طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات

وكالة جراسا الإخبارية

الحكومة .. والإصلاح .. والمواطن


أكد جلالة الملك عبدالله الثاني أن الشعب ألأردني يستحق من الجميع الوضوح والصراحة ‏والشفافية والمكاشفة حول كل القضايا والتساؤلات وعلى العمل الجاد لتحقيق العدالة ‏للجميع ومكافحة الفساد. وأشار جلالته إلى أن \'المواطن تعب من الكلام والشعارات ‏والوعود ويريد أن يتأكد أن حقوقه محفوظة، وأن علاقة المواطن بمؤسسات الدولة قائمة ‏على مبدأ العدالة وتكافؤ الفرص\'، لتعزيز منظومة النزاهة الوطنية. كذلك تعهد رئيس ‏الحكومة بالمتابعة، وتفعيل القوانين الموجودة، والتعديل عليها، وتعزيز قدرات المؤسسات ‏المعنية، لتكون هذه بداية جدية للعمل على استعادة ثقة ألأردنيين.‏

‏ محاربة الفساد عملية صعبة، ومعقّدة، ولكنها ليست مستحيلة، وإذا تحققت الإرادة ‏السياسية على كلّ المستويات نكون قد وضعنا أقدامنا على الطريق الصحيح، ولكن كما ‏عوّدتنا التجارب مع الحكومات السابقة فلن نُبالغ في التفاؤل، ولن نبني حجم توقعات ‏ضخمة، ولكننا ندعوّ للمرجعية الأخلاقية العامة التي قد تشّكل موثوقية عند ألأردنيين ؟؟؟. ‏

منذُ بداية الحراك الشعبي تشّكلت قناعة لدى مؤسسات القرار مؤداها أن المشكلة ‏الرئيسية للنظام هي مع القاعدة التقليدية للحكم والمتمثلة بأبناء العشائر والبادية ‏والمحافظات الجنوبية, إلى جانب المتقاعدين العسكريين. وعلى هذا الأساس اتجهت ‏السياسة الرسمية إلى العمل على إرضاء تلك الأوساط في محاولة لاحتواء حالة الاحتقان ‏لديها واستدراك الانهيار الحاصل في الثقة بالدولة. وقد تجلت نزعة الاسترضاء العشائري ‏والمناطقي التي برزت ملامحها عبر عملية واسعة لإعادة توزيع المناصب العليا لتشمل ‏أوسع قاعدة ممكنة من الفئات المستهدفة!!!. أنني أدعو من هذا المنبر لإنتاج حالة ‏سياسية جديدة كفيلة بخّلق تفاعلات تعيد الحيوية للمشهد السياسي الأردني الذي ‏عاني في السنوات الماضية من جمود وسّع الهوة بين القاعدة الشعبية والطبقة ‏السياسية.‏

التصريحات الملكية الشفافة أشعلت جدلاً شعبياً، سياسياً ونخبوياً لن يهدأ من دون ‏استعادة ما يعتبرها رجل الشارع أموالا نُهبت من الخزينة العامة بعد أن تلاعب مسئولون ‏بمقدرات الدولة، وساهمّوا في تردي أوضاع الشعب المعيشية لمصلحة فئة قليلة ‏مستفيدة. فلا يجوز أن ندفع من استقرار الدولة أو ثبات مؤســساتها ثمناً لحماية أي ‏شخص عاث في الأرض فساداً ، وبالوقت ذاته من يطالب بالحرب على الفساد فعليه أن ‏يقبل بأن القضاء هو الفيّصل.‏

يؤمل بأن تشكل التصريحات الملكية بداية لوقف تراجع هيبة الدولة، ولكن لا بد من أن يكون ‏ذلك ضمن استراتيجيه قائمة على تنفيذ إصلاحات سياسية حقيقية. فالمأمول من دولة ‏رئيس الوزراء والوزراء الموقرون أن ينطلقوا للميدان، ويحاورا الشباب الذين عانوا تهميش ‏الحكومات المتعاقبة، وكسب ثقتهم من جديد، وإعادة توظيف طاقاتهم في سبيل بناء ‏الوطن. فالشباب يريدون من المجتمع أن يعترف بخصوصيتهم ويوّفر لهم إمكانيات التعبير ‏عن أفكارهم دون خوف أو خنوع في ظل الجهود المبذولة لمكافحة الفساد الذي يؤثر سلبا ‏على مستقبلهم ويعيق المنافسة الشريفة العادلة ....وعليه لا بد من خلق نشاطات ذات ‏فائدة تجمع الشباب على التلاقي والحوار ... وتقبّل الآخر ... وطرح الأفكار بحرية وتوظيف ‏حناجر الشباب الرافضة للفساد وأوكاره ،وتطوير سلوكهم السياسي ووعّيهم بعيداً عن ‏العنف والتقليد وجعل حراكهم ناضجاً وواضحاً في معالمه لينتقل من الحالة الشــعاراتية ‏إلى الحالةالتنفيذيــة. ‏
‏هؤلاء الشباب لم يلجئوا إلى الشارع في حراكهم إلا بعد أن صمّت الحكومات آذانها عن ‏الاستماع لمطالبهم، لقد فقدوا الثقة بالدولة، وبقدرتها على صون حقوقهم، فأصبحوا ‏يثورون في أقل موقف، ويفرضون منطق العنف فوق أي حوار. فبناء جسور الثقة بين ‏المواطن والمسئول، وبين المواطن والدولة أصعب بكثير من هدمها، لكّن الفارس هو من ‏يتحمل المسؤولية ويصل ما قطعه الآخرون. ‏

دولة الرئيس ..... اليوم أشعر شخصياً ببداية للتفاؤل ، وأتمنى أن تعمل بقوة ليبرز على ‏المسرح نخبة جديدة من رجال الدولة الشرفاء الذين تم استهدافهم واستبعادهم ‏وحرمانهم من المواقع القيادية المتقدمة في العهود السابقة لأنهم رجال ثقاة يقضون ‏بالحق حتى لو على أنفســهم ، جُبلوا على حب الله والوطن والإخلاص للملك ...‏


الوقت لم يفت بعد.....وأبناء الوطن يريدون أن يروا نتائج ملموسة على الأرض تلبّي ‏طموحاتهم وتعالج مشاكلهم دونما تأجيل أو إبطاء أو مماطلة . فقد عانينا طويلا من تلكؤ ‏بعض الحكومات وبطء استجابتها للتحديات وضاعت على الوطن فرص عديدة جراء المماطلة ‏والتسويف وترحيل المشاكل . فكُلنا نريد أردناً قوياً منيعاً ، ولنتذكر دائما أن الهـدف ‏الرئيســي (للإصلاح) هو تعميق سيادة القانون والاحتكام إلى مؤسســـات الدولة. ‏

‏ بالختام ....أتمنى ألا تجعلوا المواطن يلاحق الوهم حين بعد حين حتى يهرم ...؟؟؟؟؟!!!!!!‏



نائب رئيس جامعة الإسراء
‏Yousef.Eljaafreh@iu.edu.jo



جميع الحقوق محفوظة
https://www.gerasanews.com/article/67091