فاقد الدهشة يسأل ، من هو عدوّنا .. ؟


 قُبيل ولوجه حديقة رمضان الروحانية ، أراد فاقد الدهشة أن يُفجِّر ""يبط"" الدُمَّل ، في سياق مشاعر الغضب التي تنتابه من أمة العرب والمسلمين . أمة تأكل ما تُفرزه أحشاؤها من قاذورت ، تنتحر على مذبح الكذب ، الخداع والجُبن ، تغرق في متاهات الفشل ، ومن ثم تُلقي بالمسؤولية على عدو ، أي عدو يخطر ببالها ، الإستعمار العُثماني ، البريطاني ، الفرنسي ، الأمريكي وربما البرامكة القدامى والجدد...! حتى إنتهى المطاف الآن بما يُسمى العدو الصهيوأمريكي ، الذي أصبح الشماعة التي يُعلق عليها المأزومون من العرب والمسلمين على حد سواء ، متفرقين ومجتمعين كل خيباتهم وهزائمهم في شتى المجالات ، العسكرية ، العلمية ، التقنية والثقافية .

- اليوم يتوقف بنا الزمن عند قراءَة المشهد المصري ، من زواياه المختلفة ، الإخوان المسلمين ، جبهة الإنقاد ، التمرد ، القومجيين ، اليساريين ، الليبراليين وحتى العسكر ، كل يرجم الآخر بأنه مدعوم من الصهيوأمريكي ، وكل يقول أن الصهيوأمريكي يتآمر عليه لمصلحة الآخرين ، فيما محمدين كما عويس وأم عبدو الكارو والولد شلاطة ، يترنحون في الصعيد ، الأرياف وشوارع مصر العتيقة ومقابرها بحثا عن الأمن ولقمة العيش...!

- فيما كنت أُنصت خاشعا لهذيان صديقي اللدود فاقد الدهشة ، وقد ساءَه صمتي فظن أنني لا أبالي بما ينتابه من غضب ، وخشية أن أؤكد أن الصهيوأمريكي هو فعلا عدوٌ لنا ، سارع اللدود لإنهاء طقوسه برشف القهوة وحرق السجائر ، وإلتفت قائلا : أعرف أنك من بقية القوم الفاشلين ، وأنك تهرب من الحقيقة المُرة التي لا أحد من العرب والمسلمين يريد مواجهتها ، لأن كل عربي ومسلم هو الصح الوحيد وهو القابض على ناصية الحق والحقيقة ، وما دونه خَوَنٌ ومأجورين ومتآمرين وعملاء للصهيوأمريكي...!

- حملق اللعين في وجهي ، إعتدل في جلسته على الأريكة ، أشعل سيجارة ورشف القهوة ، ثم قال : كي أُرضي ظنونك وبقية العرب والمسلمين ، وأُشعل نيران غيظكم جميعا ، لن أعترف بعداء الصهيوأمريكي لكم جميعا فحسب ، بل سأمنح هذا الصهيوأمريكي حق سحقكم ، تقسيمكم وتفتيتكم ، يا معشر المأفونين ، الإنهزاميين والدجالين الذين لم تُدركوا بعد أنكم مجرد عبيد لنزواتكم ، خيالاتكم وإحباطاتكم ، التي تُزيِّن لكم أنكم شيئا يُذكر على الخارطة العالمية ، فيما أنتم مجرد دُمى يحركها الصهيوأمريكي ، يتلاعب بكم جميعا في آن واحد ، فهو معكم جميعا وضدكم جميعا ، وأنتم في الضلال تعمهون ، ودعني هنا أن أُزيد على سقوطكم سقوطا ، وأرفع قبعتي شامتا لأحيي الصهيوأمريكي ، وأقول له صحتين وعافية على قلبك.

- قبل أن أتمكن من توضيح وجهة نظري ، عاجلني اللدود قائلا : ""لا يُغيِّر الله ما بقوم حتى يُغيروا ما بأنفسهم ،،،صدق الله العظيم""" ، وحتى يتكل العبد على الله جل جلاله ، عليه أن يَعقل ، يستعد ويعمل ، وبدلا من إلقاء اللوم على نظرية المؤامرة ، التي أصبحت جزءاً أصيلا من ثقافتنا كعرب ومسلمين ، علينا أن نعترف بالهزيمة ، الجهل ، الإتكالية ، العاطفة والثقافة المتخلفة ، وأننا نلجأ إليها كأدوات في خضم معالجتنا لقضايانا البينية ، الوطنية ، القومية ، وهذه الثقافة وتلك الممارسات ، هي أكبر وأهم عدو ينخرفي أساسات أمة العرب والمسلمين ، فبينما جميع دول العالم الغنية والمتحضرة ، التي فصلت وتفصل الدين عن السياسة ، وهي التي تستعمرنا ، تتلاعب بنا وتحيك حولنا المؤامرات وتزرع الفتن بين صفوفنا ، فيما ما نزال نريد أن نُخضع السياسة للخطاب الديني ، ننتظر الملائكة وطير الأبابيل ليحاربوا معنا ، ومن ثم نجعل من الله القدير كرباجا نسوط به كل من يختلف معنا في الرأي ، في الوقت الذي تمكن فيه الصهيوأمريكي من السيطرة شبه المُطلقة على عقولنا وأفكارنا ، يبيعُنا ويشترينا ، يُساعدنا ويمنع عنا ، يُجمِّلنا ويشوِّهنا ، يُغنينا ويُفقرنا ، ونحن بين يديه مجرد لُعب أطفال لا حول لنا ولا قوة ، في زمن لا يحتمل العودة إلى الوراء ، ولا جدوى فيه بدون صياغة ثقافة حداثية، تمزج بين الموروث التاريخي والحضاري وبين مستلزمات العصر الحديث ، الذي يتطلب الحرية ، الديموقراطية وحقوق الإنسان ، العدل ، المساواة وسيادة القانون بروح مدنية تضمن حقوق المرأة والحريات العامة والشخصية ، وبغير وصاية على فكر الآخر ومعتقداته .

-نهض فاقد الدهشة ليغادر ، وهو يقول على عقلاء هذه الأمة أن يلوموا أنفسهم ، وأن يبدأوا بمعالجة ما هو في الداخل ، قبل إلقاء اللوم على ما هو في الخارج،،، وغادر



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات