طبائع الاستبداد


يقول ارسطو- ان الرجل الحر لا يستطيع أن يتحمل حكم الطاغية ولهذا فان الرجل اليوناني لا يطيق الطغيان بل ينفر منه، أما الرجل الشرقي فإنه يجده أمرا طبيعيا فهو نفسه طاغية في بيته يعامل زوجته معاملة العبيد ولهذا لا يدهشه أن يعامله الحاكم هو نفسه معاملة العبيد.

اصبح الاستبداد والظلم آفة غزت عالمنا العربي المأزوم والمشوب بنكساته وويلاته والدمار الذى عم وطم فمنذ سقوط بغداد عاصمة الرشيد بزغت الطائفية , وما سبقه ورافقه وتبعه ثورات عربية ارتبطت بسفك للدماء وللتشرد والظلم والذبح والسحل هتكت فيها الاعراض وترملت فيها النساء وتفشت الطائفية الدينية وفعل اعدائنا بنا كما يحلو لهم في مسرح مفتوح من التشرذم والفرقة ونحرت الامه من الوريد للوريد ومن قاع القاع الى عصب النخاع واصبح الدم العربي المهراق مألوفا على شاشات التلفزة العالمية في مشاهد انسانية مفجعه تعز على كل حر .

غير اننا بنظر اعدائنا والمتسلطون والمنتفعون من جيوب ارضنا العربية التي تسبح بالنفط و في ميزان المعادلات الاستراتيجية والحضارية والتوازنات الاقليمية لسنا اكثر من برميل نفط فأن جف فلتذهب امتنا الى السحيق والى الجحيم لذا الأمة التي لا يشعر أهلها بآلام الاستبداد لا تستحق الحرية ولا الكرامة .

وما يحدث اليوم من توغل و نفوذ السلطة الصهيوامريكية في العالم العربي وتنازع المصالح بين الدول الكبرى من صياغة للحاضر والمستقبل العربي برعاية استعمارية وخارطة ديموغرافية جديدة , يشكل مفارقة وعلامة استفهام كبيرة، تدمر شعوب وتمزق دول ، ويقفز على كل ثوابتها وقيمها , ويحيل كل دولة إلى كتاب مفتوح، كل رموزها ومصطلحاتها ومفاتيحها بأيدي الغزاة ، فهل تعتقد القوى السياسية العربية وامراء الخليج أن الرعاية الأجنبية حريصة على بلاد الشام والعراق ومصر والامة منحورة وواقعه تحت اقدامهم افلا تتحرك فيهم دماء العروبة على ازيز المدافع ودوي القنابل وصراخ الاطفال والنساء .

ان التعامل بمنطق الانحياز لاحد المعسكرين على حساب اوطاننا وشعوبنا ورفد القوى الأجنبية بما يلزمها لوجستيا ، ويفتح لها أبواب الولوج إلى داخل الرحم الوطني العربي ، ويقدم لها تسهيلات الوصول إلى مفاصل الفعل الوطني والسياسي والتركيبة السكانية والاجتماعية والمناطقية الدينية.

والتعاون معها يسهم بشكل فاعل في شرخ الامة اكثر مما هي عليه من انقسامات وكنتونات سياسية متناحرة , و بالتالي سهولة ان تبتلع من حيتان الاستعباد والاستبداد والاستعمار القادرة على خلق وزعزعة اي دولة عربية من داخلها ولا احد بمنأى منها بعدما جاسوا وعلوا علينا في ديارنا وبلغ استبداد بني جلدتنا علينا وعلى مقدراتنا مبلغه .

وادوات اللعب في المسرح السياسي العربي وصالونات كيري ولافروف ومنظر التيار التغيري العربي نتنياهو صاحب اقوى جيش بالمنطقة فاق عدده المليون ونصف جندي دون الاحتياطي وترسانة عسكرية كيماوية و نووية فتاكة ، عليكم أن تميّزوا جيداً بين الاستعانة بالأجنبي والوصاية الاستعمارية منه ، ونحن نعلم علم اليقين كشعوب عربية تتجرع النكبات والويلات انكم تعرفون ذلك جيدا ، ولكن يبدو أن ضغوط المرحلة الحالية والمطالب الشعبية الجماهيرية وارهاصاتها ومفاجأتها جعلتكم تُرحّلون قناعاتكم إلى مراحل لاحقة، ظن منكم أنه حينها يمكنكم إحداث التغيير وفق قناعات وطنية واخرى اجنبية.

و من نافله القول إن مثل هذا الاعتقاد لا يمكن البناء عليه في ظل قوانين الهيمنة والسيطرة والتوغل العميق داخل لبابه الدول وقيادتها الاجتماعية بالتي تمكنت القوى الاستبدادية والاستعمارية من مفاصل البناء ومداميكه للدول التابعة لها ، لا يمكن فك الارتباط بقوى الاستعمار بيسر ولين ، بقدر ما يتطلب تضحيات ودفع فواتير الحروب من الرصيد البنكي العربي وأثماناً قد لا نقدر عليها لاحقا من ضياع للهوية الوطنية للدول المنكوبة او المتاثرة من نزيف الحروب ، وكذلك هي الأثمان التي تدفع بسبب من التدخل الآخر بمسميات مذهبية وسياسية تنفرد بمناطق نفوذ لصالح ايران وحلفائها بالمنطقة .

الظلم مرتعه وخيم والعدل ديدن الجميع ومطلبه وكلنا في الهم شرق واستذكر مقولة الفاروق عمر بن الخطاب رضى الله عنه (نحن قوم اعزنا الله بالإسلام فان ابتغينا العزة بغير الاسلام اذلنا الله )

وحمى الله الاردن



تعليقات القراء

علي ابو سليم
مقاله رائعة
17-09-2013 09:57 AM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات