طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات

وكالة جراسا الإخبارية

بدها طولت بال‏


الإصلاح ليس طرد موجود في مستودع مطلوب من رئيس الوزراء المكلف ‏إخراجه وتوزيعه على الراغبين به، فالإصلاح عملية ممنهجة تحتاج إلى إرساء ‏قواعد ودعائم أساسية حتى يتم بناء مؤسسات قادرة على العمل في ظروف وبيئة ‏سياسية ناضجة ممكن من خلالها تحقيق المطالب الجماهيرية بان تكون آلية اختيار ‏الحكومة عن طريق صناديق الاقتراع، فهذه الخطوة بحد ذاتها بحاجة أولا لإقرار ‏قانون أحزاب يكون محل اتفاق بين كل الأحزاب السياسية ومؤسسات المجتمع ‏المدني الأخرى ذات الارتباط بهذه الأحزاب، وبحاجة أيضا لقانون انتخاب عصري ‏يراعي الظروف الخاصة بالمملكة من حيث التركيبة السكانية والمرجعية العشائرية ‏التي لا يمكن تجاهلها أو إغفالها .‏
‏ ثم إن حكومة الخصاونة إن استطاعت أن تعيد الأردن لما قبل حكومة البخيت ‏الثانية فقد تكون أنجزت الكثير، فان تمكنت من تتخطي أزمة البلديات بسلامة، وإعادة ‏النظر بالتعديلات الدستورية بما يلبي طموحات الشارع الأردني، واستطاعت ان تجد ‏شخصيات قادرة على تفكيك القنابل الموقوتة المزروعة في الوزارات السيادية لكي ‏تسير الأمور بشكل صحيح، وتعيد للدولة هيبتها، وتعيد الثقة بينها وبين الشارع الذي ‏يعيش حالة متقدمة من السخط على الحكومة، جراء كبوات الحكومة السابقة ‏والحكومات التي قبلها، التي جرت البلاد إلى هاوية المديونية وجحيم الفقر ومستويات ‏فساد إداري، جعلت من الأردني الذي ما كان يئن إلى ان يقول ( هيش ).‏
‏ نعم حكومة الخصاونه جاءت في فترة الغليان، ولكن المدلولات الأولية على ‏شخص الخصاونه تتطلب من المعارضة وكافة الأطياف الوطنية العد للعشرة، قبل ‏التسرع وإطلاق قنابل الإحباط بوجه الحكومة الوليدة، من اجل إعطائها الفرصة لكي ‏تقدم خطة عمل وتباشر في تنفيذها، فان استطاعت الحكومة استيعاب المطالب ‏الشعبية التي يجب ان تكون منطقية وممنهجة ضمن فترة زمنية مناسبة لكل مرحلة ‏من مراحل تنفيذ الخطة الإصلاحية، التي يجب ان تكون المعارضة محدده لمعالمها ‏وتجلس مع الحكومة على طاولة الحوار لمناقشتها وبلورة معالمها بما يلبي رغبات ‏الشارع الإصلاحية، ويراعي الظروف التي تحكم عمل الحكومة والتي من الممكن ‏ان يتم اطلاع المعارضة عليها من قبل الحكومة، ان تحلت جلسات الحوار بالصدق ‏والمصداقية من كلا الطرفين.‏
‏ أما الحراك الشبابي فاستطاع ان ينجز الكثير، والمطلوب منه أيضا الكثير، ‏فالخطوات التي بدأها يجب ان يكملها، ويكون رقيبا على أداء الحكومة، في ضل عدم ‏الثقة في مجلس النواب الحالي والذي سيبقى رغم المطالب الملحة بحله، لا لشيء إلا ‏لان ظروف المرحلة تفرض عدم حل هذا المجلس، لان حلة في هذه المرحلة ‏سيقضي على أي نتائج ايجابية متوقعة من حكومة الخصاونه، لا سيما وان حل ‏المجلس يعني بالضرورة رحيل الحكومة، وإجراء انتخابات خلال أربعة أشهر، ‏الفترة التي لن تكون كافية لإخراج قانون أحزاب، وقانون انتخاب، او إجراء ‏التعديلات الدستورية المرغوبة، الأمر الذي يترتب عليه العودة إلى نقطة البداية، ثم ‏ان ترتيبات وتكلفة إجراء انتخابات نيابية ليست بالمسألة السهلة، سواء على الحكومة ‏أو على النائب وحتى على المواطن، فالتكلفة المادية المترتبة على أي طرف منهم ‏تعتبر كلفة على الاقتصاد الوطني بشكل عام، ثم ان الأثر الاجتماعي لإجراء ‏الانتخابات النيابية في مجتمعنا الأردني، يحمل أثار سلبية ناتجة عن المشاحنات ‏والبغضاء التي تجرها الوقفة للانتخابات، أو حتى نتيجة الانتخابات بحد ذاتها.‏
‏ ان عملية منح الفرصة لحكومة الخصاونه تعتبر استثمارا وطنيا بامتياز، ‏فإمكانية التحاور معه ممكنة فكل الأبواب مفتوحة بحسب ادعائه، فلا نقول نحن بل ‏هي مغلقة ما لم نقف عليها، ويدعي انه سيبذل الجهد بتلبية المطالب الشعبية، فلا ‏نتجاهل كلامه، بل يجب ان تقدم المعارضة له مطالبها برؤية واضحة المعالم ‏ومجدولة الزمن، ونرى ماذا سيقدم لنا وبعدها نحكم على الرجل، ثم يجب علينا ان لا ‏نخلط بما يستطيع هو عملة مع مالا يمكنه عملة، فالمطالب التي لا يعفيه الدستور من ‏مسؤوليتها نطالبه بها، والمسلكيات التي ليس له بها علاقة لا نطالبه بتحمل وزرها ‏ونحكم عليه من خلالها، ثم أين المشكلة لو رتبت الأولويات، فالإصلاح السياسي ‏يؤهل أناس قادرين على تحمل مسؤولية القضاء على الفساد، فالفساد لا يمكن القضاء ‏عليه بدون سلطة سياسية، ولا يمكن الحصول على هذه السلطة بدون وضع خارطة ‏طريق للوصول إلى تسلم زمام الأمور، وهذا بطبيعته يعني نقل السلطة الذي لا يزال ‏الطريق الآمن لتداولها مفتوح ورغم وجود عقبات، إلا أنها لا تعدو ان تكون عقبات ‏وهمية معششة في أذهاننا، ووجودها في الواقع خرافة انكشفت بفرار ابن علي وسجن ‏مبارك وموت القذافي .‏

kayedrkibat@gmail.com


جميع الحقوق محفوظة
https://www.gerasanews.com/article/58985