إذ نظلم الشعوب


عندما كنت أسمع كلمة سيريلانكا ,كان يتبادر الى ذهني العماله البيتيه الرخيصه, وأذكر ان الرواتب التي كانت تعطى في ثمانينيات القرن المنصرم والتسعينيات كانت حوالي ال75 دولار شهرياً, لكن بالأمس عدتُ من هناك أحمل فكراً مغايراً عن هذا البلد الأنموذج, وطيبة أهله.. عن شوارع كولومبو النظيفه, والأشجار المعمّره والتي قد يصل عمر الكثير منها اكثر من خمسماية عام..البلد لا يملك الموارد غير عطاء ابناءه وإصرارهم على تحقيق الانجازات. لقد اُستقبلنا بقلائد الورد والابتسامات..وحملنا الباص الى منتجع يبعد حوالي الثلاث ساعات عن العاصمه لنجاور البحر ولنستمتع بالأمواج العاليه ولكن اثناء مسيرنا على الطريق السريع فوجئت بحجم الانجاز ورتابة الطريق والاستراحات الجميله والنظيفه,,اما خُضرة السهول والجبال وكأنها لوحه جميله رسمتها يد فنان فأبدع خلط الألوان,,وفي المراعي تشاهد افواج الابقار والفيله في حدائق غنّاء يستمتع واياها الاطفال.

ما ان ننتقل من الطريق السريع الى الطرق الفرعيه التي ترتبط بالقرى والتجمعات السكنيه من خلال شبكة طرق محترمه ونظيفه ومخططه باللونين الابيض والاصفر واماكن ومحطات الباصات,, كنت اتمنى مشاهدة حفره او مطب او ما شابه, واكثر ما لفت انتباهي خلال الاسبوع الذي قضيناه لم اشاهد ولو حادث سير واحد برغم ان مستعملي الطرق من الحافلات الكبيره والسيارات الصغيره وسيارات التُك تُك وكثافة البشر اضافةً للدراجات والتي هي واسطة نقل شائعه...فمن يحترم النظام ويطبقه هو بذره نظيفه لمستقبل وطن.

اما الغطاء النباتي الذي يمتلكون فهو من الاعجاز ما يبهر البصر,, فسيقان الاشجار في اعالي الجبال وعلى جنبات الطرق يدلل على انها حديثه برغم ارتفاعها الشاهق.. بمعنى انها زرعت منذ ما لا يزيد عن العشرة اعوام ليس اكثروهذا برهان على انتماء الانسان هناك وولاءه لوطنه..كما ان الاشجار برغم كثرتها لها قدسيه ,فعلى مدخل الفندق حيث أقمنا والطريق المؤدي اليه بضع شجرات قديمه وليست بالمعمره كما اسلفت ولكن تحمل رقماً على جانبها كانت تتوسط الطريق المؤدي ولو كانت عندنا لما بقيت لكن لم تُقلع وكان السائق يحاور اثناء الدخول والخروج حتى لا يؤذيها, وبالمناسبه لديهم كفاءات خلوقه ومؤدبه يمتهنون ويجيدون المهنه.

ذهبنا في رحلات تجوال داخل العاصمه لكن لفت انتباهي عند وصولنا الى المطار لوحه كبيره تحمل صوره لميناء كولومبو,, لم نزره وقبل عودتنا ذهبنا وكوكبه من الاطباء الاردنيين وزوجاتنا لزيارة المنطقه الحديثه من كولومبو حتى ذهلنا لما رأينا من حداثه وتطور وجمال,,فالبرلمان السيريلانكي يقع وسط بحيره كبيره تحيط به الاشجار الوارفه والطرقات الجميله والسريعه المكسوه بالخضرة والورود..ناهيك عن احترام الشعب هناك لموروثهم الثقافي والحضاري واعتزازهم به..قد لا تسعفني هذه العجاله لأصف طيبة الشعب وبساطته وحسن لقياه,,لكن قبل ان انهي حتى لا يفوتني ان اذكر اطباقهم الشهيه وتنوعها والغالبيه منها بحريه تطهى امامنا ولا تحتاج سوى ان تطلب من الشيف تحضير كذا او كذا..حقاً إنهم يستحقون هذا البلد الجميل.

ذهبنا في رحلات عده لحديقة الحيوانات هناك وهي من اكبرها في اسيا وشاهدنا ما لا نعرفه حتى,, واشتبكت والأسد في حوار جعله يزأر ويرشقني بذيله بالماء..ضحكنا وضحك من رافقنا والبعض سجّل حواري معه بالكاميرا,, كما ذهبنا في رحله نهريه بالقارب وجاورنا التماسيح وحملت صغيرهم بيدي وحملت زوجتي قرداً صغيراً يقضم شيئاً,,وزرنا جزيرة شجر القرفه وكيفية استخراجه..كانت من العُمر..حقاً.

قبل ان انهي لا زال في خيالي او ذاكرتي تلك الكلمات التي قالها المرافق السياحي السيريلانكي والذي يجيد سبع لغات,, انتم رأس مالنا,,وما ستنقولونه عنا لأهليكم واصحابكم هو ما نملكه لا الفلوس في البنوك,, فزيارتكم لنا انفقت على العديد من الأُسر السيريلانكيه في المول وفي المطعم وفي وسائط النقل والفندق.. أتمنى ان تنقلوا عنا كل الخير لشعوبكم لتستمر مسيرة العطاء في بناء وطننا..كلمات كانت ممزوجه بعشق الوطن ونظافة سريرة ابناءه.. لن ننسى ابتساماتكم,, وكم اتمنى ان نصبح او نسير على خطاهم فالاوطان تحتاج الى كل حبة عرق من ابناءها البرره لبناءها لا الى الايدي الوسخه التي تهدم ما بناه الأوائل..ودمتم



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات