أجبَّارٌ فِي النِيَابَةِ خوَّارٌ فِي الحُكُومَةِ يا دَوْلَةَ الرَئِيسِ؟!


هذا الزمانُ زمنُ العجائبِ ،والعجبُ مِمَّن لا يتعجبُ مِنه ،لكنَّا أصبحنا لا نتعجبُ مِن شيءٍ ،بعدَ ما رأينا عجائبَ ما جاءَتْ بهِ مشاوراتُ مجلسِ النوّابِ ،ولعلَّ أشدَّ هذهِ العجائبِ ،أنْ يخرجَ علينا دولةُ فايزِ الطراونةِ متحديًا مشاعرَ ست مليون مواطنٍ ،ليبشرَنا بالنسورِ رئيسًا للوزراءِ ،بأقاويلَ لا تدخلُ في عقلِ المواطنِ البسيطِ ،لتعششَ فيهِ ثم تبيضَ وتفرخَ وتنخرَ فيه كالسوسِ كما كانتْ في سالفِ الأيامِ ؛لتنسف كلَّ تفكيرٍ بالتجديدِ ،وتئدَ كلَّ حديثٍ للنفسِ بالتغييرِ ،لتلدَ سفاحًا مولودًا مشوهًا غيرَ مرغوبٍ فيهِ .قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :[الْمُؤْمِنُ يَأْلَفُ وَيُؤْلَفُ ، وَلا خَيْرَ فِيمَنْ لا يَأْلَفُ وَلا يُؤْلَفُ ، وَخَيْرُ النَّاسِ أَنْفَعُهُمْ لِلنَّاسِ].
إنَّ الميكانيزما الدستورية في البلادِ الديمقراطيةِ البرلمانيةِ الملكيةِ ،هي التي تتوزعُ فيها السلطاتُ ،على أنْ لا يتعدى كلُّ طرفٍ ما خُطِّطَ لهُ مِن حدودٍ ضمنَ دستورٍ متقدمٍ راقٍ ،وأولُ شرطٍ أساسيٍّ لهذا التقدمِ والرقِيِّ :هو أنْ تكونَ البلادُ مستعدةً للقيامِ بواجبِها في الانتخاباتِ ،وتتاحُ لها الحريةُ لأنَّ الديمقراطيةَ تمنحُ الرأيَ العامَّ حقَّ ابداءِ الرأيَِّ بشكلٍ صريحٍ في الانتخاباتِ النيابيةِ ،ويصبحُ النائبُ متمتعًا بثقةِ الشعبِ ،ومكلفًا في الوقتِ نفسِه بالقيامِ بواجباتِه الدستوريَةِ التي تتضمنُ المراقبةَ على الحكومةِ في جميعِ أعمالِها ضمنَ الدستورِ.
غيرَ أنَّ المُحَقَّقَ ،هو أنّ الشعبّ لمْ يكنْ مُقَدَّرًا للقيامِ بواجبِهِ حقَّ التقديرِ في الانتخابِ ،ولمْ يُترَكْ لهُ المجالُ في أنْ يضعَ ثقتَه في مَنْ سيمثله ،عندما فَرَضتْ عليهِ الحكومةُ قانونَ الصوتِ الواحدِ في طرائفِهِ متقهقرا في قِيمتِه ،واصطنعتْ للشعبِ نوابًا وضعتهم على الكراسي ،مدَّعيَةُ أنّهم يمثلون الشعبَ ،والحقيقةُ أنَّهم يمثلون على الشعبِ الذِي طالما بقي تحتَ تأثيرِ دعاياتِهم الخدَّاعة ،ومراوغاتِهم الأفَّاكة ،فيبقى شأنُه شأنَ صَبِيٍّ يضحكُ عليهِ شخصٌ أكبرَ مِنه سنًا بشتَّى الوسائلِ .
إنَّ شعبًا هذا نصيبُه مِن مقوماتِ الحضارةِ الحديثةِ – هو محرومٌ منها – لا يمكنُه أنْ يُبدي رأيًا يُعوّلُ عليهِ في إدارةِ شؤونِ البلدِ ؛ولهذا اقتضى أنْ تتحكمَ فيهِ مجموعةُ أشخاصٍ على علاقةٍ مباشرةٍ بصاحبِ القرارِ.
إنّ تكليفَ النسورِ بتشكيلِ الحكومةِ مرةً ثانيةً ،سَيُدخلُ شيطانَ الغرورِ في رأسهِ ،وسيعتقدُ أنَّه حقًا منقذٌ للبلدِ مِن محنتهِ ،وأنَّه الرئيسُ الأوحدُ المُفكِّرُ والمُدبِّرُ لهذا الوطنِ ،ممّا سيجعلُه يجيدُ مهاراتِ ،وفنونَ التنكيدِ ،والتنغيصِ على الشعبِ لنقولَ بعدَ ذلك سلامٌ عليكَ ياوطنِي سلامٌ لا لقاءَ بعدَهُ.
فلكَ اللهُ يا وطنًا ضاعتْ فيهِ الحكمةُ والرؤيةُ السديدةُ وانكارُ الذاتِ في زمن عزَّ فيهِ الرجالُ ؛فنخرَ في جسدهِ الفسادُ ،وسَخِط مِنه العبادُ ،ولمْ يجدْ حلاً لمشاكلِه إلا تحتَ [قبةِ الشتائم والمسدسات والصرامي والصراخ الذي علا بعيدا عن الاخلاق والحكمة والعقل في العبدلي] ،ومسؤولين أصابَهم الشللُ السياسيّ لعدمِ انسجامِهم مع أنفسِهم ،قد نالتْ منهم العللُ لِهَرمِ أفكارِهم . ولكَ اللهُ يا وطنًا قُرِعتْ فوقَ جراحِهِ الكؤوسُ وفوقَ الألمِ.
حفظِكَ اللهُ يا أردنّ الخيرِ مِن شرِّ ما خلقَ وذرأَ و برأَ ومِن شرِّ كلِّ طارقٍ إلّا طارقًا يطرقُ بخيرٍ يا رحمنُ يا رحيم.



تعليقات القراء

غالية
نعم هذه حقيقة رئيس زرائنا انظرواكيف كان قبل الوزارة وبعد الوزارة وكأن الامر كان مخطط له والله اعلم
13-03-2013 06:21 PM
طفران
جزيت خيرا على ما كتبته فهو التشخيص
الحقيقي لما نحن فيه وما نريده ان يتقي الله في هذا الشعب وان لايضيق عليه حتى لا يضيق الله عليه
13-03-2013 06:24 PM
عدي منتصر الزعبي
بالفعل لك الله يا وطني !!
الشاطر يلي بنهش بلحم هالوطن
14-03-2013 05:18 PM
خالد التميمي
الله يحفظ الاردن من كل مكروه والله يجيرنا من القادم ومهما كانت الظروف والمصاعب التي تواجهنا فالله عزوجل سيحفظ هذا الوطن من شر الاعداء التي يتربصون بنا واطلب من العلي القدير ان ينظر الينا بعين الرحمة وان يلطف بنا . واطلب من الله عزوجل ان ينتقم من كل انسان يتآمر على هذا الوطن
رد بواسطة نايف البدارنه
صح لسانك يا خالد بيك انت ابن البلد والوطن الذي تخاف علية كثر الله من امثالك
15-03-2013 11:27 AM
منار
ما أجمل ماسطرت شيخنا الفاضل كلمات تكتب بماء الذهب لم كان له قلب أو القى السمع وهو شهيد(فلكَ اللهُ يا وطنًا ضاعتْ فيهِ الحكمةُ والرؤيةُ السديدةُ وانكارُ الذاتِ في زمن عزَّ فيهِ الرجالُ ؛فنخرَ في جسدهِ الفسادُ ،وسَخِط مِنه العبادُ ،ولمْ يجدْ حلاً لمشاكلِه إلا تحتَ [قبةِ الشتائم والمسدسات والصرامي والصراخ الذي علا بعيدا عن الاخلاق والحكمة والعقل في العبدلي] ،ومسؤولين أصابَهم الشللُ السياسيّ لعدمِ انسجامِهم مع أنفسِهم ،قد نالتْ منهم العللُ لِهَرمِ أفكارِهم . ولكَ اللهُ يا وطنًا قُرِعتْ فوقَ جراحِهِ الكؤوسُ وفوقَ الألمِ)
15-03-2013 10:27 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات