الشعرة التي قصمت ظهر البعير


من السذاجة بمكان ، أن تظل الحكومة معتقدة خطأ ، أن الشعب الأردني قد يظل لاهٍ عما يتهددهُ من مخاطرَ تطرقُ أبوابَهم ، أو أن يرونه عاكفا على اجترار الويلات والآلام والابتلاء في كل مناحي الحياة ، الاقتصادية والسياسية والإصلاحية والصحية والأمنية بل وكل شيء يتعلق بحياة الإنسان الأردني .. مسلما أموره كلها ومصيره إلى أيدي العابثين بمستقبل هذا البلد الحبيب ..

لم يعد سهلا على الإنسان الأردني أن يسلم بكل الأمور ، وينتظر الأقدار كي تقول قولتها ، ولا أعلم إن كان السياسيون والمفكرون وأصحاب الأقلام ، قد باتوا وكأنهم في سبات عميق ، مغمضين أعينهم عما يتهدد أمن واستقرار هذا البلد .. بالرغم من كل المؤشرات والدلائل التي نراها تلوح في الأفق ..

إن الأردن الذي أصبح فيه الغرباء يشكلون السواد الأعظم من سكانه ، وعلى الأخص بعد تدفق أكثر مليوني لاجيء سوري إلى الديار .. وانتشارهم بهذا الأسلوب الفوضوي المفرط ، حيث بدءوا بالذوبان في المجتمع الأردني وأخذ مكانهم في تولي إدارة كل الأمور والأعمال والأشغال التي لها علاقة مباشرة بقوت المواطن ..

لن يستغرب المواطن الأردني أبدا ، تلك السلوكيات التي تظهر على الكثير من هؤلاء اللاجئين .. فمن خلال تعاملهم مع المؤسسات المختلفة لدينا ، أثبتوا بأنهم إنما يريدون الحصول على كل شيء بالقوة ، لأنهم كما يقولون إنما يحصلون على مرادهم كاستحقاقات لهم تكفلت بها هيئة الأمم المتحدة ..

ولذلك فإننا نجد مدارسنا مكتظة ، وكذلك المستشفيات ، والمتاجر والأسواق ، مع أن كل ما يحتاجه مليونين من اللاجئين من أسباب الحياة ، هو مقتطع من استحقاقات الشعب الأردني الذي كان قبل مجيء السوريين اللاجئين ، وقبل مجي الحكومة الحالية التي جاءت بهم ، يعيش حياة أكثر استقرارا ، وأكثر أمنا ، ولكن توافد الملايين من اللاجئين السورين وغيرهم ، كان على حساب استحقاقات الأردن المحدودة أصلا ..

لا أعتقد بأن أمريكا وإسرائيل قد تُفَوِّتُ فرصةً نادرةَ لا تعوض ، وهي استغلال وجود أكثر من مليوني لاجيء سوري على أرضنا ، هم قادرون على حمل السلاح .. وهم الآن منتشرون في الأردن بشكل عشوائي ، فماذا لو فكرت إسرائيل جادة بالاستفادة من وجود السوريين على أرضنا ، ووجَّهَتْهُمْ إلى حمل السلاح يوما ما ضدنا ، لتنتقل المعركة بفعل ذلك ، من ربوع سوريا إلى ربوع الأردن ، سعيا لتحقيق المخططات القديمة وهو جعل الأردن وطنا بديلا لمن يهجَّرُ من فلسطين قسرا إلى هذا الوطن .

حتما إذا ما فكر الأعداء باستغلال هذا الوضع ، والسوريون الموجودون لدينا بطبيعة الحال لن يكونوا أكثر حكمة في مواجهة هذه المخططات ، والصهيونية الأمريكية التي استطاعت أن تخطط مستقبل الشرق الأوسط لأكثر من ستين عاما وأوقعت في عالمنا العربي أكبر الخسائر ، ستكون قادرة على إثارة الأزمات لدينا من جديد وبكل بساطة ..

ومع ثقتنا بأبنائنا من رجالات الأمن والجيش وكل الشرفاء ، ومع ثقتنا بقدرتهم على التعامل مع الأزمات ، إلا أننا ندخرهم للدفاع عن بلدنا وعن أمنه وعن استقراره حينما تدلهم الخطوب ، وليس من أجل الدخول في معارك جانبية تمليها عليهم ظروف لا ناقة لنا بها ولا جمل ، إنما هي أخطاء حكومة ارتكبتها بقبول لاجئين بشكل فوضوي على أرضنا ، وكان من الواجب وهذا هو المتبع في جميع أنحاء الدنيا ، أن تقام للاجئين مخيمات على الحدود مغلقة تماما ، لا يجوز مغادرتها بأي حال من الأحوال ، ويبقى لجوءهم داخل مخيماتهم وليس في العاصمة عمان ولا في مدننا وقرانا وفي كل مؤسسة ومصلحة في جميع أنحاء الأردن كما يلاحظ الآن ..

إن عملية الإصلاح الدموية التي رفضها الأردنيون رفضا قاطعا ، والثورات والاعتصامات التي قد تضر بمصلحة البلد ، لم يتفق على القيام بها أغلبية الأردنيين ، والسبب في ذلك هو تجنيب هذا البلد لكثير من الويلات بل وإحباط لتلك المخططات الإجرامية التي لن تكون أبدا ذات طابع إصلاحي بقدر ما هي تخريبية . ولو فكرنا جزافا بأن الثورة قادمة ، فإننا سنسأل أنفسنا .. ثورة على من ؟ وضد من ؟ نحن كلنا أردنيون ، ولن يقتل بعضنا بعضا ، نعم أردنيون وأخوة فلسطينيون يعيشون معنا منذ ستين عاما ، فهم أردنيون باتوا أكثر منا انتماء ، ويجب علينا أن نتعايش مع بعضنا البعض أكثر من ذي قبل ، مدركين أن النزاعات والعنصرية لم تعد لها ضرورة في أيامنا هذه .

بالرغم من سذاجة البعض ، الذين يظنون بأن الأردنيين ، ما زالوا يؤمنون بنظريات مكتوبة على قصاصات من الورق مبعثرة هنا وهناك ، إلا أنهم يدركون في ذات الوقت بأن الخفايا والأسرار لم تعد خافية أو سرا على أحد ، وإن كانوا ما زلوا يظنون بأن الشعب الأردني الذي أثبت على مدى السنوات العشر الماضية ، أنه يخشى على مصلحة بلده الأعاصير والثورات الهوجاء ، ومع ذلك فقد يحلو للبعض ، وربما يكون هذا بدافع استغفال الشعب ، أو بغباء منهم هم ، أن يعتقدوا خطأ ، وكأنهم بذلك يقلدون نظرية النعام في تعامله مع الأخطار والأوبئة القادمة من الأفق البعيد .

الكل يعرف بأنها باتت عبارة عن مزاعم لا حقيقة لها على أرض الواقع ، متجاهلين الحقائق التي يراها الشعب الأردني ماثلة أمام نواظره ..

وأما الحكومة الحالية بكل طاقمها ، برئاسة عبدالله النسور .. فإن عليهم جميعا أن يدركوا بأن الشعب الأردني لم يعد لديه الصبر ولا الاحتمال أكثر ، لأن استحقاقات الأردنيين المنهوبة كلها كانت على حساب الاكتفاء الذاتي للشعب الأردني ، وأما استحقاقات اللاجئين السوريين فيجب على هيئة الأمم أن تؤمنها من مصادر أخرى.

ومع أن الشعب الأردني ليس مغفلا ، كما يعتقد البعض ، ويعلم بأن عبدالله النسور ربما ينفذ تعليمات وأوامر من جهات مختلفة ، قد تكون داخلية ، وقد تكون خارجية ، وأولها الإنصياع لقرارات البنك الدولي .. ولظروف أخرى قد لا نعلمها نحن ، لكن الحكومة على علم بها تماما ...

وعلى الحكومة أن تكون أكثر صراحة مع الشعب ، وتقول له الحقيقة ، لا أن تنام على ضلال ثم تسعى جاهدة لتضليل الشعب الأردني معها ، الذي لم يعد له طاقة على الاحتمال ...

كما أن على الحكومة ، أن تسعى جاهدة إلى تقليص النفقات والمخصصات تقليصا تاما وملموسا في جميع الوزارات والدوائر الحكومية وفي كل مكان لا نعلمه نحن كشعب .. لا أن يقوم الشعب الفقير نفسه بتحمل وزر الأخطاء التي حدثت خلال العشر سنين الماضية .. وأن يقوم بدفع الفواتير من لقمة عيشه ..

إن المسئوليات الجسام التي يتحملها الأردن باتت عبئا ثقيلا على المواطن الأردني ، بشكل عام ، وها نحن نرى تغلغل السوريين والغرباء في بلدنا يزداد يوما عن يوم ، وذلك بوضع الأيدي الأجنبية على مختلف المقدرات الاقتصادية ، بكل تفاصيلها .

وكان من الواجب على هيئة الأمم المتحدة أن تقدم دعمها للشعب الأردني بشكل مباشر ، تماما وبنفس المعيار الذي تقدمه للاجئين الذين يعيشون على أرضه ..

ونحن نعلم بأن المستفيدين من وجود اللاجئين على أرضنا ، هم الحكومة نفسها ، وبعض عشرات من اللصوص الذين أبلوا في استغلال موارد اللاجئين ، وسخروا الاقتصاد الوطني كله لخدمة أغراضهم وأطماعهم وتحقيق الربح الوفير على حساب المواطن الفقير .. دون أن يؤثروا إيجابا في دعم الاقتصاد ، بل زاد الطين بلة ، نظرا لأنهم لا يهمهم إلا مصالحهم الشخصية ..

والأردن الذي يعتبر حاجزا منيعا ضد الإرهاب بكل أشكاله ، كما تعتبر قواته المسلحة درعا حصينا يحمي حدود الدول الخليجية ، ويتولى الدفاع عنها في ملماتها دائما ، ويمنع عنها المتسللين ومهربي السلاح والمخدرات عبر أراضي الأردن ، فإن على هذه الدول أن تقدم أقصى المساعدات الممكنة ، وتدعم اقتصاد الأردن بشتى الطرق لكي يستمر بالقيام بهذه المهام .

والمملكة العربية السعودية الشقيقة هي من أولى الدول التي يجب أن تساعد الأردن لأنها بحدودها الطويلة المتاخمة لحدودنا هي أكثر استفادة من هذه الناحية ، وقواتنا المسلحة تتولى حمايتها دائما بحكم الجوار والأخوة التي تربط بيننا ..

وحيث نشرت وكالات الأنباء ، بأن السعودية قد دفعت إلى روسيا حوالي (17) مليار دولار ، فقط من أجل زيارة بوتين إلى مصر.. مع أن هذه الزيارة قد لا تجدي نفعا ، ولن تجر غير الويلات على مصر وغير مصر ، ولكن بوتين ربما وافق على الزيارة من أجل الحصول على هذه المليارات ، ثم قد لا يفعل شيئا نافعا يفيد المصريين بأي شكل من الأشكال ..
والله من وراء القصد ...



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات