كان الحديث وما يزال حول عملية خصخصة المؤسسات العامة يأخذ حيزاً كبيراً في الصالونات السياسية والقانونية, وقد انعكس ذلك على الشارع ايضاً؛ فقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول تلك السياسة التي اتبعتها بعض الحكومات الأردنية, وهو ما نعكس سلباً على الإقتصاد الأردني, حسب رأي الكثيرين, وقد ارتفعت الأصوات حول ذلك إلى حد المطالبة بإعادة تلك المؤسسات الى الملكية العامة, وهذا يتطلب منا تسليط الضوء على دستورية عملية الخصخصة برمتها, وذلك من خلال محورين هما:
المحور الأول: تحديد ما هية الخصخصة:
لا بد لنا ابتداءً من تحديد ماهية الخصخصة, وفي ذلك نقول - باختصار- إن الخصخصة هي عبارة عن تحويل المؤسسات العامة إلى شركات خاصة ونقل ملكيتها من خلال البيع لمستثمرين بعد تقدير قيمتها, وذلك من خلال اتفاقيات تتم ما بين الحكومة والمستثمرين (المالك الجديد)؛ الأمر الذي يترتب عليه خروج تلك المؤسسات من ملكية الدولة ودخولها في الملكيات الخاصة وانتفاء صفة المؤسسة العامة عنها باعتبارها شركة خاصة.
المحور الثاني: الجانب الدستوري لعملية الخصخصة:
وفي هذا المحور نتعرض للنصوص الدستورية المتعلقة بذلك وهي :
1- تنص المادة (33/2) من الدستور الاردني على:(المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئاً من النفقات أو مساس في حقوق الاردنيين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة إلا اذا وافق عليها مجلس الامة, ولا يجوز في أي حال أن تكون الشروط السرية في معاهدة أو اتفاق ما مناقضة للشروط العلنية), والاتفاقيات التي تمت فيما بين الحكومات الاردنية وبين المستثمرين الذين آلت إليهم ملكية المؤسسات العامة بعد تحويلها إلى شركات خاصة هي اتفاقيات ترتب عليها ونتج عنها مساس بحقوق الأردنيين العامة المتمثلة في حقهم في الملكية العامة لتلك المؤسسات, وهو ما ينبني عليه أن تلك الاتفاقيات لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة من خلال إصدار قانون للمصادقة عليها, وما يعزز هذا الرأي ما ورد في المادة (117) من الدستور الأردني, والتي تنص على: (كل امتياز يعطى لمنح أي حق يتعلق باستثمار المناجم أو المعادن أو المرافق العامة يجب أن يصدق عليه بقانون), إذ أن الإتفاقيات التي تمت خصخصة المؤسسات العامة بناءً عليها, وأن لم تكن اتفاقيات أمتياز إلا أنها تفوق تلك الإتفاقيات في الأهمية والخطورة, وذلك من حيث أن اتفاقيات الإمتياز يتم بموجبها منح حق أستثمار مرفق عام لمستثمر محدد مع بقاء ملكية ذلك المرفق للدولة, وهي مع ذلك بحاجة للمصادقة عليها بموجب قانون صادر عن مجلس الأمة, أما الاتفاقيات المتعلقة بالخصخصة فيتم بموجبها نقل ملكية مؤسسة عامة -وفي غالب الأحيان إدارة مرفق عام- من ملكية الدولة, وهو ما يترتب عليه أن الإتفاقيات المتعلقة بالخصخصة بحاجة للمصادقة عليها بموجب قانون صادر عن مجلس الامة تأسيساً على القاعدة الفقهية التي تجيز القياس في حال اتحاد العلة.
2- تنص المادة (45/1) من الدستور الاردني على: (يتولى مجلس الوزراء مسؤولية إدارة جميع شؤون الدولة الداخلية والخارجية باستثناء ما قد عهد او يعهد به من تلك الشؤون بموجب هذا الدستور أو أي قانون الى اي شخص او هيئة اخرى) ومن هذا النص نجد أنه لا يمكن الإستناد له للتمسك بقاعدة الولاية العامة لمجلس الوزراء في موضوع الخصخصة, ذلك أن هذا النص يتحدث عن موضوع إدارة شؤون الدولة لا عن التصرف بالبيع ونقل الملكية, وما يثبت ذلك أن الإتفاقيات التي ترتب على خزينة الدولة شيئاً من النفقات أو التي تتعلق بحقوق المواطنين العامة أوالخاصة, أو اتفاقيات الإمتياز لا تكون نافذة إلا بعد المصادقة عليها من قبل مجلس الأمة (باعتباره ممثلاً للأمة), ثم إن هذا النص ونصوص المواد (33) و(117) من الدستور الأردني تُُخرج من ولاية مجلس الوزراء أختصاص أنفاذ تلك الأتفاقيات (بما فيها الاتفاقيات المتعلقة بموضوع الخصخصة) وتدخلها في أختصاص مجلس الأمة.
بناءً على ما تقدم فإننا نرى انه, وفي ظل عدم عرض الإتفاقيات المتعلقة بخصخصة بعض المؤسسات العامة والمرافق العامة والتي مست في حقوق الأردنيين العامة, على مجلس الأمة وفي ظل عدم المصادقة عليها من قبله فإن ذلك معناه أن تلك الإتفاقيات غير نافذة ويجب عرضها على مجلس الأمة للمصادقة عليها, وفي حال عدم موافقة المجلس على إنفاذها فإن ذلك ينحدر بها إلى درجة البطلان, وذلك كونها عقود موقوفة على الإجازة, وبالتالي يجب إعادة المتعاقدين الدولة والمستثمرين للحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد.
المحامي الشريف ايوب المجاغفة
كان الحديث وما يزال حول عملية خصخصة المؤسسات العامة يأخذ حيزاً كبيراً في الصالونات السياسية والقانونية, وقد انعكس ذلك على الشارع ايضاً؛ فقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول تلك السياسة التي اتبعتها بعض الحكومات الأردنية, وهو ما نعكس سلباً على الإقتصاد الأردني, حسب رأي الكثيرين, وقد ارتفعت الأصوات حول ذلك إلى حد المطالبة بإعادة تلك المؤسسات الى الملكية العامة, وهذا يتطلب منا تسليط الضوء على دستورية عملية الخصخصة برمتها, وذلك من خلال محورين هما:
المحور الأول: تحديد ما هية الخصخصة:
لا بد لنا ابتداءً من تحديد ماهية الخصخصة, وفي ذلك نقول - باختصار- إن الخصخصة هي عبارة عن تحويل المؤسسات العامة إلى شركات خاصة ونقل ملكيتها من خلال البيع لمستثمرين بعد تقدير قيمتها, وذلك من خلال اتفاقيات تتم ما بين الحكومة والمستثمرين (المالك الجديد)؛ الأمر الذي يترتب عليه خروج تلك المؤسسات من ملكية الدولة ودخولها في الملكيات الخاصة وانتفاء صفة المؤسسة العامة عنها باعتبارها شركة خاصة.
المحور الثاني: الجانب الدستوري لعملية الخصخصة:
وفي هذا المحور نتعرض للنصوص الدستورية المتعلقة بذلك وهي :
1- تنص المادة (33/2) من الدستور الاردني على:(المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئاً من النفقات أو مساس في حقوق الاردنيين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة إلا اذا وافق عليها مجلس الامة, ولا يجوز في أي حال أن تكون الشروط السرية في معاهدة أو اتفاق ما مناقضة للشروط العلنية), والاتفاقيات التي تمت فيما بين الحكومات الاردنية وبين المستثمرين الذين آلت إليهم ملكية المؤسسات العامة بعد تحويلها إلى شركات خاصة هي اتفاقيات ترتب عليها ونتج عنها مساس بحقوق الأردنيين العامة المتمثلة في حقهم في الملكية العامة لتلك المؤسسات, وهو ما ينبني عليه أن تلك الاتفاقيات لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة من خلال إصدار قانون للمصادقة عليها, وما يعزز هذا الرأي ما ورد في المادة (117) من الدستور الأردني, والتي تنص على: (كل امتياز يعطى لمنح أي حق يتعلق باستثمار المناجم أو المعادن أو المرافق العامة يجب أن يصدق عليه بقانون), إذ أن الإتفاقيات التي تمت خصخصة المؤسسات العامة بناءً عليها, وأن لم تكن اتفاقيات أمتياز إلا أنها تفوق تلك الإتفاقيات في الأهمية والخطورة, وذلك من حيث أن اتفاقيات الإمتياز يتم بموجبها منح حق أستثمار مرفق عام لمستثمر محدد مع بقاء ملكية ذلك المرفق للدولة, وهي مع ذلك بحاجة للمصادقة عليها بموجب قانون صادر عن مجلس الأمة, أما الاتفاقيات المتعلقة بالخصخصة فيتم بموجبها نقل ملكية مؤسسة عامة -وفي غالب الأحيان إدارة مرفق عام- من ملكية الدولة, وهو ما يترتب عليه أن الإتفاقيات المتعلقة بالخصخصة بحاجة للمصادقة عليها بموجب قانون صادر عن مجلس الامة تأسيساً على القاعدة الفقهية التي تجيز القياس في حال اتحاد العلة.
2- تنص المادة (45/1) من الدستور الاردني على: (يتولى مجلس الوزراء مسؤولية إدارة جميع شؤون الدولة الداخلية والخارجية باستثناء ما قد عهد او يعهد به من تلك الشؤون بموجب هذا الدستور أو أي قانون الى اي شخص او هيئة اخرى) ومن هذا النص نجد أنه لا يمكن الإستناد له للتمسك بقاعدة الولاية العامة لمجلس الوزراء في موضوع الخصخصة, ذلك أن هذا النص يتحدث عن موضوع إدارة شؤون الدولة لا عن التصرف بالبيع ونقل الملكية, وما يثبت ذلك أن الإتفاقيات التي ترتب على خزينة الدولة شيئاً من النفقات أو التي تتعلق بحقوق المواطنين العامة أوالخاصة, أو اتفاقيات الإمتياز لا تكون نافذة إلا بعد المصادقة عليها من قبل مجلس الأمة (باعتباره ممثلاً للأمة), ثم إن هذا النص ونصوص المواد (33) و(117) من الدستور الأردني تُُخرج من ولاية مجلس الوزراء أختصاص أنفاذ تلك الأتفاقيات (بما فيها الاتفاقيات المتعلقة بموضوع الخصخصة) وتدخلها في أختصاص مجلس الأمة.
بناءً على ما تقدم فإننا نرى انه, وفي ظل عدم عرض الإتفاقيات المتعلقة بخصخصة بعض المؤسسات العامة والمرافق العامة والتي مست في حقوق الأردنيين العامة, على مجلس الأمة وفي ظل عدم المصادقة عليها من قبله فإن ذلك معناه أن تلك الإتفاقيات غير نافذة ويجب عرضها على مجلس الأمة للمصادقة عليها, وفي حال عدم موافقة المجلس على إنفاذها فإن ذلك ينحدر بها إلى درجة البطلان, وذلك كونها عقود موقوفة على الإجازة, وبالتالي يجب إعادة المتعاقدين الدولة والمستثمرين للحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد.
المحامي الشريف ايوب المجاغفة
كان الحديث وما يزال حول عملية خصخصة المؤسسات العامة يأخذ حيزاً كبيراً في الصالونات السياسية والقانونية, وقد انعكس ذلك على الشارع ايضاً؛ فقد كثر الحديث في الآونة الأخيرة حول تلك السياسة التي اتبعتها بعض الحكومات الأردنية, وهو ما نعكس سلباً على الإقتصاد الأردني, حسب رأي الكثيرين, وقد ارتفعت الأصوات حول ذلك إلى حد المطالبة بإعادة تلك المؤسسات الى الملكية العامة, وهذا يتطلب منا تسليط الضوء على دستورية عملية الخصخصة برمتها, وذلك من خلال محورين هما:
المحور الأول: تحديد ما هية الخصخصة:
لا بد لنا ابتداءً من تحديد ماهية الخصخصة, وفي ذلك نقول - باختصار- إن الخصخصة هي عبارة عن تحويل المؤسسات العامة إلى شركات خاصة ونقل ملكيتها من خلال البيع لمستثمرين بعد تقدير قيمتها, وذلك من خلال اتفاقيات تتم ما بين الحكومة والمستثمرين (المالك الجديد)؛ الأمر الذي يترتب عليه خروج تلك المؤسسات من ملكية الدولة ودخولها في الملكيات الخاصة وانتفاء صفة المؤسسة العامة عنها باعتبارها شركة خاصة.
المحور الثاني: الجانب الدستوري لعملية الخصخصة:
وفي هذا المحور نتعرض للنصوص الدستورية المتعلقة بذلك وهي :
1- تنص المادة (33/2) من الدستور الاردني على:(المعاهدات والاتفاقات التي يترتب عليها تحميل خزانة الدولة شيئاً من النفقات أو مساس في حقوق الاردنيين العامة أو الخاصة لا تكون نافذة إلا اذا وافق عليها مجلس الامة, ولا يجوز في أي حال أن تكون الشروط السرية في معاهدة أو اتفاق ما مناقضة للشروط العلنية), والاتفاقيات التي تمت فيما بين الحكومات الاردنية وبين المستثمرين الذين آلت إليهم ملكية المؤسسات العامة بعد تحويلها إلى شركات خاصة هي اتفاقيات ترتب عليها ونتج عنها مساس بحقوق الأردنيين العامة المتمثلة في حقهم في الملكية العامة لتلك المؤسسات, وهو ما ينبني عليه أن تلك الاتفاقيات لا تكون نافذة إلا إذا وافق عليها مجلس الأمة من خلال إصدار قانون للمصادقة عليها, وما يعزز هذا الرأي ما ورد في المادة (117) من الدستور الأردني, والتي تنص على: (كل امتياز يعطى لمنح أي حق يتعلق باستثمار المناجم أو المعادن أو المرافق العامة يجب أن يصدق عليه بقانون), إذ أن الإتفاقيات التي تمت خصخصة المؤسسات العامة بناءً عليها, وأن لم تكن اتفاقيات أمتياز إلا أنها تفوق تلك الإتفاقيات في الأهمية والخطورة, وذلك من حيث أن اتفاقيات الإمتياز يتم بموجبها منح حق أستثمار مرفق عام لمستثمر محدد مع بقاء ملكية ذلك المرفق للدولة, وهي مع ذلك بحاجة للمصادقة عليها بموجب قانون صادر عن مجلس الأمة, أما الاتفاقيات المتعلقة بالخصخصة فيتم بموجبها نقل ملكية مؤسسة عامة -وفي غالب الأحيان إدارة مرفق عام- من ملكية الدولة, وهو ما يترتب عليه أن الإتفاقيات المتعلقة بالخصخصة بحاجة للمصادقة عليها بموجب قانون صادر عن مجلس الامة تأسيساً على القاعدة الفقهية التي تجيز القياس في حال اتحاد العلة.
2- تنص المادة (45/1) من الدستور الاردني على: (يتولى مجلس الوزراء مسؤولية إدارة جميع شؤون الدولة الداخلية والخارجية باستثناء ما قد عهد او يعهد به من تلك الشؤون بموجب هذا الدستور أو أي قانون الى اي شخص او هيئة اخرى) ومن هذا النص نجد أنه لا يمكن الإستناد له للتمسك بقاعدة الولاية العامة لمجلس الوزراء في موضوع الخصخصة, ذلك أن هذا النص يتحدث عن موضوع إدارة شؤون الدولة لا عن التصرف بالبيع ونقل الملكية, وما يثبت ذلك أن الإتفاقيات التي ترتب على خزينة الدولة شيئاً من النفقات أو التي تتعلق بحقوق المواطنين العامة أوالخاصة, أو اتفاقيات الإمتياز لا تكون نافذة إلا بعد المصادقة عليها من قبل مجلس الأمة (باعتباره ممثلاً للأمة), ثم إن هذا النص ونصوص المواد (33) و(117) من الدستور الأردني تُُخرج من ولاية مجلس الوزراء أختصاص أنفاذ تلك الأتفاقيات (بما فيها الاتفاقيات المتعلقة بموضوع الخصخصة) وتدخلها في أختصاص مجلس الأمة.
بناءً على ما تقدم فإننا نرى انه, وفي ظل عدم عرض الإتفاقيات المتعلقة بخصخصة بعض المؤسسات العامة والمرافق العامة والتي مست في حقوق الأردنيين العامة, على مجلس الأمة وفي ظل عدم المصادقة عليها من قبله فإن ذلك معناه أن تلك الإتفاقيات غير نافذة ويجب عرضها على مجلس الأمة للمصادقة عليها, وفي حال عدم موافقة المجلس على إنفاذها فإن ذلك ينحدر بها إلى درجة البطلان, وذلك كونها عقود موقوفة على الإجازة, وبالتالي يجب إعادة المتعاقدين الدولة والمستثمرين للحالة التي كانوا عليها قبل التعاقد.
المحامي الشريف ايوب المجاغفة
التعليقات