هذا السؤال أنه يقودنا إلى توالد أسئلة غاية في الأهمية مثل : إذا سلمت أمريكا بأفول نجم قطبها الواحد وهي تعيش أزمة اقتصادية بالغة الدقة أوصلتها إلى حجم دين عام مقداره 14.94 تريليون دولار، أي بنسبة 99.6% من الناتج الإجمالي في وقت وصل فيه النفوذ الأمريكي إلى حد ضعيف جداً في مواجهة قوى صاعدة كالصين والهند والبرازيل ، والسؤال : هل الدول الصاعدة نحو القطبية جاهزة لاستلام زمام العالم ؟! في الحقيقة أن مؤتمر دول البريكس وبدء تشكيل منظومة اقتصادية – بنكية جديدة (بنك البريكس) وارتفاع حدة ونبرة كل من روسيا والصين قد يجيب على مثل هذه التساؤلات لا بل ويعطينا إشارات قوية على أن الدول جاهزة بحيث لا يدع مجالاً للشك بأن لا عودة إلى الماضي الأمريكي ، إضافة إلى أن ما يحدث في الشرق الأوسط يسرع من وتيرة الإرادات نحو التعدد القطبي ، ولكن ما يجب التنبه له جيداً أن أفول قوى قديمة وظهور قوى جديدة سيهيئ لصراعات إقليمية دامية قد لا تجد طريقاً إلى الحل إلا بعد بلورة النظام العالمي الجديد وإرضاء كل طرف بمكانته وربما تبعيته الجديدة .
ودعونا هنا نتوقف قليلاً عند التغير الحاد في تصريحات الدبلوماسية الأمريكية والتي في تقديرنا المتواضع اضطرت للإعلان عن الانسحاب، ولو اللفظي، من المواجهة مع الصين، في شهر نيسان 2012 من خلال تصريحها ( أن لا حرب باردة بينها وبين الصين) إثر لقاء جمع رئيس مجلس الدولة الصيني مع كوفي أنان ليبلغه أن الصين تعلم أنها مع روسيا أول دولتين في العالم وأن عليه أن ينسق معهما في إشارة بالغة الشدة إلى أن عنان الذي كان شاهداً على عالم القطب الواحد (1991 – مطلع القرن الواحد والعشرين سيكون أيضاً شاهداً على أفول ذلك العالم وأن قضايا شرق الأوسط قد آلت إلى موسكو وبكين !
وفي ذات السياق نجد أن موسكو سارعت للعمل على خطين استراتيجيين الأول التأسيس لقرن روسي – صيني يقوم على أساس النمو الاقتصادي لكتلة شنغهاي من ناحية والسيطرة على منابع الغاز من ناحية أخرى ، و أسست لمشروعين أولهما هو مشروع السيل الجنوبي وثانيهما هو مشروع السيل الشمالي وذلك في مواجهة مشروع أمريكي لاقتناص غاز البحر الأسود وغاز أذربيجان؛ وهو مشروع نابوكو، ما يعني أن هنالك سباق استراتيجي بين مشروعين للسيطرة على أوروبا من ناحية وعلى مصادر الغاز من ناحية أخرى ، وبالطبع كان المفروض أن مشروع نابوكو يسابق المشروعين الروسيين غير أن الأوضاع التقنية قد أخرت المشروع إلى عام 2017 بعد أن كان مقرراً عام 2014، مما جعل السباق محسوماً لصالح روسيا، في هذه المرحلة بالذات ، ما يستدعي البحث عن مناطق دعم رديفة لكل من المشروعين وتتمثل في الغاز الإيراني الذي تصر الولايات المتحدة على أن يكون رديفاً لغاز نابوكو ليمر في خط مواز لغاز جورجيا (وإن أمكن أذربيجان) إلى نقطة التجمع في أرضروم (Erzurum) في تركيا ، وغاز منطقة شرق الأوسط (إسرائيل ولبنان وسورية ) وهذا ما يفسر لنا أمرين الأول يتمثل بغض النظر الأمريكي عن المشروع النووي الإيراني والثاني الأحداث في سورية وعموم المنطقة الشرق أوسطية .
والمتعمق في الشأن الأوسطي يجد أن هنالك قرارات تتخذ بكل جراءة ، وهذه القرارات تثبت لنا بشكل أو بأخر أن قضايا الشرق الأوسط قد آلت إلى موسكو وبكين ، خاصة وأن تلك القرارات كانت في العهد الأمريكي الماضي من المحرمات مثل القرار الذي اتخذته إيران التي وقعت اتفاقياته لنقل الغاز عبر العراق إلى سورية في شهر تموز 2011 والذي جعل من سورية هي بؤرة منطقة التجميع والإنتاج بالتضافر مع الاحتياطي اللبناني، الأمر الذي يفسر لنا حجم الصراع على سورية ولبنان في هذه المرحلة تحديداً ، كما ويفسر لنا التخبط التركي ، حيث تجد تركيا نفسها ضائعة في الصراع العالمي والإقليمي بين الأحادية القطبية القديمة والتعدد القطبي القادم ، سيما وأنها من ناحية فقدت المشروع الأمريكي المتأخر ـ مشروع نابوكو ـ ومن ناحية ثانية هي أصلاً مستبعدة عن مشروعي السيل الشمالي والسيل الجنوبي الروسيين ، وقبل أن نختم لا بد من توضيح مسألة نجد أنها مهمة و تتمثل في أن ألمانيا قد هيأت نفسها لتكون طرفاً وشريكاً للمشروع الروسي، من حيث التأسيس و من حيث مآل الأنبوب الشمالي و من حيث مخازن السيل الجنوبي التي تقع في المحيط الجرماني وتحديداً النمسا ، لكونها تدرك جيداً أن أمن الطاقة في أوروبا بيد الروس ، ومع ذلك يبقى التساؤل عنوان المقالة : هل قضايا الشرق الأوسط قد آلت إلى موسكو وبكين ؟! مفتوحاً لأكثر من إجابة وبطرق متعددة، ووجهات نظر متجددة بتجدد الأوضاع ! خادم الإنسانية
أتساءل كمؤسس لهيئة الدعوة الإنسانية والأمن الإنساني على المستوى العالمي ، هل قضايا الشرق الأوسط قد آلت إلى موسكو وبكين ؟! في حين أن هذا السؤال نطرحه ليس من قبيل التحليل ألاستباقي كما يتصور البعض، لأننا ندرك أن الذهنية العامة على الأقل عند أولئك الذين يدورون حول الفلك الأمريكي ما زالت تحت تأثير ما يسمى بالعرف الإبستمولوجي (عقبة المعرفة الشائعة وممانعة التغيير ) ، على الرغم من أننا ً نعيش فعليا مرحلة التهيئة للتعدد القطبي ، التي تمتاز ـ بمرحلة الفوضى العالمية ـ إلى درجة أستطيع القول فيها أن ما يحدث في الشرق الأوسط يصل إلى حد الإنذار بفوضى عالمية عارمة إن لم تسرع وتسلم أمريكا بحقيقة التعدد القطبي وتجلس كدولة عظمى بعيداً عن ذهنية الأحادية القطبية القديمة ، خاصة وأن الفوضى الشرق أوسطية والعالمية تهدد أمريكا مثلما تهدد روسيا والصين وعلى الأمريكان أن يحسبوا مليار حساب ويخشون من هذه الفوضى المنفلتة من عقالها الدولي ، والتي لا تخدم أمريكا وإن فقدت الأحادية القطبية وإن كانت تخدم دول مثل فرنسا وبضعة دول إقليمية باتت تخشى فقدان المكانة الإقليمية بسبب التعدد القطبي القادم لا محالة ، لهذا تجدها ضمن دائرة الدول التي تراهن على الفوضى لتحسين مكانتها العالمية من خلال ما يسمى إرباك الأقوياء والذي قد يجعلهم يفكرون بالانسحاب من المشهد الدولي بأقل الخسائر، لتجني بعض الدول على شاكلة فرنسا شيئاً حسب اعتقادها .
إلا أن اللافت في الإجابة على هذا السؤال أنه يقودنا إلى توالد أسئلة غاية في الأهمية مثل : إذا سلمت أمريكا بأفول نجم قطبها الواحد وهي تعيش أزمة اقتصادية بالغة الدقة أوصلتها إلى حجم دين عام مقداره 14.94 تريليون دولار، أي بنسبة 99.6% من الناتج الإجمالي في وقت وصل فيه النفوذ الأمريكي إلى حد ضعيف جداً في مواجهة قوى صاعدة كالصين والهند والبرازيل ، والسؤال : هل الدول الصاعدة نحو القطبية جاهزة لاستلام زمام العالم ؟! في الحقيقة أن مؤتمر دول البريكس وبدء تشكيل منظومة اقتصادية – بنكية جديدة (بنك البريكس) وارتفاع حدة ونبرة كل من روسيا والصين قد يجيب على مثل هذه التساؤلات لا بل ويعطينا إشارات قوية على أن الدول جاهزة بحيث لا يدع مجالاً للشك بأن لا عودة إلى الماضي الأمريكي ، إضافة إلى أن ما يحدث في الشرق الأوسط يسرع من وتيرة الإرادات نحو التعدد القطبي ، ولكن ما يجب التنبه له جيداً أن أفول قوى قديمة وظهور قوى جديدة سيهيئ لصراعات إقليمية دامية قد لا تجد طريقاً إلى الحل إلا بعد بلورة النظام العالمي الجديد وإرضاء كل طرف بمكانته وربما تبعيته الجديدة .
ودعونا هنا نتوقف قليلاً عند التغير الحاد في تصريحات الدبلوماسية الأمريكية والتي في تقديرنا المتواضع اضطرت للإعلان عن الانسحاب، ولو اللفظي، من المواجهة مع الصين، في شهر نيسان 2012 من خلال تصريحها ( أن لا حرب باردة بينها وبين الصين) إثر لقاء جمع رئيس مجلس الدولة الصيني مع كوفي أنان ليبلغه أن الصين تعلم أنها مع روسيا أول دولتين في العالم وأن عليه أن ينسق معهما في إشارة بالغة الشدة إلى أن عنان الذي كان شاهداً على عالم القطب الواحد (1991 – مطلع القرن الواحد والعشرين سيكون أيضاً شاهداً على أفول ذلك العالم وأن قضايا شرق الأوسط قد آلت إلى موسكو وبكين !
وفي ذات السياق نجد أن موسكو سارعت للعمل على خطين استراتيجيين الأول التأسيس لقرن روسي – صيني يقوم على أساس النمو الاقتصادي لكتلة شنغهاي من ناحية والسيطرة على منابع الغاز من ناحية أخرى ، و أسست لمشروعين أولهما هو مشروع السيل الجنوبي وثانيهما هو مشروع السيل الشمالي وذلك في مواجهة مشروع أمريكي لاقتناص غاز البحر الأسود وغاز أذربيجان؛ وهو مشروع نابوكو، ما يعني أن هنالك سباق استراتيجي بين مشروعين للسيطرة على أوروبا من ناحية وعلى مصادر الغاز من ناحية أخرى ، وبالطبع كان المفروض أن مشروع نابوكو يسابق المشروعين الروسيين غير أن الأوضاع التقنية قد أخرت المشروع إلى عام 2017 بعد أن كان مقرراً عام 2014، مما جعل السباق محسوماً لصالح روسيا، في هذه المرحلة بالذات ، ما يستدعي البحث عن مناطق دعم رديفة لكل من المشروعين وتتمثل في الغاز الإيراني الذي تصر الولايات المتحدة على أن يكون رديفاً لغاز نابوكو ليمر في خط مواز لغاز جورجيا (وإن أمكن أذربيجان) إلى نقطة التجمع في أرضروم (Erzurum) في تركيا ، وغاز منطقة شرق الأوسط (إسرائيل ولبنان وسورية ) وهذا ما يفسر لنا أمرين الأول يتمثل بغض النظر الأمريكي عن المشروع النووي الإيراني والثاني الأحداث في سورية وعموم المنطقة الشرق أوسطية .
والمتعمق في الشأن الأوسطي يجد أن هنالك قرارات تتخذ بكل جراءة ، وهذه القرارات تثبت لنا بشكل أو بأخر أن قضايا الشرق الأوسط قد آلت إلى موسكو وبكين ، خاصة وأن تلك القرارات كانت في العهد الأمريكي الماضي من المحرمات مثل القرار الذي اتخذته إيران التي وقعت اتفاقياته لنقل الغاز عبر العراق إلى سورية في شهر تموز 2011 والذي جعل من سورية هي بؤرة منطقة التجميع والإنتاج بالتضافر مع الاحتياطي اللبناني، الأمر الذي يفسر لنا حجم الصراع على سورية ولبنان في هذه المرحلة تحديداً ، كما ويفسر لنا التخبط التركي ، حيث تجد تركيا نفسها ضائعة في الصراع العالمي والإقليمي بين الأحادية القطبية القديمة والتعدد القطبي القادم ، سيما وأنها من ناحية فقدت المشروع الأمريكي المتأخر ـ مشروع نابوكو ـ ومن ناحية ثانية هي أصلاً مستبعدة عن مشروعي السيل الشمالي والسيل الجنوبي الروسيين ، وقبل أن نختم لا بد من توضيح مسألة نجد أنها مهمة و تتمثل في أن ألمانيا قد هيأت نفسها لتكون طرفاً وشريكاً للمشروع الروسي، من حيث التأسيس و من حيث مآل الأنبوب الشمالي و من حيث مخازن السيل الجنوبي التي تقع في المحيط الجرماني وتحديداً النمسا ، لكونها تدرك جيداً أن أمن الطاقة في أوروبا بيد الروس ، ومع ذلك يبقى التساؤل عنوان المقالة : هل قضايا الشرق الأوسط قد آلت إلى موسكو وبكين ؟! مفتوحاً لأكثر من إجابة وبطرق متعددة، ووجهات نظر متجددة بتجدد الأوضاع ! خادم الإنسانية
تعليقات القراء
أكتب تعليقا
تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه. - يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع |
|
الاسم : | |
البريد الالكتروني : | |
التعليق : | |