الأخ والعدو: لغة واحدة


صدمة شديدة تلك التي أصابتني وأنا أستمع وأشاهد برمامجاً حوارياً بثته قناة الجزيرة الإخبارية حول حصار غزة المزدوج – العربي والصهيوني على حد سواء، تحدثت فيه شخصيتان معروفتان من كل من مصر والكيان الصهيوني، ولا أجد ضرورة لذكر اسمائهما، لأنهما توحدا في صوت واحد ولغة واحدة، فاختلط الأمر علي، فأصبح من الصعوبة بمكان التمييز بينهما، وبين ما هو صهيوني وبين ما هو \"عربي\".

ما يبعث الأسى في النفس أن ترى متحدثين يُفترض أنهما على طرفي نقيض، وأنهما أعداء لبعضهما البعض، لأن الأول منهما غاصب قاتل محتل، والأخر ضحية للاغتصاب والقتل والاحتلال على مدى عقود من الزمن، بل على مدى التاريخ، تراهما يتحدثان بلغة واحدة حول \"ما تشكله حماس من خطر على الأمن الصهيوني والأمن القومي المصري على حد سواء\".

لا يمكن لعربي، مسلم كان أم مسيحي، أن يصدق أذنيه وهو يستمع إلى الشخصية العسكرية المصرية وهو يبرر حصار غزة وإغلاق المعابر من الجانبين المصري والصهيوني حتى أمام الحالات الإنسانية، وكأنه تحول إلى ناطق رسمي مشترك بين الطرفين المتحالفين، متذرعاً بأن حماس تشكل خطراً داهما على الشعب المصري والأمن القومي المصري، وهو موقف متطابق تماماً مع الموقف الصهيوني، بحيث أصبحت حماس، وفق المتحدثين، عدواً مشتركاً، وبالتالي خطراً مشتركاً لا بد من وأده في مهده وإنهائه، حتى لو وصل الأمر إلى احتلال غزة بالتعاون بين الطرفين احتلالاً عسكرياً والقضاء على \"بؤر الإرهاب\" وإعادتها إلى حظيرة الطاعة والاستسلام.

الهدف من وراء ذلك واضح لا يخفى على أحد في الوطن العربي من أقصاه إلى أقصاه، وهو شيطنة كل من يفكر، مجرد التفكير، بالمقاومة ضد العدو الصهيوني، وما يحصل في الوطن العربي، خصوصاً مصر، من قتل واعتقال وتعذيب واتهامات ومحاكمات لكل الذين لا يطأطئون الرؤوس أما الإملاءات الأمريكية الصهيونية وشروطهم، إلا شاهد ودليل على أن العدو قد حقق أهدافه حين خطط ليكون عملاؤه على سدة الحكم في أرجاء مختلفة من الوطن العربي، ليتحقق للعدو الصهيوني ما لم يكن يحلم به من قبل.




تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات