" الانتخابات والديمقراطية"


ليست مشكلة الديمقراطية مشكلة أشخاص فاسدين ، بل مشكلة نظام. والديمقراطية هي مقدرة ذاتية قابلة للاكتساب بالوعي، وقدرة النفس على التحرر من الخوف ولا ينقص الجماهير إلا التوعية والثقة بالنفس.

والديمقراطية هي سلطة الشعب، سلطة مجموع الشعب وسيادته . وإن جماعية القيادة ليست عاصماً من جموح الفرد فحسب، وإنما هي تأكيد للديمقراطية على أعلى المستويات . وإن الغاية من الديمقراطية هي نقل السلطة إلى الشعب ، وتحرره من القهر الاقتصادي والفقر.

ولا يزال النظام الديمقراطي غاية نسعى إليها ، وقبل أن تتحقق العدالة وتسود الحريات العامة لن يكتمل البناء الديمقراطي . والمقصود بتعبير الديمقراطية هو الحفاظ على الاتجاه الديمقراطي ، والتقدم إليه بخطوات ثابتة.

ويكشف المشهد العربي الرسمي عن استمرار احتكار القرار السياسي وغياب المشاركة الشعبية . مما يعني أن الديمقراطية كما تمارس عربياً هي إطار شكلي من تأليف وإخراج السلطات الحاكمة. ويمكن إجمال السمات الرئيسية للعملية السياسية في معظم الأقطار العربية بأنها قائمة على حرمان القوى السياسية من حقها في تمثيل الشعب والتعبير عن مصالحه.

والديمقراطية بمفهومها التمثيلي الحقيقي ، والحريات العامة وحقوق الانسان هي شروط ضرورية لعمليات التنمية والتحديث ، من حيث إنها توفر الطاقات الانسانية لتنمية ناجحة.

وتمثل الانتخابات بجميع أشكالها التعبير الحقيقي عن ممارسة الديمقراطية ، كما إنها تعبير عن حرية المواطنين ، وعن سيادة الدول التي تذهب لصناديق الاقتراع ليقرر الشعب مستقبله.
كما إن الانتخابات دليل على حيوية الشعوب ، وتحررها وصمودها في وجه التحديات التي تتعرض لها . إن ما جرى بالأمس , وما سيجري لاحقاً من ممارسة الشعوب العربية في بعض الأقطار للذهاب إلى صناديق واختيار المسؤولين الذين سيحكمونها دليل على حيوية هذه الشعوب وعلى وعيها في صنع مستقبلها ومصيرها. أما الأنظمة التي تخلق الأعذار والمبررات غير المقنعة لعدم ممارسة شعوبها لحقها في اختيار حاكميها، فإنما تدل على أنها غير جديرة بالحكم، ولا تتماشى مع الأنظمة الحديثة التي خطت خطوات كبيرة على طريق التطور والتقدم.

إن مستقبل الأمة مرهون بممارستها للديمقراطية الكفيلة بالاصلاح والتحديث ، وبناء المجتمع المدني القائم على التعددية السياسية، والمواطنة الحقة، والعدل والمساواة لكافة أبناء الشعب. وإن أي نظام لا يأتي من خلال صناديق الاقتراع لا يكتسب شرعيته في حكم شعبه ، فالديمقراطية هي التي تنتج الحاكم من خلال انتخاب الشعب له. قال ابراهام لينكولن الرئيس الأمريكي في خطاب له عام 1863:" إن حكومة من الشعب، يختارها الشعب ، من أجل الشعب، يجب ألاّ تزول من على وجه هذه الأرض".

إن جوهر نظرية الديمقراطية يعبر عنه بحكومات تستمد سلطاتها العادلة من رضى المحكومين، من خلال نظام انتخابات يعتمد على الشعب ، وينتج حكاّماً يملكون القدر الأكبر من الحكمة والإدراك ، والقدر الأكبر من الفضيلة لتحقيق الهدف المشترك للمجتمع".

فهل توفر صناديق الاقتراع في الأنظمة العربية للمواطنين حرية الاقتراع ونزاهة سير العملية الانتخابية؟ وهل يقتنع المواطنون بنتائجها ومصداقيتها؟ .
إن مجتمعاتنا العربية لا تزال تعاني من تدخل الأجهزة في عملية التصويت، ولكن القوى الحية مصّرة على ممارسة حقوقها ، لأنها تؤمن أن المستقبل هو من صناعة الشعوب المؤمنة بحقها وحريتها في التعبيرعن إرادتها ، مهما كانت العراقيل والمطبات التي توضع في طريقها .



تعليقات القراء

mimi
كلام جميل ورائع من سيادة النائب وخاصة لما تحدث عن ممارسة الشعوب لعملية الانتخاب"اي نظام لا ياتي من خلال صناديق الاقتراع لا يكتسب شرعيته في حكم شعبه" ولكن اذكر ان الرئيس محمد مرسي قد انتخب من خلال صناديق الاقتراع التي تحدثت عنها في مقالك ومع ذلك اطلقت صيحات الفرح عندما تم الانقلاب عليه....الا ترى انك تنظر الى نفس الموضوع بمنظارين مختلفين...
28-05-2014 09:13 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات