طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات

وكالة جراسا الإخبارية

إذا فقد الأردنيون خارطة الكنز فالخليجيون أيضا فقدوا البوصلة‏


ليس خفيا إننا نحن الأردنيون كنا نتوق إلى الانضمام إلى تكتل دول الخليج ‏العربي، وسعدنا كثيرا عندما تبنى الملك عبدالله بن عبدالعزيز هذا التوجه، وكانت ‏مفاجئة سعيدة لاسيما وإنها أتت في أول نسائم الربيع العربي، الذي اثبت بالبرهان ‏القاطع أن للحرية ثمن غالي جدا، فعدد الضحايا للوصول إلى تلك الحرية المنشودة ‏قفز حاجز ألف قتيل، لا بل الألفين، لا بل الثلاثة آلاف قتيل في سوريا وحدها، عداك ‏عن اليمن ومن قبلها ليبيا ومصر وتونس.‏
‏ فنحن في الأردن أيضا لم نكن بمعزل عن العالم، فقد نادينا بالإصلاح وأسقطت ‏حكومتان وولدت ثالثة بظروف صعبة جدا، محملة بإرث مثقل لن يستطيع أن يئن ‏تحته جهابذة القانون، ولن تنفع معه الوعود والتهديدات ولا حتى ركوب المستحيل، ‏فلن يستطيع عون الخصاونة الذي حصل على تقدير جيد جدا من مجلس نواب صنعه ‏صاحب اكبر ثقة في تاريخه، أن يصنع شيئا للقضاء على الفساد بشتى صوره وألوانه ‏ولو حرص على ذلك، فالرجل وان اجتهد لن يجد أمامه إلا احد ثلاثة رجال، احدهم ‏لا يستر له عيبا، والثاني لا يرقب فيه إلا ولا ذمة، والثالث لا يستطيع له نصرا أو ‏حتى يلتمس له عذرا، ثم يُطالب بإصلاح ما افسد الدهر، وإلا فهو في عداد ممن باع ‏أو قبض.‏
‏ واليوم وبعد قرابة عام من التمني والأمل بالدخول إلى منظومة الخليج، نستفيق ‏من نومه على تعب، تخللها حلم جميل راود أذهاننا فاستيقظنا مذعورين على صوت ‏ينادي من الشرق أن لا مكان لسابع مع سادس، صعقنا وضاعت أحلامنا الوردية، ‏فأحلامنا لم تكن سوى بفرصة عمل تحقق لنا دخل يعيننا على ضنك العيش، فبلادنا ‏وان ضاقت علينا فهي فسيحة غنائه خلابة للفاسدين والمتنفذين بها.‏
‏ فاليوم لن يحضا أردني بفرصة عمل في دول الخليج، ومن كان يعمل هناك ‏فسوف يأكل لقمته لقمة زقوم تنكيلا وتضييقا، فلن تنفعه خبرته ولا كفاءته ولا علمه، ‏وسينظر إليه كمن قدم إلى الخليج من الشرق أو حتى اقل درجة، وسيُذكر كل يوم ‏وكل ساعة بحلم انضمام مملكته إلى دول الخليج الذي بعد العيان أصبح سراب.‏
‏ نعم نحن في الأردن قد نكون خسرنا فرص العمل في دول الخليج، وقد نكون ‏خسرنا الانضمام إلى تكتل، كان بالإمكان أن يساعد بتنمية اقتصادنا بتوجيه كمية من ‏استثماراته الخارجية إلى أسواقنا، الأمر الذي يساعد في التنمية وتحقيق الرفاه ‏الاقتصادي لمملكتنا، وقد نكون خسرنا فرصة تلاحم النسيج الاجتماعي، وقد نكون ‏خسرنا أن نكون في تكتل يشكل جسم امة ملتحمة بدل فرقة وتفكك، إلا إننا ومع ذلك ‏فلازلنا أقوياء شامخة هاماتنا.‏
‏ وفي الطرف الآخر إذا لم ترد دول الخليج أن تتعثر بنا، فقد فقدوا قطبا نقيا تلتف ‏به الحكمة والمنعة، فقصور نظر الخليجيين عن الاستفادة من الطاقات البشرية ‏الأردنية، ما يعادله إلا قصور نظر الأمريكان بدخول العراق، فقضوا على صدام ‏وواجهوا إيران، التي ترى أن الخليج لا يعدو أن يكون إلا ولايات تتبع لآية الله ‏وحزبه، فإيران ترى الخليج كعكة ولا تريد أن يقاسمها بها احد، فإيران اليوم تنادي ‏بحماية الشيعة، ودول الخليج تقودها استراتيجيات مرسومة لها من قلب واشنطن ‏لتطويق الخناق على إيران، بهدف الحفاظ على امن دول الخليج العربي، فإذا ‏الأردنيين فقدوا خارطة الكنز، فالخليجيين أيضا فقدوا البوصلة، والكنز لن يكون إلا ‏لإيران أو أمريكا وحلفائها، فنفط الخليج وغازه يباع لهم وعوائده تستثمر لديهم، وما ‏للعرب منه إلا نزرا يرفهون به عن أنفسهم، أو ما يجدوه مسجلا في دفاترهم ومودع ‏عند حلفائهم ولا يملكون حق سحبه والتصرف به بدون مشورتهم.‏

kayedrkibat@gmail.com


جميع الحقوق محفوظة
https://www.gerasanews.com/article/62186