كفاكم نفاقًا ..


هذه الأمة لن تنتصر إذا لم تُغيِّر في استراتيجياتها التي تتبعها ، وأخشى ما أخشاه إن بقينا على ما هو عليه الآن أن يخسفَ الله بنا الأرض ، ويستبدلَ بنا غيرنا ، ثم لا يكونوا أمثالنا ؛ يكونوا غيرنا ؛ فلا يُؤولوا النصوصَ الشرعية حسب أهوائهم ، ولا يصفقوا لظالم خوفًا أو نفاقًا ، ولا يقبلوا مذلةً في دينهم ووطنهم ، ولا يخافوا أحدًا إلّا الله .

ونكذب إن قلنا أننا نؤمن بالله حق الإيمان ، أو حتى نملك أدنى مراتب الإيمان ، فنحن يا سادة ، نخافُ المسؤولَ ، ونرتعد من قول كلمة حقٍ بوجهه ؛ خشيةً على أرزاقنا ، بل ترانا نزداد وقاحةً ؛ فترانا نداهن له تارة ، ونتملق له أخرى ، كل ذلك حرصا على إرضاء رب العمل ، وخوفا من سخطه ، ونتناسى ربَّ ربِّ العمل ، ونغفل عن قدرته ، وكأن المسؤول هو ربنا الرزاق العليم ، والتناقض العجيب الغريب أننا ندعي أن الله هو النافع والضار ، وهو المعطي والمانع ، وأن بيده كل شيء ، هكذا نحن في الرخاء ،

أما في الشدة ، فتتبرأ الأقوال من الأفعال ، ونصبح للبجاحة عنوانا .

قالوا قديمًا : " يا فرعون من فرعنك ؟ " فأجاب : " لم أجد أحدًا يوقفني عند حدي فطغيتُ وأصبحت فرعونا " وما أكثر الفراعنة في العصر الحديث ! فمنهم حكامٌ ، ومنهم مسؤولون من كل شيء إلّا أن يُسألوا ، ومنهم ...

الأمور واضحةٌ كوضوح الشمس في وسط النهار من شهر تموز ، ولا تحتاج إلى دليل ، وواضحة كالقمر في طور البدر ، و عين العرب ( كوباني ) ليست منا ببعيد ، ولا أعلم لماذا نخاف رغم أن الأمر كله بيد الله ؟

مَن يحكمنا ليس منا ، ومَن يُسيِّر أمورنا ويرعاها هو عدونا الأول ، ومَن يُفتي لنا ( ابن حرام مصفى ) ، ومَن يدعونا إلى الالتزام بمعالم الإسلام ليس من الإسلام بشيء ، ولست مقتنعًا بتفسير بعض النصوص الشرعية ، مثل قوله تعالى : " ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة " يفسرها البسطاء وبعض الفقهاء كما يريدون ، رغم عدم قناعتي بما يقولون : لا تهلك نفسك ، ولا تكن واجهة مدفع .

ما أنا مقتنع به أن الإسلام نادى بالحفاظ على الضرورات الخمس وتنحصر في : الدِّينِ ، وَالنَّفْسِ ، وَالنَّسْلِ ، وَالْمَالِ ، والعقل .

وذلك ؛ ليحيا الإنسان حياةً كريمة ، فالضرورات الخمس يا سادة ، مستباحة في عالمنا العربي والإسلامي ، ونعلم أنَّ الدين الإسلامي دينٌ يدعو إلى المحبة والسلام ، لكن ليس على طريقة الذل والعار التي يدعو لها المرجفون في أرجاء المعمورة ، والدعاة الملاعين ، والعلماء المدسوسين ، أيُّ دين هذا الذي يقبل أن يكون معتنقوه عبيدا لغير لله ؟ دماء تسيل منذ الأزل لكنها دماء أهل السنة من المسلمين ، وليست دماء أخرى يا حضرة المفتي والداعي ، وانظر إلى ما حولنا فلا غيوم اليوم لتغطي الشمس بغربالك المهترئ أيها اللعين ، وتم تقسيم الوطن العربي إلى دويلات لا أعترف بها إطلاقا فأنا مسلم الديانة ، عروبي الانتماء ، ولا عنصرية في قاموسي ، والطائفية لها نصيبٌ في حياتي ؛ نظرا لما يُحاك ضدنا .

أي حكمة هذه التي يدعو لها علماء الفتنة والمدسوسين والمرجفون الخائفون من سياط الطغاة ؟ صحيح أن جسدي النحيل لا يقوى على السيّاط ، لكن سيّاط الدنيا ولا سيّاط الآخرة ، لست عالما بالدين لأقول لكم ما هو الطريق الصحيح لتسلكوه ، ولست من دعاة فكر ( داعش ) التي أشكك في أمرها ومنهجها وسرعة تقدمها ، و سر حضورها في الوقت الحاضر ، وكم أتمنى أن تكون ( داعش ) حقيقةً تصب في خدمة ديننا وليس سرابًا أو طُعمًا صنعتها أجهزة العار ؛ لتدمر ما تبقى ما ثروات في عالمنا العربي لأنها أدركت أن الشعوب بدأت تستيقظ من غفوتها .

ولست مقتنعا بفكر الإخوان المسلمين المليء بالويلات تارة ، وبالخيرات أخرى ، ينقصكم أيها الأخوان ، أن ترفضوا السلمية مع مَن يحارب الله وإلّا كنتم وإياهم في محاربة الله شركاء سواء بسواء .

فالأقصى رغم مكانته - أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين - ، ومكة رغم أنها أحب بقاع الأرض إلى الله وأطهرها ، والمدينة المنورة رغم عظمة مكانتها ، لو تم ردمهن ردما لا يزعزعني ذلك ، بقدر ما يقهرني أن تُمسَّ شعرةُ أختٍ لنا في الله هنا أو هناك ، وأن يُعذَّبَ طفلٌ بريء ، و أن يُصلب شيخٌ كبير ، وأن تُراق قطرةُ امرئ مسلم ، وأن تُزهق أرواحٌ بريئة ؛ ليتربع الطغاة على عروشهم وينعموا بها ، فكل ما يحدث من قتل وتدمير وزهق للأرواح ليس عبثًا، بل هو وفق مخطط مرسوم كي نعيش بذل ومهانة .

ينقصنا قليلٌ من الحكمة والوعي والإدراك ؛ لنستوعبَ ما يدور حولنا ، وبكل صراحة نفتقر إلى الإيمان المطلق بالله وقدرته في تصريف الأشياء ، نخاف على رزقنا ، على أروحنا ، على التعذيب من الظلمة ، على ضياع مستقبلنا وهلم جرَّا ، فأين اليقين الذي ندعيه حتى يتحقق النصر ؟ إذا بقينا نفكر بكل خطوة للخروج من عبودية العباد ، لعبادة رب العباد بمستقبل أبنائنا ، وأنفسنا وأموالنا ، وأننا سنُعذَّبُ بالسياط ، حتما سيبقى الطغاة والدعاة والعلماء فوق صدورنا جاثمين ، وبسياطهم لنا يجلدون .

أرجوك أيها المسلم ، لا تستهنْ بنفسك وقدراتك ، فالتغيير يبدأ منك ، ثم يمتد إلى عائلتك ، وعشيرتك ثم يصل إلى المجتمع ، وإن قفزتَ عن عائلتك وعشيرتك بحجة عدم انصياعهم لك ، أو لأن بينك وبينهم عداوة إلى المجتمع لتدعوه ، سامحني على التعبير فأنت زعيم المنافقين في العصر الحديث ، ولا تدعو الناس إلى فضيلة وأنت أبعد ما يكون عنها ، وإن ابتعدت ناسيا فأنت بشرٌ فارجع ولا تخف .




تعليقات القراء

جمال عيسى
مقال رائع جدا ويجسد الواقع ، أكثر الله من أمثالك وجعل قلمك مضيئا بالحق ...
31-10-2014 09:09 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات