هل التعديلات الدستورية تنقلنا من الملكية البرلمانية الرئاسية ؟!


سؤال برسم التأزم السياسي عند بعض الشخصيات نتيجة لتعديلات الدستورية الأخيرة ، والعقد الاجتماعي أو الدستور كما نعرف هو الناظم للعلاقة بين الحاكم والمحكوم ، و الدستور الأردني بتعديلاته المختلفة ابتدءا بالنظام الأساسي لإمارة شرق الأردن عام 1928 ودستور 1946 ودستور 1952 وتعديلاته المختلفة مروراً بتعديلات عام 2011 ، وصولاً إلى تعديلات 2014 ، يحتاج في تقديري المتواضع إلى نظرة متعمقة جوهرية وفاحصة لكي نتمكن من التوقف عند أهم المواد والفقرات التي تحتاج إلى تعديل ، وقبل الدخول في موضوع التعديلات الأخيرة أود الإشارة إلى مطالب الشارع السياسي الإصلاحي الأردني والتي تم تغير بحدود أربعون مادة دستورية من أجلهم ، وبرأيهم لغاية الآن لم تغير هذه التعديلات أهم مفاصل الدستور الذي يبنى بزعمهم على ثلاثة مواد أساسية وهي المواد ( 34، 35،36) والمتعلقة بصلاحيات الملك في حل مجلسي النواب والأعيان وتعيين رئيس الوزراء والوزراء وإقالتهم وتعيين أعضاء مجلس الأعيان ، إذن هذه هي المسألة التي تدور حولها كل المظاهرات السلمية في الأردن والتي كانت وما زالت تطالب في الإصلاح السياسي وإصلاح النظام الأردني من خلال تعديل بعض مواد الدستور التي تستوجب التعديل ، وتأتي التعديلات الأخيرة عبر مشروع تعديل الدستور الأردني لسنة 2014 :المادة 1 - يلغى نص الفقرة 2 من المادة 67 من الدستور ويستعاض عنه بالنص التالي : 2- تنشأ بقانون هيئة مستقلة تدير الانتخابات النيابية والبلدية وأي انتخابات عامة وفقا لأحكام القانون , ولمجلس الوزراء تكليف الهيئة المستقلة بإدارة أي انتخابات أخرى أو الإشراف عليها بناء على طلب الجهة المخولة قانونا بإجراء تلك الانتخابات ، والمادة 2 يلغى نص المادة 127 من الدستور ويستعاض عنه بالنص التالي : المادة 127: 1-تنحصر مهمة الجيش في الدفاع عن الوطن وسلامته .2يبين بقانون نظام الجيش والمخابرات والشرطة والدرك وما لمنتسبيها من الحقوق والواجبات ، 3على الرغم مما ورد في المادة 40 من الدستور، يعين قائد الجيش ومدير المخابرات بقرار من الملك .

في الحقيقة التعديلات الأخيرة تثير الكثير من إشارات الاستفهام والتساؤلات ، سيما وأن التعديلات التي يطالب فيها الشارع السياسي ما زالت لا تلقى أي تجاوب ، وهذا ما يجعل البعض يتصور أن التعديلات الدستورية الأخيرة ستنقلنا من الملكية البرلمانية إلى الملكية الرئاسية !

المشكلة أن المرحلة الحالية والمراحل القادمة تقتضي منا إحداث تغيرات جذرية دستورية وسياسية متفق عليها من كافة الأطراف ، خاصة وأن المبررات لكل السياسات الأردنية التقليدية قد عصفت بها التغيرات في الداخل الأردني والمحيط الإقليمي العربي والدولي ، وفي تقديري المتواضع أنه لا مناص من الحوار للتغير السياسي والدستوري، أخذين بعين الاعتبار أن جل المطالب الدستورية للحراك السياسي تدور حول المواد الرئيسية الثلاث المشار إليها سابقاً، ولكن السؤال الأبرز هنا هل نستطيع الدخول في مغامرة سياسية تعفي الملك من صلاحياته ؟! كيف ولحساب من ؟ هذا هو السؤال الأخطر ؟ نحن لسنا من المصفقين ولسنا من المعارضين ، نحن إنسانيين ، وللتوضيح أكثر ، نحن لا نلهث وراء الدول وإنما تأتي إلينا قصص الدول لكي نقول فيها كلمتنا .

وهنا بوصفي مؤسساً للهيئة الجليلة أتساءل من موقعي الإنساني والأمني على المستوى العالمي : ترى ما الهدف الاستراتيجي للإصلاح في الأردن ؟! لابد أن يكون هنالك هدف إستراتيجي في ذهنية الملك والحراك في آن معاً ، ولا بد من التوافق على هذا الهدف إذا أردنا ديمومة الأردن في شكله ومضمونه الحالي ، لأنه إذا لم يكن هنالك هدف فإن الفوضى والعشوائية هي المصير المحتوم لا سمح الله لهذا البلد الأمين ، والأردن كان وما زال صاحب السبق في السياسة الوسطية والاعتدال في جميع مناحي الحياة، ولهذا لا بد أن نتوصل إلى وفاق قائم على الوسطية بين ما تريده النخبة السياسية الإصلاحية في الحراك من ناحية وبين إرادة الملك من ناحية ثانية ، على أن نضع المصلحة العليا للأردن نصب أعيننا ونقرر، وبناءاً على ذلك نرسم الخارطة الوطنية للإصلاح سواء الدستوري أو السياسي العام ، في وقت تتعاظم فيه التحديات الجسام على الأردن ( المجمع الإنساني الأعظم ) منها داخلية ومنها خارجية ، فالداخلية تتشكل في صورة الإصلاح السياسي المنتظر، والخارجية منها بعضها ما يتعلق بالضغوط على الحدود الأردنية ، إضافة للهجرات التي تزيد من الأعباء السياسية والاقتصادية وعموم مسيرة الإصلاح بشكل عام ، في ظل فوضى فكرية وسياسية عارمة ، لهذا نجد أن لا مناص من الاعتدال والوسطية السياسية كنهج ومنهج أردني تتبناه الحكومة والمعارضة على حد سواء ، حتى لا نضل وتأتي فرق سياسية مأجورة أو غير مأجورة بأشياء غربية ونظريات حديثة يدّعون أنها من الإصلاح السياسي وما هي من الإصلاح بشيء ، أو نبقى عند المعسكر الرجعي المتمسك بالجمود التام لكل القوانين والنصوص القديمة والتي لم تعد تصلح لزماننا ، أولئك الذين يريدون بكلمة حق باطلاً، فهل نحن واعون ، وإذا كنا كذلك فإن المسألة تحتاج إلى خطوات أساسية ومدروسة لا يمكن حرقها أو التجاوز عنها على أن نحدد موعد لكل الخطوات الإصلاحي وننفذه مثل على سبيل المثال لا الحصر ، تحدثنا وتحدث الجميع وعلى رأسنا جلالة الملك عن الحكومة النيابية فماذا حدث ؟! نريد ببساطة متناهية موعد زمني لهذه الحكومة وبالطبع مثل هذا الأمر يحتاج إلى بعض التعديلات الدستورية لتسيير العجلة السياسية على أن تكون التعديلات وسطية ، وبصراحة أكثر أنا شخصياً لا أغامر بصلاحية الملك بيد أشخاص لا أضمن سلوكياتهم ، ودعونا قبل كل شيء نحدد الأولويات هنالك المهم ولكن هنالك الأهم وفي تقديري المتواضع أن قانون الانتخابات هو الأهم في المرحلة الحالية لضمانة مجلس نيابي قادر على حمل جسامة المسؤوليات ولنترك قضية الملكية البرلمانية والملكية الرئاسية ، لأننا نحن من يحدد أي الملكيتين ، سيما وأننا نعيش الملكية الدستورية وإلا لما استطعنا أن نكتب مثل هذا المقال ! خادم الإنسانية




تعليقات القراء

ابن عباد
اقتباس/ (يبين بقانون نظام الجيش والمخابرات والشرطة والدرك وما لمنتسبيها من الحقوق والواجبات ) نهاية الاقتباس،،، ارى ان هذه الفقرة فيها خطأ في الصياغة واللغة اذا كيف يقال يبين بقانون نظام الجيش والخابرات والشرطة والدرك والصيح ان يقال يبين يقانون ما للجيش والمخابرات والشرطة والدرك من حقوق وما عليهم من واجبات اذ ان القانون شيء والنظام شيء فالنظام يصدر عن مجلس الوزراء لترجمة احكام القانون الصادر عن مجلس الامة ومصادقة الملك بعد تقديمة من قبل مجلس الوزراء ؟؟؟
21-08-2014 09:31 AM
نبيل عادل
نحن نعيش المملكية الرئاسية يا دكتور
21-08-2014 10:02 AM
سائد مصلح
أي حكومةبرلمانية وهل حقاً نحن نرتقي إلى البرلمانية ؟ إذا كان الأمر كذلك فأين القانون الإنتخابي
21-08-2014 10:03 AM
وريد فايز
الله يسترنا في هذه البلد
21-08-2014 10:04 AM
نادر الطيب
الوضع مش طبيعي فيه شغلات بتصير مش مفهومه
21-08-2014 10:04 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات