رؤى في المسارات التنموية التي نريد


كثير ما يتم الخلط احيانا بين التنمية والنمو، فالنمو الاقتصادي يعني الزيادة الثابتة في السلع الانتاجية للاقتصاد القومي والتي في نهاية المطاف تساعد على زيادة الدخل والانتاج العام. وهذا لا يحدث الا في ظل الحاكمية الرشيدة والعدالة الحقة في التوزيع. 

اما مفهوم التنمية الاقتصادية فهو الاكثر شمولا من مفهوم النمو الاقتصادي وهو الذي يحدد مدى تقدم الدولة او تخلفها اقتصاديا واجتماعيا لذلك فهي عملية شاملة ومستمرة وموجهة وواعية تمس جوانب المجتمع جميعها وتحدث تغيرات كمية وكيفية هيكلية تستهدف الارتقاء بمستوى المعيشة لكل افراد المجتمع والتحسن المستمر لنوعية الحياة فيه من خلال الاستخدام الامثل للموارد والامكانات المتاحة.

وهنا فان الوصول الى التنمية ومفرداتها يتطلب الايمان القاطع بإمكانية الاصلاح والتقدم أي الامكانية بإحداث تغيير ملموس في انماط الحياة السائدة. والتعاون الطوعي لكافة الاجهزة الحكومية والشعبية لتحقيق التقدم والتحفيز والاستثارة للأفراد للقيام بأدوارهم وواجباتهم التنموية وزيادة فاعلية مشاركة الافراد في شؤون مجتمعهم المحلي، و قيام عملية التنمية على اساس من التوازن في كافة المجالات الوظيفية و تدريب القطاعات المهنية المحلية، والتركيز على مساهمة الشباب والنساء في برامج التنمية ، ثم اخيرا تبني تنمية متوازنة على المستوى الوطني.


فنظرة الى تطورات الوضع الاقتصادي يلاحظ ما شهده الاردن من معدلات نمو اقتصادي مرتفع في السبعينيات من القرن الماضي وما حدث من تراجع في الاداء الاقتصادي ساهم في تباطؤ النمو الاقتصادي والى الاجراءات الحكومية في بداية التسعينيات لإعادة وانعاش النمو والمتمثلة في تبني برنامج التكيف الاقتصادي والذي تم من خلاله توجيه السياسات وتحقيق الاستقرار الاقتصادي الكلي وتحرير التجارة الخارجية واعادة هيكلة القطاع العام و إصلاح القطاع المالي، الا ان هذه الاجراءات خيبت الآمال ولم تستطع تحقيق معدل نمو اقتصادي معقول ينعكس بصورة مناسبة على مستوى معيشة ورفاه المواطنين .

وهنا اجد ان الوصول الى تحقيق التنمية الاقتصادية يتطلب التركيز على القطاعات الاقتصادية الرائدة والتي من خلالها نستطيع التغلب على الكثير من المشاكل الاقتصادية التي باتت تشكل لنا قلقا وتورق عقولنا كمشكلة الفقر والبطالة وارتفاع المديونية والتي تشكل اهم عوائق لمسيرات التنمية .

ان تحقيق التنمية في بلدنا الغالي ايضا لا يتأتى الا من خلال الاعتماد الرئيسي على مقدراتنا الوطنية ومواردنا الاقتصادية الذاتية وعندها نستطيع القول ان هناك مجال للتغلب على مشاكلنا الاقتصادية .

وهنا فان التنمية بمفهومها الشامل كعملية تفاعل وتناسق بين كافة مكونات البلد للوصول الى تحقيق نمو اقتصادي واجتماعي وثقافي يهدف الى الوصول الى تحقيق الامن والاستقرار السياسي داخل الدولة تتطلب ان تقوم الحكومة بتبني اجندة شاملة ومتوازنة للإصلاحات الاقتصادية والمالية والادارية مع تبني ووضع خطط استراتيجية قطاعية وبرامج تنموية طموحة قابلة للتنفيذ تستهدف رفع معدل النمو وتطوير الإدارة الحكومية مع الاخذ الجاد بمكافحة الفساد والفاسدين والقيام بالاستغلال الامثل للموارد وتسخيرها لصالح التنمية التي نريد ، فضلا عن ايجاد او تطوير اليات العدالة في توزيع مكتسبات التنمية .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات