لالات الاتفاق الروسي اوكراني


الاتفاق الذي تم التوصل اليه بين الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والاوكراني فيكتور يانوكوفيتش في موسكو الاسبوع الماضي لا يمكن وصفه الا بالتاريخي ، ان لجهة التوقيت او لما تمخض عنه من اتفاقيات اقتصادية واستثمارية بين البلدين الجارين لما فيه مصلحة الشعبين والبلدين .

فمن جهة التوقيت جاء هذا الاتفاق في وقت تشهد فيه جمهورية اوكرانيا ازمة مفتعلة غربيا وامريكيا تمثلت في احتجاجات لبعض قوى ما يسمى ببقايا البرتقاليين من المعارضة الاوكرانية الممولة من دول الاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة ، اذ تاتي هذه الاحتجاجات على خلفية تجميد الحكومة الاوكرانية مشروع الاتفاق المقترح بضم اوكرانيا الى الاتحاد الاوروبي وفي ظل حالة من عدم الاستقرار الاقتصادي امتد على مدى اكثر من عام . فالاتفاق حقا تاريخي لانه ببساطة افشل كل المخططات والاحلام الغربية ونسف الدسائس الامريكية الخبيثة التي مارستها الادارة الامريكية سابقا عام 2004 ووقوفها وراء ما سمي بالثورة البرتقالية في اوكرانيا .

وسمح الاتفاق الذكي بانقاذ الاقتصاد الاوكراني من الافلاس الذي كان محدقا بهذا البلد لو تم التوقيع على اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي ، اذ يترتب على الحكومة الاوكرانية في حال توقيع الشراكة الموافقة على شروط صندوق النقد الدولي والتي على رأسها زيادة اسعار الغاز على المستهلكين وخفض سعر صرف العملة الوطنية وتجميد الرواتب وشراء الغاز الروسي باسعار دولية .في حين اسفر الاتفاق التاريخي عن ضخ 15مليار دولار من روسيا الى البنك المركزي الاوكراني وتخفيض سعر الغاز المورد لاوكرانيا الى الثلث وازالة المعيقات التي واجهت التجارة البينية مما يؤكد ان لا تهديد بعد هذا الاتفاق للاستقرار الاقتصادي الاوكراني ولا مجال لزعزعة الاستقرار والامن الاجتماعي في البلاد حسب ما اعلن رئيس الوزراء الاوكراني ميكولا آزاروف في تصريحات صحفية بعد اتفاق موسكو معتبرا روسيا الحليف القوي والاستراتيجي لبلاده ومن الصعب التفريط بالعلاقة التاريخية التي تربط البلدين والشعبين.

وبالعودة الى الثورة البرتقالية التي تجد في التوترات والاحتجاجات القائمة في البلاد فرصة احياء الاحلام والوهم باعادة عقارب الساعة الى العام 2004 يمكننا القول هنا وخاصة الى زعيمة المعارضة رئيسة الوزراء السابقة والمسجونة حاليا بقضايا فساد يوليا تيموشينكو ان الظروف اليوم هي غيرها في عام 2004 و2005 وان سيناريو اقامة الخيم في شوارع العاصمة كييف وساحات المدن الاخرى لن تجدي في هذه المرة نفعا والاسباب واضحة واولها ان روسيا اليوم لا تقف متفرجا على الاحداث في اوكرانيا وذلك انطلاقا من مصالحها القومية والاهم ايضا ان امريكا اليوم هي غير امريكا الامس ، اذ لم تعد متحمسة لنشر الديمقراطية في ظل تغير اولوياتها في سياستها الخارجية واعادة ترتيب اولوياتها وخاصة مع روسيا ، اضف الى ذلك ان المعارضة الاوكرانية منقسمة على نفسها منذ وصولها للسلطة عام 2005 فبعد مغادرة الرئيس الاسبق فيكتور يوشينكو انتهت معه المجموعة الامريكية لتتقدم مجموعة تيموشينكو المدعومة اوروبيا ومن هنا استطيع القول بان الناس لم يعد بمقدورهم تمييز الخونة عن الشرفاء فالالوان اليوم في اوكرانيا رمادية ولا بريق لحظوظ ما يسمى بالمعارضة ، اضف الى ذلك وضع روسيا المالي والاقتصادي والاقوى بكثير مما كان في السابق وكذلك شجاعة الرئيس بوتين المصنف الاكثر جرأة في العالم وضعف الرئيس الامريكي اوباما والذي ظهر بشكل واضح في تردد بلادة بتوجيه ضربة عسكرية الى سوريا امام التهديدات الروسية وصلابة الموقف الروسي ورضوخها اي امريكا للشروط الروسية بالسماح لروسيا بانتاج مشروع حل سياسي بات يعرف ب جنيف 2.

فامريكا اذا اليوم بحاجة الى روسيا في العديد من الملفات السياسية التي تعتبر موسكو بوتين مفتاحا لها كالملف النووي الايراني وملف الصراع الفلسطيني الاسرائيلي والحل المرتقب لهذا الصراع وامريكا على ما يبدو تسعى للانسحاب من السياسة الشرق اوسطية بعد الاخفاقات الكبيرة والمتكررة في المنطقة ، كما وتحاول التخلص من الملفات العالقة التي ارهقتها سياسيا وماديا وبالتالي السماح لروسيا بالتعامل مع هذه الملفات وهو ما يساعد الموقف الروسي اليوم في اوكرانيا والذي جاء اتفاق موسكو تتويجا للانتصار الروسي بالابقاء على اوكرانيا منطقة نفوذ روسية، وابعادها عن الاطماع الغربية واكد الاتفاق على ان جميع الطرق بين موسكو وكييف سالكة وستظل كذلك لعقود طويلة ، اما الاحتجاجات التي تشهدها اوكرانيا وان بدأت بالتلاشي الا انها لا تغدو اكثر من ردة فعل طبيعية من قبل فئة قليلة من الشعب المنقسم عموديا من الشراكة مع اوروبا.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات