الشَبَابُ وثقَافةُ السُفولِ والأفُولِ وَالذُبُولِ


إنَّ مِن المصائِبِ التِي تُطالعُ مُجتمعاتِنا العربيةِ تَسارُعَ الشبابِ إلى تقليدِ الأممِ الأخرى في الأفكارِ والثقافاتِ وفي السلوكياتِ والعاداتِ ومحاكاتِهم في الهيئاتِ والحركاتِ والصفاتِ ؛ممَّا لا تُحصى أشكالُه ،ولا تُعدُّ أنواعُه مِن تقليعاتِ وموضاتِ ،ظنًا مِنهم أنَّ ذلكَ مِن التحضرِ والتمدّنِ ،والأناقةِ والتجمّلِ ،وتحمِلِ في طيّاتِها نسفُ قِيمِ العرب والمُسلمِين ومبادِئ دِينهم وثوابتِ شريعتِهم ،وهو في الحقيقةِ تضييعِ للشخصيَّةِ ،وإذابةٍ للهويةِ مِن بابِ تبعيةِ المغلوبِ للغالبِ ،والضعيفِ للقوِيّ ، جرَّه ضعفُ الإيمانِ وانحرافُ التربيةِ ونقصانُ التعليمِ.
إنَّ حالةَ مَسخِ الهويةِ التي تعيشُها أمتُنا ،وتغرقُ فيها حتّى أذنيْها ،لهي نتيجةٌ طبيعيةٌ لتشبّهِهم بغيرهم ،وعدمِ احتفاظِهم بهويتِهم العربيةِ التي ارتضاها لهم ربُّهم -عزّ وجلّ- وحثّ عليها نبيُّهم محمّدٌ - صلّى الله عليْه وسلَّم - وما تشبَّهت طائفة مِن البشرِ بطائفةٍ أخرى إلا أُلبِسوا عليهم مِن صفاتِهم، وتشرَّبت قلوبُهم بحبِّهم وتقليدِهم ظاهرًا وباطنًا؛ لأجلِ ذلك كانت هذهِ الرسالةُ التي تحثُّ أبناءنا على تعظيمِ هويتِهم ،والمحافظةِ عليها ،وانتسابِهم إلى دينِهم ،والبعدِ عن التقليدِ الأعمَى ،لِتظهَرِ الشخصيةُ العربيةُ الإسلاميةُ الفريدةُ التي لا مثيلَ لها على وجهِ البسيطةِ.
قال رسولُ اللهِ - صلّى اللهُ عليْه وسلّم : (مَنْ تشبّهَ بقومٍ فهوَ مِنْهُمْ) إنّ التشبّهَ بغيرِ المسلمين يجرُّ إلى مفاسدَ عظيمةٍ ،وعواقبَ وخيمةٍ ،منها:
أنّ التشبُّهَ بهم يدلُّ على تعظيمِهم، لأنّ المتشبِّهَ بغيرهِ يرى أنّه أكملُ منهُ ،وإلّا لماذا تشبَّه به ،وهذا مِن المُسلِم شعورٌ بالنقصِ وضعفٌ في الشخصيةِ ،وهذا يجرُّ إلى الخضوعِ لَهم وتعظيمِهم، وهذا أمرٌ خطيرٌ.
ومِن مفاسدِ التشبُّه –أيضاً - أنَّه هبوط ٌوسفولٌ ،لأنَّ المُسلم أعلى مِن غيرهِ ، فإذا قلّده هبطَ مِن عليائِه ومنـزلتِه ،واستبدلَ الذي هو أدنى بالذي هو خيرٌ ،وهذا كفرانٌ للنعمةِ ،وإهانةٌ للإسلامِ - والإسلامُ يعلُو ولا يُعلَى عليهِ - .
فمِن ذلكَ قصّاتُ الشعرِ العجيبةِ وما يراه الناس اليوم من فعل بعض الشباب الذي يحلق بعض رأسه ويترك بعضه ،فمنهم مَنْ يحلِقُ بعضَ رأسِهِ مِن أسفلَ ويجعلُ الباقِيَ على شكلِ دائرةٍ ،المسمّى بالقزعِ ، ومنهم مَنْ يسدلُ شعرَه على كتفيهِ ،وحدِّث ولا حرَج عن القصّاتِ وما أدراكَ ما القصَّاتُ الأكثرُ غرابةً ،فهذهِ قصّة المارينز وهذه قصّة السبايكي وهذه قصّة اللاعبِ الفلانِيّ وتلك قصّة المطربِ الفلانِيّ ؛ولا حولّ ولا قوة إلا باللهِ.
وهذا كلُّه يشملُهُ النهيُ والحرمةُ ،وقد جاءَت الأحاديثُ النبويّةُ مُحذِّرةً مِن ذلكَ ومبينةً حرمةَ ذلك ،فقدْ أخرجَ الشيخانِ عنْ نافعٍ عنْ عمرَ - رضي الله عنهما - قال: (نَهى رسولُ اللهِ عنِ القَزَعِ) فقيلَ لنافعٍ - رضِي اللهُ عنهُ - : وما القزعُ؟ قال: يحلقُ بعضَ رأسِ الصبِيِّ ويتركُ بعضَه.
ومن الظواهرِ التي انتشرتْ وظهَرتْ عندَ بعضِ الشبابِ وتأثروا بها ،لبسُ أنواعٍ مِن الملابسِ الغربيةِ التي لمْ يعهدْها المسلمون مِن قبلُ ،ألبسةٌ ليسَ لها قانونٌ أو مفهومٌ في الجمالِ ،يجمعُها الغرابةُ والحرمةُ ،فتجدْ بنطلوناتِ الجينزِ ذاتِ الخصرِ الساحِلِ أو الساقِط low waist- - الذي ولِدَ من رَحِمِ السجونِ الأمريكيَّةِ خاصة التي يكثرُ فيها المساجينُ السودُ والذي يتطلبُ بعضَ الأحتياطاتِ الواجبُ اتخاذُها ،فكانت تُخلَعُ الأحزمة مِن المساجينِ لسببِ الخوفِ مِن الاعتداءِ بها على السجَّانِين ،وتبقَى بناطيلُهم بدونِ أحزمةٍ ،ممَّا يؤدِّي إلى سقوطِها إلى أسفلِ الخصرِ ،أو أكثرَ و يظهرُ السروالُ الداخلِيُّ للسجينِ.
مِن هُنا بدأت ثقافةُ موضة( اللو ويست " low waist " ( بنطالٌ أسفلَ عظمِ الخَصِرِ)، وتتميزُ بوسعِها مِن الأعلى و لا حزام كصرعهٍ أمريكيّةٍّ ،وانتشرتْ أولاً في المجتمعاتِ الإجراميّةِ في أحياءِ السودِ بأمريكا.
ثمّ إنتشرتْ بينَ المغنين ونجومِ الرّابِ ومُوسيقى الهيبْ هوبْ التي تُرى فيها البناتُ كالكاسياتِ العارياتِ وترى الشبابَ بهِ متباهيًا سائرًا بخطواتٍ راقصةٍ ،وملابسهُ الداخليَّةُ ظاهرةٌ (فهذا شرطٌ لارتدائِهِ( وهم مَن ساعدَ على ظهورِ هذهِ الصرعةِ .
وسببُ إنتشارِها في مجتمعِنا العربيّ ،هو قلةُ وعي الشبابِ في التقليدِ الأعمَي مِن دونِ معرفةِ حيثياتِ تلك الموضةِ و أهدافِها ،معتقدِين أنّهم بذلكَ يواكبونَ العصرِ.
ويرى الأستاذُ / سيد حسن خبيرُ الإتيكيتِ أنّ هذهِ الصرعةُ تشكِّلُ دعايةً للشواذِّ جنسياً، ووسيلةً لجذبِ الأنظارِ إليهم، مُغْرِيَةً شركاتِ الدعايةِ لمساعدتِهم في إتاحةِ الفرصةِ للدعايةِ والإعلانِ لماركاتِ الملابسِ الداخليةِ سواء للشبابِ أو البناتِ بالإضافةِ لماركةِ البنطالِ نفسِهِ.
وبعدَ ذلكَ صنعَها مصممُ أزياءٍ فِرنسِيّ للشواذِّ ليعرِفوا بها بعضَهم في الشوارع ،فهلْ بعدَ ذلكَ بُنيَّ يُمكنُ لك أنْ ترتدي بنطلونًا ساقطًا؟
كمَا حذّرَ الدكتور/ نبيل جهجة أخصائِيّ أمرضِ العقمِ ،مِن أنَّ بناطيلَ الجينزِ ذاتِ الخصرِ المنخفضِ تضغط ُعلى العصَبِ الحسِّي الواقعِ تحتَ عظمَةِ الوركِ ،وقدْ يُسببُ إرتداؤها في فتراتِ المراهقةِ ،العقمَ ونقصَ الخصوبةِ للذكرِ والأنثى ،وهذا ما أكدتُه الدراساتُ والأبحاثُ الحديثةُ بإنجلترا.
علمًا أنّ ولايةَ لويزيانا جرَّمَت هذهِ الظاهرةِ ووضعتْ قانونًا خاصًّا يقضِي بتغريمٍ مَن يرتدِي البنطلون بهذهِ الطريقةِ 500 دولار ،وحبسِ ستةِ شهورٍ لِمن يرتدِي البنطلون الساقِط.



تعليقات القراء

ام البنين
ما أروعه من كلام لو الشباب ذكورا وإناثا يقرؤوه ومن ثم يظبقوه
06-10-2013 09:33 AM
طارق
كلام في الصميم
06-10-2013 09:34 AM
ساخط
لا بأسَ بالقومِ من طولٍ ومن عظمٍ
جسمُ البغالِ وأحلامُ العصافيرِ
06-10-2013 09:39 AM
سجاح
نحن في زمنٍ فقدت الأمة أخلاق الرجولة، وصرنا نرى أشباه الرجال ولا رجال، غثاءً كغثاء السيل. أو كما قال الشاعر:
يثقلون الأرض من كثرتهم *** ثم لا يُغنون في أمر جلل
06-10-2013 09:43 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات