النسور وأبتزاز الأردنيين أمنيا ..


ما هو الثمن الذي سيدفعه الوطن مقابل حسابات الربح الحكومي الناشئة عن ( شجاعة النسور ) التي أشاد بها سعادة السفير الأمريكي وهل يستطيع المواطن تقبل متوالية رفع الأسعار وشعوره بأنه بات يخضع لعملية أبتزاز أمني من قبل الحكومة بحيث أصبح بين سندان الرفع ومطرقة الهاجس الأمني الذي يحسب له ألف حساب وصولا للقبول بفكرة الأنفجار الداخلي والذاتي الصامت للأردنيين ؟؟

برنامج التصحيح الأقتصادي أصبح عبارة عن تركيع أقتصادي لعدم أنعكاس ذلك على دخل المواطن بشكل مباشر ففاتورة البنك الدولي التصحيحية ومتطلباتها لم تكن تعني في أي يوم أفراغ جيبة المواطن دون أعادة ملء هذه الجيبة بطريقة أو بأخرى والوسائل التي تتحدث عنها الحكومة أما انها تمس بكرامة الأردني ( بطاقة الخبز ) او انها فارغة من المضمون ومن قبيل التسويف الأقتصادي فيجري تطبيقها مرحليا ثم يفاجأ المواطن الذي أرتضى بالصمت بأن ( الدعم النقدي ) قد توقف !!

خسائر فادحة ستلحقها او تكاد تلحقها الحكومة بالوطن لا يمكن أن تقارن بما قد يحققه الأردن من أيجابيات مفترضة لم نلمس حتى الآن أية نتيجة مباشرة او غير مباشرة لها ويكفي أسبوع واحد من الأضطرابات لكي تدفع الحكومة بشمالها مئات الملايين التي جبتها بيمينها من تعطل سير المرافق العامة والأعتداء على الأموال العامة والخاصة وتراجع رأس المال الجبان عن الأستثمار وخسائر السوق المالي وتوقف حركة النقل الداخلي وكلف تحريك القوات المؤللة وحالة الأستنفار الامني .. الخ ..

التوقف عن ضخ السيولة بيد المواطنين يعني أمر واحد فقط وهو توقف عجلة الأقتصاد عن الدوران لأنهم سيتوقفون عن عمليات الشراء من التجار الذين سيتوقفون عن شراء السلع من داخل او خارج الأردن وسيتم تسريح آلاف العاملين المعيلين للأسر وستتضرر جميع الجهات المتصلة بهذه العملية بما فيها البنوك والحكومة نفسها التي سيتناقص دخل خزينتها من ضريبة الدخل والمبيعات ..

ربما تكون الأجراءات الحكومية من الناحية التكتيكية النظرية المرحلية مقبولة خصوصا أذا نظرنا أليها من جانب عملية توجيه الصراع فلقد طغت قضية الأسعار على قضايا أخرى مثل ما حصل في مجلس النواب وتبع ذلك عملية المشاغلة التقليدية لتوجيه الصراع نحو قضية الموقوفين وحرية التعبير على حساب موضوع الأسعار وبأعتقادي أن ذلك عملية سلبية لا تحقق أهدافها لأن التكتيك لا يخدم القرار الأستراتيجي في شقه التراكمي ودليله أننا أصبحنا نشاهد هجوم غير مبرر على الأجهزة الأمنية من قبل كتاب ومثقفين بعد أعادة الأعتبار والأحترام الشعبي الذي حظيت به خصوصا في التحدي الأمني السوري ..

قد يكون أنفجار المواطن عملية صامتة هذا صحيح وقد تكون الحكومة قامت بترتيبات أمنية وسياسية أحتوائية مع جهات تحريك الشارع مقابل مكاسب سياسية ومثال ذلك الصمت العميق لتنظيم الأخوان الذي يعرف كيف يبيع ويشتري ويتنهز الفرصة ولكن صانع القرار الأستراتيجي لم ينصرف تفكيره الى أن الأنفجار الصامت هو أخطر بكثير من الأنفجار الدموي الذي يحسم الأمور سريعا لصالح الدولة او هكذا تعودنا ..

فالمواطن الأردني الساخط الذي يشعر بغضب داخلي كبير من عملية الأبتزاز الأمني التي تقوم بها الحكومة انعكس ذلك على مزاجه السياسي فحتى لو تم توجيه الصراع نحو شخصية النسور وجرى أبعاد جلالة الملك عن المشهد وتحمل رئيس الوزراء مسؤولياته ولم يختبيء خلف الملك فأن ذلك يعني بالضرورة فشل نهج التشاور الذي أفرز حكومة يفترض انها تحمل برنامجا لأربع سنوات ولا يستطيع الملك – أدبيا - أقالتها ألا بنفس طريقة تكليفها مما يفتح الباب مجددا للحديث حول ما يسمى ( صلاحيات الملك ) التي سيستفيد منها تنظيم مثل الأخوان في تدعيم اجندته وبالمقابل يكون قد نفذ تفاهماته مع صانع القرار فتجنب الصدام مع الدولة وكسب الشارع دون اعلان أي موقف وبصمت يشوبه دهاء وعبقرية ..

نحن بحاجة لأعادة تقييم عميق للموقف والكلف الأستراتيجية لعملية رفع الأسعار دون وجود ما يقابلها من سيولة في جيبة الأردني ودون ضخ النقد في السوق الذي بات يحتضر ونحن على أبواب موسم الحج والعيد ودخول فصل الشتاء فالمواطن لن يستطيع تحمل قسوة الحكومة والطقس معا وستعود الأصوات والسقوف للأرتفاع خصوصا بعد زوال حالة الرعب في الجبهة الشمالية ونحن بحاجة لمبادرة وطنية جامعة مانعة للخروج من عنق الزجاجة فهل ستكون زمزم مفتاح الفرج ؟؟

أية مبادرة او اجراء او قرار او عملية تصحيح أقتصادي لا يرى المواطن أثرها الأيجابي على جيبته لن تجد نفعا ونتمنى ان لا نكون قد تأخرنا كثيرنا فالتذمر من قرارات النسور وصلت مستويات أفقية وعامودية غير مسبوقة وأرهقت مؤسستنا الأمنية أما كلف حل مجلس النواب السياسية والأقتصادية المتمثلة بكلفة اجراء انتخابات عامة جديدة ووضع قانون انتخاب جديد سيكون محل نزاع وصراع جديد فلا طاقة لنا به وقد يكون قرار المحكمة الدستورية ( بنقض ) مجلس النواب أحد الحلول الربانية ولكنه بالـتأكيد يستوجب تعليق أعواد المشانق لمن أدخلنا في متاهة دستورية وجعلنا نعيش كذبة سياسية كبرى وعلى الهامش نقول بأن أي قانون انتخاب جديد ينشيء مجلس نواب جديد يتوجب أن يكون متوائما مع الوجبة الثانية من التعديلات الدستورية خلال مدة أقصاها أربعة أشهر من البطلان لكي لا ندخل في فراغ او جدل دستوري ..



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات