السياحة في إقليم الشمال .. مسؤولية مشتركة .. !!!


لتنشيط الحركة السياحية في إقليم الشمال ، التي باتت بالفعل شبه معدومة في هذا الإقليم ، الإقليم الذي يحتضن في كل شريان من شرايينه عبق التاريخ القديم ، ينبض بحضارات لم تتوانى أبدأ عن تقديم أجمل وأبهى ثقافاتها عبر العصور المختلفة ، فجعلوا من فنونهم المعمارية ومخلفاتهم التي لا تعد ولا تحصى ، صروحاً ورموزاً تقرأ من خلالها عُمق تاريخهم و موروثهم العريق ، ليزدان بها المتحف الأردني ، حتى أصبح من خلالها مرجعاً غنياً ، ينهل منه العلماء علمهم ، والمؤرخون يدوّنون على صفحات الأردن ، والآثاريون يكتشفون في كل يومٍ وفي شتى بقاعه عن رموزٍ جديدة ، وشواهد قيمة تطفئ ظمأ علماء الآثار والأنثروبولوجيا ، بمدلولاتٍ قيمة تكشف عن أجوبةٍ طال السؤال عنها .

وتجدر الإشارة هنا ،إلى أن مسؤولية التنشيط السياحي والمحافظة على موروث الأجــداد ، والترويج له ، وتسويقه بأجمل حلله . هي مسؤولية مشتركة ، ما بين القطاع الرســــمي " الدولة " والقطاع الخاص " المستثمرين والمنظمات الغير رسمية والمجتمع المحلي " . فكلٌ عليه واجبات تجاه هذا القطاع الحيوي ، ولا يمكن أن يكون حيوياً إذا ما تكاتفت هذه القطاعات معـاً ، وبصورة جادة ومدروسة تعكس الوجه الحضاري والتاريخي للأردن . بعيداً عن الارتجال في تخطيط الإستراتيجيات السياحية ، والمصداقية في تناقل المعلومات الخاصة بالترويج والتسـويق السياحي عبر كافة وسائل الإعلام .

ومن هنا ، لا بد من أن نتأنى في توجيه اللّوم وبصورة مستمرة على الحكومات في تنشيط الحركة السياحية ، ونغفل عن الدور الفعال الذي من الممكن أن يقوم به القطـاع الخاص ، فكلٌ له دور فعال ، وفعال جداً . وكما يقول المثل الموروث .. " الكف الواحد لا يصفق " ، نعم الكف الواحد لا يصفق إن لم يقابله الكف الآخر ، وعند تلاحم الكفان وبقوة ، يدوي صدى تلاحمها ليخترق الأجساد ونصحُ من آتون النسيان الذي ألم بمدننا التاريخية . فتبدأ المسؤولية الوطنية من الطفل الوليد وما ننشئه عليه من ولاءٍ وانتماء لثرى وطنه وأمته .. والعالم بعلمه .. والمسؤول بصلاحياته المناط بها . وليست هنالك حدود تتوقف عندها المسؤولية الوطنية ، فهي مستمرة ما دامت الحياة مستمرة .

وإن لم نسعى متكاتفين ومتعاضدين ، لرفع شأن هذا القطاع الهام ( قطاع السياحة ) وجعل مساهماته في الدخل القومي ركيزة أساسية في الاقتصاد الوطني ، والخروج به من حالة السكون والموت البطيء إلى حالة الحركة الدؤوبة والمستمرة على الدوام ، وندع الشمس تشرق عليه ساطعةً تبهر الدنيا بأسرها ، وتشدهم إليه من كافة بقاع الأرض ، ليشاهدوا التاريخ بعينه ، والحضارات بأسرها ، التي أحبت ثرى الأردن ، فلمست فيه أجمل لحظات حنينـها ، فاحتضنته وغرست فيه أطيب بذار فنونها وثقافاتها . وإن لم ندرك هذا التاريخ وهذه الحضـارات ، فسنكون حينئذ لشروق شمسها جاحدين .

ولإنصاف هذه المدن التاريخية والحضارات التي تعاقبت على ثرى شمال الأردن عبر العصور المختلفة ، والسعي لإخراجها من آتون النسيان إلى بؤرة أثرية سياحية حيّة على الدوام ، آثرت إلاّ أن أذكر تالياً بعضاًً من الجوانب السلبية والمشكلات التي تعيق الحركة السياحية في هذه المواقع من خلال مشاهداتي الميدانية لهذه المواقع .

من الجدير بالذكر .. أن منطقة بلاد الشام كانت قد تعرضت إلى مجموعة من الهزات الأرضية ، ألحقت بالمنطقة دماراً وخراباً لا زالت تعاني من نتائجها إلى يومنا هذا . فلقد ابتلعت العديد من المدن التاريخية ، وأخفت ما لا يحصى من الدلائل القيمة والهامة ، تحتاج إلى جهدٍ مشترك ودعمٍ كبير لإعادة ما يمكن إعادته وإظهاره بالشكل الذي يليق بتاريخه وتاريخ الأردن الحديث .

ولأن الآثار لكل أمة عنوان مجدها ، وتراث الأقدمين من أبنائها ، كانت العناية بها وصيانتها من شرور الطبيعة وجبروت الإنسان ، من أهم الواجبات التي وضعتها الأمم محل الرعاية والتقدير .

كانت القويلبة " أبيلا " وأم قيس " جدارا " من المواقع العديدة التي قمت بزيارتها في جولتي السياحية في شمال الأردن ، ولقد كانت من أجمل رحلاتي منذ الطفولة ولكن صدقاً هذه الفرحة لم تكتمل ، فعندما دخلت بوابة "جدارا " ذاك اليوم الجميل .. وعبر بوابتها ومدخلها الجديد المار بمدينة أم قيس القديمة والتي تعود إلى العصر العثماني ، والتي كانت قد أنشأت فوق أم قيس الرومانية ، تجولت في أزقتها الدافئة التي تعيد إلى الطفولة عهدها ، وكان الإهمال وعدم الاهتمام فيها قد قتل حميتي في إكمال الجولة والعودة من حيث أتيت ، إلاّ أن عقلي أبا الاستسلام .. فتابعت المسير وفي القلب غصة ، إلى أن وصلت مدينة أم قيــــس الأثريـة " جــدارا " . فأخذت مكاناً للراحة والتأمل في الجزء الشمالي من الموقع ، وعلى أحد الخنادق العسكرية المهجورة كانت جلستي ، والألم في داخلي بازدياد مستمر ، طبيعة لا توصـف ، تجلت فيها عظمة الخالق ، وهواء يشفي العليل ، وأطلال فلسطين الأبية تلوح في الأفق القريب ، وجبالها الشامخة شموخ السماء تبتسم ، والدمع الحزين يشق تضاريسها ، وبريق مياه بحيرة طبريا يعكس نقاء القلب المجروح ( فلسطين ) ، وصمود جبالها التي لطالما حلمنا بتسلقها يوماً ، وصدى الصوت في أوديتها ينادي بالعروبة … فهل من مجيب ؟! ومن ذاك المكان أيضاً .. تزاورك مرتفعات الجولان المكلومة ، تتألم وتستغيث بحسام صلاح الدين المسلول … فهل هناك من يعيد التاريخ إلى سابق عهده ؟!

" تكتمل المسؤولية في ج 2"

akoursalem@yahoo.com



تعليقات القراء

سايح
الى الاخ عكور ابو العريف اللي ماترك شي غير تحدث بيه شو بعرفك بالسياحة وغيرها بلاء السياحة بالشمال انه مافي مكتب ولامدير ولاموظفين المككتب بغلق ابوابة الصبح وبفتح مديرة بعد المسا ولايووجد بيه اشي ولابعرف شو هي السياحة ديك بين عشر بنات ماالهنش عازة بس محسوبات هاي قصة الشمال وسياحتهه بعدين اصلا وين هي وزيرة اسياحة بتعرف هي مكتب اربد باحداك
13-05-2009 08:45 PM
الكاتب الى " سايح "
الى الأخ " سليح تعليق 1 " .. تفضل زورني بتعرف فيما بعد ما هي علاقتي بالسياحة ومن ثم لك الحق في الحكم ، وما تطرقت له لم يكن من الخيال ، فما لدي من وثائق وصور " نحو ألف صورة لمواقع الشمال " عن الواقع السياحي الموجود في الشمال تم تجميعها من خلال جولة استمرت نحو عام ،والتحاقي برسالة الماجستير في السياحة ، وتعييني كمصمم داخلي لمتحف اربد قبل افتتاحة ، ولسوء الطالع في هذه الدائرة " مكتب اربد " آثرت على انهاء خدماتي بها .

لكن في نهاية حديثي وبعد الشكر لك .. ومن باب الفائدة المرجوة لمضمون المقال ، كنت آمل عليك يا سيد " سائح " أن تكون في الجراه ذاتها التي تحدثت بها وتذكر اسمك الصريح ، لكن الواضح من ومع احترامي أن لك مأرب معين على شخصي ، وارتباكك واضح من طريقة كتابتك في التعليق ، لكن فيما تفضلت به حول المكتب والموظفين والمدير وغيره ، أو بعرفوا أو ما بعرفوا فهذا الأمر لأهل الضمائر الحية في حمل الأمانة الوظيفية ..!! مع شكري لك على تعليقك وتحملي بالاسهاب .. سالم عكور
14-05-2009 12:35 PM
مواطن
يارجل والله ماراح يعينوك بكفي كف شرك عن السياحة وموظفينها باربد
22-06-2009 10:40 PM

أكتب تعليقا

تنويه :
تتم مراجعة كافة التعليقات ،وتنشر في حال الموافقة عليها فقط.
ويحتفظ موقع وكالة جراسا الاخبارية بحق حذف أي تعليق في أي وقت ،ولأي سبب كان،ولن ينشر أي تعليق يتضمن اساءة أوخروجا عن الموضوع المطروح ،او ان يتضمن اسماء اية شخصيات او يتناول اثارة للنعرات الطائفية والمذهبية او العنصرية آملين التقيد بمستوى راقي بالتعليقات حيث انها تعبر عن مدى تقدم وثقافة زوار موقع وكالة جراسا الاخبارية علما ان التعليقات تعبر عن أصحابها فقط ولا تعبر عن رأي الموقع والقائمين عليه.

- يمكنك تسجيل اسمك المستعار الخاص بك لإستخدامه في تعليقاتك داخل الموقع
الاسم :
البريد الالكتروني :
اظهار البريد الالكتروني
التعليق :
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضاً

رياضة وشباب

محليات