الدمع حين ينطق ، يفوق اللفظ والمنطق !!


يقول أحدهم : والدمع ينطق أحياناً إذا إحتبست *** عن اللسان عبارات وأشياء ومن " عالم الشِعر " وكنوزه .. أبدأ فأقول :

ربما يتكلَّم الإنسان كلاماً قد يقصر أو يطول ، ويُغري الأخرين بلفظه ، وحُسن منطقه ، " وإن يقولوا تسمع لقولهم " ...! لكَّن كلامه هذا قد يكون خالياً من أية مشاعر ، .... الأحاسيس لديه مفقودة ، التعابير في عينيه أقرب للكذب ..!! تقرأ في عينيه ما يناقض قوله ، وإن أوهم الآخرين بغير ذلك ....!!!

وقد يصمت آخر ، صمتاً قد يطول ... ربما ندماً ، أو خجلاً ، أو حُزناً ، أو تعَجُباً لكننا نقرأ في صمته الكثير .! نقرأ الصدق في تعابير وجهه ، نقرأ الحزن من أعماق قلبه ، وقد ترتسم الدمعة في عينيه فتعطي أبلغ الأثر .

. ربما يكون الحُزن الصادق ، خير من الضحِك الكاذب ..!! ولهذا قيل " الذهاب إلى بيوت الترح خير من الذهاب إلى بيوت الفرح .!) فالحزن يُعطي كآبةً في الوجه..! وتعابير في العينين ، سرعان ما تجري عبر قنواتٍ لتصل القلب .! فيخضع لها ذاك القلب ويصلُح ...! ويعتدل مساره ، وتهدأ أساريره ، نعم ... " العين " ما أصدقها من أدآة من خلالها نقرأ تلك الطاقة المنبعثة من القلب نظرة واحدة ، ربما تتحدَّد فيها ، ومن خلالها معالم الإنسان ..! حين تحمل العين في نظراتها " مرارة القلب " .. "وأسى الأيام " " وظلم السنين " " وجَور الأحبَّة " حين تتكلم العين بدون لفظ ينطق به اللسان .! إنها قمَّة البلاغة ، وصدق البيان..!

إنها نفس المشاعر التي تملَّكتْ " يوسف الصديَّق " حين إلتقى بإخوته بعد طول غياب ..! بعد فرقة وجفاء ... لم يتكلَّم يوسف حينها ، ولم ينطق حرفاً بل جمعهم البكاء ...! جمعتهم الدمعة الصادقة " النادمة " ... وبتلك الدمعة " الصامتة " وصدق القلوب ، إلتقى يوسف الصديق بأبيه " يعقوب " ...! ...
أي بلاغة ، وأي كلام ... بتلك الدمعة ، وذاك الصمت ..! إنها بلاغة ربما عجز عنها افصح الخطباء ، وحيرَّت أعتى الأدباء ، وإشتبهت على العقول ...!

وأختم فأقول :ــ لقد أخذنا دروساً كثيرة في المنطق والكلام ، أما آن لنا أن نأخذ درساً واحداً في " حُسن الصمت وصدق الدموع " ونقف لحظة أمام أنفسنا ، بل أمام خالقنا ، ونقول ( ربنا أعطنا ينابيع من الدموع الصادقة ، وجبالاً من الصمت كي نبكي على ما أقترفنا في حياتنا ، نبكي على قسوتنا ، على ذنوبنا ، على أحقادنا عل ما زينَّا ودلسنَّا في كلامنا ، نبكي على تقصيرنا تجاهك )...!!!

إننا محتاجون لذاك الصمت ، وتلك الدمعة ، كي ننقَّي بها نفوسنا وقلوبنا ، كي نتكلم بعدها ونحن واثقون صادقون مما نقول .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات