مصيدة الفوضى الخلاقة


تمكنت قوى الاحتلال الغربي من تفتيت الامة الاسلامية بمعول (فخ) سموه القومية العربية وقد ولدت ميتة وليتها رأت النور فقد أجهض المولود بعملية قيصرية ليتمخض الجمل عن فأر اسمه الدويلات العربية، واستقر تقسيم الشعب العربي سكانا وجغرافيا ردحا من الزمن وزاد ظلم الحكام المنتدبين علينا وعندما أخذت الشعوب تصحو وتدرك سر التجزئة والنهب والظلم والسيطرة تولد الكره الشعبي للدول الغربية التي رعت التقسيم وكرهت النواطير الذين عينوا على راس كل دويلة في المنطقة وأدرك الغرب أن مصالحه في خطر، بسبب الوعي وسوء إدارة الانظمة؛ مما دفع أصحاب المشروع الغربي الى التفكير بالخلاص من الانظمة التي باتت عبئا عليهم أمام الشعوب وعاملا في تسريع فقدان السيطرة على المنطقة، وخطط الغرب للاستفادة من الشعور الشعبي الكاره للحكام لإعادة إحكام السيطرة والتقسيم من جديد.

فروج الغرب قبيل موجة الثورات العربية بقيادة امريكيا لفكرة الفوضى الخلاقة وهو حق أريد به باطل وفعلا حدثت بشكل مفاجئ غير مخطط له ولا متآمر مع الغرب بسبب ما تعانيه الشعوب من ظلم وقمع للحريات. وكان التحرك بداية من عامة الشعب وعلى بعد خطوة من ذلك تحركت القوى الاسلامية على ايقاع منظم وكنا نعيب عليهم التأخر... وكأني بالغرب يريد تحرك القوى الاسلامية المنظمة أولا ليتمكن من توجيه الضربة لهم قبل تحرك القوى الشعبية لينفذ مخططاته في إعادة تشكيل المنطقة وضرب الاسلام السياسي كما خطط له مع الانظمة بناء على تهيئة مسبقة مع وجود القوى السياسية الضعيفة المناوئة للفكر الاسلامي التي لا تستطيع مواجهة ومخالفة الانظمة الحاكمة مما يتيح لها تبديل الوجوه الحاكمة مع الابقاء على المضامين السابقة.

ولكن تحركت القوى الشعبية أولا في مصر مثلا وهي لا تعرف ماذا بعد فأمسكت الحركات الاسلامية بقوى الفوضى الخلاقة وضبطت الايقاع من الوقوع والانزلاق الى حالة الضياع التي ينشدها الغرب لينفذ ما يريد دون ان ينكشف أمره وعملت على تنظيم الانتخابات الحرة وحكّمت ارادة الشعب بصناديق الاقتراع وهذا ما لم يرده الغرب فهو يريد فوضى غير خلاقة في واقع التخطيط لإعادة تشكيل المنطقة من جديد وضمان امن اسرائيل وتبديل الوجوه الحاكمة ليعيدوا تمثيل الادوار من جديد وكل ذلك لضمان المصالح الغربية وإبعاد شبح الدولة الاسلامية التي بذلوا في تدميرها قرونا من اعمارهم الحضارية.

نجح الغرب عندما روج فكرة القومية عند العرب والترك للتصارع تفكيكيا للدولة لكن الغرب لم ينجح بفكرة الفوضى الخلاقة فقد جرت الرياح بما لا يشتهي السفن وبدأت تتشكل دول حرة مستقلة تمهيدا لقيام وحدة واحدة وهنا لجأ الغرب الى خططه البديلة التي كان يعمل عليها بالتعاون مع حكام العرب مذ قامت الدويلات العربية الهزيلة بناء على اتفاقيات سايكس بيكو، فقد عظم الغرب خطر الفكر الاسلامي على تلك الانظمة وعلى القوى القومية واليسارية وغير الاسلامية وباتت التهم الفصلية والسنوية للإسلام السياسي مشهدا ثابتا في الاعلام العربي حتى المسلسلات التاريخية الاسلامية عبارة عن حروب وتعب بال وفي حال انتهاء المعارك تعمد أفضل القيادات الاسلامية الى القتل والتنكيل ويتم إغفال الجانب الحضاري الانساني عندها والصالح في هذه القيادات ينسب للقومية العربية لا الفكر الاسلامي فصلاح الدين وقطز عرب.

ووقعت القوى السياسية المزامنة للفكر الاسلامي بشرك التخطيط الغربي بالتعاون مع الانظمة العربية التابعة لها وكلهم تبع، فصار صاحب الفكر الاسلامي عند هذه القوى وكذا السذج من الناس خطرا على الحياة العامة والشخصية وإن قدم للناس المن والسلوى. نجح الغرب مرحليا في خطته البديلة بجعل الفكر السياسي الاسلامي - دون معرفة للسبب الحقيقي - خطرا على الامة ومستقبلها بالتعاون مع القوى المأزومة فكريا التي لم تمارس الحرية يوما ولم تبني وطنا إضافة الى القوى المستأجرة بالمال والجهل معها الأنظمة المسلحة بالقوة العسكرية؛ فقد بات في حكم المؤكد ان الجيوش العربية أعدت لتمرير المخططات الغربية على يد الحكام وأتباعهم من غير قصد فهم رهن الاشارة من ولي الامر الذي لم ينتخبه شعب، فها هي مئات الالوف من الشعوب العربية تذبح على يد هذه الجيوش حتى انه هان على الجيوش وولاة أمرها تسليم سلاحها على ان تبقى وحشا يقتل الشعب لكن لا ينقطع الامل بوجود المخلصين في هذه الجيوش.

بدأت الخطة البديلة للسيطرة على الفوضى الخلاقة التي خرجت عما يريده الغرب بالانقلاب على ارادة الشعب مدعية مصلحة الشعب في مصر بالتعاون مع القوى المعادية للفكر الاسلامي. ويلجأ الغرب الى اثارة الفوضى ضد الاسلام السياسي في الدول التي تحررت كتونس وليبيا واليمن تمهيدا لتنفيذ انقلابات متنوعة على إرادة الشعب وفي سوريا التخطيط بين روسيا وأمريكيا والأنظمة العربية على قدم وساق للخلاص من الاسلاميين، وتدور ماكنة الإعلام العربي (إعلام الانظمة) من المحيط الى الخليج تعلى من شأن الفاسدين والمتآمرين وتسفه احلام الشرفاء وتكيل لهم الكذب وتلقي فساد الانظمة على الاسلام السياسي وتصور اتباعه عملاء للكيان الصهيوني فصدق فيم المثل العربي: رمتني بدائها وانسلت.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات