هل تعدّ فاسدا ؟!


نفتح النّافذة فتطير الأوراق منها فنتهم الرّياح بأنّها السّبب ، نسير بسرعة جنونيّة فتتدهور السّيارة بنا فنشكّك في إضاءة وصلاحية الطّريق للمسير ، نفعل أشياء ونتهمّ غيرنا بأنّهم السّبب في حدوثها ، لقد اعتدنا على تبرئة أنفسنا دائما ، واعتدنا أنّنا دائما صواب والباقون على خطأ إن خالفونا الوجهة والآراء .

تنشئة إجتماعية لابدّ أن تكون قويمة لتغدو الأخلاق والمعتقدات عظيمة ، فلا بدّ من وجود الإختلاف ولكن لاخوف إن وجد معه نقاط الإلتقاء التي تجمع ولا تفرّق ، وتستقيم بنا دون أن تفسد ، وتهدي دون أن تضلّ ، وترشد دون أن تهوي بنا في منحدر سحيق .

الجميع مسؤولون في تحمّل مسؤولياتهم وتوّلي مهامهم ، وفي الحفاظ على أنفسهم ومجتمعاتهم ، فلا تهرّب من واقع وجد في حياتنا ، فكفى أحدنا الوقوف على قارعة الطّريق واكتفائه بالنّظر والمراقبة ، وكفاه أن يترك القوافل تمضي من دونه وتصل من غيره ، فلا بدّ من بصمة واضحة في حياتك تكون مسهمة في البناء ، محافظة على الأساس لتكون معينا لنفسك ولأهلك ولعشيرتك بما يخدم وطنك ، ويحقق غايتك ، وبما يؤدي إلى رفعة في الوطن وازدهار في وجوده على خارطة الوجود .

النّظر إلى الوراء سبيل للإفساد ؛ إلّا أنّ التأمّل لأخذ العبرة والموعظة المسهّلة لإكمال المسير ومواصلة البناء بعد وضع الأساس الصّحيح واجب مشروع ، فالنّظر إلى الأمام مدعاة للنجاح والإعمار ، والنّظر عاليا يدعو إلى الطّموح ، وإلى الأسفل إلى التّواضع والطّمأنينة بما يكون ، فمن أعطاك قادر على نزع ما منحك ، فالعقل يفسد إذا شاء إفساده ، والغنى يصبح فقرا في لحظة إذا أراد ابتلاؤك ، والصّحة تتحوّل إلى سقم إن منع شفاؤك .

الفساد مستشري ، والدّماء ملوّثة ، والماء معكّرة ، هكذا يظنّ الكثيرون ، ولا أحد يستطيع الإنكار ، ولكن مع كلّ ذلك ، إن وجدت المشكلة فلا بدّ لها من حلول ، وإن وجدت المعضلة لا بدّ لها من إجابة ، فلنقف صفّا واحدا وبنيانا مترابطا بعزيمة وهمّة من أجل المصلحة الأسمى ، دون تذمّر مما كان وبالنّظر في إيجابية مهما احتوى الحال .

لا تجعل نفسك بمعزل عن مجتمع يحتويك ، وكن أهلا لأن تكون مواطنا صالحا في وطن أنت فيه ، فأنت من تعطي لنفسك الهويّة ، وأنت من تعبّد الطّريق ، لم يفت الأوان وما زال في الوقت الكثير من الإتساع لأن نغدو من أوائل المصلحين ، حتى ولو بقي المفسدين لأنّهم في الحقيقة مهما أنكرنا موجودين ، ولكن وجودك دون عمل ، واستهلاكك دون انتاج ، وانتظارك لما يكون دون سعي ومحاولة ، هو بحدّ ذاته فساد ، فلا تكن مفسد كالمفسدين ، وكن مصلحا في طريق الإصلاح ، وكن داعيا في طريق الرّشاد ، فالطّريق لا ينتظر الإعوجاج فيه ، فحسن المسير المستقيم في هذا الزّمن العسير .



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات