طريقة العرض :
كامل
الصورة الرئيسية فقط
بدون صور

اظهار التعليقات

وكالة جراسا الإخبارية

يسألونك عن التشكيل الحكومي ، فبماذا تجيب ؟!


لم أجد في حدود ما أطلعت عليه ما ينفي الربط بين الأحداث في مختلف الدول العربية ، وقد تكون التقاطعات العجيبة فيما بين الشعوب والحكومات ، هي التي تشكل النفي لغايات الإثبات ، هذا عدا عن ذكريات الحكومات المترسبة في محيط النفس والعقل العربي ، الذكريات التي تفرض علينا ما يطفو على السطح عندما يثيرها التشكيل الحكومي غير المبالي بمشاعر الناس والنتيجة تلك المشاهد غير السارة في ليبيا ، حيث وجد النظام نفسه فجأة محشوراً في زاويا يتعثر في أكوام سلوكيات أشخاص كانوا يمارسون النهب والسلب والتسلط باسمه ، فيحاول أن ينهض ويلملم ما تبعثر من سلطات زئبقية فلا يقوى على ذلك ، نعود إلى موضوعنا الأساس ، والمتمثل في عنوان المقال : هذا السؤال الذي يتردد كثيرا في أوساط المهتمين بالشأن الأردني ، والمحزن في الأمر أن نسجل أكثر من اختراق لذهنية الرئيس ، الرجل المحترم والذي من المتأمل أنه خليفة الشهيد وصفي التل ، لكن هذه الاختراقات تطيح بكل بارقة أمل ، و لن تتوقف عند تقرير التشكيل الحكومي في اللحظة الأهم والأخطر في التاريخ السياسي الأردني ، وإنما تسير كما الظل الشاحب على كامل مفردات عمل الحكومة القادم ، ولعل عنوان المقالة تتوالد منه عدة أسئلة من ضمنها : ماذا يمكن تسمية حكومة عون ؟ هل هي ( حكومة للفقراء ) بالمعنى التقليدي العامي و إن كانت كذلك فمن المفترض أن يكون من بين الوزراء فقراء وليس أغنياء ممثلين عن الفقراء ، أم أنها ( حكومة إنقاذ وطني ) وإن كانت كذلك فأين الشخصيات الوطنية ؟ وربما ( حكومة إنسانية ) وهي ذاتها حكومة الفقراء ولكن بالمعنى الإنساني ومع ذلك أين المتخصصين في هذه الحكومة ؟ أو ( حكومة حزبية ) فأين الأحزاب يا ترى ؟ نريد أن نعتبر حكومة عون خليط من كل هذه الحكومات ، جاءت الحاجة إليها بفعل ظروف استثنائية ، غير أن الرئيس لا زال في مكانه لا يتقدم خطوة ولا يتأخر خطوة لا له ولا عليه، وهذا ما يخيف في الموضوع ، لأن هنالك في الأردن مبرمجين للحكومات غالبيتهم فاسدين ومفسدين وضالين ومظللين ، ومن المحتمل أن يطلق العنان لبرامجهم التقليدية والتي كلفت البلاد والعباد أثمان مركبة ، رفعت سقف المطالب في الشمال والجنوب والوسط ،والتي من المفترض أن نفهمها كما هي في الواقع والحقيقة ، لا كما يراد لها أن تفهم قسراً ! واسمحوا لي أن أقول كلمة لوجه الله تعالى ، وللتاريخ الأردني وهي : ( إن حكومة عون ستقرر مصير النظام في الأردن) فقط تذكروا هذه الكلمات ، نعم ، هذه هي الحقيقة التي يجب أن لا نخفيها عن النظام ، حتى لا نخدع أنفسنا أمام الله الذي سيحاسبنا جميعاً حكام ومحكومين !

إن ما أراه ويراه الكثير من المراقبين أن كافة النخب والقوى التقليدية تتعامل مع التشكيل الحكومي وكأننا في حالة طبيعية ، ومع الأسف ، الرئيس يسير في ركبهم لغاية اللحظة على الأقل ، وهذا ما يجعلني أقول : أن العشائر والقوى الإنسانية لن تتدخل إلا لصالحها الخاص بعد اليوم ، وهنا قد يأتي أحد المتشدقين من العوالق المرتزقة ويقول : من هذه العشائر ؟ ومن أولئك الإنسانيين ؟ ونجيب بالمختصر الشديد جداً ، أما عن العشائر فإن في مقدمتهم عشيرة المليون التي لم تفرح منذ تأسيس الأمارة إلى اليوم برئيس حكومة ، وأما الإنسانيين فإن النظام والإقليم والقوى الدولية يعرفونهم ولكن يتم تجاهلهم لأسباب متعددة جلها ليست في صالح النظام !
من هؤلاء الوزراء يا دولة الرئيس ؟ إنهم أصحاب الملفات التي دفعتنا إلى طلبك بالاسم لكي تخلصنا منهم ، إنهم مصاصي الدماء الذين يأكلون بملاعق من ذهب ويملكون القصور والحشم والخدم ، ويركبون أفخم السيارات ، ليس لهذا اخترناك يا أبن الفلاح الطيب ، يا أبن المزارع الإنسان ، أيها القاضي الدولي ، ولدينا رؤية في المحاكمات والقضاء الأردني القادم لا بد أن تتحقق، وها أنت تختار المحظوظين والذين غالباً ما تجدهم في حضرة السلطان ، أولئك الذين من أجلهم تفصل القوانين أو باسمهم أو تحت وصايتهم وعهدتهم ، إنك تختار من اختصتهم المراحل السابقة بالمال والوجاهة لأسباب وراثية فقط ، أولئك الغائبين عن الوطن والحاضرين عبر شاشات التلفزيون ، لن نعذرك يا دولة الرئيس على الرغم من بريق المال الذي يصم ويُعمي ويذهل عن رؤية الحقيقية لأن حكومتك هي التي ستقرر مصير الأردن شعباً ونظاماً، إياك و المأجورين ، وقد أضحت لعبتهم بعد ألقذافي مفضوحة مكشوفة ، أين أولئك الذين أغدق ألقذافي عليهم بالأمس المال والمناصب ؟ أين المرتزقة والمأجورين ؟!
بقي هامش كبير يا دولة الرئيس من القدرات في الظل لم يجدون طريقهم إلى حكوماتهم التي ما تزال رهن اعتقال من اخترتم من الوزراء ، ودعني أقول لك ما يردد الشعب ( الشعب يريد تحرير الحكومات ) من كل ما ذكرتم من الوزراء ، لا نريد خبراتهم ، ولا مؤهلاتهم ، لا نريدهم ، نحن مؤهلين لإدارة شؤون بلادنا ، فقط ابتعدوا حتى لا يراق الدم ، وسيقال عن المتظاهرين طلاب مناصب ، وما العيب في ذلك ؟ هل من شيء معيب في أن تدير الناس شؤونهم الداخلية ، وإن كانت مخجلة ومعيبة إلى هذه الحد المناصب الحكومية ابتعدوا عنها ، هذه بلادنا ، ونحن من يقرر ، وستثبت لكم الأيام القريبة أيها الفارين من وجه العدالة الأردنية والإنسانية حقائق ما نقول ، أيام تفصلكم عن الهروب من الأردن ، ومع ذلك لغاية الآن لم نفتح أي ملف ، وما زلنا نشد على يد الرئيس ، أما أن تدار الأمور من خلف ظهورنا ، فتلك إذا قسمة ضيزى ! ولمن لا يعرف معنى كلمة ضيزى نقول : غير عادلة ، ظالمة ، نتساءل يا دولة الرئيس : إذا لم تحترم الشعارات المرفوعة في الشارع ، فما النظرة العامة للإنسانية الأردنية إذن؟ أي احترام لكرامة الناس ونحن نتجاهلهم ونصدر للمسؤولية من يطالبوننا المتظاهرين في محاكمتهم ؟ انتهى عصر الدوائر الحلزونية التي تتلون حسب مصلحة مافيا الأنظمة ، التي كانت تعتقل وتضطهد ، واليوم اعتقال عامل نظافة من شأنه أن يحدث انقلاب يطيح بزعيم الدولة ، والتجربة التونسية خير شاهد ، ولنترك فلسفة ظروفنا تختلف ، بماذا ؟ هل تختلف بطريقة السرقة ؟ أم بالغنى الفاحش على حساب الفقراء والأيتام ؟ أم في بيع الوطن في الجملة والمفرق ؟ بماذا تختلف ؟ على العكس نحن نتفق مع الأشقاء العرب في كل شيء ، كل الدول العربية تسير على نهج ظالم موحد ، نريد أن نغير ، وها نحن نطالب سلمياً ، بالمظاهرات ، والمسيرات ، والمقالات ، فما النتيجة ؟ لا شيء، لماذا ؟ لأننا في نظرهم مجرد جرذان ، نعم ألقذافي قالها بالكلام ، وانتم تقولونها بالأفعال وإلا ما معنى عدم مشاركة القوى الحقيقة العشائرية الوطنية في الحكومة ؟ وعدم تلبيتكم لما يطالب فيه المتظاهرين ،احتقار أليس كذلك ؟ نحن مجموعة من الفئران ، ليس لنا حق المشاركة بأي شيء ‘ هي ذات الأفكار !

لا حقوق لنا في أرضنا المنهوبة المنكوبة ، أليست هذه الحقيقة ؟! ما طرحنا اليوم يهمنا كثيراً ، وسنسلط الضوء على ملفاتكم إذا لم تكن هنالك سرعة في اتخاذ قرارات تضمن لنا تشكيل حكومة إنسانية أو وطنية أو حكومة إنقاذ وطني ، وقد حاولت أن أبسط فكرة جوابي عن السؤال الذي جعلناه عنوانا لإدراجنا هذا ، على أمل أن هنالك بقية من وقت قبل أن يجتاحنا الإعصار السياسي القادم لا محالة ، لهذا يجب أن ندقق ، في أي حكومة يريد الشارع ؟ وماذا يعني وجود حكومة نسخة مطابقة لأصل حكومة رحلت بناء على طلب المتظاهرين ؟ هل يعني غير الاستخفاف في عقولنا ؟ أنصح أن لا يكون في هذه الحكومة أي وزير سابق ، وسترون قيمة هذا النصح قريباً جداً ، أتدرون لماذا ؟ لأن تعين أي وزير سابق يعني للناس أنكم أعلنتم إفلاسكم السياسي ، فلا إصلاح ولا مصالحة ، مجرد مضيعة للوقت على أمل أن تهدأ الثورات العربية ، وهذا أمل إبليس في الجنة ، هنالك اتفاقيات ومواثيق ، تجعلكم بين خيارين كلاهما مر إما القبول بأشكال غير محببة لديكم وهي الصورة التي خلقنا عليها الله ، أو الانتظار لحين تقرير المصير الأردني ، في الوقت الذي نتأسف فيه منكم على مطالبتنا بإدارة شؤون بلادنا ، وقد غدوتم ثقة القصر وكافة رؤوسا الوزراء الذين ينتظرون قدومكم على أحر من الجمر لكي تتشكل حكوماتهم الشكلية في زمن الغفلة الإنسانية ، غير أننا في زمن الصحوة الإنسانية ، وهذا ما يضع الرئيس أمام مسؤولية نصب حكومته بين عينية قبل تشكيلها أو عرضه على الملك ، لتكون ماثلة أمامه في الواقع الحقيقي الطبيعي ، ليرى الأفكار المرتسمة في سماء مخيلة الثائرين ، إنهم يريدون حقوقهم الطبيعية لا أكثر ، حقوقهم الوطنية بعد التقاعد العسكري وخدمت الوطن ، فلماذا لا تعدو كثير من التجارب الحكومية عن سابقاتها ؟ ولماذا تستحضر الحكومات أدوات تعثرها ودورانها على نفسها قبل أن تبدأ ؟ أنت وبهذا الاختيار يا دولة الرئيس كمن يقرر السير لمسافات طويلة على رجل واحدة، مع تجاهل دور الرجل الأخرى !


جميع الحقوق محفوظة
https://www.gerasanews.com/article/58935