الملك لـ أسوشيتد برس : الملكية رمز الوحدة الوطنية


جراسا -

أكد جلالة الملك عبدالله الثاني اليوم أن "الملكية تحافظ على دورها في الأردن بوصفها رمز الوحدة الوطنية، والصوت الذي يعبر عن جميع الأردنيين، ويدافع عن القيم الأساسية لهويتنا الوطنية".

ولفت جلالته، في مقابلة مع وكالة الأنباء الأمريكية، أسوشيتد برس، أجراها مديرها في عمان الأستاذ جمال حلبي وبثتها اليوم، إلى أن "الهدف الرئيس للملكية يتمثل في حماية ازدهار الوطن واستقراره وأمنه ووحدته، والعمل من أجل الأردنيين، حتى يتمكنوا من تحقيق تطلعاتهم".

وقال جلالته "إننا كتب فصلا جديدا في تاريخنا، وأنا لا أكتبه لوحدي، بل يشاركني في كتابته الشعب، وممثلوه، والقوى السياسية، والمجتمع المدني".

وأوضح جلالة الملك في المقابلة: "أن لدينا اليوم خارطة طريق إصلاحية ذات مسار واضح، تقوم على إنجاز محطات رئيسية، وتوافر مقومات ضرورية. ويتعلق جزء من هذا المسار بضرورة الاستمرار في تطوير نظامنا الانتخابي من خلال مؤسساتنا الدستورية، بحيث يصبح أكثر تمثيلا، ويحافظ على التعددية، ويوفر تكافؤ الفرص بين الأحزاب، ويسهم في تشكيل الحكومات البرلمانية على أساس حزبي".

وفي رد على سؤال حول التحديات الاقتصادية التي تواجه الأردن، قال جلالته "لقد أضرت الأزمة العالمية باقتصادنا فعلا، وجاء الربيع العربي بعدها فتباطأ أداء قطاع السياحة والاستثمارات. وقد أدى تدفق اللاجئين السوريين إلى زيادة الضغط على الموارد والبنية التحتية، فيما توقفت تجارتنا عبر سوريا تماما. أما الضربة القاصمة فتمثلت في انقطاع إمدادات الغاز المصري، والتي كانت تلبي 80 بالمئة من احتياجاتنا لتوليد الكهرباء، في وقت ارتفعت فيه أسعار النفط عالميا إلى مستويات قياسية. ويكلف هذا وحده الحكومة أكثر من ملياري دولار أمريكي سنويا كعجز إضافي. أضف إلى ذلك كلفة استضافة ما يقارب نصف مليون لاجئ سوري، عبروا الحدود إلى الأردن في أقل من 12 شهرا وهو عدد يشكل 9 بالمئة من سكان الأردن، وهي نسبة تعادل تدفق أكثر من 30 مليون لاجئ إلى الولايات المتحدة".

وحول الأزمة السورية وتداعياتها على الأردن، بين جلالته خلال المقابلة "أن التكاليف المباشرة لاستضافة اللاجئين السوريين تبلغ 550 مليون دولار أمريكي سنويا بالمستويات الحالية لعدد اللاجئين، والذي من المتوقع أن يتضاعف تقريبا خلال الشهور الستة إلى الثمانية القادمة".

ولفت جلالته إلى أن "إمكانية تحوّل سوريا إلى التطرف، إلى جانب الجمود في عملية السلام، يمكن أن يشعل المنطقة بأسرها، وهناك سيناريو آخر في غاية الخطورة وهو تفكك سوريا بصورة تؤدي إلى صراعات طائفية في جميع أنحاء المنطقة، تستمر لأجيال قادمة. وهناك أيضا خطر كبير بأن تتحول سوريا إلى قاعدة إقليمية للجماعات المتطرفة والإرهابية، ونحن نشهد بالفعل وجوداً لهذه الجماعات في بعض المناطق".

وأوضح جلالة الملك أن الأردن يعمل ضمن الإجماع العربي والدولي والشرعية الدولية. "وأنا ضد إرسال قوات أردنية داخل سوريا بالمطلق، وهذه هي سياسة الأردن منذ البداية. وأنا أيضا ضد أي تدخل عسكري أجنبي في سوريا".

وفي معرض رده على سؤال حول مستقبل سوريا، وفيما إذا كان بشار الأسد سينجو من الحرب الأهلية، قال جلالته "أعتقد أننا تجاوزنا هذه النقطة، فقد تم إراقة الكثير من الدماء، وهناك الكثير من الدمار. ولكن في نهاية المطاف هذا شيء يقرره الشعب السوري. والسؤال الرئيسي هو ما إذا كانت سوريا سوف تغرق في الفوضى أم ستكون هناك مرحلة انتقالية، وما هو شكلها".

وفيما يتصل بعلاقة الأردن مع مصر، قال جلالته "أعتقد أن الحكومة المصرية تدرك جيدا أهمية صداقتنا الوثيقة والحفاظ على التنسيق المباشر بيننا. والأردن ينظر إلى مصر الدولة، وليس إلى أي حزب سياسي. ومصر دولة محورية في العالم العربي، وتمر بفترة صعبة في الوقت الحالي، فالديمقراطية ليست سهلة، بل هي مسيرة. وتستطيع مصر أن تعتمد على الأردن لتقديم أي شكل من الدعم الذي تحتاج إليه".

وحول عملية السلام، قال جلالة الملك "أرى أن هناك فرصة سانحة لاستئناف المفاوضات على أساس حل الدولتين، وهو الحل الذي يمثل الصيغة الوحيدة المقبولة. وهناك عدة عوامل تضافرت لتوفير هذه الفرصة، أولها وجود رئيس للولايات المتحدة لفترة رئاسية ثانية. والعامل الثاني هو التصويت التاريخي للأمم المتحدة برفع صفة تمثيل فلسطين فيها، ما يدل على وجود إرادة دولية متجددة. كما أن الربيع العربي يزيد من أهمية الاستعجال في استئناف عملية السلام، فالربيع العربي هو أولا وقبل كل شيء صرخة من أجل العدالة والكرامة والحرية، وهي مطالب لا تتحقق إلا من خلال السلام العادل والحقيقي".

وأضاف جلالته: "مبادرة السلام العربية لا تزال مطروحة على الطاولة، بعد 11 عاما، وهو عامل آخر يسهم في إتاحة الفرصة، وأدعو الحكومة الإسرائيلية الجديدة أن تغتنم هذه الفرصة التي تمثل نافذة آخذة بالانغلاق بسرعة، ولذا علينا الإسراع في التحرك وبشكل حاسم من أجل سلام عادل ودائم".



وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:



السؤال الأول: عشية الزيارة التي سيقوم بها الرئيس الأمريكي باراك أوباما إلى المنطقة، أفاد البيت الأبيض أن الرئيس لن يأتي بأية مبادرة سلام جديدة. ما هي فرص استئناف محادثات السلام؟

جلالة الملك: أرى أن هناك فرصة سانحة لاستئناف المفاوضات على أساس حل الدولتين، وهو الحل الذي يمثل الصيغة الوحيدة المقبولة. وهناك عدة عوامل تضافرت لتوفير هذه الفرصة، أولها وجود رئيس للولايات المتحدة لفترة رئاسية ثانية. والعامل الثاني هو التصويت التاريخي للأمم المتحدة برفع صفة تمثيل فلسطين فيها، ما يدل على وجود إرادة دولية متجددة. كما أن الربيع العربي يزيد من أهمية الاستعجال في استئناف عملية السلام، فالربيع العربي هو أولا وقبل كل شيء صرخة من أجل العدالة والكرامة والحرية، وهي مطالب لا تتحقق إلا من خلال السلام العادل والحقيقي. إن حقيقة أن مبادرة السلام العربية لا تزال مطروحة على الطاولة، بعد 11 عاما، هو عامل آخر يسهم في إتاحة الفرصة، وأدعو الحكومة الإسرائيلية الجديدة أن تغتنم هذه الفرصة التي تمثل نافذة آخذة بالانغلاق بسرعة، ولذا علينا الإسراع في التحرك وبشكل حاسم من أجل سلام عادل ودائم.



السؤال الثاني: ما هو دور الأردن في استئناف عملية السلام؟

جلالة الملك: إن تحقيق حل الدولتين هو جزء من مصلحتنا الإستراتيجية الوطنية ومفتاح الاستقرار في منطقتنا. وهذا هو السبب في أننا عملنا دائما، وسوف نواصل العمل بأقصى ما في وسعنا لتحقيق هذا الهدف. لقد قمنا بواجبنا، وعملنا جنبا إلى جنب مع الدول التي تتطابق وجهات نظرنا معها، وأصدقائنا الأوروبيين والرباعية الدولية. إن قيادة الولايات المتحدة أمر حيوي لاستئناف مفاوضات سلام ذات مغزى. وتتمثل مهمتنا في التأكد من أن الولايات المتحدة لا تتحمل العبء وحدها، وأن نعمل بشكل جماعي ومختلف وعاجل، على إعادة إطلاق مفاوضات الوضع النهائي بحيث لا نفوت فرصة، تضيق يوما بعد يوم، لإسكات الأصوات المؤيدة للعنف والتطرف في هذه المنطقة وخارجها.



السؤال الثالث: جلالة الملك، لقد تحدثتم مؤخرا عن ملكية مختلفة يرثها نجلكم. هل سنرى في السنوات القريبة ملكية بصلاحيّات أقل، تأخذ خطوة إلى الوراء؟

جلالة الملك: سوف تتخذ الملكية خطوة إلى الوراء، وذلك تمشيا مع خارطة طريق الإصلاح التي رسمها الأردن وصولاً إلى حكومات برلمانية على أساس حزبي. ويمكن لك أن تنظر إلى هذه المسألة من زاوية أخرى، بحيث تتخذ المؤسسات الديمقراطية، التي تم تعزيز تمكينها مؤخرا، خطوة إلى الأمام، مثل قيام البرلمان بدور فاعل في اختيار رئيس الوزراء وتشكيل الحكومة، كما هو الحال الآن في مرحلة التحول التاريخية في حياتنا السياسية.



أما الثابت الذي لن يتغير فهو الرباط القوي بين الملكية والشعب، والهدف السامي الرئيس للملكية، والمتمثل في حماية ازدهار الأردن واستقراره وأمنه ووحدته، والعمل من أجل الأردنيين، حتى يتمكنوا من تحقيق تطلعاتهم. لقد كنت شديد الحرص على مناقشة موضوع تطور دور الملكية، وتعرضت إليه بشكل مباشر في الورقة النقاشية الأخيرة، التي تنشر ضمن سلسلة بهدف تعزيز الحوار الوطني. وبنظرة إلى المستقبل، أرى أن الملكية تحافظ على دورها بوصفها رمز الوحدة الوطنية، وصوت يعبر عن جميع الأردنيين، ويدافع عن القيم الأساسية لهويتنا الوطنية.



وسوف تواصل الملكية القيام بدور الضامن للدستور، كصمام أمان وكملاذ أخير لتجاوز حالات الاستعصاء السياسي. وستواصل كذلك العمل على ضمان حيادية واستقلالية ومهنية الجيش، والأجهزة الأمنية، والقضائية، والمؤسسات الدينية العامة، واستمرارها كمؤسسات غير مسيسة. وسيستمر النظام الملكي أيضا في القيام بدور أساسي في القضايا الإستراتيجية الحيوية للسياسة الخارجية والأمن القومي. ومن الواضح أن نجاح هذا التطور يتطلب من جميع الأطراف المعنية بعملية الإصلاح المشاركة، والارتقاء إلى مستوى التحدي، وتحقيق المستويات الضرورية من النضج السياسي الوطني. إننا نكتب فصلا جديدا في تاريخنا، وأنا لا أكتبه لوحدي، بل يشاركني في كتابته الشعب، وممثلوه، والقوى السياسية، والمجتمع المدني.



السؤال الرابع: إن انتخابات كانون الثاني الماضي تؤكد تفكك المشهد السياسي في الأردن. ماذا يقترح جلالتكم لتحقيق التحول من السلوك الانتخابي القائم على الروابط العائلية التقليدية إلى انتخاب قائم على أساس المصالح العامة والأيديولوجيا؟

جلالة الملك: إن أكثر من 90 بالمئة من الناخبين عازفون عن الانضمام إلى الأحزاب السياسية. وغالبية هذه الأحزاب مفككة وغير برامجية. وجميعنا يعلم أن الناس لن يتحولوا للتصويت للأحزاب السياسية بين عشية وضحاها. ولا يمكننا الاستمرار بأحزاب سياسية ذات برامج عفا عليها الزمن، هذا إن كان لديها برامج أصلا، ولا تحظى بالقبول، كما أشرت في مقابلة سابقة. ما نحتاجه هو أحزاب سياسية وطنية لديها برامج حقيقية تهدف إلى تحسين حياة المواطنين وتلبي تطلعاتهم. ينطوي قانون الانتخاب الحالي على نظام مختلط يجمع بين صوت على مستوى الدوائر المحلية، وصوت ثان للقوائم الوطنية، بهدف تحفيز التصويت للأحزاب السياسية، وزيادة التمثيل على امتداد الوطن. وعلينا أن نتعلم من هذه التجربة والبناء عليها في الدورات الانتخابية المقبلة.



لقد أجرى الأردن منذ فترة قصيرة انتخابات تاريخية وشفافة. فقد سجّل 70 بالمئة ممن يحق لهم الانتخاب في جداول الناخبين. وكانت نسبة المشاركة 56.7 بالمئة. وشارك في الانتخابات 78 بالمئة من الأحزاب السياسية. لقد قال الناس كلمتهم. ولدينا اليوم مجلس نواب أكثر تمثيلا، يضم عددا غير مسبوق من النواب الجدد، وأطيافا سياسية أوسع، وعددا أكبر من النساء. ولدينا خارطة طريق إصلاحية ذات مسار واضح، تقوم على إنجاز محطات رئيسية، وتوافر مقومات ضرورية. ويتعلق جزء من هذا المسار بضرورة الاستمرار في تطوير نظامنا الانتخابي من خلال مؤسساتنا الدستورية، بحيث يصبح أكثر تمثيلا، ويحافظ على التعددية، ويوفر تكافؤ الفرص بين الأحزاب، ويسهم في تشكيل الحكومات البرلمانية على أساس حزبي.



وقد طلبت من البرلمان إعطاء الأولوية لقانون انتخاب جديد وفقا لهذا المسار. ورغم أننا بحاجة إلى المزيد من الإصلاح التشريعي، إلا أن الديمقراطية عملية مستمرة، كما أنها نهج حياة، ولا تنحصر في التشريعات. وعلى كل من الحكومة والبرلمان والأحزاب السياسية والمؤسسات الأخرى، وعلى كل مواطن دور يؤدونه ومسؤولية يضطلعون بها للنهوض بثقافتنا الديمقراطية، وذلك من خلال الانخراط المستمر في العملية الديمقراطية. إنني فخور بالنموذج الأردني للتطور الديمقراطي التدريجي القائم على التعددية والتوافقية والسلمية. وهذا هو النموذج الذي يضمن ديمقراطية حقيقية، لأنه يقوم على التعددية والانفتاح والتسامح والاعتدال.



السؤال الخامس: كما أكدتم جلالة الملك أكثر من مرة، لا يزال الاقتصاد أكبر تحد يواجه البلاد. كيف يمكن للأردن التغلب على تحدياته الاقتصادية؟

جلالة الملك: هناك الكثير من العمل الجاد بانتظارنا. وهذا هو أيضا السبب في أنني دفعت باتجاه الانتخابات، وباتجاه مجلس نواب وحكومة أكثر تمثيلا، بحيث تكون خياراتنا الوطنية جماعية.



لقد أضرت الأزمة العالمية باقتصادنا فعلا، وجاء الربيع العربي بعدها فتباطأ أداء قطاع السياحة والاستثمارات. وقد أدى تدفق اللاجئين السوريين إلى زيادة الضغط على الموارد والبنية التحتية، فيما توقفت تجارتنا عبر سوريا تماما. أما الضربة القاصمة فتمثلت في انقطاع إمدادات الغاز المصري، والتي كانت تلبي 80 بالمئة من احتياجاتنا لتوليد الكهرباء، في وقت ارتفعت فيه أسعار النفط عالميا إلى مستويات قياسية. ويكلف هذا وحده الحكومة أكثر من ملياري دولار أمريكي سنويا كعجز إضافي. أضف إلى ذلك كلفة استضافة ما يقارب نصف مليون لاجئ سوري، عبروا الحدود إلى الأردن في أقل من 12 شهرا وهو عدد يشكل 9 بالمئة من سكان الأردن، وهي نسبة تعادل تدفق أكثر من 30 مليون لاجئ إلى الولايات المتحدة.



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات