غسان كنفاني .. في الذكرى السابعة والثلاثين على استشهاده .. لماذا لم يطرقوا جدران الخزان ؟!


جراسا -

خاص- رائده الشلالفه - لماذا لم يطرقوا جدران الخزان، ولماذا آثر أبطال غسان كنفاني في روايته الملحمية "رجال تحت الشمس" الموت في فضاء اسود فيما هم داخل خزان "صهريج أبا الخيزران في طريق تهريبهم الى دولة خليجية، لماذا لم يطرقوا جدران الخزان فيما الموت يعتصر آخر أنفاسهم، اليس للروح وقعا مدويا ان تربص بها الموت ؟؟

تأخر أبو الخيزران عن ابطال غسان مع رجال الحدود الذين ساوموه طويلا وسألوه عن غانيات الليل، في الوقت نفسه الذي كانت أنفاس الرجال الثلاثة تصارع نحو البقاء .

ماذا كان يريد كنفاني ايصاله عبر ذلك المشهد الروائي المؤلم الذي التصق بالمخيلة الروائية للثائر الفلسطيني الرافض القمع والهوان والباحث عن مساحات الحرية في تضاريس دنيا لم تعترف به إزاء وطأة الخذلان العربي للفسلطيني.


في الذكرى السابعة والثلاثين لاستشهاده تباغتنا عوالم الغياب القسري الذي أودى بحياة غسان كنفاني بعد ان طالته يد الموساد الاسرائيلي الاسود التي تربصت به صبيحة  يوم السبت 8/7/1972 بعد أن انفجرت عبوات ناسفة كانت قد وضعت في سيارته تحت منزله مما أدى إلى استشهاده مع إبنة شقيقته لميس حسين نجم 17 سنة.

باستشهاد كنفاني  "صاحب "موت سرير رقم 12 " ، تناثر زهر "أرض البرتقال الحزين" وغطى تلافيف الذاكرى العربية بروائع ادبية روائية لا زالت ماثلة الى الان في المشهد الروائي العربي وان كنا لا نغفل ما سجله الجميل الراحل كنفاني من أثر على المدونة الروائية العربية المعاصرة، استطاع خلاله إضافة عناوين عريضة للأدب المقاوم والذي نجح عبره من رصد واقع الفلسطيني على ارضه وفي الشتات، ولا عجب وكنفاني عايش الشتات والهجرة، تماما كما عايش مجاميع لخذلانات عربية للصميم الفلسطيني في قضيته المقدسة.


وكأنما كنفاني وباستشهاده كان قد استشعر مسبقا بان هذا العالم بانظمته وقياداته التي تحكمها التبعية الغربية البغيضة، كأنما يحدث بحال تنبأ به ورصده خلال عمله الروائي "عالم ليس لنا" .. نعم ايها الجميل .. عالم ليس لنا، وقد صمد الحجر الفلسطيني  وحيدا أمام الآلة العسكرية الصهيونية بمباركة غربية وعربية على حد سواء.

 

 

وُلد ابن البرتقال الحزين غسان كنفاني في عكا المدينة الفلسطينية التي تحفل بماض ٍ عريق وطبيعة ٍ ساحلية ٍ خلابة وفي عام 1948


أجبر مع عائلته على النزوح، فعاش في سوريا كلاجئ فلسطيني ثم في لبنان وحصل على الجنسية اللبنانية .

عمل في التدريس ,كما عمل الصحافة .. أسس مجلة " الهدف " . قضى كنفاني عمره أديباً ملتزماً يكتب للوطن ينسج من الأحرف رصاصات ٍ يوجهها في عمق الكيان المحتل حتى شكّل وجوده خطراً عليهم , اغتالوه بأيد ٍ آثمة وذلك بأن وُضعت عبوات ناسفة في سيارته تحت منزله بطريقة ٍ وحشية أدّت إلى استشهاده مع ابنة شقيقه 17 سنة .. فكانت حياته لهم موت وموته له حياة .

.. ظنّوا أنهم بذلك قتلوا كنفاني ..... هم لا يدركون أن أحرف كنفاني تعيش بداخلنا كلّ حرف ٍ ينبض بنبضه يذكّرنا به ..... يذكّرنا بالوطن ..... يذكّرنا بالعودة مهما طال مداها
فى أوائل ثورة الـ 58 بالعراق أيام حكم عبد الكريم قاسم زار غسان العراق ورأى بحسه الصادق انحراف النظام فعاد وكتب عن ذلك بتوقيع "أبو العز" مهاجما العراق فقامت قيامة الأنظمة المتحررة ضده إلى أن ظهر لهم انحراف الحكم فعلا فكانوا أول من هنأوه على ذلك مسجلين سبقه في كتاب خاص بذلك.

بعد أن استلم رئاسة تحرير جريدة "المحرر" اليومية استحدث صفحة للتعليقات السياسية الجادة وكانت على ما أذكر الصفحة الخامسة وكان يحررها هو وآخرون.ومنذ سنة تقريبا استحدثت إحدى كبريات الصحف اليومية فى بيروت صفحة مماثلة وكتب من كتب وأحدهم أستاذ صحافة فى الجامعة الأميركية كتبوا في تقريظ هذه الصفحة وساءني أن يجهل حتى المختصون بالصحافة أن غسان قام بهذه التجربة منذ سنوات.

لا أحد يجهل أن غسان كنفاني هو أول من كتب عن شعراء المقاومة ونشر لهم وتحدث عن أشعارهم وعن أزجالهم الشعبية فى الفترات الأولى لتعريف العالم العربي على شعر المقاومة، لم تخل مقالة كتبت عنهم من معلومات كتبها غسان وأصبحت محاضرته عنهم ومن ثم كتابه عن "شعراء الأرض المحتلة" مرجعا مقررا فى عدد من الجامعات وكذلك مرجعا للدارسين.

الدراسة الوحيدة الجادة عن الأدب الصهيونى كانت لغسان ونشرتها مؤسسة الأبحاث بعنوان "في الأدب الصهيوني". أشهر الصحافيين العرب يكتب الآن عن حالة اللا سلم واللا حرب ولو عدنا قليلا إلى الأشهر التى تلت حرب حزيران 67 وتابعنا تعليقات غسان السياسية فى تلك الفترة لوجدناه يتحدث عن حالة اللا سلم واللا حرب أى قبل سنوات من الاكتشاف الأخير الذى تحدثت عنه الصحافة العربية والأجنبية.

إننا نحتاج إلى وقت طويل قبل أن نستوعب الطاقات والمواهب التى كان يتمتع بها غسان كنفاني. هل نتحدث عن صداقاته ونقول أنه لم يكن له عدو شخصي ولا في أى وقت وأي ظرف أم نتحدث عن تواضعه وهو الرائد الذى لم يكن يهمه سوى الإخلاص لعمله وقضيته أم نتحدث عن تضحيته وعفة يده وهو الذى عرضت عليه الألوف والملايين ورفضها بينما كان يستدين العشرة ليرات من زملائه.ماذا نقول وقد خسرناه ونحن أشد ما نكون فى حاجة إليه، إلى إيمانه وإخلاصه واستمراره على مدى سنوات في الوقت الذى تسا

كان غسان شعباً في رجل، كان قضية، كان وطناً، ولا يمكن أن نستعيده إلا إذا استعدنا الوطن.

عمل فى الصحف والمجلات العربية التالية:

*

عضو في أسرة تحرير مجلة "الرأى" في دمشق.
*

عضو في أسرة تحرير مجلة "الحرية" فى بيروت
*

رئيس تحرير جريدة "المحرر" في بيروت.
*

رئيس تحرير "فلسطين" في جريدة المحرر.
*

رئيس تحرير ملحق "الأنوار" في بيروت.
*

صاحب ورئيس تحرير "الهدف" في بيروت.

كما كان غسان كنفاني فنانا مرهف الحس، صمم العديد من ملصقات الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، كما رسم العديد من اللوحات.

من مؤلفات الشهيد:

قصص ومسرحيات:

موت سرير رقم 12.

أرض البرتقال الحزين.

رجال في الشمس - قصة فيلم "المخدوعون".

الباب (مسرحية).

عالم ليس لنا.

ما تبقى لكم (قصة فيلم السكين).

عن الرجال والبنادق.

أم سعد.

عائد إلي حيفا

بحوث أدبية:

أدب المقامة في فلسطين المحتلة.

الأدب العربي المقاوم في ظل الاحتلال.

في الأدب الصهيوني

مؤلفات سياسية:

المقاومة الفلسطينية ومعضلاتها.

مجموعة كبيرة من الدراسات والمقالات التي تعالج جوانب معينة من تاريخ النضال الفلسطيني وحركة التحرر الوطني العربية (سياسياً وفكرياً وتنظيميا).

 



تعليقات القراء

القنفذ
تعود الذكري لتأتي من حيث ذهبت، تحضر بيننا وتنظر في عيوننا فتجد في بياضها سوادا أشبه بسواد المرحلة، ولا تجد في حقول ذاكرتنا المثقلة بالزرع الصناعي وبالكيماويات المستوردة من برتقال بلادها الحزين سوي تأتآت التائهين علي دروب الآلام السلمية، وتسمع مع ذكراهم قهقهات الذين لا يهمهم من الوطن سوي جيوبهم،وعلي الجانب الآخر تهدر قرقعة البطون الفارغة، بطون الجياع من شعب الشهداء والعطاء.. ولا تسمع القرقعة عند أصحاب الواقعية الفارغة والعقلانية الدارعة، بل تسمع في مخيمات الجوع حيث العطاء والفداء والإبداع، فالجوع العقائدي موجود في الأمكنة التي لا وجود فيها للسماسرة وتجار الوطن، فتلك الأمكنة مسلحة باسمنت فلسطيني وطني متين، ولا تقبل بالاسمنت الذي يستورد من وحي كمب ديفيد لبناء جدار بينها وبين فلسطين التي ترفض نتاج ونتائج كمب ديفيد السابق واللاحق. هؤلاء هم يا غسان أبناء الوطن المثخن بالجراح، وطنك البرتقالي الدماء والدموع، أما أصحاب البطون المكورة والمدورة، فلا مكان لهم في بالنا وهم ابعد ما يكونون عن حدودك يا غساننا وعن حزن اطفالنا.


يسألنا غسان العائد إلي حيفا وكل فلسطين:

أين أصبحت أم سعد ؟

آه يا غسان ! أم سعد فقدت السعد والسعادة وبعض أبناء جلدتها الذين صاروا من عبيد امريكا وعبدة الكاميرات والسفر علي أفضل الطائرات، وفقدت كذلك العرب والعاربة والأجانب ولم يعد لها سوي الدعاء لله في دور العبادة، والترحم علي دلال وعندليب وريم وهنادي ووفاء، إذ لم يعد هناك في بلادنا فرق في الشهادة وفن الاستشهاد بين الرجل والمرأة والفتاة والشاب...

هل أعدتم للحياة السرير رقم 12 ؟

لا ! لكننا أصبحنا كلنا نعيش في سرير كيان عابر، وعلي فراش فوق ارض ثابتة لا تغور عن الدنيا ولا تغوص في الوحل.. أصبحنا بلحمنا الذي لا يقبل التقطيع ولا يعرف سوي الجزارين، قضية يريدونها في موت سريري، لكن رغم هذا لا يمكنهم سلخنا عن جلودنا، فنحن من صنع السرير، الفراش فراشنا، أما العابرون علي شوارعنا فلا مكان لهم بيننا،حيث حياتهم ليست ملكهم وحياة سريرنا الثاني عشر ملكنا وحدنا..

هل لا زالت الأرض مثل برتقالها حزينة ؟

نعم يا غسان ان الأرض أصبحت أكثر حزنا مما كانت يوم كنت مازلت ترسمها بريشة قلبك وحبر حياتك، ويوم كانت تقول لك ولراشد حسين : أنا الأرض فلا تحرموني المطر.. برتقالها صار أكثر كآبة وأقل عصيرا... لقد عصروا برتقالنا وامتصوا دمنا ونهبوا حقوقنا وسرقوا بلدنا وجاء منا من يوقع لهم علي صك براءة، فسافر بعض أبناء ارض البرتقال الحزين إلي ارض جنيف البعيدة، حيث قرروا هناك تكملة تجارتهم بما تبقي من أرض البرتقال أو تجربة عبقريتهم السلمية عبر شم رائحة الوعود من بعض أبالسة يسار اليهود..

هل مازال العالم ليس لنا ؟

هذا سؤال مهم وصعب يا رفيق الدروب الوعرة، العالم منقسم علي نفسه، منه من هو معنا ولا يفهمنا، ومنه من هو ضدنا ولا يريد فهمنا ولا يبدي استعدادا لفهمنا، ومنه من هو معنا لأن الحق معنا والحقيقة معنا والعدالة تنقصنا ورحمة ذوي القربة. العالم يا غسان لنا ولهم وعلينا وليس حتي النهاية معهم ومعنا وليس عليهم حتي النهاية.. العالم مازال رهينة المحارق والتاريخ والإعلام المضاد، ورغم هذا استطعنا إحداث ثقب كبير في جدار الخزان، فتمكن الكثيرون من سماع صوتنا ومن هؤلاء بعض ممن كانوا لا يسمعون أو لا يريدون الاستماع...

ماذا عن الرجال والبنادق؟

هؤلاء أصبحوا أنواعا وأصنافا، منهم من باع البارودة واستورد بدلا منها سيارة أمريكية أو أوروبية، ومنهم من تمسك ببارودته ودأب علي صيانتها خوفا من الأيام القادمة، وهؤلاء هم الذين حموا شعبهم يوم قرر الاحتلال تصفية حساباته مع الشعب علي طريقته المعروفة. لم يعد هناك الكثير من رجال جمهورية المنفي الثورية، وبعض الذين قادوا النضال من منافي الثورة أصبحوا أقرب الناس لمن يقيمون في خبر كان، أو لعلهم يعيشون الآن آخر لحظات كانَ وأخواتها وأوسلو وشقيقاتها...

هل مازال عندكم رجال لا يموتون ؟

مازال عندنا أصحاب مراكز لا يموتون أما القادة الحقيقيون فيستشهدون كل يوم، ففي الانتفاضة الثانية فقط رحل أبو علي مصطفي رفيق دربك بعملية اغتيال شبيهة بعملية قتلك، استشهد وهو رجل ينتمي للقواعد والمواقف الصعبة، كما اعتقل رفيقك الآخر رجل المغاور والتخفي والعمل الصامت، رجل إعادة البناء والعودة الي الينابيع أحمد سعدات،وسجانوه نفر من الرجال الذي يموتون وقد لا يذكرهم التاريخ كباقي الرجال في بلدك، لأنهم خذلوا كل قداسة وجدت في فلسطينك. واستشهد شيخ المقاومة احمد ياسين ودكتور الاستشهاد عبد العزيز الرنتيسي وقادة وكوادر ومقاتلون ميدانيون كبار وعظماء لا بد للتاريخ ان يذكرهم بجلل واحترام وتقدير.

هل لديكم قصص أخري تحدثونني عنها ؟

لدينا الكثير، الكثير، لدينا أمهات الشهداء اللواتي يعشن أعراس الشهادة كل حسب طريقتها الخاصة.. لدينا ام نضال فرحات وريم الرياشي والكثيرات من نسوة فلسطين الماجدات. ولدينا شعب لا يموت ولا يقبل بين صفوفه الميتين من الأحياء.. فهذا شعب الشهداء والعطاء والفداء، شعبك يا غسان..

ولدينا أيضا قصصك ورواياتك وإبداعك الملحمي وأدبك الملتزم والمقاوم، من أم سعد وبرقوق نيسان حتي رجال في الشمس وارض البرتقال الحزين بما فيها ابعد من الحدود وقتيل في الموصل، ويا ريتك تعرف يا صديقنا ما حل بالموصل وأهل العراق، فقد ذهب العراق إلي الأعداء بعد سجن داخلي دام عشرات السنين وعلي اثر غزو خارجي دام عدة أسابيع.. وصار القتلي في الموصل وبقية مدن بلاد الرشـــيد بالعشرات يوميا .. كما تبقى لنا وعندنا مجموعة ما تبــقى لنا من قصتي الصقر والعــــروس حتي قصـــة رأس الأسد الحجري ..

تبقي لنا تراثك الأدبي والفني والسياسي العريق، منه نتزود بالقــــوة كلما خارت قوانا... تبقى لنا كذلك كرت الإعاشة وأصـوات بطون جائعة تكاد تطغي علي صوت الثورة الفلسطينية وصوت فلسطين وصوت الانتفاضة وصوت المقاومة وصوت السلطة وصوت الأمة العربية الواحدة، الهامدة ...
07-07-2009 10:41 PM
نبيل الحمران
مبدعة دائما ايتها العزيزة
08-07-2009 04:00 PM
معتصم التلاوي
نشتاق لرموزنا ونشتاق لذكراهم
شكرا جراسا
08-07-2009 04:00 PM
ابن موسكو
حيرتيني يا استاذه رائده كل مكان بلقي كتاباتك سياسة صحة ادب
برافو جراسا
08-07-2009 04:02 PM
المقدادي
ابن البرتقال الحزين ... ذكرتوني برائعة مسلسل التغريبة الفلسطينية
08-07-2009 04:03 PM
بلال البدور/معان الابية
لله دركم يا جراسا ما اجملكم

08-07-2009 04:04 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات