آفاق ومستقبل الوساطة التركيّة الآن !!


تصريح الرئيس السوري الأخير , حول وجود رغبة سورية رسمية وشعبية ( شعبوية ) لأستئناف المفاوضات غير المباشرة مع " اسرائيل " عبر الوساطة التركية , ودعوته بنفس الوقت دول الأتحاد الأوروبي الى دعم الوساطة التركية , يأتي في سياق سياسي سوري بمنتهى الذكاء والحرفية والمهنية السياسية , كما يشي برسائل الى الولايات المتحدة الأمريكية ودول الأتحاد الأوروبي أنّ العقبة الرئيسة في انطلاق ما تسمّى بقاطرة السلام في المنطقة هي : " اسرائيل " أولاً وثانياً وثالثاً ورابعاً ... الخ .
وما أن تناقلت وسائل الميديا المحليّة السورية والأقليمية العربية والدولية هذه التصريحات , جاء رد الفعل الأسرائيلي على لسان ايهود باراك وزير الحرب العبري الى الترحيب بها باعتبارها خطوة تستحق الدراسة والتأمل والرعاية والمتابعة , بنفس الوقت سارع نائب باراك في معرض تعليقه على تصريح الرئيس السوري , أنّ اسرائيل لا تتعامل بجديّة مع ذلك !
وحسب ظني هذا يأتي متساوقاً مع لعبة تقاسم الأدوار في اطار النخب السياسية والأمنية الأسرائيلية الحاكمة , وهو بمثابة " مسج " سياسي عبر الأثير مزدوج  الى دمشق لخفض سقف التوقعات السورية بهذا الأتجاه , وبنفس الوقت مزاودة سياسية على أطراف اسرائيلية داخلية . 
هذا وقد جاهر " النتن ياهو " بموقفه من عدم رغبته قيام أنقرة بدور الوسيط في أي مفاوضات دبلوماسية مستقبلية اسرائيلية – سورية سواءً كانت مباشرة أم غير مباشرة , وهذا يعني أنّ حكومة يمين اليمين الديني المتطرف في " اسرائيل " لا تسعى الى السلام المرجو , وتتحين الفرص المختلفة وتوظفها خدمة لأستراتيجيتها لأغلاق أبواب ونوافذ وشقوق السلام الممكنة في جدار استراتيجيتها وتفكيرها ( القلعوي- السامري ) , لأنّها تعلم أن السلام سيمزق " اسرائيل " من الداخل ! .
كما أنّ " نتن ياهو" يريد التخلص من مسؤولية المحادثات مع سوريا عبر توظيفه الخبيث لتوتر علاقات أنقرة- تل ابيب , وكرد على على نجاحات الدبلوماسية السورية خلال الفترة الماضية , حيث لعبة دمشق دوراً هاماً في تحفيز ودفع السياسة الخارجية التركية على المضي قدماً في تفعيل برنامج ادماج نفسها ضمن بيئتها الشرق أوسطية , مع توجه سوري في طي خلافات الماضي وارث سياسي للتوترات السابقة مع تركيا , مع انفتاح سوري مدروس وغير محدود على توجهات انقرة الأيجابية , جاء ذلك متقاطعاً مع وجود مفكرين استراتيجيين أتراك بحجم رئيس الوزراء طيب رجب أردوغان و وزير خارجيته الدكتور احمد أوغلو بضرورة تصفير الخلافات مع دول الجوار التركي ومنها سورية .
ولموقف " النتن هذا " من تركيا خلفيات سياسية من تقطع خيوط العلاقات التركية – العبرية بشكل متدهور متفاقم , فمن الغاء أنقرة لمناورات ( صقر الأناضول العسكرية الجويّة ) لكي لاتسمح " لأسرائيل " المشاركة فيها , انسجاماً مع موقف تركي عظيم رافض للجرائم العبرية المرتكبة في قطاع غزّة من خلال ما سمّي عبرياً عملية الرصاص المسكوب , متساوقاً ذلك مع الرأي العام التركي الرافض من مشاركات اسرائيلية هنا أو هناك بوجود ومشاركة أنقرة ... الى نهج سياسات تركية جديدة – تصفيريّة للخلافات مع دول الجوار التركي لم تعهدها المنطقة من قبل .
انّ تهرب " اسرائيل " عبر حكومة يمين اليمين المتطرف من جهود الوساطة التركية من اجل السلام مع دمشق , هو تهرب وتخلي لن يجد قبول ورضا أنقرة , وعليه سيكون هناك المزيد من الضغوط التركية المتتالية على " اسرائيل " عبر اتفاقيات التعاون الأستراتيجي التي وقّعها الرئيس التركي السابق تورغوت أوزال , حليف اسرائيل , وامام " اسرائيل " خيارين : امّا التعاون الجاد مع تركيا لمواصلة جهود السلام التركية , أو مواجهة خسارة الأتفاقيات الأستراتيجية – التركية والتي تتضمن مما تتضمنه , تمديد خطوط آنابيب النفط والغاز والمياه العذبة من تركيا مروراً بالمتوسط وصولاً الى الكيان العبري , التي يحلم بها في منامه , حيث من الممكن أن تتلاشى هذه المرة على يد تركيا نفسها عبر مفكريين استراتيجيين بحجم رئيس وزراء و وزير خارجية  .

* عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية *

mohd_ahamd2003@yahoo.com



تعليقات القراء

لا يوجد تعليقات


أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات