اوكرانيا .. انتخابات فوق الرمال


ساعات معدودات تفصلنا عن ما يسمى الانتخابات "المهزلة" الرئاسية الاوكرانية ، حيث اليوم السبت هو يوم الصمت الانتخابي ، توقفت فيه كافة النشاطات والحملات الانتخابية واتخذت الاجراءات العسكرية والامنية في العاصمة كييف استعدادا للانتخابات المقرر اجراؤها يوم غد الاحد .

ينظر المراقبون الى الانتخابات في هذه الجمهورية السوفياتية السابقة بحذر شديد بين تفاؤل غربي كبير بامكانية اجراءها وتشاؤم محلي وروسي من عدم توفر الظروف الملائمة لاجراء ها .

ففي الوقت الذي تدخل فيه البلاد اليوم دائرة الصمت الانتخابي نرى ان اصوات القذائف وازيز المقاتلات الجوية وهدير الدبابات لا يصمت ولا يهدأ في مناطق جنوب شرق اوكرانيا ، لا تتوقف الحملة العسكرية والحصار المفروض على مدن ومحافظات شرق اوكرانيا ، لم يتوقف القتل وامطار
القرى ومنازل المدنيين في سلافيانسك وماريوبل وكراماتورسك بالصواريخ وقذائف المدفعية الثقيلة .

يتم الاعلان عن انتخابات وتسري الحملات الانتخابية وهي تحمل الشعارات القومية المتطرفة ، حيث غالبية المرشحين وابرزهم يوليا تيموشينكو والملياردير بوروشينكو الملقب بملك الشوكولاته في اوكرانيا ودول اوروبا الشرقية ومعهم يارش زعيم حزب القطاع الايمن وغيرهم كلهم من احفاد النازيين من جيش العصيان الذي اعمل آلة القتل والذبح في رقاب المدنيين الاوكران وقاوموا الجيش السوفياتي ابان الحرب العالمية الثانية وتعاونوا مع الجيش الهتلري ، مرشحو الرئاسة الاوكرانية مثل حزب سفوبودا يعلنون وبوقاحة عن مساواة ستالين مع هتلر ووصل الامر بالبعض منهم القول بأن هتلر كان يريد تحرير اوكرانيا من الشيوعيين، مرشحو الرئاسة المهزلة لا يخفون كرههم لروسيا والشعب الروسي ويطالبون بمنع استخدام اللغة الروسية والتحدث بها حتى للروس المقيمين في اوكرانيا وهو ما يشير الى اعلى مستويات الشوفينية ، مرشحو الرئاسة يعرفهم الشعب بانهم من بارونات البزنس الغير شرعي اثروا على حساب الشعب الاوكراني وثروات اوكرانيا واليوم يسعون لبيع اوكرانيا الارض والشعب للاوروبيين وامريكا مقابل بضعة مليارات .، اما على الجانب الاخر فهناك صورة شعبية مخالفة تماما ، حيث سارعت بعض الاقاليم والجمهوريات مباشرة بعد الانقلاب النازي في الثاني والعشرين من شباط الماضي بالاعلان عن خروجها عن طاعة الطغمة المنصبة اميركيا في كييف وسلكت طريق الاستفتاء الشعبي في شبه جزيرة القرم والتصويت بالعودة الى الوطن الام روسيا لتصبح جمهورية ضمن الاتحاد الروسي ، اما في الشرق فحذت بعض المحافظات حذو القرم وتم الاعلان عن قيام جمهورية دانيتسك الشعبية ولوغانسك الشعبية بالاضافة الى خاركوف وماريوبل واديسا ومحافظات اخرى في طريقها للانضمام لهذه الجمهورية التي سميت نوفوروس اي روسيا الجديدة حيث غالبية سكانها من الروس حوالي 15مليون نسمة من اصل 45 مليون سكان اوكرانيا غالبيتهم ليسوا اوكرانيين . هنا في هذه المحافظات والجمهوريات لن تجري الانتخابات حتما فالحصار والانفصال يشكلان العائق وفي القرم استحالة كونها اراض روسية وهناك مليونين ونصف ، اضف الى ذلك اعمال العنف والشغب التي تشهدها باقي المدن الاوكرانية وانسحابات بعض المرشحين مثل الشيوعي سيمونينكو من سباق الرئاسة والانقسامات بين الحلفاء انفسهم حول اولوية الرئاسة واخيرا القرار الاميركي المتحكم بمصير المترشحين وما سيخلفه من اتساع الهوة بين اقكاب المعادلة الانقلابية تماما كما حصل بين تيموشينكو ويوشينكو في العام 2004 .

هذه الصورة التي تشكل المشهد السياسي في اوكرانيا عشية الانتخابات الرئاسية والتي لا يمكن وصفها الا كمن يقف على جبل من الرمال الساخنة تداهمها مياه البحر لا تبعث على الاطمئنان بقدر ما تبعث على القلق كون البلاد تعيش حربا اهلية بامتياز ولا تبشر باي حال من الاحوال بامكانية انتخاب رئيس شرعي للبلاد بالرغم من الاصرار الغربي للتعجل بعملية الانتخاب ، في حين اعلنت موسكو على لسان الرئيس فلاديمير بوتين امس في المنتدى الاقتصادي في بطرسبورغ عن احترامها لاارادة الشعب الاوكراني وحذرا من حرب اهلية تعقب التصويت. المراقب الحيادي يرى بانه من غير الممكن ان لم يكن استحالة اجراء الانتخابات وسط العاصفة التي تترنح فيها اوكرانيا اليوم والنتائج ستكون مهزلة في تاريخ الانتخابات الرئاسية ولكن ستعترف بها امريكا والغرب وسنرى ما بعد الانتخابات اي منقلب ستؤول اليه الاوضاع في اوكرانيا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات