طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات

وكالة جراسا الإخبارية

النٌصحُ الثمين .. في خطاب ِ العلامة الحلبي للمعلمين


والرد ُ على ( الرد ) المَشين ..!!
- الجزء الأول -
إن الحمد لله تعالى ، نحمده ونستعينه ونستغفره ، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعد ..
فإن أصدق الحديث كلام الله ، وخير الهدي هدي محمد ٍ صلى الله عليه وسلم ، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة ، وكل بدعة ضلالة ، وكل ضلالة في النار .
يقول الله تعالى في كتابه العزيز : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} [ النساء:الآية 59 ]
ويقول تعالى : { وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَن يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَن يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبيناً } [الأحزاب : الآية 36 ]
ويقول تعالى : { فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } [ النساء : الآية 65 ]
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود وغيره من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه : ' أوصيكم بتقوى الله والسمع والطاعة وإن كان عبدا حبشيا فإنه من يعش منكم بعدي يرى اختلافا كثيرا فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي عضوا عليها بالنواجذ ' [ السلسلة الصحيحة للألباني – حديث رقم 2735 ]
مما لا ريب فيه عند من رزقه الله تعالى سلامة القلب أن تحكيم الدليل من الكتاب والسنة عند الاختلاف هو المنهج الوحيد ، والملاذ الفريد ، أياً كان ذلك الاختلاف ؛ لأن كلمة ( شيء ) في الآية الأولى التي قدمت نكرةٌ في سياق الشرط ، فتعم كل اختلاف ، فلا يظن أحدٌ في مسألة أو حادثة عدم وجود بيان ٍ لها في الكتاب والسنة ، وهذا في معنى قوله تعالى : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } [النحل: آية 89 ] .
قال ابن القيم رحمه الله – كما في إعلام الموقعين ( 1 / 49 ) - : ' ولو لم يكن في كتاب الله وسنة رسوله بيانُ حكم ِ ما تنازعوا فيه ولم يكن كافياً ؛ لم يَأمر بالرد إليه ؛ إذ من الممتنع أن يأمر الله تعالى بالرد عند النزاع إلى مَن لا يوجد عنده فصل ُ النزاع ' .
وإذا عرفت هذا ، وعرضت لك المسألة أو الحادثة أو النازلة ؛ وجب عليك التسليم والانقياد لحكم الشريعة الكاملة ؛ فلا تقدم عليه الآراء والأذواق ؛ ثم لا تدفعك المصالح الدنيوية وأهواء النفس إلى عدم الرضا ، وإلا كان ذلك مناقضاً للدين الذي جاء به نبينا صلى الله عليه ، قال ابن القيم رحمه الله – كما في مدارج السالكين ( 2/ 173) - : ' وأما الرضا بدينه : فإذا قال أو حكم أو أمر أو نهى ، رضي كل الرضا ، ولم يبق في قلبه حرج من حكمه ، وسلم له تسليماً ، ولو كان مخالفاً لمراد نفسه أو هواها ، أو قول مقلَده وشيخه وطائفته ' .
وإذا حققت مقام الرضا ؛ كنت متبعاً للرسول صلى الله عليه وسلم ومطيعاً له كما أُمرت َ ؛ فإن تحصَل لك هذا كان الله تعالى معك بحسب إتباعك ، قال الله تعالى : { يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } ، أي : حسبك وحسب من اتبعك ، وقال السعدي رحمه الله في تفسيره المسمى ( تيسير الكريم الرحمن في تفسير كلام المنان) :
' يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللّهُ ' أي : كافيك' وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ ' أي : وكافي أتباعك من المؤمنين ، وهذا وعد من الله ، لعباده المؤمنين المتبعين لرسوله ، بالكفاية ، والنصرة على الأعداء . فإذا أتوا بالسبب الذي هو الإيمان والإتباع ، فلا بد أن يكفيهم ما أهمهم من أمور الدين والدنيا ، وإنما تتخلف الكفاية بتخلف شرطها.. '
وإذا كان الله معك وكافيك ؛ فلا حيلة مع من يعاديك ، ولا يضرك من يجافيك ، قال شيخ الإسلام ابن تيمية كما في ( منهاج السنة ) : ' وإذا كان بعض المؤمنين به ( أي : بالنبي صلى الله عليه وسلم ) المتبعين له قد حصل له من يعاديه عل ذلك فالله حَسْبُه ، وهو معه وله نصيبٌ من قوله : { إذْ يَقولُ لِصاحبه لا تَحزَن إن الله مَعَنا } '.
والإتباع أو التسليم لازمه العلم ،فلا يصح إلا به ، ولا يستقيم إلا معه ، فإن الإتباع خيرٌ عظيم و ' من يُرِد الله به خيراً يفقهه في الدين ' كما أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم ، و فقه الكتاب والسنة مضبوط ٌ بفهم السلف الصالح وعلى رأسهم أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم لقوله لنا - إذا رأينا الاختلاف - : ' .. فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء المهديين بعدي عضوا عليها بالنواجذ ' ، قال الإمام الشاطبي – رحمه الله - كما في كتابه ( الاعتصام ) : ' لأنهم ( أي : الخلفاء الراشدون ) رضي الله عنهم فيما سَنوا ، إما متبعون لسنة نبيهم عليه السلام نفسِها، وإما متبعون لما فهموا من سنته صلى الله عليه وسلم في الجملة والتفصيل عل وجه ٍ يخفى على غيرهم مثلُه ، لا زائدة على ذلك ' .
وهذا حق ؛ فإنهم شهدوا تنزيل القرآن الكريم ، ورأوا من النبي صلى الله عليه وسلم ما به فقهوا وفهموا رضي الله عنهم ، فاستمسك بهذا فإنه أصل عظيم ٌ ومنهج ٌ قويم ٌ ، ولذا كان الإمام أحمد بن حنبل يقول : ' أصول السنة عندنا التمسك بما كان عليه أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم والاقتداء بهم ' ، ولهذا كان علماء الأثر المتبعون لهذا المنهج في كل زمان ومكان هم أصحاب الحجة الغالبة والمحبة البالغة والإتباع ، وكتب الله تعالى لهم من التمكين والتثبيت والإبداع ما لم يكن لغيرهم من أصحاب الكلام والفلسفة والابتداع .
وهذا الأصل الشرعي يحتاج لتفصيل ٍ زائد ، فإن فيه الذهبُ والفرائد ؛ لكن المقام يضيق فآثرت الاختصار ولو قلت الفوائد .
وإنك لترى اليوم ما آلت إليه الأمة حين زاغت عن هذا المنهج السلفي الراسخ ؛ من تفرق ٍ وشتات ، صار الناس تبعاً لأهوائهم وأرائهم التي تستند إلى الذوق و أطماع النفس ، حتى وصل الأمر بالبعض أن يحكم بالرأي في المسائل والمشكلات المستجدة ، يدفعه ( وسواسٌ قهري ) اسمه ( فقه الواقع ) ، ولو كان مآله تقديم ما يرى على نص شرعي واضحٍ أو – على الأقل - على تأصيلٍ علميٍ لواحد ٍ من أهل الدراية الاختصاص ، وهذا – لعمري – أمرٌ خطير و شرٌ مستطير ، قال حذيفة رضي الله عنه – كما في ( حلية الأولياء ) لأبي نُعَيم - : ' إن أخوف ما أخاف على هذه الأمة أن يؤثروا ما يَرونَ على ما يعلمون ، وأن يضلوا وهم لا يشعرون ' ، وما خافه رضي الله تعالى عنه اليوم واقع باسم ( فقه الواقع ) ، ولا حول ولا قوة إلا بالله .
والواقع هذه الأيام في وطننا الأردن – حماه الله تعالى وسائر بلاد الإسلام - أن انتشرت ( المظاهرات ) و ( الاعتصامات ) و ( الإضرابات ) و ( الحِراكات ) !! ، حتى أنك من كثرتها تصاب بدوار ٍ إذا ما طالعت (.. ) أخبارها ، أو تتبعت ( .. ) أطوارها ،أو حاولت أن تكشف أسرارها و (التفقه ) في واقعها و فهم إصرارها ،ولعل أبرز ما ظهر منها وما بطن ما يسمى ب (إضراب المعلمين ) ؛ ذاك الذي لا يعلم ما ينتهي إليه إلا ربُ العالمين ، نسأله السلامة ، هو مولانا وبه نستعين .
لقد صار الأطفال والصغار يعرفون ( تطورات الأزمة ) و يتفهمون ( مواقف الطرفين ) !! ، فإن وسائل الإعلام ( المحلية والأجنبية ) ما تركت ( شاردة ولا واردة ) ، وكانوا يأتونك بالخبر حتى قبل أن يحدث ( ؟؟ ) ، وما أُلقيَ وكُتِبَ أضعاف ما أُخفيَ وكُبِتَ مع الاختلاف .
أقول هذا وأنا أضحك ألماً ، ولطالما دعوت الله تعالى أن ييسر لنا – نحن المعلمون – في هذا الظرف عالماً على الحق قائماً ؛ فما أحوجنا لكلمة تنشلنا من بئر الحيرة العميق ، وتبين لقلوبنا معالم الطريق ، فكان أن أتحفنا شيخُنا المحدث العلامة علي بن حسن الحلبي – حفظه الله تعالى – بمقالة ٍ هي – والله ِ – نصيحةٌ غالية .. حصينةٌ عالية ، كيف لا وهي مستندةٌ إلى كتابِ الله تعالى وسنةِ نبيه صلى الله عليه وسلم ، وفيها – على اختصارها - فائدةٌ عظيمة، وقد سماها شيخُنا العلامة ( الرؤية الشرعية الصواب في امتناع المعلمين عن تدريس الطلاب ) .
وكنت ُ – قبل اطلاعي على ما قاله شيخُنا فيها - قد كتبت مقالاً نُشر على موقع ( وكالة جراسا الإخبارية ) بعنوان ( بين الإضراب والإضرام ) وبينت فيه موقفي المعارض لوسيلة الإضرابات ؛ مع الدفاع عن إخواني المعلمين ضد ( التهجم والتهكم والتجني ) عليهم ، فلما قرأت ما كتبه شيخُنا في المقام نفسه اطمأن قلبي لما ذهبت إليه ، ولله الحمد والمنة .
ثم إني سمعت - ُ حول كلام شيخنا العلامة - بعضَ ما كُتبَ وقيلَ وأُثيرَ وهو كثير ، وكله - على أقل تقدير - ليس له صِبْغَةٌ ولا تأثير ، ذلكم .. أن نصفه – من العلم – قد خلا فخبا ، والآخر َ - من الدناءَة - دنا فخَنا ، وكان من هذا مقال ٌ مررت ث عليه في ( موقع جراسا ) ، وهو مقال ٌ غايةٌ في السوء ؛ إذ لم يُحسن ( مسوَدُه !!) إلا الغمز واللمز ، وإلا التهويش والتحريش ، فإنه – لما عجز َ عن الرد على شيخنا الحلبي بالحجة والبيان - أطلق للسانه العَنان ؛ بالطعن والقذف والبهتان ،حسبُكم – وأُشهد الله - أنه في طول مقاله ورده ( !! ) – المشئوم المذموم – لم يأتِ بآية ٍواحدة ٍ من القرآن ، أو حديثٍ واحد ٍعن النبي العدنان ، ولا أثر واحد ٍ عن أصحابه عليهم من الله الرضوان ، وكذا حال أهل البدع والأهواء والكلام والإغواء ، قلوبهم – ناهيك عن عقولهم - من نصوص الكتاب والسنة والآثار خالية خاوية ٌ ، أفنطمعُ - بعدئذ – أن يقولوا للناس حُسنى ؟!! ، نسأل الله سلامة القلب ، هو العالم ما بالأنفس ولا تخفى عليه خافية .
وأما ..إضراب المعلمين - والذي أراده مسود المقال ثورة ً(!!! ) - فإني سأتكلم فيه ( وعنه ) في أجزاءٍ قادمة إن أذِنَ الله تعالى ؛ مستأنساً بكلام شيخنا الحلبي – حفظه الله - في نُصحه للمعلمين ، ومستخرجاً لما في من الفوائد ، ولَيَسْمَعَن ( مسودُ المقال ) – هداه الله - وغيرُه من أصحاب النَفَس ( الحزبي الحركي الثوري ) ما لا يخطر لهم على قلب ( .. ) أو يسمعوه من قبل ، وسأتركُ – لله تعالى - الرد على ( مسود المقال ) ، فإن ما فيه لا يستحق العناء وبذل الوقت فضلاً على أنه لا يضر شيخنا العلامة الحلبي شيئاً .
وأسأل الله تعالى - بعد ذلك – أن يرزقنا العدل والإنصاف ، ويجنبنا الجورَ والإجحاف ، اللهم أرنا وإياهم الحق حقاً ووفقنا لإتباعه والباطلَ باطلاً ووفقنا لاجتنابه ولا تجعله ملتبساً علينا فنضل .
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين


جميع الحقوق محفوظة
https://www.gerasanews.com/article/68667