لباس المرأة يثير جدلية الحرية والذكورية "المكبوتة"


جراسا -

الأردن وقّع على اتفاقيات القضاء على التحيز و العادات العرقية
"اختيار اللباس": حق إنساني للمرأة يثير جدلية الحرية والذكورية "المكبوتة"

 لعل كلمة "الحرية الأنثوية" ظلت مثار جدلٍ في المجتمع، الذي رغم تطوره وتقدمه وبُعده عما كان يدور من هضم لحقوق النساء، إلا أنه ما يزال ينظر، ومن دون مسوغات واضحة بعين الريبة لحرية المرأة ويفسرها على نحو يربطها بالتحرر والتملص من سلطة الأب والعائلة.

ورغم أن الدستور يرى جميع الأردنيين "ذكوراً وإناثاً" متساويين في الحقوق والواجبات، لكن المرأة تظل الحلقة الأضعف بحكم عادات وتقاليد المجتمع، الموسوم بالذكورية، والذي سار العرف فيه على أن من له اليد الطولى في المال، وهو الرجل، فإنه صاحب الحق في ضبط إيقاع الحياة.

وفي وقت الذي صادق ووقع فيه الأردن على اتفاقيات ومعاهدات دولية عديدة، تنص بنود فيها على حقوق للنساء، ما يزال سؤال حرية المرأة يقف على المحك، حتى عندما يتطرق للباسها، خصوصا في مجتمع محافظ يربط، على نحو لافت، بين اللباس والأخلاق.

وبرأي حمزة عبيدات (24عاماً) فإن حرية المرأة، حتى في اختيار لباسها، يجب أن تكون "ضمن المعقول" لأنها "الأكثر قدرة على جلب الانتباه" وهي التي تلبس "التايت الذي لا دين له" في ظل مجتمع يعاني من "كبت جنسي فظيع"، الأمر الذي يشاركه فيه خالد الوكيل (24 عاما) على أنه يصنف اللبس للذكر والأنثى بالحرية الفكرية والشخصية.

وتنص اتفاقية حقوق المرأة "سيداو"، والموقعة من 180 دولة، صراحة في المادة "5" ببندها الأول على أن "تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتغيير الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة، بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على الاعتقاد بكون أي من الجنسين أدنى أو أعلى من الآخر، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة".

وتضمن هذه الاتفاقية، التي ما يزال الأردن يتحفظ على بنود فيها، حرية للمرأة في اختيار زوجها وحملها ولباسها وحياتها، وغيرها من الأمور.

وعلى رأي الوكيل، فإن لباس الشخص، وبغض النظر عن كونه ذكرا أم أنثى، "دليل على احترامه للطرف الذي أمامه، فمن تلبس الفاضح لا تحترم من هو أمامها وهو ما ينطبق على الرجل أيضا".
ووفقاً لقول داليا المغربي ذات الـ 25 ربيعاً، فإن اللبس ليس مقياساً لطبيعة الفتاة فكم من لابسة للحجاب وتقوم بـ"السبعة وذمتها" وكم من متبرجة و"توضع على الجرح فتشفيه"، بينما يظل الرجل رجلا فهو إذا ما أراد "التحرش مثلاً" فإن المنقبة قد لا "تملص" من مراده.

ويتطابق حديث المغربي مع المادة "12" من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والتي تطرقت لحرية الإنسان في كل أموره الشخصية وأن لا يعترض أحد على حرية الآخرين، وهو ما ينطبق على الرجل والمرأة على السواء. وتنص المادة على أن "لا يتعرض أحد لتدخل تعسفي في حياته الخاصة أو أسرته أو مسكنه أو مراسلاته أو لحملات على شرفه وسمعته، ولكل شخص الحق في حماية القانون من مثل هذه التدخلات أو تلك"، وفي ذلك حق للمرأة باللجوء للقانون في حال مضايقتها أو منعها من ارتداء لباس أو السماح بأخر.

وأبدت المغربي في حديثها حاجة الفتيات الأردنيات للتطور في اللباس مع مراعاة القواعد الاجتماعية، مشددة على حق المرأة في الإحساس بالأمان بالشوارع، ولم تنف المغربي تعمد بعض الفتيات لـ"لبس المغري" وفي هذه الحالة فإنه "ليس من حقها أن تشتكي" إذا ما تعرضت للتحرش والمضايقات، وهو مالا تؤيدها فيه دانيا المعايطة (20 عاماً).

المعايطة ترى بأن من يتحرش بفتاة من أجل طبيعة لباسها "ليس ببني ادم" وأنه يعاني من "عقدة النقص"، لافتة إلى أن اللباس حرية شخصية وهي من الناس التي ترتدي ما تعتبره مريح لها بغض النظر عن رأي المجتمع بهذا اللباس.

ويوافق رأي المعايطة، مع المادتين "17" و"18" من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية إذ تتحدث الأولى عن أنه "لا يجوز تعريض أي شخص على نحو تعسفي في الخصوصيات أو الأسرة أو البيت"، أما الثانية فتناولت "حق الانسان في حرية الفكر والوجدان والدين ويشمل ذلك حرية الدين والاعتناق وحريته في أن يظهرهما".

على أن نديم أبو علي (30 عاما) يرى أن "اللباس الفاضح ليس حرية ولا يحميه أي تشريع"، معتبراً أن على الفتاة التي ترتدي ملابس "لا تحترم" المجتمع تحمل نتيجة ما يحدث لها.


الأصل في الأمور الحصانة
ويوفر المجتمع هامشاً من الحرية، بحسب أستاذ علم الاجتماع في جامعة اليرموك الدكتور حسين محادين، ولكن هذا لا يمنع الإنسان ما دام بالغاً عاقلاً راشداً وبما أنه جزء من منظومة اجتماعية من أن يتطابق معها وله هامش الاختيار وحرية المفاضلة بين لباس وآخر وهو أداة إنسانية تشذب المظهر الفطري للإنسان.

والأصل في الأشياء الحصانة والعفة والاستثناء عكس ذلك ضمن خصوصية المجتمع، ووفقا لمحادين، إلا أن الثياب تعطي للابسها حرية ان يختار حدود المسموح فيه ضمن المتاح والممنوع في المجتمع، وعليه فان الانسان العاقل لا يقبل إلا أن يظهر بشكل لائق، والزي اللائق هو "المشتركات الاجتماعية" وان كان عليها "تجاوز معقول" أي أن لا تتعارض مع الإرادة المجتمعية.

وينص البند الثاني من المادة "5" من العهد الخاص بالحقوق الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والصادر عن الأمم المتحدة على أنه "لا يقبل فرض أي قيد أو أي تضييق على أي من الحقوق الأساسية المعترف فيها أو النافذة في أي بلد تطبيقاً لقوانين أو أنظمة أو أعراف"، ولكون اللباس حرية إنسانية فإن هذا البند يلفظ كل من يعترض على هذا الحق مهما كانت ذريعته.

على أن محادين يعتبر مستوى حرية اللباس يرتبط مع مستوى الوعي ومستوى تفهم الفرد للضوابط الاجتماعية "المتفق عليها; فما دام الانسان يعيش في مجتمع فإن هناك ضريبة لعضويته فيه، وعندما يدخل ضمنه فإنه يدفع ضريبة اجتماعية أو معنوية وهي التي تؤثر على درجة قبول المجتمع للشخص او عدمه.

ويتابع محادين بأن "هناك أفراد موجودون في المجتمع لكنهم غير مقبولين، لكننا لا نستطيع أن نلغي الإنسان من المجتمع ذاته؛ لأن سلوكاته هي من تقربه من المجتمع أو تبعده؛ وهذه العوامل ليست وليدة اللحظة لكنها تعتمد على ثلاث مبادئ؛ دينية ثقافية وتوعية، وهي تؤثر على ماهية اختيارات الإنسان حتى للباسه".

ولا يعدّ لباس المرأة مراّة لها؛ فالاعتقاد بأن "العارية" هي التي يتحرش بها غير صحيح على حد قول الناشطة النسوية رزان خليفة التي تؤكد أن الاحصائيات تشير إلى أن اللباس ليس شرطاً في التحرش فالمعادلة بسيطة "لا يحق لأي شخص أن يتحرش بفتاة مهما كانت مرتدية".

ولا يجوز لشخص "منفعل جنسياً وعاطفياً" أن يقوم بما يشتهي، فعلى الشخص ضبط انفعالاته في مجتمعنا الذي لا يوجد فيه حرية مطلقة لأيٍّ كان "ذكر او انثى" فهو لا يعيش بجزيرة منفصلة عن العالم وعلى الانسان أن يتعايش.

وفي منظور الشريعة الإسلامية فإن للإنسان حرية الاختيار، و"لذلك فإن المرأة عندما اختارت أن تكون مسلمة فإن عليها أن تلتزم تعاليم الدين"، كما يقول أستاذ الفقه وأصوله في الجامعة الأردنية الدكتور محمود السرطاوي، الذي يؤكد أن الدين الإسلامي "جعل الحرية رأس أساسي من مبادىء التشريع".


وينظر السرطاوي للمجتمع بعين درء المفاسد، فـ"لا يجوز أن يفتح مجالاً له، وليس على المسلم حق تطبيق الشريعة وإنما النصيحة فالولاية للحاكم هو من يطبق الأحكام"، مذكراً بأن مجال الحرية لا يتجزئ فمن اختارت الإسلام فان عليها أن تلتزم به."

ويضيف السرطاوي بان القضية تربوية يتحملها الاباء ومؤسسات التنشئة الاجتماعية لأنهم هم من أوصلوا البنات إلى هذه الحالة وهم من سمحوا لهم بارتداء هذه الزي وكذلك هم من سمحوا لابنائهم الذكور بإحداث الاشكال معهم فالحكاية تربوية محضة.

ورغم كل المواثيق والمعاهدات الدولية، فإن "حرية المرأة مضبوطة ومقيدة في القوانين كأي حرية أخرى"، بحسب المحامي عبد الرحمن الشراري، الذي يضيف أن القاعدة القانونية تقول "تنتهي حريتك عندما تبدا حرية الأخرين".

ويوضح الشراري أن مصادر القوانين في الأردن تراعي الدستور وتعود له، ولذلك فإن أي ميثاق عالمي أو اتفاقية دولية، وإن وقع عليها الأردن فإنه يأخذ بالمواد الموجودة فيها، ويعطي الحقوق والحريات للمرأة على أن لا تتعارض مع روح الدستور.

*أعدّ لبرنامج الاعلام و حقوق الانسان
مركز حماية و حرية الصحفيين



تعليقات القراء

*مجد*
اذاكان لبس الفيزون اوالتايد حريه شحصيه. فالتحرش واجب وطني (مقتبس)
رد بواسطة الى مجد
مو اسمه تايد


اسمه تايت يا اخا العرب
رد بواسطة تايت
هههه تايد مسحوق غسيل

رد بواسطة الى مجد
ألتحرش واجب؟ ألتحرش جريمه و اعتداء جنسي. يتجب عليك ان تكون أنسان ......!
02-03-2013 12:54 PM
ابوعونaaa-www
.....
رد من المحرر:
نعتذر....
02-03-2013 01:11 PM
القعل والاصل
مين بشهد للعروس غير امها يعني المغربي ما بدها تلبس هيه حره اما تحرض غيرها على عدم الحشمه يا شباب مين بقبل على نفسه بانه يصير ....
02-03-2013 01:26 PM
العقل والاصل
العقل والاصل احنا بلد اسلامي واذا بدنا نطور بنطور على سنه الرسول بان نكون حشمين والغيره مزروعه
02-03-2013 01:40 PM
التايت
اي والله اني ما بقدر البس التايت بالبيت وقدام اخواني كيف بطلعوا في بالشارع مش عارفه

الناس تغيرت كثير وانقلبت كل القيم

الله يسترنا جميعا
رد بواسطة بنت عودة
والله بالغرفة تاعتي ما بلبسه مو قدام إخواني!!
حسبي الله بس الشرف انعدم والحياء مااات!!
رد بواسطة شملول
والله و انا كمان ما بقددر البس السروال الطويل بالبيت

انا عااارف
بعين الله يا اخواتي الحال من بعضه
رد بواسطة حريات شخصية
ما حدا بجبلرك تلبسي الفيزون أو غير الفيزون.. بس كمان ما إلنا حق كمان نتدخل باللي بدها تلبسه.. هاي بديهيات الحريات الشخصية,, احنا مش عايشين بأفغانستان أو بالسعودية .. وأكيد ما في أي تبرير للمتحرشين لأنه المتحرش بيتصرف بحيوانية وهمجية.. واللي بيتحرش باللي لابسة الفيزون رح يتحرش باللي لابسه الجلباب..
رد بواسطة رد على حريات شخصيه
حريتك تتوقف عند حريات ومشاعر الاخرين , تتوقف عندما تخدش حياء الاخرين ويتأذى منها البنات قبل الشباب , انا البنت بتفرج على لبس بعض البنات اي والله بتكون ملفته للنظر وبدك ساعه لما تزيح نظرك عنها كيف الشباب وبقولوا دايما الله يعين بعض الشباب الملتزم مش الفايع ( لانه مدبر حاله ) الصبر والعون لفئه من الشباب الملتزم واللى بغض نظره غصب عنه .

المتحرش علي لوم بس اللوم الاكبر على اللى سهلت طريقه للتحرش , ومش ضروري نكون بالسعودية او باي دوله لما نحافظ على حياءنا ونخجل شوي احنا البنات على حالنا ونلبس بما يرضى ربنا وانفسنا والشارع مش استعرض ولا اظهار جمالنا وشياكتنا او حتى لا سمح الله قلة حياءنا ( الشارع اله حرمه وادب ) ورسولنا الكريم امرنا بالحفاظ على حرمة الطريق وعدم ايذاء الاخرين .

خطا كبير لما تكتب انه اللى بتحرش باللى لابسه فيزون راح يتحرش باللى لابسه جلباب ؟؟ بصوت عالي لا لن يتحرش ابدا باللى تلبس الجلباب الشرعي المقبول وليس حجاب هذه الايام

اللى بتحرش فيها بيكون انسان غير طبيعي متخلف وفاقد لابسط الرجوله والدين وعنده نقص بعقله .
رد بواسطة حريات شخصية
كما ذكرت لك أختي الكريمة أعلاه، يجب أن نرتقي بتفكيرنا بأن نتقبل إختيارات الآخرين في حياتهم وحرياتهم الشخصية طالما أنهم لم يعتدوا على حريتك. لكل شخص الحق أن يرتدي/ترتدي ما يشاءون بدون أن يتعرضوا للإعتداء والتحرش أو الإيذاء. وأقتبس كلامك مرة أخرى هنا "اللى بتحرش فيها بيكون انسان غير طبيعي متخلف وفاقد لابسط الرجوله والدين وعنده نقص بعقله" ولكن أضيف على ذلك.. لا عذر للمتحرش أيا كان شكل اللباس لأن الوحيد الذي لا يستطيع التحكم بسلوكه هو الحيوان.. أما الإنسان فأهم ما يميزه قدرته على ضبط نفسه وتعامله مع المرأة متحررة الملبس (أو حتى الرجل) كإنسان متحضر وليس كتعامل الرعاع والهمج.
02-03-2013 02:03 PM
ابو الغور
مشغولين بسيداو وبنودهاارضاء للشرق والغرب ليش ؟كل امه الها خصوصيتها وقانونها وشخصيتها المستقله التي تميزها عن غيرهاكما اننااولاعلينا ان لا نقدم اي اتفاقيه على امر الله فأيهما اولىبالتطبيق سيداو البشرالمنحلين ام امر الله والله لوكان في تشبه الجنسين ببعضهم البعض خير اومنفعه لامر الله به واخيرا انا على يقين ان في كثير من الدول الغربيه الكثير ممن لا يقبل بكثير من الامور التي تثار بغض النظر عن الاديان لان الحياء غريزه في الانسان السوي اينما كان وعلى اي ملة كان
02-03-2013 05:51 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات