حماية وحرية الصحفيين ومؤسسة "الصوت الحر" الهولندية ينظمان ملتقى "استقلالية الاعلام في مناطق النزاعات والأزمات" في بيروت


جراسا -

  متري: ما يتهدد الحريات في لبنان يأتي من خارج الدولة اللبنانية .. والصحفيون مطالبون بصون أنفسهم من الهبوط

 

  منصور: ما تزال التشريعات الناظمة لعمل الصحافة والإعلام شراك وحقول ألغام تحد من الحرية وتحاصرها وتفتك بها أحياناً


 ديجكسترا: وسائل الإعلام مهددة بخطر الاساءات

 

شهدت العاصمة اللبنانية بيروت يوم الخميس الموافق 22/5/2009 تظاهرة إعلامية حاشدة حيث

نظم مركز حماية وحرية الصحفيين بشراكة مع مؤسسة "الصوت الحر" الهولندية ملتقى إعلامي في فندق سفير بعنوان "استقلالية الاعلام في مناطق النزاعات والأزمات"، وذلك ضمن برنامج الاستثمار في المستقبل-استراتيجية تطوير القدرات المهنية للاعلاميين العرب.

 

عقد الملتقى بحضور ورعاية معالي وزير الإعلام اللبناني طارق متري وحضره حشد كبير من أبرز الصحفيين اللبنانيين بالإضافة إلى نخبة من الإعلاميين العرب الذين ناقشوا أثر التبعية السياسية والمالية للمؤسسات الإعلامية على مهنية الاعلام ودور الاعلام في تأجيج الصراع أو تحفيز الحوار في الأزمات السياسية ومستقبل الإعلام اللبناني.

 

وتزامنت هذه التظاهرة الإعلامية مع بدء العد العكسي للانتخابات البرلمانية اللبنانية.

متري: الرقابة الذاتية أشبه بضغط العنف المعنوي

وألقى الوزير د. طارق متري كلمة افتتاحية قال فيها "منذ عقود طويلة ما زلنا نعرف أجيالا من الاعلاميين والاعلاميات يمتازون بالجسارة والروح النقدية. ولقاء كهذا في حال لبنان المتقلبة، وان ليست عصيبة، وتأثير ذلك على عمل الاعلاميين، انما يسهم في استعادة بعض مما افتقدناه من روح الريادة والحس النقدي".

 

وأبدى عددا من الملاحظات منها "ان الحرية في لبنان ليست مهددة بالصورة التي هي عليها في بلدان أخرى، فتراجع مرتبة لبنان من لائحة الدول لجهة التمتع بالحرية الاعلامية لا يعود الى نظام قمع الحريات بقوة قوانين استثنائية، ولا بقوة الرقابة، ولا بالقوانين المتخلفة ـ ولدينا بعض منهاـ، ولكن ما يتهدد الحريات في لبنان يأتي من غير الدولة اللبنانية، ما يتهددها هو تهديدات بالقتل تأتي من الخارج".

 

وقال "ان الحرية يتهددها أيضا ذاك الضغط الآتي من وعد ووعيد، قوى وشخصيات سياسية الى وسائل الاعلام التي تلوذ بهم، وهذا ما يؤدي بالكثير من الاعلاميين الى ممارسة رقابة ذاتية، هي أشبه بضغط العنف المعنوي".

 

وحول المصداقية في وسائل الإعلام اللبنانية قال متري "لن أدخل في نقاش حول مسؤوليات بعض السياسيين المؤثرين في الاعلام حول إضعاف صدقية وسائل الاعلام، الا ان انزلاق بعض وسائل الاعلام الى ما يقوله بعض السياسيين على أساس الأمانة في النقل، يؤدي الى تغليب منطق الشجار والسقوط في البذاءة".

 

وأشار الى "ان الاعلاميين، أيا كان من أمر ولاءاتهم وخياراتهم، فهم مدعوون الى صون أنفسهم من الهبوط، والى توسيع مجال استقلالهم في هذه المهنة عن مالكي وسائل الاعلام والشخصيات السياسية".

 

ورأى "ان ذلك يتطلب جهودا كبيرة منها "الاتفاق على الالتزام الطوعي بمجموعة مبادىء تنطلق من أخلاق المهنة".

 

كما ذكر "ان محاولات جرت للوصول الى شرعة الالتزام الطوعي، ولاقت استجابة عند الكثير من الاعلاميين والاعلاميات، لكن فئة محدودة اعترضت برحيلها، أي بمقاطعتها للمشاورات أو بالصراخ، متوسلة حججا متنوعة، إذ اعتبروها نوعا من الرقابة المضافة".

 

وقال "ان القول بأولوية الخبر على الرأي، والتمييز بينهما، والقول بتنقية العمل الاعلامي من طغيان التهجم والتهكم على غرار اعلام اليمين الأقصى في الولايات المتحدة الاميركية، كأنما القول بأن تنقية الاعلام تنطوي على تهديد للحريات الاعلامية، وأنا شخصيا لا أصدق هذا القول".

 

ودعا الى "احترام اخلاقيات المهنة"، مؤكدا "ان الحفاظ على حقوق الاعلاميين المادية والمعنوية يتطلب تعديلا لبعض القوانين الحالية".

 

وتمنى الوزير متري في الختام "أن يسهم هذا الاجتماع في السير خطوة نحو تحقيق بعض مما نتوخاه في سبيل الحرية والصدقية والاستقلال". 

 

منصور: الوقت صعب حالياً للمدافعين عن حرية الإعلام

من جانبه ألقى الرئيس التنفيذي لمركز حماية وحرية الصحفيين نضال منصور كلمة قال فيها أن "الواقع الإعلامي العربي لا يشي بكثير من التفاؤل .. فرغم كل الحديث عن الإصلاح السياسي فما زال الإعلام يعاني من سيطرة وتدخلات حكومية وأمنية، وما تزال التشريعات الناظمة لعمل الصحافة والإعلام شراك وحقول ألغام تحد من الحرية وتحاصرها وتفتك بها أحياناً".

 

وتساءل منصور "هل يمكن للإعلام أن يتحرر من تبعية المال والسياسة؟!، وهل يمكن أن يكون الإعلام دائماً رافعة لتجذير قيم الديمقراطية والتسامح والحوار .. ويكون في الخندق المقابل لمن يدعون للصراع وللعنف؟، وهل يمكن للإعلام أن لا يكون في حضن أحد إلا حضن المهنية والحقيقة؟!".

 

وقال أن "مهنية الإعلام في العالم العربي لا تزال متواضعة"، مذكراً الى ان "بيروت هي رمز لحرية يفتقدها العالم العربي".

 

وأشار إلى أن "الوقت صعب حالياً للمدافعين عن حرية الإعلام، خصوصاً في ظل محاولات الاحتواء الناعم والخشن للإعلام".

 

وفي نهاية كلمته تحدث منصور عن برنامج الاستثمار في المستقبل فقال أن "البرنامج يسعى إلى خلق نواة من صحفيين عرب محترفين يسعون إلى التغيير الحقيقي ويؤمنون بقيم الحرية".

 

بعد ذلك، عرض فيلم قصير عما يمكن أن يواجه الإعلاميين من مشكلات أثناء قيامهم بواجبهم المهني وإمكانية التغلب عليها".

 

ديجكسترا: ضرورة تحسين أوضاع الصحفيين بشكل عام

وشدد مدير مؤسسة "الصوت الحر" الهولندية السيد بارت ديجكسترا في كلمته الافتتاحية على "أهمية الإعلام الحر في مناطق العالم التي تشهد نزاعات وأزمات، كما أكد دور ومسؤولية المؤسسات الإعلامية في حماية إستقلالية الإعلام".

 

وطرح ديكسترا عدداً من النقاط التي تؤثر على وحدة الشعوب ومن مجملها العنصرية والتحريض على العنف والكراهية، وأكد على "ضرورة تحسين أوضاع الصحفيين بشكل عام والصحفيين المستقلين بشكل خاص من ناحية اجتماعية و اقتصادية".

 

من جهته رحب ضيف الشرف الصحافي السريلانكي سوناندا ديشابريا الذي أسس عدداً من الجمعيات المدافعة عن حقوق الإنسان والصحافيين في بلده سيريلانكا بالضيوف المشركين في الملتقى.

 

نقاشات ساخنة ..

وتوزعت أعمال الملتقى على  جلستان رئيسيتان، تناولت الأولى والتي أدارها الزميل منصور محوران هما "الاعلام في الأزمات بين الضغوط السياسية والبحث عن المعلومة"، و"أثر التبعية السياسية والمالية للمؤسسات الاعلامية على مهنية الاعلام" تحدث فيها النائب غسان مخيبر ومدير الأخبار في تلفزيون "المستقبل" حسين الوجه ورئيس تحرير جريدة "الغد" الزميل موسى برهومة والصحفية في جريدة "الأخبار" مهى زراقط، وضيف الشرف الصحافي السريلانكي سوناندا ديشابريا.

 

واستعرض ضيف الشرف الصحفي السيريلانكي ديشابريا في مداخلة له تجربة الإعلام السيريلانكي في التعامل مع النزاعات التي شهدتها بلاده، وكيف تعاون الصحفيون في سيريلانكا على تشكيل لجان ساهمت في حمايتهم والدفاع عن حرياتهم الصحفية.

 

وفي هذا الحوار اتفق رئيس تحرير الأخبار في قناة "أخبار المستقبل" حسين الوجه مع الوزير متري على "أن الضغط الذي تتعرض له وسائل الإعلام هو ضغط سياسي وليس من الدولة، لأن الأخيرة هي الأضعف والواقع السياسي أقوى من تطبيق القوانين"، مذكراً بـ"حرق مبنى تلفزيون (المستقبل) وقطع بثه خلال أحداث 7 أيار 2008" غير أن المثل الذي طرحه الوجه لم يعجب مدير العلاقات العامة في تلفزيون "المنار" إبراهيم فرحات فتمنى عليه "لو عاد أيضاً إلى حادثة تدمير مبنى قناة (المنار) تدميراً كلياً خلال عدوان تموز".

 

وقدم النائب مخيبر قراءة سريعة لأبرز المواد التي تضمنها القانون الانتخابي الجديد عن الإعلام، وأشار أن الوسائل الاعلامية "خرقت أبرز نقاطه كتأمين العدالة والتوازن والحياد، وعدم التأييد العلني لمرشح ما"، كما وجّه عدداً من الملاحظات على أداء الهيئة شبه المستقلة لمراقبة الانتخابات معتبراً انها "لم تكن حازمة كفاية ولم تجبر، على حد علمي، أي شاشة ان تبث اعتذارا مثلاً، مع ان الكثير يستوجب الاعتذار".

واعتبر مخيبر أن "وسائل الإعلام تعكس الواقع السياسي في لبنان"، واشار إلى أن "اللبنانيين اليوم أمام معركة سياسية غير مسبوقة وكل الأطراف السياسية تستنفذ وسائل الإعلام تماماً، وأحياناً تنجح الوسيلة بالهروب من الضغوطات وأحياناً لا".

 

وقدمت الزميلة مهى زراقط من جريدة "الأخبار" لمحة تاريخية عن عرف الإعلام اللبناني يتعلق بالتمويل الأجنبي، واستعادت في حديثها الحادثة الشهيرة في تاريخ لبنان، يوم استقبل الرئيس شارل حلو وفداً من الصحافيين اللبنانيين، فرحّب بهم قائلاً: "أهلاً بكم في وطنكم الثاني لبنان" في إشارة إلى وطنهم الأول، أي الدول التي تموّلهم. وبعد ثلاثين عاماً على هذه الحادثة، استقبل الرئيس رفيق الحريري وفداً إعلامياً فقال لهم: "أهلاً بكم في وطنكم الأول لبنان"، وتساءلت زراقط "إن كان الحريري قد قصد بتلك الجملة أنّه ينبغي للصحافيين وقف ولائهم المزدوج أو أنّه كان يعلن لهم أنه بات هو جاهزاً لتمويلهم"، مضيفة "للأسف أثبتت التجربة صحة الفرضية الثانية، من دون أن تتوقف بعض المؤسسات عن اللجوء إلى تمويل خارجي أيضاً".

 

وقدم الزميل موسى برهومة رئيس تحرير جريدة الغد قراءة في الصعوبات التي يواجهها الإعلام الأردني خصوصاً "لجهة محاولات الحكومات لإفشال التجارب المستقلة للإعلام" مشيراً إلى "السعي الدائم لممارسة سياسات الاحتواء الناعم والخشن مع الصحافة" مورداً أمثلة متعددة على ذلك.

 

وتضمنت الجلسة الثانية التي أدارها مقدم البرامج في قناة "العربية" تركي الدخيل على محورين هما "دور الإعلام في الأزمات السياسية .. تأجيج الصراع أم تحفيز الحوار" و"مستقبل الإعلام اللبناني .. مزيد من الانحياز السياسي أم ترسيخ التقاليد المهنية"، وتحدث فيها مدير عام قناة "المنار" عبدالله قصير وناشر جريدة "الآن" الإلكترونية سعد بن طفلة العجمي والزميلة رانيا بارود.

 

ورأى مدير عام قناة "المنار" عبدالله قصير في كلمته التي عرضها في الجلسة الثانية "أن دور الإعلام يجب أن يتركز على الدعوة للحوار في زمن الأزمات والدعوة إلى التلاقي سعياً للوصول إلى القواسم المشتركة ليرتفع صوت العقل والضمير ولتعلو المصلحة الوطنية العامة على المصالح الفئوية والخاصة".

 

واشار قصير إلى "ضرورة عدم الوقوع تحت ضغط المقاييس والمسميات والمصطلحات التي يحاول الغرب إشاعتها وفرضها على القاموس الإعلامي العربي، بينما يرفض هو الالتزام بالحدود الدنيا من تلك المقاييس والمصطلحات عندما يكون الأمر متعلقاً بمصالحه ومواقفه السياسية والإيديولوجية".

 

وعادت الإعلامية رانيا بارود خلال حوارات الجلسة الثانية إلى حادثة تصوير أحد ضباط الجيش وهو يقدّم الشاي للإسرائيليين، وتمنّت لو أنّ الشريط لم يعرض "حفاظاً على وحدة اللبنانيين" وهو ما أثار استياء عدد من الحاضرين الذي أكدوا أن تصوير الضابط كان عملاً صحيحاً.

 

واشار الزميل سعد بن طفلة العجمي رئيس تحرير جريدة "الآن" الخليجية الإلكترونية إلى أن "الموضوعية نسبية حتى في الإعلام الغربي" مشدداً على أنه "لا يمكن المساواة مثلاً بين (سي أن أن) و(فوكس نيوز) ما يعني أن المعايير المهنية تلعب دورها ولو ضمن انحياز ما".

 

وعقب مدير العلاقات العامة في قناة "المنار" عبد الله فرحات أن "لا وجود لمفهوم الحيادية، لأنه موقف غير أخلاقي"، فيما خالفه رئيس تحرير جريدة "الآن" الإلكترونية سعد العجمي، مؤكداً أنه "لو لم يكن هناك حيادية لما كانت قناة CBS الأميركية قد عرضت صور تعذيب السجناء في (أبو غريب)".

 

ونظم برنامج الاستثمار في المستقبل ـ استراتيجية تطوير القدرات المهنية للإعلاميين العرب هذا الملتقى على هامش الاجتماعات الدورية لمجلسه الاستشاري والذي يضم مجموعة من الإعلاميين العرب المعروفين، بالإضافة إلى اجتماع اللجنة التوجيهية للبرنامج والتي تضم ممثلين عن دول البرنامج (الأردن، مصر، لبنان، المغرب، البحرين واليمن).

 

والجدير بالذكر أن برنامج الاستثمار في المستقبل يعتبر أول استراتيجية لتطوير القدرات المهنية للإعلاميين العرب، وأعدت الاستراتيجية بناء على دراسة ميدانية أجراها خبراء في الدول العربية الستة، وعلى أثرها عقد مؤتمراً دولياً لمناقشتها وإقرارها في عمان.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات