طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات

وكالة جراسا الإخبارية

الجيش الاردني عقيدة وليس وظيفة للقضاء على البطالة


من ادنى حقوق أي مواطن في الدنيا ان يفتخر بجيش بلاده ويتغنى برجاله ويتنومس بافعاله ويرفع رأسه منتشيا ببطلات قادته ويترحم على شهدائه, ايمانا منه بان الجيش هو صمام امان لا يُعرف قيمته الى عند النوائب والشدائد ,ولعل حاجة الجيش في ساعة تعادل قرون عند من يعرق قيمة الامن والامان والشرف التضحية والفداء , فكلما كان الجيش عزيزا عرف شعبه معنى العزة والكبرياء, وكلما تبعثرت اوراقه مزق ابليس اوصاله.

فقد كثرت هذه الايام الاحاديث عن وجوب فتح باب التسجيل في الجيش الاردني لمن هب ودب بشكل عشوائي , فوجدت من المناسب للصالح العام كتابة هذا المقال ,متوخيا فيه التطرق لبعض الاحداث التاريخية المفصلية والهامة التي تدفعنا لوضع اليد على الجرح لكي يبقى ملتئما ولا ينزف مرة اخرى , نزفا يدمي قلوبنا ويخرب بيوتنا ويفرح اعدائنا المنتظرين على احر من الجمر ساعة كتلك التي جربناها سابقا عام 1970.
ولعلي هنا اكون ادق توضيحا لاخوتنا الاردنيين من اصل فلسطيني مع الاحترام واشد التقدير لجهودهم في بناء نهضة الوطن التي لا ينكرها عاقل ووطني , ان الجيش الاردني هو عنوان مجد وعنوان شعب يجب ان نبقيه بعيدا عن الحزبية المقيتة والاعيب السياسة اللعينة والمصالح الشخصية البغيضة لكي يتمكن من الاستعداد بعيدا عن الضوضاء والاعلام لحماية الوطن والدفاع عنه .

فالجيش الاردني هو الجيش الوحيد في العالم الذي لا يسمى باسم بلده, فالجيش السوري يسمى 'الجيش السوري' والمصري 'بالجيش المصري' والسعودي بالجيش السعودي, ولكن الجيش في الاردن يسمى الجيش العربي , وهذا يحمل وجهان الاول ايجابي والاخر سلبي , فالاعتزاز بالقومية العربية امر جيد, ولكننا نتساءل رحمة بالاردن وخوفا عليه : ماذا اعطتنا القومية العربية غير الكذب والدجل والنفاق والتآمر علينا وعلى جيشنا؟.
تتذكرون كيف حاولت القومية العربية التخطيط للقضاء على الجيش الاردني عام 1970 فيما يسمى بايلول الابيض عندما استطاع الجيش الاردني تخليص الاردن في مراحله الاخيرة من ايدي اخوتنا في منظمة فتح الذين رفعوا شعار تحرير فلسطين يبدأ من تحرير عمان , وكأن الاردنيين مجرمين لن ينتصر العرب الا بالخلاص منهم .

ونتذكر كذلك في عام 1973, كيف خطط حافظ الاسد وانور السادات والجهات الداعمة لهم من العرب لحرب اكتوبر بعيدا عن التنسيق مع الاردن الذي يملك اطول واجهة مع اسرائيل المغتصبة , والذي لم يعلم عنها الا قبيل بدئها بساعات .

فمن يتهم الجيش الاردني بالعنصرية أذكر للتاريخ ان الجيش الاردني كان منذ انطلاقته يعج بالعرب من مختلف الجنسيات , فقد كان اكثر من نصفه من ابناء فلسطين وفي مختلف الرتب والمراكز القيادية , كقادة كتائب والوية وضباط رصد مدفعي ودروع ومشاة لغاية 15 /9/1970 , عندما هبت اول نسائم الفتنة الملعونة, فاستيقظ الشعب الاردني صباحا مفتخرا باحثا عن جيشه , ولم يجد منهم الا القليل وبدون اسلحة بعد ان هرب والتحق نصف الجيش مع المتمردين على الوطن, فصوبوا سلاحهم لظهره واغتالوه , مما اوجب التفكير جديا بان يكون الجيش الاردني اردنيا مقتصرا على عائلات دون غيرها مع الاحترام لكل المسميات الاخرى . ومع ذلك فليفتح الجيش الاردني ابوابه لاخوتنا من اصل فلسطيني بشرط تجنيد ضابط مقابل الف عسكري كما هو معمول في انظمة جيوش العالم اجمع.

بعد هذا السرد التاريخي لتطورات مهمة جدا , يجب ان نهملها حتى وان كانت حقائقه مؤلمة جدا , الا يحق لنا ان نطالب بعزل الجيش عن السياسة وعن التنظيمات والاحزاب مهما ارتفع سقف النداء؟ , فالكيس الفطن من اتعظ بغيره , ولنا فيما يجري في الجيش العراقي اسوة حسنة , فدعوا الجيش من كل الهراءات والمصالح الشخصية التي تتلحف بعباءة الوطنية وفي يدها جمرة تحرق .

فالجيش وان اقتصر على جزء من ابناء الوطن , إلا انه يدافع عن الجميع في غارة ما , ونقترح اعادة تسميته بالجيش الاردني والغاء تسمية الجيش العربي , لان في ذلك فائدة كبرى على الاردن وشعبه في سنوات الوطن القادمة ,وسأترك المعنى كالعادة في بطن الشاعر يتوصل اليه كل ذي لب ممن اتاه الله نفاذ البصيرة.
الجيش الاردني هو عقيدة لمن اراد الانتساب له وليس وظيفة كغيرها من المؤسسات للاعتياش فقط , ولذلك يجب ان يبقى بعيدا عن التأملات والخزعبلات وحتى مجرد التفكير به , لكي لا نكون كالذي يعرف انه مأكول بتصلب الشرايين ويصر على الرياضة العنيفة.

وقفة للتأمل : يقول العسكري الفذ نابليون ' إن ابني لا يستطيع ان يحل محلي , وانا لا استطيع ان استبدل مكاني , إني مخلوق الظروف' والجيش الاردني بتركيبته الحالية خلقته الظروف الغدارة والتآمرية.

جميع الحقوق محفوظة
https://www.gerasanews.com/article/73939