لدعاة الإصلاح ، عليكم بمنهاجية بسمة السعودية


- لم أعتد متابعة صحفي ، كاتب أو سياسي على النحو الذي أتابع فيه كتابات وتغريدات الأميرة السعودية ، بسمة بنت سعود آل سعود ، التي لم أتشرف بمعرفتها مباشرة وإن تمنيت هذا بجدارة ، وذلك على خلفية إعجابي بالمنهاجية الإصلاحية النهضوية التي تتبعها سموها ، وهي منهاجية ذات بُعد إستراتيجي عميق ، ليس بالضرورة لصاحبتها أن تقطف ثمارها بين عشية وضحاها كما يظن المتنطحون لعمليات الإصلاح ، الذين يتقافزون على الحواجز ويريدون الوصول إلى النهاية قبل أن يبدأوا ، وكلما أبحرت غوصا في هذه المنهاجية الإصلاحية النهضوية ، التي تتبعها الأميرة بسمة بهدوء ، تدرج وخطوة خطوة أجدني أمام شخصية مسقولة ثقافيا ، مُتسلحة إلى جانب الإيمان بالله القدير ، بقوة إرادة وعزيمة لا تلين ، وبهجرة لله ولمعشر السعوديين ، العرب والمسلمين على حد سواء .

- إذا نحن أمام إمرأة عربية مسلمة عز نظيرها بين أطياف الأمة ، تبحث عن سبل لإعادة الألق للحضارة العربية الإسلامية ، بروح التسامح ، الوسطية ، الإعتدال ، النزاهة ، الشفافية وأمانة المسؤولية.

- على خلفية ما شهدته الحضارة العربية الإسلامية في مراحلها الأخيرة ، من الإسترخاء ، الإهمال ، التشظي ، التفتت والتناحر بين الإخوة والأشقاء من الحكام العرب والمسلمين ، حتى أصبح مجلس التعاون الخليجي كمثال مُهددا بالإنهيار ، جريا وراء الأنا المُتضخمة التي تتقمص الحُحكام وبطاناتهم ومستشاريهم ، فإن من يُفلّي الكتابات ، التغريدات ، القوانين التي تعمل هذه الأميرة المُميزة على طرحها أمام الحُكام ، العلماء ، المفكرين ، قادة الرأي ، المُصلحين والمُهتمين بإحياء هذه الأمة التي باتت موات ، سيجد نفسه في أكاديمية علمية ، ثقافية ، إصلاحية بأبعاد عملية ، لا تحتاج إلا للقوى البشرية من السعوديين ، الخليجيين ، العرب والمسلمين الذين ما يزالون يؤمنون بربهم ، بدبنهم ، بتاريخهم ومنجزاتهم وإسهاماتهم الحضارية ، والذين يسعون فعلا وليس قولا لإصلاح هذه الأمة ، التي طالما كانت أعظم أمة قبل أن تُصيبها فايروسات الفساد ، التي قضت على الشحم ، اللحم ونخرت العظم ، وإذ بنا في آخر قائمة الأمم ومجرد تابعين نركض ونلهث وراء أكاذيب ومؤامرات أعدائنا كما المضبوعين.

- بالطبع ، لست مطلا على ما يواجه مشروع الأميرة بسمة من مُعيقات ، ولكني فيما أعتقد أن مجتمعاتنا العربية الإسلامية ، ما تزال ذات طابع ذكوري لا تؤمن بقيادة المرأة ، للقيام بعمل إسترتيجي في البناء الحضاري ، على ذات النحو الذي تعمل عليه هذه الأميرة ، وإن صح تخميني هذا وأعتقد أن فيه شيئ من الصحة ، فإنني أرى بالإضافة إلى الدعاء للأميرة بأن يمنحها الله القوة، العزيمة والصبر أن يُساندها المتنورون من العلماء ، المثقفين وكل من آمن بأن عودة هذه الأمة لماضيها التليد ، يحتاج إلى العمل على تحديث ثقافتنا ، التي تبدأ بالنأي عن الفردية إلى ثقافة العمل الجماعي أولا ، ومن ثم صياغة منظومة ثقافية تُزاوج بين الموروث التاريخي والحضاري للأمة ، وبين مستلزمات العصر الحديث وتطوراته العلمية التي تجتاح جميع المجالات بلا إستثناء .

- في ذات السياق ، تؤكد بسمة السعودية في كتاباتها وتغريداتها ، على أن الطريق لنهضة الأمة العربية الإسلامية من سُباتها العميق ، يبدأ بالحرية ، الديموقراطية ، إشاعة وتعميم الحق ، العدل ، المساواة ، سيادة القانون ، تأمين حقوق المرأة ، الطفل ، العامل ، ذوي الإحتياجات الخاصة ومن ثم محاربة الفساد ومعاقبة الفاسدين والمفسدين ، كعوامل أساس تُعيد للإنسان العربي ثقته بنفسه ، وتؤهله لتحرير ثروات الأمة من الخضوع للأجنبي ، والوقوف في وجهه كسيد وند ، خاصة وأن هذا الأجنبي هو بحاجة هذه الأمة ، وليس هي التي بحاجته ، خاصة إن أحسنا التصرف وتخلصنا من مساوئنا الذاتية ، وطهرنا مجتمعاتنا من فايروسات الشر ، فلا شك أننا نكون قد وضعنا أقدامنا على الطريق القويم ، وهنا علينا أن نتذكر بأن رحلة الألف ميل تبدأ بخطوة ، كما أن علينا أن نتذكر أيضا الدعاء يحتاج إلى شيئ من القطران ، والله المُستعان.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات