طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات

وكالة جراسا الإخبارية

ماذا يريد الشعب ؟


هذا الشعار الذي ظهر في الربيع العربي وكان يطالب هنا بإصلاح النظام ومحاربة الفساد وتحقيق العدالة الاجتماعية ، ثم أصبح الشعب يريد إقالة الحكومات وحل البرلمان وإجراء تعديلات دستورية ، وتحويل كل المتهمين بالفساد إلى القضاء لإجراء ما يلزم بحقهم إذا ثبت اتهامهم من قبل القضاء ، وكل ذلك من اجل مواصلة المسيرة الإصلاحية ، والإسراع في إجراء انتخابات نزيهة برلمانية وبلدية ، وصولا إلى إصلاحات حقيقية .

ثم الشعب يريد المزيد من الحرية واحترام حقوق المواطنين وعدم التعدي عليها ، ونباهي الدنيا بمساحة الأمن والاطمئنان التي ننعم بها هنا في الأردن ، وفي نفس الوقت نقوم بالاعتداء على حرية رجال الأمن من خلال اتهامهم بالتقصير في الكثير من الأمور ، أو من خلال وصفهم بالزعران والبلطجية .

ثم الشعب يريد المزيد المزيد من العلاوات والحوافز المالية ، ولن يأتي ذلك إلا من خلال المسيرات والمظاهرات والإضراب والاعتصام ، وتم تغيب لغة الحوار والمجادلة بالتي هي أحسن ، فقامت العديد من النقابات ومجموعات من الموظفين والمعلمين والممرضين والمتقاعدين العسكريين وغيرهم بكل ما يلزم لأجل ضمان ذلك الشيء فتحقق ما تحقق والباقي ينتظر الإجابة الحكومية .

ثم الشعب يريد تعطيل المدارس لحضور مباراة كرة قدم بين الأردن والصين الشعبية ، فقد علقت الدراسة في العديد من مدارس المملكة لتلك الغاية ، وقام العديد من المعلمون بحضور المباراة هم وطلابهم في المدرسة ، فهل هذا هو التعويض لأيام الإضراب الذي تعهد به المعلمون ، ثم تبعه عطلة ثلجية .

ثم الشعب يريد أرقام الطوارئ ونشر فرق الإنقاذ الميدانية ، والاصطفاف طوابير أمام المخابز ومحطات المحروقات ، وتعطيل كل مرافق الحياة والعملية الإنتاجية ، وتم تعطيل المدارس والجامعات وكثير من المؤسسات والكل يعمل على مدار الساعة الأشغال والأمانة والبلدية ، ووضعت المستشفيات في حالة استثنائية ، والدفاع المدني يزف العرسان في عربات الإنقاذ ، ووسائل الاعلام تتابع الوضع باهتمام لتزويدنا بكل المعلومات والإرشادات الضرورية ، والجميع أمام الشاشة الصغيرة يترقب البيان رقم ( 1 ) الذي قد يصدر في أي لحظة عن الأرصاد الجوية ، ولم يبقى إلا استدعاء الاحتياط ، وكأن الأردن لا قدر الله يتعرض لكارثة طبيعية أو حرب حقيقية ، ولكن كل ذلك لمواجهة عاصفة ثلجية .

ثم الشعب يريد ضبط الإنفاق الحكومي وترشيد الاستهلاك وإعطاء الأولوية للأشياء الضرورية ، وهو نفسه يقوم بإنفاق عشرات الملاين من الدنانير من أجل إطلاق العيارات والألعاب النارية ، وتعطيل حركة المرور وقطع الإشارات الضوئية ، كل ذلك فرحا بنجاح في الثانوية أو من اجل مولود أو مناسبة اجتماعية .

ثم الشعب يريد استقلال القضاء واحترام مكانته ونزاهته وقراراته و محاسبة كل متهم بالفساد أو الاعتداء على المال العام أو إساءة استخدام الوظيفة الحكومية ، وفي نفس الوقت يطالب ويطالب بإخلاء سبيل الموقوفين على ذمة قضايا فساد ، ويقف مدافعا بشراسة عن بعض المتهمين ويحشد لهم الأنصار وتبنى الخيام وتقام التجمعات الشعبية ، وتحول القضية إلى فزعه عشائرية . !!

فعلى ماذا نتفق ، وماذا يريد الشعب ؟؟ !!!


zmaharma@yahoo.com


جميع الحقوق محفوظة
https://www.gerasanews.com/article/70172