أردوغان المهدي المنتظر لانقاذ العرب من "خيانة" الاردن والسعودية ومصر


جراسا -

خاص - سام صالح - على مدى 12 عاما من وجوده على رأس السلطة في تركيا ، لم تمنع التصريحات النارية لرئيس الوزراء، والمرشح للانتخابات الرئاسية، رجب طيب اردوغان الاعتداءات والجرائم والمجازر الاسرائيلية المتكررة على الشعب الفلسطيني، بل على العكس فقد ارتفعت شهية ووحشية الكيان المحتل في ظل حزب العدالة والتنمية الذي يقوده اردوغان.

كليشيهات يعيد انتاجها اردوغان في كل مرة يشن الكيان الصهيوني هجوما بربريا ارهابيا على قطاع غزة، ودموع تذرف على ضحايا العدوان، واتهامات للعرب بالتواطؤ ضد القضية الفلسطينية وضد المقاومة، ومسرحيات على منصات المؤتمرات الدولية تغلق ستائرها فور توقف الكاميرات عن إلتقاط الصور والتسجيلات للمواقف النضالية العنترية الاردوغانية.

عنتريات نجح اردوغان في كسب تعاطف واعجاب الرأي العام العربي بسببها، حتى بات ينظر اليه على انه صلاح الدين الثاني الذي بسيفه فقط ستحرر فلسطين المحتلة، ولكن ما لا يعرفه كثيرون ان العلاقات التركية الاسرائيلية لم تكن افضل حالا عما هي عليه اليوم في عهد صلاح الدين اردوغان.

يشرح نائب رئيس حزب السعادة التركي حسن بيتماز ، في تصريح نشرته صحيفة' ميللي جازيته' الناطقة بلسان الحزب، المنحدر من أحزاب رئيس الوزراء الرحل نجم الدين أربكان،المرشد الروحي والتاريخي لاردوغان ، كيف وصلت العلاقات التركية الاسرائيلية الى ذروتها في عهد اردوغان، اذ يقول ان التبادل التجاري بين البلدين وصل الى اعلى مستوياته ، كما ان حكومة اردوغان صادقتَ على عضوية إسرائيل في منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية في عام 2010، ولم تقْدم أية حكومة سابقة على مثل هذه الخطوة، أما اخطر ما في الامر هو موافقة اردوغان على بيع نفط إقليم كردستان إلى إسرائيل عبر تركيا.

ويوضح بيتماز كيف سمح اردوغان المتعاطف بالدموع مع المقاومة الفلسطينية ببناء قاعدة رادار 'كوراجيك' الأمريكية في مدينة مالاطيا، وهي التي توفر الحماية لأمن إسرائيل.

ونذكر كيف وعد اردوغان بزيارة قطاع غزة الا انه عوضا عن ذلك زار الكيان المحتل ولم يزر غزة المحاصرة. جعجعة يسمعنا اياها اردوغان في كل حدث جلل يصيب الامتين العربية والاسلامية غير انها جعجعة دون طحن، ومن يرى ان اردوغان قدم للقضية الفلسطينية غير الكلام فليفدنا رحمه الله.

المفارقة أن السيد اردوغان الذي يسوق تجربته على انها النموذج الاكثر ملائمة لقيادة الامة الاسلامية، لم يجرؤ على قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني، او تخفيض حجم التعاون الاقتصادي والعسكري مع العدو المحتل خلال العدوان.

التقية السياسية في خطاب اروغان تجاه القضايا العربية لم تعد اهدافها خافية على احد، وهو ما ألمح له خطاب قائد قيلق القدس التابع للحرس الثوري الايراني اللواء قاسم سليماني الذي حذر فيه من محاولة اختطاف المقاومة والتآمر عليها واستخدامها كورقة "تواليت" من قبل بعض الدول ، وكذلك كان اللقاء السري الذي عقد في سفارة طهران في بيروت ، حضره ممثلون عن حركة حماس والجهاد الاسلامي والسفير الايراني وبحضور السفير الروسي والسوري، لدفع المقاومة قبول المبادرة المصرية كأساس للتفاوض يمكن البناء عليه.

وتتضح الصورة اكثر حين نرصد الهجوم التركي العنيف على الدول العربية كالسعودية والاردن، واتهامها بالتآمر على المقاومة ودعم العدوان الاسرائيلي، في حين لم نسمع طيلة 30 يوما ان السيد اردوغان ترجم اقواله ومشاعره الزائفه لنصرة اهلنا في غزة افعالا على ارض الواقع، فكل ما فعله هو بيع الكلام والكلام فقط.

ضعف الامة العربية لا يعني بأي حال ان نسمح بأن نكون وقودا لنار يوقدها البعض لإلتهام المنطقة، فبعد أن حقق اردوغان أحلامه في سوريا بإنهاكها في حرب طائفية واهلية حين ركب موجة الربيع العربي ، وساهم في تدمير سوريا ( الحاضنة الاولى للمقاومة) واخراجها من معادلة الصراع العربي الصهيوني، فوجدت المقاومة نفسها بين طريقين اما مساندة النظام السوري في صراعه الوجودي، من باب رد الجميل، كما فعل حزب الله اللبناني، أو الانقلاب على الحليف المتهالك والارتماء في حضن حليف اقوى كما فعلت بعض حركات المقاومة الفلسطينية بارتمائها بالحضن التركي والقطري.
 
هوس اردوغان بالسلطة والزعامة، تجسد مؤخرا في تحريضه على الفوضى في كل من الاردن والسعودية، ومن قبلها مصر، لأنه يدرك بأن استقرار تلك الدول سيعيق مشروعه ويلجم هوسه، فلا بد من زعزعة استقرارها والذي يبدأ أولا بالتشكيك في شرعية أنظمتها وتخوينها واتهامها بتحالفها وتواطؤها مع العدو التاريخي والديني للامتين العربية والاسلامية، ومن ثم يطلق الجماعات المتطرفة لتعيث فسادا في المنطقة، حتى يبدو وكأن السيد اردوغان المهدي المنتظر الذي سينتشل الامة من الجهل والارهاب والدمار والاحتلال.

وفي السياق ، شنت صحيفة "يني شفق"، الناطقة باسم اردوغان و"حزب العدالة والتنمية"، هجوما واسعا على الاردن والسعودية ومصر ،وقالت الصحيفة إنا الاردن و السعودية ومصر قدّمت معلومات استخباراتية إلى إسرائيل لمهاجمة غزة. واعتبرت أن قول الملك إن الصمت الدولي على أحداث غزة، جاء بعد صمت الملك 25 يوماً كاملاً، ومنذ بدء العدوان على غزة.

فيما تداولت صحف محسوبة على التيار الاردوغاني، ما قالت انه وثائق لوكالة الامن القومي الامريكية  سربها سنودن ، تزعم أن الاردن والسلطة الفلسطينية قدمتا معلومات عن المقاومة للامريكا ، واستخدمت تلك المعلومات لدعم الكيان الصهيوني في حروبه.

صحيح ان مصر والسعودية وحتى الاردن لا تخفي خصومتها السياسية مع حركة حماس نظرا لانتمائها العضوي لجماعة الاخوان المسلمين التي صنفتها كل من مصر والسعودية على انها منظمة ارهابية، ولكن وبالمقابل، تجلس اليوم المقاومة الفلسطينية وفي مقدمتها حماس على مائدة مصرية للتفاوض مع الكيان على التهدئة، في اطار المبادرة التي دعمتها الاردن والسعودية والامارات، وهي بالمناسبة ذات المبادرة التقليدية والتاريخية لغزة .

في حين ان من تصدر المشهد على انه راعي المقاومة وممثها على طاولة المفاوضات، سمح بابتكار شرط جديد لم يكن واردا لا في المبادرة المصرية ولا حتى في الاهداف العسكرية والسياسية للعدوان على غزة التي اعلنها نتنياهو عند بدء العدوان، وهو نزع سلاح المقاومة الذي خرج فيه المؤتمرون في باريس في مؤتمر غابت عنه فلسطين ومصر والاردن والسعودية وحضرت تركيا وقطر.

بالامس تقدم الاردن بمشروع قرار لمجلس الامن الدولي يدعو فيه لانهاء الحصار وفتح المعابر بشكل دائم، والتزام دولي باعادة اعمار غزة وحماية المدنيين وكان بالاردن ينقل بامانة شروط المقاومة الى مجلس الامن، كما لم يفعل البعض في باريس، فماذ قدم من ذرف دموع التماسيح على المقاومة غير النواح والبكاء والكلام، ظنا منه انه يمهد الطريق امام هوسه بالسلطة وبزعامة المنطقة واستعادة امجاد الخلافة العثمانية.

في المقابل ، تسعى مصر وبدعم سعودي واردني وعربي لدفع المفاوضات غير المباشرة بين الوفد الفلسطيني المشترك والوفد الصهيوني الذي وصل القاهرة مساء امس بعد ساعات على انسحاب قوات الاحتلال من غزة بالتزامن مع وقف اطلاق النار لمدة 72 ساعة الذي بدأ صباح امس، دفعها قدما لتحقيق وقف دائم لاطلاق النار مع تحقيق مكاسب سياسية تعوض التضحيات الكبيرة.

التحول في موقف المقاومة الفلسطينية تجاه تسلم مصر ملف المفاوضات، يمهد لاعادة تموضع حركة حماس واعادة رسم خارطة تحالفاتها الاقليمية وحتى العربية بعد ان تبين لها ان ثمة من كان يطبل لانتصاراتها في النهار ويرقص على جثث الشهداء في المساء.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات