المحور التنموي للتعليم العالي مرتبط بالتميز والإبداع


إن غالبية الملتحقين في جامعاتنا الأردنية وممن هم على مقاعد الدرس هم من فئة الشباب الذي يمتلكون طاقات شابة يدفعهم طموحهم لتحقيق النجاح والتميّز. فماذا يعني وما أهمية التميز لطلبة الجامعة؟ وكيف يستطيع الطلبة تحقيق ذلك؟

لتدركوا أولا أبنائي الطلبة إن التعليم الجامعي هو تحد وبحاجة الى إعداد وجهد دراسي ليتحقق الهدف مما يتطلب إتخاذ قرار حازم وواضح بشأن العمل الذي تهدفون للحصول عليه، فالطلبة المتميزون يظهرون ميولا إلى نوع من التخصص ويكثرون من قراءة المراجع العلمية التي تدعمهم في تخصصهم وتوسع معلوماتهم في هدا المجال ويطلعون على ما هو جديد في عالم المعرفة، ويطوّعون المنهاج بطريقة سهلة واضحة ويجيدون إدارة الوقت بفاعلية وانتظام.

إن الطاقات الشابّة المفعمة حيويّة ونشاطا التي يمتلكها طلبة الجامعات يجب أن توجه ضمن منظور وطني شمولي مدروس وضمن إستراتيجية قابلة للتطبيق تراعي البعد التنموي والتكنولوجي والتربوي والقيمي والثقافي لتنعكس آثارها الإيجابية على مسارات التنمية الشاملة في أردننا الغالي، خصوصا وان جامعاتنا تضم أعدادا كبيرة في شتى التخصصات المهنية في مجالات العلوم الأساسية والطبية والهندسية وغيرها.

فالجامعات هي التي تحتضن قدرات الشباب وتنمّيها وتوظفها ومن واجباتها إعداد القيادات القادرة على تحمل المسؤوليات في كافة المجالات ضمن إطار قيمي صادق يتميز بالرأي الموضوعي الذي يعتمد المنهجية العلمية والرؤية الواعية في التفكير كأساس للنهوض بالمجتمع كي تكون قادرة على مواجهة مواقف الحياة بتحدياتها وإرهاصاتها المختلفة بمهنية عالية وثقة كبيرة، لتكون هذه الصروح قادرة على ترجمة طموح جلالة سيد البلاد وموضع ثقته في تنمية القدرات البشرية وتأهيلها علميا وإنتماء صادقا وأن تكون قادرة على ترجمة نظرة تفاؤل بمستقبل هذا الوطن وقدرة أبنائه ونضوج تجربتهم لتجاوز الصعاب والعقبات ولتتابع مسيرتها للنهوض بالوطن ومقدراته بأس ولترفد مسيرة مجتمعنا تقدما ونهضة.

وبسبب التداخلات الكبيرة التي يتشابك فيها محور التعليم العالي مع الجوانب الأقتصادية والتكنولوجية والعلمية والثقافية، فمن الأهمية بمكان النظر بحكمة وعقلانية الى مستقبل التعليم والتعليم العالي بما يخدم خطط التنمية لشاملة في بلدنا ضمن أسس تحفظ الإنجازات التي تحققت وتبني عليها إعتمادا على معاييرالجودة لتبقى قادرة على تخريج كفاءات تتمتع بسمعة علمية جيدة، لا أن تخرج عن أهدافها سعيا وراء الربح المادي ولا يكون كذلك على حساب مخرجات التعليم التي ترتبط ارتباطا مباشر بمستقبل الوطن. لذا، فان توجية مسيرة الجامعات نحو الإهتمام بالمحور النوعي في التعليم والبحث العلمي Quality in Education and Scientific Research والتوجه نحو التوسع العمودي في التعليم Vertical Expansion in Education وضبط الإمتداد الأفقيHorizontal Expansion Control له أهمية كبيرة كي تخرج الجامعات من قوالب التعليم الجاهزة والتقليدية والمتكررة إلى قوالب جديدة أكثر إستيعابا لمتطلبات العصر ورفع سوية التعليم والبحث والتطوير في مؤسساتنا التعليمية مع إدخال أساليب التحليل المنهجي والعلمي بحثا وتعليما، مما يثري ويزوّد الطلبة بمخزون معرفي واسع والحصول على المعلومة الحديثة للإرتقاء بالمستوى المعرفي لديهم الأمر الذي سينعكس إيجابيا على التنمية.

ومن الأهمية كبعد تنموي أيضا وإقتصادي، ضرورة ترسيخ ثقافة الإنتاج في عقول الشباب وإقصاء ثقافة الإستهلاك والسلوكيات غير المبررة لينعكس ذلك على تطوير مستويات المعيشة وتحسين نمط الحياة. ومما يجدر ذكره هنا، أن التنمية والثقافة توأمان حيث ترتبط الثقافة بالوعي، فضرورة إضفاء المسحة الثقافية على الطلبة وتشكيل الوعاء الثقافي الشمولي والتأثير في سلوكهم وطرق تفكيرهم لتكسبهم النافع وتبعد عنهم الضار وتقومهم فكرا وسلوكا لأن كل ذلك من القنوات التي تصب في رفد التنمية ونشر السلوك الحضاري الذي نتطلع إليه ونسعى إلى تحقيقه.

إن صياغة مرحلة جديدة من مراحل البناء والتنمية الشاملة يبدأ من التعليم بمختلف مراحله ووضع إستراتيجية وطنية لتطويرالتعليم والتعليم العالي وضمان جودته بما يؤدي في النهاية إلى مخرجات تعليمية متميزة ويتطلب ذلك صياغة الأهداف التعليمية وفلسفة التعليم القابلة للتطبيق التي تواكب عصر المعلومات وثورة التكنولوجيا التي تسير بتسارع كبير حيث يستدعي ذلك من أصحاب القرارDecision Makers في مؤسسات التعليم العالي ومنها الجامعات أن ينتبهوا جيدا ودون تسويف أو تأجيل الى تلك التحديات المستقبلية.

هذا بالإضافة إلى القيام بدراسة شاملة ودقيقة لواقع الدراسات العليا ومراكز البحث العلمي إلى أين وصلت بوصلتها؟ وعلى ماذا تقف؟ وهو بحاجة إلى وقفة موضوعية وإجابات جريئة من أصحاب القرار الذين يرسمون سياسة التعليم العالي ومن الأكاديمين العاملين في المجال لأن ذلك يشكل إنطلاقة صادقة وجديدة للنهوض بمسيرة البناء والتنمية، وأن تركز الجامعات على النهوض بالبحث العلمي والتطوير والإحتكاك بمؤسسات البحث العلمي في الدول المتقدمة والإفادة من تجاربها لنضمن لمجتمعنا الأردني إستمرار النجاح ولنحافظ على هذا المرفق الحيوي والهام قويا لا يعتريه وهن أو تراجع.

وخلاصة القول، فإن محور التعليم العالي والبحث العلمي المرتبط بالتميز والإبداع يعتبر المعيار الأكثر دقة وصدقا لتحقيق التنمية، حيث يرتكز ذلك على بناء القدرة العلمية التكنولوجية ورفع كفاءتها في الجامعات ومؤسسات التعليم العالي مما يقود إلى الإبداع الذي تقوم به نخبة واعية قادرة على حمل قناديل المعرفة والتقدم لأنها القادرة على صنع الحضارة والنهوض بالمجتمع وهي الثروة الحقيقية للوطن والأمة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات