طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات

وكالة جراسا الإخبارية

هل لديكم مضاد حيوي لفيروس الكذب ؟؟


لمّا كان الكذب يعتبر من أسوأ الخصال الذميمة التي يمكن أن يتصف بها إنسان ، ولهذا فإني أعتبره في رأيي الشخصي سماجة وعلامة من إحدى علامات الشعور بالنقص والدونية والجُبن وضعف الشخصية وعدم الثّقة في النّفس عند كل من يتصف به ، وأعتبره بهرجة مزيفة يبهرج بها الكاذب نفسه ليتمكن من تحقيق مصلحة ما ليست من حقه ، ويتشبّت به من اجل الدفاع عن شخصه في قضية ما ، متناسياً ومتجاهلاً أنه سرعان ماقد ينكشف الغطاء عنه وعن كلامه وعن كذبه ، وتتضّح الأمور، وتطفو الحقائق ، وتظهر الحقيقة على السطح !! وخاصة لأن حبال الكذب قصيرة مهما طالت !!.



حقيقة : إنه كم هو مؤسف أن أجد أن الكثيرين من الناس قد استفحل فيهم داء الكذب هذا، وأنه أصبح عندهم كسهولة شرب الماء، مع العلم أنه يصنّف وحسب الشرع الإلهي وكما ورد في القرآن الكرم أنه نوع من الأمراض الأخلاقية السارية الخطيرة التي تهدد سلامة وأمن المجتمعات البشرية حينما يستفحل فيها .



ولهذا فكم هو مؤلم لي أن أرى أن منظمة الصحة العالمية ، وبالرغم من كل كوادرها الطبية والصّحية ، وبالرغم من كل امكانياتها المادية الكبيرة ، وبالرغم من ميزانيتها الضخمة ؛ تقف عاجزة عن فعل أي شيء حياله ، ولا تستطيع ايجاد علاج ناجعا له ، ولم تتمكن لحد الآن من فعل أي شيء لإيقاف مدّه وامتداده بين سلوكيات بعض البشر. والمؤسف أكثر أن الطب كذلك لم يستطع التوصل الى طريقة لمنع انتشاره بين الناس ، ولم يستطع أحد حتى هذا الوقت ؛ اكتشاف المصل المناسب الذي يحمي الناس من احتمالية انتقال العدوى اليهم واصابتهم به بسبب قوة وعناد فيروسه .



فأصبح وباء خطيراً عليهم يهددهم ويثير النزاعات والخلافات بينهم بعد اكتشاف أمره ، وخاصة بعد أن انتشر بينهم كانتتشار النار في الهشيم ، وكانتشار الآفات في البرسيم ، فعميت بصائرهم عن الحق ، وأغمضت عيونهم عن الحقيقة ، فأصبحوا لايتورعون فيما بينهم عن الكذب على بعضهم البعض جهراً وعلانية في الليل والنهار وفي الصباح والمساء وفي كل وقت وأوان .



فتجد منهم من أصبح يكذب على غيره من أجل الإيقاع به والضحك عليه وإستغلاله ؛ فيقول له كاذباً مثلاً بالقول : أنه الفارس المغوار الهمام الذي لايشق له غبار ( وهو في حقيقة أمره يموت فزعاً ورعباً إذا مرّ بجانبه فأر أو صرصار) ، ومنهم من لاينسى أن يكذب ً بالقول : بأنه ذلك الشهم الكريم السخي الذي لاتنطفىء له نار ( في حين أنه في واقع الأمر، انسان لئيم بخيل، حاقد حاسد يصاب بالحمّى والسّعار والدّوار إذا صرف درهماً او ضاع منه دينار ) ، ومنهم من يصف نفسه بأنه ذلك العابد الساجد الزاهد (في حين أنه الفاسق الفاجر الفاسد ).



ولاعجب أن نرى من بعض الكاذبين من يقول : أنه لولا وجوده في هذه الدنيا لكان قد انحبس المطر ويبس الشجر ، وهلك الزرع والضرع ،وانتشرت المجاعة ، وماتت جميع الكائنات ، و فنيت الحياة على الأرض ، وقامت القيامة !! .

وآخر ربما يكون اكثر بجاحة وكذباً من سابقيه فيقول : أن الشمس لاتشرق أصلاً ؛ إلا لكي توقظه من النوم ؛ ولايمكن لها أن تغيب قبل أن تستأذنه شخصياً بالغروب !!!.و...و...و... وأقوال أخرى كثيرة كلها كذب في كذب وخداع في خداع ،وخيال في خيال، واستغفال في استغفال.



لكن ...المشكلة والطامة الكبرى تكون حينما يصدّق بعض الناس البسطاء هؤلاء الكاذبين بسبب كثرة ما يسمعون منهم من كلام ، وحينما يثقون بهم ، فيقعون في حبائلهم ومصائدهم !! مع أن الواقع يخالف كل مايقولونه عن أنفسهم كذباً ؛ جملة وتفصيلا .



لهذا ياأخي الكاذب !! بداية إني أدعو الله لك بالهداية والرشاد وسواء السبيل ، وأرجو أن تسمح لي أن أُذكّــرك بأن ' ابليس ' هو أول الكاذبين ، فلا تكن كإبليس هذا واحذر من مصادقته واحذر من اتخاذه خليلاً لك . ولو كان المجال يسمح لي لكنت قد ذكرت لك الكثير عن أكاذيب صديقك ابليس اللعين .



آملة منك أن تمتنع عن هذا السّلوك وأن تمتنع عن الكذب نهائياً . فالناس أيها الكاذب ليسوا أغبياءً الى هذا الحد الذي تظنه وتعتقده أنت ، واعلم إنهم يتضايقون جدا منك ومن كل شخص كذاب مثلك ، مؤكدة لك بأنهم لم يعودوا يثقون بك وبكل ماتقوله ، وخاصة بعد أن انكشف أمر كذبك عليهم واتضحت نواياك السيئة نحوهم ونحو غيرهم .



فأنت الآن وبسبب كذبك تسمى في نظري ' كذّاب ' ، والكذاب انسان مكروه في المجتمع وغير محبوب عند الله وعند النّاس أجمعين. وأنت بكلامك الكاذب ؛ تكذب على نفسك وتكذب على غيرك وهذا تصرّف سيء لايجدر بك أن تقوم به إن كنت تحترم نفسك أن تفعله مهما كان السبب .. .ألا تعلم ياكذاب أن كذبك هذا قد يجرك الى الهاوية ، وقد يوقعك في مشاكل كثيرة ومتاهات عديدة ؛ لها أول وليس لها آخر ؛ أنت في غنى كبير عنها .



لذا وشفقة مني عليك من جهة وخوفاً من تعرضك لعذاب الله في الدنيا والآخرة من جهة أخرى بسبب ماقد يجره كذبك على النّاس من ويلات ومصائب ، أرجومنك أن تحاول منذ هذا اليوم لجم لسانك عن قول الكذب ، وأن تبدأ من الآن بتربية لساك جيدا على قول الصدق وألا تعوّده على قول الأكاذيب ، وحاول أن تكون دائما عبدا صادقاً صدوقاً حتى نستطيع الوثوق بك الآن وفيما ستقول مستقبلاً؛ لأن بقاءك على هذه الحالة ؛ أمر ليس من صالحك أبداً وسيجعلك منبوذاً بيننا جميعاً.



وفي الختام ، أدعو الله لنا جميعاً بأن يجعل القرآن الكريم ربيع قلوبنا ونور صدورنا وحبيب ألسنتنا وعيوننا ، لأن رجوعنا الى الله سبحانه وتعالى حقاًّ ، سيجعلنا نعرف بلا أدنى شك ديننا ودنيانا وكل ما نجهله من أمور حياتنا ، مما سيكون له الأثر الكبير والدّور العظيم في تحقيق السعادة والهناء لنا في الدّارين ؛ الدنيا والآخرة بإذن الله تعالى .



هداني الله واياكم جميعا الى مايحبه ويرضاه ، وأبعدني واياكم عن الكذب والكاذبين والكذّابين والخادعين والمخادعين . اللهم آمين والحمدلله رب العالمين والصّلاة والسلام على سيد المرساين سيدنا 'محمد ' صلى الله عليه وسلم.



دانا جهاد ـ طالبة جامعية ـ الأردن

dana.jehad@hotmail.com


جميع الحقوق محفوظة
https://www.gerasanews.com/article/65882